مرحلة الاقتراحات والمقترحات المضادة أو المختلفة هى عنوان المرحلة الحالية فى جهود تحقيق هدنة فى غزة توقف الحرب الوحشية ضد أهلها وتنهى الحصار الاقتصادى الفظيع الذى يتعرضون له من قبل سلطات الاحتلال التى أغلقت المنافذ وأوقفت تدفق المساعدات الإغاثية . على القطاع من غذاء ومستلزمات طبية.
فبعد أن تقدم ويتكوف باقتراح جديد لتحريك المفاوضات وإعادة إحياء الهدنة والتى كانت تقضى بالإفراج عن عدد من المحتجزين الأحياء فى غزة، وهو الاقتراح الذى تحفظت «حماس» عليه، طرح الإسرائيليون اقتراحًا يقضى بالإفراج عن عدد أكبر من المحتجزين فى بداية الإعلان عن وقف إطلاق النار.. وعندما رفضت «حماس» ذلك الاقتراح الإسرائيلى، قدمت مصر اقتراحًا جديدًا تضمن عددًا وسطًا من المحتجزين الإسرائيليين فى غزة يتم الإفراج عنهم لتقريب المواقف.. ثم تقدم الأمريكيون باقتراح جديد تضمن الإفراج عن عشرة من المحتجزين الإسرائيليين فى غزة دفعة واحدة فى بداية الهدنة مقابل ضمان أمريكى بانتقال إسرائيل إلى مفاوضات المرحلة الثانية ومن اتفاق الهدنة الأساسى الذى خرقته إسرائيل من قبل ورفضت الدخول فى مفاوضات مرحلته الثانية، واستأنفت الحرب الوحشية ضد أهل غزة واحتلت قواتها مساحات جديدة من القطاع كانت قد انسحبت منها من قبل وفرضت حصارًا خانقًا ضد أهل غزة.
غير أن معضلة مفاوضات الهدنة حتى الآن مازالت هى قائمة وتتمثل فى رفض إسرائيل تنفيذ التزاماتها فى اتفاق الهدنة والتى تتلخص فى الوقف المستدام لإطلاق النار والانسحاب من أراضى القطاع، تمهيدًا لبدء الخطة المصرية لإعادة إعماره فى ظل وجود أهله ودون تهجيرهم.. فإن «حماس» تخشى أن تعود قوات الاحتلال لخرق وقف إطلاق النار بعد الإفراج عن العشرة المحتجزين من الإسرائيليين لديها، وتستأنف الخرب مجددًا.. وأعلنت «حماس» أنها مستعدة للإفراج عن كل المحتجزين الإسرائيليين لديها مقابل تنفيذ إسرائيل كل التزاماتها، وتحديدًا الوقف المستدام لإطلاق النار والانسحاب من القطاع .. يعزز تلك المخاوف لدى حماس أن إسرائيل تطرح مطالب بتسليم «حماس» سلاحها وتركها حكم غزة.. وإذا كانت «حماس» قبلت الاقتراح المصرى بتشكيل لجنة لإدارةَ غزة فإنها ترفض رفضا قاطعًا حتى الآن تسليم سلاحها أو نزعه منها كما يطالب الإسرائيليون.
إلا أن هناك أمورًا ضاغطة على حماس للتوصل إلى صفقة جديدة مع إسرائيل وتتمثل أهمها فى أن قوات الاحتلال تغير الأوضاع فى القطاع على الأرض وتفرض واقعًا جديدًا أسوأ من ذى قبل، وما يعانيه الآن أهل غزة باستهدافهم بآلة القتل الجماعى الإسرائيلية وخطة تجويعهم التى تنفذها بإحكام حكومة نتانياهو، فضلاً عن تنفيذ خطة التهجير الناعم لأهل غزة بممارسة الضغط عليهم وإجبارهم على النزوح المستمر الذى يتوقف داخل مساحات محدودة من القطاع لا تصلح للحياة والعيش فيها.. وتُعد المظاهرات التى اندلعت ضد «حماس» فى القطاع جرس إنذار لحماس لا بد وأنه نبهها بأنها تفقد الدعم الشعبى الذى تحتاجه بشدة للمحافظة على تواجدها داخل القطاع.
وتُعد الضمانات التى تطلبها «حماس» من الوسطاء خاصة الوسيط الأمريكى هى مفتاح تحرك مفاوضات الهدنة إلى الأمام لتتم العودة للهدنة مجددًا ووقف إطلاق النار وإعادة فتح المنافذ وتوصيل المساعدات لأهل القطاع.. وأمريكا يمكنها تقديم هذه الضمانات وقد تكون مستعدة له فى ظل رغبة ترامب وقف الحرب فى غزة التى أعلن عنها مؤخرًا، أو على الأقل التوصل إلى هدنة توقف إطلاق النار قبل زيارته الخليجية التى ستشمل السعودية والإمارات وقطر.. وتريد «حماس» أن تكون تلك الضمانات الأمريكية واضحة ومحددة ومسجلة خطيًا وتعهد بالضغط على إسرائيل للدخول فى مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة الأساسى الذى خرقته إسرائيل.
ويلقى هذا الطلب تفهمًا من مصر التى سبق أن تقدمت باقتراحات للهدنة تقضى بوضع جدول زمنى لانسحاب القوات الإسرائيلية من أراضى القطاع .. فبعد أن خرقت حكومة نتنياهو اتفاق الهدنة واستأنفت الحرب ورفضت تنفيذ التزاماتها فيه لن تعد محلا لأى ثقة فى التزامها بتنفيذ اتفاق جديد للهدنة وصفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين، الا إذا أُجبرت على ذلك، ومَن يملك إجبارها هى أمريكا التى تمنحها السلاح والمال وتوفر لها الحماية السياسية دوليًا.
