9-8-2022 | 12:41
كتبت: ندا يونس
يحتفل العالم سنويا باليوم العالمي للبهاق، والهدف الرئيسي لذلك الاحتفال؛ زيادة الوعي بالمرض وطرق الوقاية وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذه الحالة، وأيضا لتقديم الدعم النفسي للمرضى وحثهم على الاختلاط وعدم الانعزال.
وقد تم الاحتفال الأول باليوم العالمي للبهاق في 25 يونيو 2011، وتم اختيار هذا التاريخ؛ تخليداً لذكرى الفنان مايكل جاكسون الذي أصيب بالبهاق، كما أنه يوم ذكرى وفاته.
لذلك أردنا تسليط الضوء على هذا المرض لمعرفة تفاصيل أكثر عنه من أسباب وأعراض وطرق العلاج، وهذا ما سنطرحه في السطور القادمة.
تشرح الدكتورة منة الظواهري استشاري الجلدية والتجميل والليزر أن البهاق مرض يسبب ظهور بقع يفقد فيها الجلد لونه الطبيعي، ويصيب أي مكان في الجسم، وقد يصيب الإنسان في أي وقت، ولكن تزداد نسب الإصابة به قبل سن الثلاثين، وهو مرض غير معد، ويعتبر مزيجا بين مشكلات تجميلية وعضوية، حيث تحدث الإصابة عندما تموت الخلايا المنتجة للصبغة (الخلايا الميلانية) أو تتوقف عن إنتاج الميلانين والذي يعتبر الصبغة التي تعطي لونًا للجلد والبشرة والشعر، وقد ترجع أسباب الإصابة إلى التاريخ العائلي بنسبة 15%، ويمكن أن يكون مرتبطا باضطراب في الجهاز المناعي، وتقدر أعداد المصابين بالبهاق في مصر نحو 1% من عدد سكان مصر أي ما يعادل نحو مليون مصري مصابا بالمرض، وعلى الصعيد العالمي يوجد نحو 5 ملايين مريض بهاق، فهو يصيب حوالي 1-2% من البشر في العشرينيات، ونسبة 30% تكون أسبابه وراثية على مستوى العالم.
أما الأعراض فتتمثل في فقدان لون الجلد على هيئة بقع تظهر في البداية على اليدين والوجه وحول فتحات الجسم والأعضاء التناسلية، ثم تغير لون شعر فروة الرأس أو الحواجب والرموش أو الذقن إلى اللون الأبيض أو الرمادي، وتغير لون الغشاء المخاطي أي الأنسجة التي تبطن داخل الفم والأنف، ومن أنواع البهاق، البهاق المنتشر: وفي هذا النوع تتنشر البقع على معظم الجلد وفى أماكن متفرقة بالجسم، وهناك نوع آخر يعرف بالبهاق المعمم: وهذا النوع هو أكثر الأنواع انتشارا، ويظهر في معظم أجزاء الجسم بشكل مماثل ويسمى أيضا بالبهاق غير المقطعي أو البهاق ثنائي الجانب، أما النوع الثالث البهاق المقطعي: وفى هذا النوع يتأثر جزء واحد من أجزاء الجسم، وعادة ما يصيب الفئات العمرية الصغيرة ويستمر لفترة زمنية معينة يمكن أن تكون عاما أو عامين ويختفي، وهناك نوع آخر يسمى البهاق الموضعي أو البؤري: ويتسم بظهور البقع على منطقة واحدة أو مناطق محدودة من الجسم، وأخيرا بهاق الأطراف والوجه: ويظهر في الجلد عند منطقة الوجه واليدين وحول العينين والأنف والأذنين.
ويتم التشخيص من خلال الاستماع للتاريخ المرضي في العائلة وفحص الجلد باستخدام مصباح طبي خاص أو عن طريق أخذ خزعة من الجلد، ومن مضاعفات المرض الاضطراب النفسي والاجتماعي، فقدان السمع، حروق الشمس ومشكلات تصيب العين.
أما العلاج فيعتمد على سن المريض وعلى مساحة الجلد المتأثر ومناطق الانتشار ومدى تقدم المرض وتأثيره على حياة المريض، فهناك الأدوية والعلاجات المعتمدة على الضوء للمساعدة على استعادة لون الجلد أو توحيد لونه، ولكن تتفاوت نتائجها ولا يمكن التنبؤ بها.
ومن أنواع الأدوية: العقاقير التي تتحكم في الالتهاب مثل: الكورتيزون الموضعي، والذي يعتبر الأكثر فاعلية في المراحل المبكرة، ويمكن وصف عقاقير أكثر اعتدالًا للأطفال والأشخاص الذين يعانون من تغير لون الجلد في مناطق واسعة، ومن الممكن أن تكون الحبوب أو الحقن خيارًا للأشخاص الذين تتطور حالتهم بسرعة.
أما العقاقير التي تؤثر على الجهاز المناعي قد تكون مراهم، وهى فعالة للأشخاص الذين يعانون من مناطق تصبغ صغيرة الحجم، خاصة في الوجه والرقبة.
وهناك العلاج الضوئي، حيث ثبت أن العلاج الضوئي بالأشعة فوق البنفسجية يوقف أو يبطئ تطور البهاق النشط، وأخيرا إزالة اللون المتبقي (إزالة التصبغ)، وقد يكون هذا العلاج خيارا إذا كان البهاق منتشرًا، ولم تنجح الوسائل العلاجية الأخرى في علاجه.
ولا ننسى دور الدعم النفسي من العائلة والأصدقاء، وقد يصل الموضوع إلى استشارة طبيب نفسي وتلقي العلاج المناسب، وقد تفيد مجموعات الدعم للأشخاص المصابين بالبهاق.
ومن طرق الوقاية لتجنب الإصابة بالبهاق يجب اتباع وسائل العناية بالجلد وعدم التعرض إلى أشعة الشمس الحارقة، تجنب جروح الجلد وحروقه لأنه يتسبب في تدمير الخلايا الصبغية، وتجنب العصبية لأنها تؤثر على الجهاز المناعي، وكذلك تحسين التغذية أيضا يساهم في الوقاية من الإصابة بالبهاق.
ويوضح الدكتور أمير يوحنا استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان وتعديل السلوك أن تأثير المرض النفسي لا يقتصر على مرض بعينه بل على كل الأمراض، ولكن أعراض المرض الظاهرة والملحوظة للناس يكون تأثيرها النفسي أقوي بكثير على المريض، لأن الإنسان يمرض نفسيا عندما يشعر بغياب الأمان أو القبول النفسي، فمريض البهاق عندما يحس بعدم قبوله من الآخرين من خلال نظراتهم أو خوفهم من أن يكون مرضا معديا فيمتنعوا عن مصافحة المريض أو تقبيله أو حتى الاقتراب منه، فكل هذه العوامل تؤدي إلى إصابته بالاكتئاب والشعور بالاغتراب النفسي.
وكما هو معروف أن من مراحل التعافي من أي مرض هو الاعتراف به وقبوله، وفي البهاق الاعتراف به واضح وموجود ولكن يجب قبوله على أنه مرض مثل أي مرض، ولابد من التعايش معه لمواجهته، وطالما أن الشخص يحب نفسه ويتقبلها بشكلها وبما تؤول به أحداث وتطورات المرض سيساعد ذلك في التعايش معه، وهذه تعتبر من سمات الشخص الإيجابي الذي لديه تفاؤل باستمرار حتى في حالة المرض، فالتفاؤل يجعله يتقرب إلى الله أكثر وإلى نفسه أكثر وأكثر، وأيضا يجعله يشعر بحب الناس له بشكل أكبر.
ويجب على الآخرين والمجتمع الإحساس بمعاناة المريض والشعور بألمه، وعدم إظهار التعاطف له، لأنه سيشعر بأنه محل شفقة؛ فيتألم أكثر نفسيا، ولابد من إعطائه الدعم النفسي والقوة ونشعره دائما بأنه شخص قوي يستطيع مواجهة المرض، ونذكره دائما بالذكريات القوية التي استطاع أن ينتصر فيها، وبالتالي نستطيع أن نحيي فيه روح العزيمة مرة أخرى؛ ليستعيد صحته النفسية، فكلما كانت صحة المريض النفسية في أعلى درجات التحسن استطاع مواجهة وهزيمة أي مرض.