رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

شراكة استراتيجية بين البلدين «القاهرة- أثينا».. تعاون إقليمى صلب


8-5-2025 | 22:27

الرئيس السيسى ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس

طباعة
تقرير: أحمد جمعة

علاقات قوية بين السياسة والاقتصاد، وتفاهمات مشتركة فى شتى المجالات، ورؤى ثابتة تجمع بين القاهرة وأثينا منذ سنوات، تترسخ مع تبادل الزيارات بين قيادات الدولتين لأن كل زيارة تحمل دلالات استراتيجية عميقة، وتأتى تأكيدًا على الشراكة المتنامية بين بلدين يجمعهما تاريخ طويل من التنسيق والتعاون، سواء على المستوى الثنائى أو فى إطار الآلية الثلاثية مع قبرص.

وهناك حرص مشترك من مسئولي الدولتين على تعزيز مسارات التكامل فى مجالات الطاقة والاستثمار، ودفع عجلة التعاون الاقتصادى، وتوسيع الشراكة فى ملفات الأمن البحرى وترسيم الحدود والتنمية المستدامة، فى الوقت الذى تعكس المباحثات بين الرئيس السيسى، ورئيس والوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، عمق التفاهم السياسى الذى وصل إلى مستويات غير مسبوقة وخاصة منذ تولى الرئيس السيسى الحكم، وتجسيدًا لتقارب الرؤى تجاه قضايا شرق المتوسط وفى القلب منها القضية الفلسطينية، والاستقرار الإقليمى، وأهمية احترام القانون الدولى ومبادئ السيادة الوطنية.

 

دبلوماسيون ومحللون أكدوا أن «العلاقات بين مصر واليونان شهدت خلال العقد الأخير تطورًا ملحوظًا، حيث انتقلت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، متجاوزة الأطر التقليدية للتعاون الثنائى، وظهر ذلك جلياً فى مجالات متعددة، شملت السياسة، الاقتصاد، الطاقة، الأمن، والثقافة»، فمنذ عام 2014، عُقدت عشر قمم ثلاثية بين مصر واليونان، وقبرص، بدأت أولاها فى القاهرة فى نوفمبر 2014، وتوالت بعدها القمم فى عواصم الدول الثلاث، حيث تهدف هذه القمم إلى تعزيز التنسيق فى قضايا شرق المتوسط، خاصة فى مجالات الطاقة والأمن البحرى، فى الوقت الذى أثبتت السنوات الماضية أن هذه الآلية ليست مجرد أداة لبحث قضايا إقليمية بل هى شراكة راسخة، تهدف إلى تعزيز الاستقرار فى المنطقة الذى يعتمد بشكل أساسى على التعاون المشترك فى مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

تطورات الأوضاع فى الشرق الأوسط ملف رئيسى على جدول أعمال الآلية الثلاثية انطلاقًا من موقف اليونان وقبرص المؤيد لحق الشعب الفلسطينى، فى الحصول على استقلاله وإقامة دولته المستقلة، وفقًا للمرجعيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مع ضرورة تكثيف الجهود والضغوط من أجل التوصل إلى التهدئة فى المنطقة، والتعامل مع أزماتها وعلى رأسها الحرب فى غزة، وتحقيق الاستقرار فى ليبيا واليمن والسودان، وتجنب استمرار أو تصعيد الصراع فى المنطقة وتحوله إلى حرب شاملة.

اقتصاديًا؛ شهدت العلاقات بين القاهرة وأثينا نموًا ملحوظًا، حيث وصلت قيمة التبادل التجارى بين مصر واليونان إلى 1.5 مليار دولار خلال الـ11 شهرًا الأولى من عام 2024 مقابل 1.8 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، كما بلغت قيمــة الصــادرات المصــرية لليونان مليار دولار خــلال الـ11 شهرًا الأولى من عام 2024 مقابل 1.3 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، بينما بلغت قيمة الواردات المصرية من اليونان 530 مليون دولار خلال الـ11 شهرًا الأولى من عــام 2024 مقابل 523 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023.

«العلاقات بين مصر واليونان شهدت نقلة نوعية خلال السنوات الماضية، خصوصًا فى ظل التعاون الثلاثى مع قبرص، والذى تجسّد فى تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط وتحويله إلى منظمة إقليمية مقرها القاهرة»، معتبرًا أن هذا المنتدى ليس فقط منصة للتعاون فى مجال الطاقة، بل يعكس إرادة سياسية قوية لبناء تحالفات إقليمية قائمة على المصالح المتبادلة والاحترام المشترك.

أستاذ العلاقات الدولية، شدد على أن مصر، التى تتحول إلى مركز إقليمى للطاقة، تجد فى اليونان شريكًا موثوقًا يثق بقدرات الدولة المصرية ودورها المحورى فى المنطقة، كما أن أهمية الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين تعاظمت خلال الفترة الأخيرة، نتيجة للتحديات غير المسبوقة التى تواجه منطقة شرق المتوسط، وما تفرضه من ضرورة لتعزيز التعاون والتنسيق بين القوى الإقليمية المؤثرة.

من جانبه، أشار الدكتور مصطفى بدره، الخبير الاقتصادى، إلى أن التعاون الاقتصادى بين مصر واليونان يشهد تطورًا ملحوظًا فى الفترة الراهنة، لا سيما فى إطار الشراكة الممتدة بين مصر والاتحاد الأوروبى، والتى تتجلى فى العلاقات الوثيقة مع كل من اليونان وقبرص، كما أسهمت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان بشكل مباشر فى تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية فى المنطقة الاقتصادية الخالصة، خاصة احتياطيات النفط والغاز، مؤكدًا أن هذا الاتفاق كان له دور كبير فى فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادى والاستثمارى بين البلدين.

وأضاف أن «اليونان تُعد من أبرز شركاء مصر فى قطاع الغاز الطبيعى، فالتعاون فى حقل ظهر يُعد نموذجًا ناجحًا لهذه الشراكة، والتى انعكست بشكل إيجابى على حركة التبادل التجارى، وزيادة حجم الاستثمارات المتبادلة، خصوصًا فى قطاعات الطاقة والبنية التحتية.. كما أن منتدى غاز شرق المتوسط، الذى أُطلق من القاهرة فى يناير 2019، يلعب دورًا مهمًا فى تنسيق السياسات الإقليمية فى قطاع الطاقة، حيث يهدف إلى إنشاء سوق غاز إقليمية متكاملة، وتوفير بنية تحتية تنافسية، وضمان استقرار العرض والطلب، وهو ما يعزز من مكانة مصر كمركز محورى للطاقة فى المنطقة، ويدعم دور اليونان كبوابة رئيسية إلى دول الاتحاد الأوروبى».

«بدرة» أكد أن العلاقات بين مصر واليونان شهدت طفرة حقيقية خلال العقد الأخير، ويرجع الفضل فى ذلك إلى جهود الرئيس السيسى، الذى عمل على ترسيخ أسس التعاون المشترك، من خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى، وتوقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والاستراتيجية.

وفى السياق نفسه، أشار «بدرة» إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تواصل تطورها، حيث بلغت قيمة التبادل التجارى بين مصر واليونان نحو 1.5 مليار دولار خلال الـ11 شهرًا الأولى من عام 2024، وتأتى أهم المجموعات السلعية التى صدّرتها مصر إلى اليونان لتشمل وقودًا وزيوتًا معدنية ومنتجات تقطيرها وأسمدة وخضراوات وفواكه وحديد صلب، وذلك قبل أن يختتم حديثه بالتأكيد على أن أهمية العلاقات الاستراتيجية بين مصر واليونان تتجاوز الجغرافيا والمصالح الثنائية، لتشكل ركيزة أساسية فى معادلة الاستقرار والتكامل الإقليمى، خاصة أن اليونان تمثل بوابة مصر نحو الاتحاد الأوروبى، بينما تمثل مصر البوابة الأهم للاتحاد الأوروبى نحو إفريقيا والعالم العربى، ما يمنح هذه الشراكة أبعادًا استراتيجية متقدمة يجب البناء عليها خلال المرحلة المقبلة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة