أجرى الفريق أحمد خالد، محافظ الإسكندرية، جولة ميدانية، برفقة السيدة إنجلينا إيجهورست، سفيرة الاتحاد الأوروبى لدى مصر، والوفد المرافق لها، لتفقد أعمال تطوير وإحياء شارع النبى دانيال، أحد أعرق الشوارع التراثية فى نطاق حى وسط، وذلك فى إطار الشراكة الاستراتيجية بين المحافظة والاتحاد الأوروبى لدعم المشروعات الثقافية والتنموية.
خلال الجولة استعرض المحافظ طبيعة المشروع، التى تهدف إلى إعادة الشارع إلى سابق عهده كموقع نابض بالحياة الثقافية والتاريخية، من خلال أعمال إعادة تأهيل البنية التحتية بشكل شامل، عبر تحديث شبكات الصرف الصحى والمياه والكهرباء والاتصالات، بما يضمن استدامة الخدمات وتهيئة بيئة حضرية متطورة.
المشروع تضمن ترميم الطابع المعمارى التاريخى للشارع، من خلال صيانة واجهات المبانى ذات القيمة التراثية، وتطوير الأرصفة، وتنسيق المساحات الخضراء، إلى جانب تركيب مقاعد وعناصر تجميلية تضيف إلى الهوية البصرية للمكان، بهدف إعادة تنظيم الحركة المرورية والأنشطة التجارية.
وتم إنشاء مسارات مخصصة للمشاة والدراجات، وتنظيم أماكن الباعة الجائلين، بما يحافظ على النظام والجمال العام، بالإضافة إلى تثبيت لوحات تعريفية توثق التاريخ العريق للشارع ومعالمه الثقافية، كنموذج للتكامل بين الحفاظ على التراث ودفع عجلة التنمية.
استهلت الجولة بمشاهدة عدة أماكن ومواقع، من ضمنها منطقة البرديسى الأثرية التى تطل على شارع النبى دانيال بجوار مسجد سيدى عبدالرزاق الوفائي، إلا أن اللافت للنظر أن منطقة البرديسى مغلقة ويجهل الكثيرون من المارة وجودها وقيمتها الأثرية، لكن نظرا لموقعها الفريد وإزالة الإشغالات والباعة من حولها، برزت وجهتها وعراقتها، الأمر الذى أدى إلى مطالبة الكثيرين من المهتمين بالمناطق الأثرية بضرورة استغلال الموقع أفضل استغلال بديلا عن غلقها.
من جانبه، أشاد الدكتور إسلام عاصم، أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر، ونقيب المرشدين السياحيين السابق بالإسكندرية، بما قامت به الدولة المصرية من تطوير شامل لشارع النبى دانيال، وهو عمل عظيم فى أحد أهم الشوارع الحيوية والتاريخية فى المدينة، وشمل التطوير جميع المبانى سواء سكنية أو خدمية، بما فيها واجهة موقع البرديسى ومدخله، فكان لزاما على منطقة آثار إسكندرية والجهات المعنية استغلال الموقع بشكل يناسب القيمة التاريخية ويلائم المكان.
الموقع قد تم اكتشافه عام 1929 تحت المسجد، ويعود إلى العصر الروماني، ويتكون من أربع قواعد أعمدة على الطراز الأيونى من الرخام أو الحجر الجيرى المغطى بالمصيص، بين كل قاعدة والأخرى نحو 5 أمتار، وتعلو الاثنتين منهما أعمدة من الجرانيت الأحمر، والقواعد مقامة على أرضية مرتفعة عبارة عن ثلاثة أرصفة متوازية، يبلغ ارتفاع الأعمدة نحو 6 أمتار، ومحيط كل منها متران ونصف المتر، وهى أعمدة ضخمة قد تكون بقايا لمبنى عام، قد يكون أحد معابد العصر الروماني.
وأضاف د. عاصم، أن هذا المكان مرتبط بأهل الإسكندرية بكثير من القصص والأساطير، فمنهم مَن قال إنه يوجد أسفل هذا الموقع نفق يصل إلى أهرامات الجيزة، أيضاً مرتبط بالقصة القديمة الشهيرة الخاصة باختفاء أحد الأشخاص برفقة زوجته بعد سقوطهما فى بئر بالقرب من موقع البرديسى، ولم يستطيعوا إخراجهما حتى يومنا هذا.
فدائما نطرح عدة أسئلة: لماذا لا يتم استغلال وفتح هذا الموقع وشرح معلومات للجمهور من خلاله، بأنه يوجد مستوى ثانٍ أسفل هذه المنطقة للشوارع تسمى «الإسكندرية القديمة» تعود للعصر الروماني، وإضافة لذلك، هناك إمكانية فتحه للجمهور برسوم رمزية أو استغلالها كمتحف، يشتمل على صور ومقتنيات ومعلومات عن تاريخ الموقع وخريطة تفصيلية عن النبى دانيال أو تنفيذ معارض فنية وصور تاريخية وتنظيم فعاليات ثقافية.. فالأفكار متعددة والمهتمون أكثر، سواء داخل الجهات المعنية، أو منظمات المجتمع المدنى، أو حتى الأفراد، فالمهم عدم غلقه حتى لا يكون عرضة لاستغلاله كمقلب قمامة ومخزن للباعة الجائلين.
فيما قال الدكتور حسام غنيم، مدير عام منطقة آثار الإسكندرية: إن محافظة الإسكندرية مدينة عريقة شاهدة على حقب تاريخية ومحطات هامة، فضلا عما بها من مواقع أثرية عتيقة ومتنوعة، شاهدة على حضارات مختلفة، مضيفا أن قطاع الآثار فى شتى أنحاء الجمهورية لقى دعما واهتماما كبيرين من جانب القيادة السياسية، وتم التطوير بكل ما تحمله الكلمة من اكتشافات أثرية متتالية، إلى تطوير لمنظومة العمل فى المواقع الأثرية والمتاحف، والاتجاه بقوة نحو الرقمنة، فضلا عن ترميم وإعادة تأهيل الكثير من المواقع الأثرية.
أما فيما يخص موقع البرديسى الأثرى، فقال د. حسام غنيم: إنه نظرا لاستلام مهام عمله من عدة أيام فى منطقة الإسكندرية الأثرية، فهذه الفترة فى حيز دراسة جميع الملفات وعمل اللازم وتعريف المواطن إعلاميا بالمستجدات كافة.
