رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

ترامب مشغول بـ «النمو» فقط.. والدول تحتاج حلولاً ناجزة الديـــون الأمريكيـــة تضغط على أعصاب الاقتصاد العالمى


29-5-2025 | 19:16

.

طباعة
بقلـم: د. وفاء على

فى لحظة قد تكون تاريخية لرسم ملامح الثقة الاقتصادية العالمية تخلت وكالة «موديز» عن تقييمها الأعلى لأمريكا معلنة نهاية حقبة طويلة من المكانة الاستثنائية الأمريكية لأكبر اقتصاد فى العالم، وشهد الدولار تراجعاً بعد خفض التصنيف فى ظل تقييم الأسواق بتداعيات قرار «موديز» أمام واقع اقتصادى جديد تلقى فيه الديون الثقيلة على الآفاق الاقتصادية الأمريكية.

التخفيض جاء فى توقيت دقيق قبل التخفيض الضريبى الذى سعى ترامب إلى تنفيذه، ويطرح سؤالاً أمام المستثمرين عن مدى الثقة فى الولايات المتحدة الأمريكية كوجهة آمنة للاستثمار ، فالأسواق اهتزت لكنها ليست بدرجة كبيرة فهى ما زالت تحت تأثير صفقة الخليج والتهدئة الأخيرة بين الصين والهند.

 

وهناك حالة من الحذر سوف تظهر بالأسواق بعدما يمرر مجلس الشيوخ الأمريكى قانون الضرائب، أما سوق السندات فتفاعل مع الخبر وارتفعت العوائد ومصاريف التأمين على السندات مما يزيد كلفة الدين.

المستثمرون يأخذون هذه الأحداث فى الحسبان لكن أمريكا ما زالت تحتفظ بمكانتها ولا يمكن استبعادها من خطط الاستثمار رغم التراجع النسبى للمستثمرين والفيدرالى يراقب رد فعل الأسواق، ورغم نقل كل الأخبار السيئة ما زالت الأسواق متماسكة، نحن أمام مرحلة حساسة تحدد مصير الأسواق فى هذا الواقع الجديد الذى تفرضه أزمة الدين الأمريكى، بعد تراجع التصنيفات الائتمانية، والمستثمر يبحث عن ضمانات حقيقية، ولا يلتفت إلى الصراعات السياسية للبيت الأبيض لابد من استعادة التوازن المقصود.

ارتفاع الدين الأمريكى

قد يرتفع الدين الأمريكى وفقاً لميزانية جامعة ييل، سيبلغ 200 في المائة خلال 2055 من الناتج المحلى، فقد كان تخفيض التصنيف إشارة مرجعية للأسواق العالمية بأن أكبر قوة اقتصادية غير محصنة ضد تداعيات السياسات المالية غير المنضبطة، وأن التغيير سوف يأتى، فقد زاد مؤشر الخوف فى «وول ستريت» بنسبة 5 في المائة والأسواق تحتاج إلى التهدئة فبدلاً من (بيع أمريكا) يأتى (اشترِ أمريكا) وتقول التقارير إن الدين ارتفع بشكل حاد، وزاد العجز، والتوقعات أن فوائد الديون الأمريكية ستزيد بنسبة 30 في المائة، لذلك الاقتصاد العالمى والأسواق المالية تحتاج إلى الهدوء، وقد أقر الكونجرس قانون الضرائب الذى يفرضه ترامب أملا فى النمو الاقتصادي وجاء التصويت 214 إلى 215 صوتاً أى بفارق صوت واحد فى حالة انتصار للجمهوريين ضعيفة مع التوقعات بركود تضخمى كما عرضنا فى مقال سابق.

ومع ارتفاع الخوف ارتفع سوق السندات طويلة الأجل فى مدة 30 سنة مما يجعل الديون تزيد إلى 40 تريليون دولار.

والسؤال العالق دوما:ً هل تتراجع الثقة فى الاقتصاد الأمريكى بسبب الديون خصوصاً عند مرحلة تعميق الخسائر بعد قانون الضرائب الأمريكى؟، فمشروع الضرائب يزيد الدين الأمريكى 4 تريليونات دولار وأصبح سوق السندات غير مطمئن بسبب زيادة المخاوف من العجز المالى الأمريكى ومجاملة الأغنياء على حساب فقراء أمريكا، خصوصاً نظام الرعاية الصحية وتسارع عمليات البيع خصوصاً الصين التى تبيع السندات الأمريكية بكثافة وهناك من يشترون التراجعات.

لقد وضع ترامب بقانون الضرائب ما يسمى بخريطة التناقضات للمؤشرات، خصوصاً أن التصويت على قانون الضرائب هو تصويت سياسى وليس اقتصادياً، ويتبقى السؤال المهم: هل قانون الضرائب الأمريكية إنقاذ للنمو أم ضربة قاصمة للاقتصاد الأمريكي؟

هناك صعوبة فى التنفيذ وتراجع القدرة الشرائية فى سلسلة من القرارات العشوائية غير المدروسة التى تمثل توجهات لترامب وحده رغم زيادة الديون حوالى 4 تريليونات دولار لكنه لا يبالي اعتقاداً أنه يخدم النمو الاقتصادي الأمريكى فالتبعات كلها في صالح رجال الأعمال على حساب فقراء الأمريكان، وهناك حاجة للرعاية الصحية فحوالى 8.6 مليون أمريكى، بلا رعاية صحية، فمحاباة الأثرياء هو قرار واضح للكل وترامب فى توجهاته يستخدم الملف الاقتصادي فى دعم القضايا السياسية، وهنا يقول خبراء الاقتصاد فى أمريكا إن أمريكا ستعانى بعد 4 سنوات لتجاوز الديون الـ 40 تريليون دولار، وأن تفضيل النمو على حساب الديون أمر بالغ الخطورة.

وهنا سوف يدخل ترامب فى مساومات مع رئيس الفيدرالى الأمريكى لتخفيض سعر الفائدة والخطورة تكمن فى البنود النهائية لمشروع الضرائب عندما يقره مجلس الشيوخ ويذهب القانون إلى الرئيس الأمريكي هذا بالإضافة إلى فرض 50 في المائة على الاتحاد الأوروبي من أول يونيو كتعريفة جمركية وهناك تصريحات سياسية واقتصادية لترامب تؤثر بشكل مباشر على المجتمع والأسواق المالية العالمية، لأصبح السؤال الأحرى: هل هناك قابلية للاقتصاد الأمريكي أن يتحمل قانون الضرائب الأمريكي الجديد؟، ولابد من خفض الفائدة بأى شكل فلا يوجد تناغم بين السياسة المالية والنقدية الأمريكية وتوجهات أفكار ترامب الاقتصادية التى أربكت المشهدين السياسي والاقتصادي فى العالم وعلى رأسها أسواق السندات وتستمر حالة التذبذب فى أسواق الطاقة والذهب والفضة والمعادن، كذلك تذبذب أسعار الدولار وكل ما يفكر فيه ترامب هو زيادة تصدير السلاح بأى شكل على حساب كل الملفات ليستفيد من ضعف الدولار وكل ما يخضع لحالة المساومة.

لا شك أن الأسواق المالية تحصد تبعات قانون الضرائب الأمريكي الجديد صعوداً وهبوطاً فى حالة من التزييف للحقائق الاقتصادية والابتزاز السياسى فهناك فرق بين ما وعد به ترامب وما يطبقه على أرض الواقع، وآفاق المستقبل القريب للاقتصاد الأمريكى لا تبشر بالخير ولكن كما تعودنا أن أمريكا لا تغرق وحدها وإنما لابد أن تجر العالم معها، ويبدو أن الاتجاه الصاعد لمهاوييس ترامب سوف يتراجع مع قانون الضرائب الأمريكى فهو ليس قائد رؤية وحتى لا يقع على العالم سيف الوقت أن تتحسب لفترات قادمة فالصورة النمطية المسار الاقتصادي العالمى هو وجود صعوبات لابد من تجنبها فمخاطر الركود ما زالت قائمة والتمركز من جديد على الخريطة العالمية وحلحلة الأمور الاقتصادية فى الدول النامية والناشئة وجلب الاستثمارات سريعاً، فالعالم يتحرك سريعاً بكل تغريدة لهذا الرئيس الاستثنائي سلباً.

كما لا شك أن ما حدث قد حدث والأهم هو ما سيحدث وهناك حد فاصل تبنى عليه القناعات وصناعة القرار ويخوض الجميع من صناع السياسات الذى هو قدرهم التحديات ويواكبون التطور والأسواق تفكر ولها نوع من الخوارزميات صعودا وهبوطا ارتباطاً بالظروف الراهنة، عبارة تنذر بالخطر وتدعو إلى التفكير العميق في حال الاقتصاد العالمى والأسواق المالية فى المرحلة المقبلة.

- الدولار وانعكاساته على الواقع وآفاق المستقبل.

*لقد صدر تقرير صندوق النقد الدولي في نوفمبر من العام الماضي ليقول إن 70 في المائة من مجمل ديون البلاد النامية هي في الدولار الأمريكي و85 في المائة من مجمل الديون للبلاد غير المتقدمة للعملة نفسها.

وهذا ما يعقد المشكلة الديون ليست فقط في شراء المواد الغذائية أو النفطية ولكنها ديون لثبات العملة فارتباط الأسعار بالدولار ومع عدم إتاحته للجميع بل أغلب دول العالم ترتبط مديونياتها بهذه العملة الأمريكية التي يحاول الاقتصاد العالمى التحرر منها في محاولة من الصين وروسيا لإنقاذ الاقتصاد من الارتباط بهذا النظام والدولرة .

إن المتبقى من العام الحالى يجعل صناع السياسات يعيشون في بيئة مالية مليئة بالتحديات طبقا لتصريحات نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، وأن على صناع السياسات تعزيز الإيرادات والإنفاق بشكل أكثر كفاءة لدعم الأمان المالى والاستعداد للصدمات المستقبلية، وتحقيق التنمية المستدامة فالدين العام مرتفع بنحو 9 نقاط مئوية وهو فوق مستوى ما قبل الجائحة ومعدلات النمو هى الأضعف منذ عقود، وحان الوقت لضبط الأوضاع المالية حيث تؤدى التحديات إلى تقييد الموازنات الحكومية وتعزيز القدرات الضريبية من خلال السياسات الفعالة وإدارة الإيرادات بشكل جيد والموازنة بين المخاطر المالية وقوة الطلب الخاص فهل يفعل صناع السياسات؟.

حيث بدأت نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي في الارتفاع بعد مرحلة من التراجع قبل أزمة الجائحة، حيث اقتربت نسبة الدين العالمي من 350 في المائة من الناتج المحلي .

والتوقعات تشير إلى وصول هذه النسبة إلى 354 في المائة بحلول نهاية هذا العام وعليه فترامب يتصرف بنمط معين على كل الاقتصادات وعلى الدول أن تلجأ إلى حلول ناجزة فالأسواق حذرة والتفاصيل ليست جذابة كالعنوان العريض، وإلى حديث آخر.

الاكثر قراءة