«الحق فى السكن مصون بالدستور، والتزام دولة، ليست رفاهيةً ولا شيء استثنائى.. لكن مناقشة قانون الإيجار يرتبط بفلسفة التعاقد بين المالك والمستأجر، وضبط العلاقة الإيجارية بين الطرفين وحتى يمكن إعادة التوازن لها، فيتم رفع الظلم عن الملاك الذى استمر على مدار 40 سنة وفى الوقت ذاته دون الإضرار بالمستأجر وحقوقه»، هذا ما أكده النائب عمرو درويش، أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب.
أوضح «درويش» أن «الإيجار» ملف فى غاية الأهمية، تم تركه لسنوات عديدة ليتحول من مشكلة إلى أزمة تشغل ملايين المصريين، فتاريخياً القوانين الخاصة بالإجراءات هى قوانين استثنائية تصدر فى فترات زمنيةمعينة لمعالجة بعض الأمور، على مدار أكثر من 40 عاماً، لكن خلال هذه الفترة تم إصدار حكمين مهمين جداً فى مسألة الوحدات المؤجرة للأشخاص الطبيعية ما قبل 1996، وحكم صدر سنة 2002 يقضى بإمداد عقود الإيجار إلى أقارب الدرجةالأولى.
وتابع: قضى الحكم الأخير فى نوفمبر 2024 بعدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية، وفيه أهابت المحكمة الدستوريةبالبرلمان أن يجرى التعديلات المطلوبة قبل نهاية دور الانعقاد الحالى، يعنى قبل نهاية 30 يونيو أو قبل منتصف شهر يوليو، وفقًا لما ينتهى دور الانعقاد الخامس للفصل التشريعى الثانى، وبالتالى تصدى البرلمان لهذا التشريع هو تنفيذ لحكم المحكمة الدستورية الذى قضى بعدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية وأن تتغير القيمة الإيجارية بشكل متوازن ليحقق توازنًا فى العلاقة الإيجارية.
وكشف «درويش»، أن «مشروع قانون الحكومة توسع فى فلسفة التعامل مع الوحدات الإيجارية، وجاء فى نص المادة 5 فى مشروع القانون أن تتحرر العلاقة بين المالك والمستأجر خلال خمس سنوات، وهو لا يزال مشروع قانون قابلاً للتغيير والتطوير والمعالجة لهذا الحديث عن أن ملايين من المصريين سيتم طردهم من منازلهم هو حديث غير صحيح»، مؤكدًا على أنه «لن يقبل أحد أن يُطرد مواطن مصرى من منزله لأن هذا يُهدد السلم المجتمعى، لكن فى الوقت ذاته لا بد أن ننظر إلى المُلاك الذين وقع عليهم ظلم كبير جداً، لأن بتغير الأحوال الاقتصادية والحياتية والمعيشية للمصريين والاصلاح الاقتصادى أصبحت القيمة فى منتهى التدنى، بالإضافة إلى أن هناك وحدات سكنية مغلقة، ووحدات المستأجرين أصبحوا مُلاكًا فى وحدات أخرى يتم تأجيرها بعشر أضعاف للقيمة التى يدفعونها فى الإيجار الحالى، وهناك وحدات سكنية تم تغيير نشاطها من وحدة سكنية إلى وحدات تجاريةأو إدارية تحولت لمكاتب وعيادات ومخازن».
أمين سر «محليات النواب»، انتقل بعد ذلك للحديث عن فلسفة التشريع، وقال: التدخل التشريعى يضبط المسألة، ويضبط العلاقة ما بين المالك والمستأجر، وهى الفلسفة التى قام عليها التشريع، وفى مجلس النواب ومنذ صدور حكمالمحكمة الدستورية العليا قال المستشار حنفى الجبالى رئيس المجلس، وأعلن أن البرلمان سيتصدى للقانون تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية العليا، وفى الأسبوع الماضى تم الاستماع فى ثلاث جلسات لآراء البرلمان والمتخصصينوالقانونيين وأعضاء الحكومة وزير الإسكان ووزير التنمية المحلية، وهذا الأسبوع سيتم الاستماع إلى أصحاب المشكلة الملاك والمستأجرين.
وفيما يتعلق بجلسات الاستماع التى عقدها مجلس النواب، أشار إلى أن الجلسات أتسمت بالمصارحة والمكاشفة، فالجميع أمام معضلة يتحدث عنها جموع المصريين، ففى كل دول العالم هناك مالك ومستأجر، فحتى المواطن غير الخاضع لهذه القوانين ما قبل 1996 لديه رغبة فى التعرف على انعكاسات هذه القوانين، وبالتالى كانت الجلسات عبارة عن مواجهة مباشرة ما بين النواب وبعضهم البعض، وما بين النواب والحكومة، وبين النواب والجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، والذى اختص بالأرقام والإحصاءات المحدثة الخاصة بهذا الموضوع، وكان الحديث عن تدقيق الأرقام الصادرة من الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لأنه سيتم البناء عليها النص التشريعى.
«درويش»، تحدث أيضًا عن أهم الأرقام التى طرحها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والمجلس القومى للإسكان، وقال: لدينا رقمان مهمان هما الرقم الخاص بالوحدات السكنية وهو يقترب من 3ملايين وحدة ونتحدث عما بين مليون و300 إلى 3 ملايين أسرة، فنحن نتحدث عن أرقام ضخمة، لوحدات شاغرة ووحدات مغلقة وتم إعادة تأجيرها مرة أخرى.
كما أشار أمين سر لجنة الإدارة المحلية إلى أنه توقف عند رقمين هما الأسر وعدد الوحدات السكنية، والوحدات للإشغال التجارى بلغ 972 ألف وحدة تجارى للإيجار القديم، وهو رقم كبير يقترب من المليون، 84 فى المائة من مشكلة الإيجارات القديمة فى القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية، وهذه الأرقام تكشف عن حقيقة الأزمات التى تحتاج إلى معالجة وحلول.
«المادة 5 الخاصة بتحرر العلاقة الإيجارية فى مدة 5 سنوات أبرز المواد التى لاقت اعتراضًا لكنها لا تخرج عن مادة فى مشروع قانون مقدم للحكومة لايزال خاضع للمناقشة»، هذا ما أكده «درويش» قائلاً: هو مقترح فى مشروع قانون هناك من اعترض عليه وهناك من وافق، لكن تبقى مسألة الموافقة عليه من عدمه هو أمر متروك للتصويت البرلمانى، لا يمكن أن نحدد ذلك فى هذا التوقيت، فحتى بعد انتهاء جلسات الاستماع وانتهاء عمل اللجنة يبقى التصويت فى القاعة العامة هو الفيصل، كما أن مدة المناقشة ليست مهمة، لكن الأهم هو أن يخرج تشريع ينظم العلاقة الإيجارية ويجعلها متوازنةً، ويتوافق مع أحكام المحكمة الدستورية، حتى وإن صدر فى آخر يوم انعقاد.
«درويش»، استبعد سيناريو عدم إصدار القانون، وقال: «القانون سيصدر قبل نهاية دور الانعقاد الحالى، والبرلمان سلطة مستقلة يستطيع أن يُحدث التشريع ويستطيع أن يًرجى التشريع، وهذا السيناريو كان مسار حديث ومناقشة، فإذا ما تم إرجاء التشريع لن يبقى أمام المواطنين سوى اللجوء للمحاكم، التى تصبح منوطة بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، لكن على أى حال البرلمان إن شاء الله هيقوم بالتشريع المطلوب».
كما شدد على أن الحق فى السكن مصون بالدستور، وهو التزام دولة، ليس رفاهية ولا شيء استثنائى، لكن هذا ليس له ارتباط بفلسفة التعاقد بين المالك والمستأجر، لأنها علاقة إيجارية بالتراضى، ولا يمكننا الفرض على مواطن إيجار، أو فرض وضع هو غير راغب فيه، الحديث عن هذه المدة له إشكاليات لكن تظل فى طور المناقشات لحين الوصول لصيغة يتوافق عليها الجميع، أو طرح مختلف.
