السبت 18 مايو 2024

جودة التعليم.. وبناء الدول

مقالات9-12-2021 | 01:30

الحقيقة أن حديث الرئيس السيسى بالأمس، عن التعليم أوضح أنه أساس بناء وتقدم الدول.. لذلك فإن جودة التعليم هى التحدى الكبير الذى نتعامل معه بإرادة عظيمة وجدية فريدة إدراكاً انه سر التقدم وحل الكثير من مشكلات الأمم، وأيضا الوصول إلى تعليم حقيقى يلبى احتياجات سوق العمل ويوفر الفرص سواء محلياً أو إقليمياً أو دولياً.. بالاضافة إلى بناء الأوطان وما يحققه التعليم من دور كبير فى امتلاك القدرة.

متطلبات واحتياجات كثيرة وضعها الرئيس السيسى وصولاً لأعلى مستوى من جودة التعليم فى رؤية متكاملة شخصت الوضع الحالى ومشاكله وأسباب تدهوره.. مع الاعتراف بأن مصر أدركت أهمية التعليم وبدأت المشوار والطريق بالكثير من الخطوات فى الداخل والخارج لكن مازال الطريق يحتاج خطوات جديدة.

(رؤية رئاسية).. شخصت الواقع الحالي.. ووضعت مقومات الوصول إلى مواكبة الدول المتقدمة
 
فرَّطنا خلال العقود الماضية فى فرص كبيرة وعظيمة لتحقيق التقدم والتنمية المستدامة.. وأهملنا أهم ملفات التقدم ومواكبة العصر.. وهو التعليم، سواء التعليم ما قبل الجامعي، أو التعليم العالي، الحقيقة أن «مصرــ السيسي» ورثت أخطاء وكوارث وإهمالاً وأزمات ومشاكل مزمنة خلال العقود الماضية.. لذلك تخوض مصر معركة شرسة لإصلاح أخطاء الماضي.. وأيضاً بناء قواعد التقدم ومواكبة العصر وهو أمر غاية فى الصعوبة، ويعد تحدياً كبيراً.. خاصة فيما يتعلق بالظروف والقدرات والموارد.. فما تحقق فى مصر خلال السنوات السبع الماضية، رغم أنه يفوق أى توقعات.. لكننى تذكرت ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مناسبات عديدة: «إن ما تحقق فى مصر هو خطوة من ألف خطوة».. وأدركت المعنى الحقيقى لما قاله الرئيس السيسى خلال احتفالية «قادرون باختلاف» بأن أسعد لحظاته هى أن يتحقق حلمه لوطنه مصر.

بذلنا جهوداً كبيرة وغير مسبوقة.. وحققنا نجاحات وإنجازات وقرارات للإصلاح، ونمتلك فرصاً واعدة.. ومؤشرات مبشرة، لكن فى نفس الوقت أمامنا الكثير، ولدينا من العمل الكثير والكثير.

الحقيقة أن حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المنتدى العالمى للتعليم العالى والبحث العلمي، تحت عنوان: «رؤية المستقبل» والمؤتمر العام لمنظمة «الإيسيسكو» أطلق العديد من الرسائل والحقائق.. ووضع يده على مجموعة من الإشكاليات، وطرق حلها وعلاجها، التى لا ترتبط بمصر فقط، بل بجميع دول العالم الإسلامي.

اتسمت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى أو مداخلته خلال المنتدى بالشفافية والمصارحة بلا حدود، سواء فى رسائل محلية أو عربية وإسلامية أو دولية.. وأكد فى كلمته أنه يتحدث بجلاء ووضوح.. حتى وإن اختص حديثه بالوضع التعليمى فى مصر.. وقد شخَّص المعاناة والأزمة وأسباب التأخر وعدم مواكبة العالم المتقدم.

بداية يتفق الجميع على أن التعليم هو أساس وعماد تقدم الأمم، وبناء الدول.. وأن مصر أدركت أنها متأخرة عن مواكبة حجم التطور الهائل فى مجال التعليم بصفة عامة، والجامعى والعالى بصفة خاصة، وما يحققه وينجزه فى مجال تقدم الدول وإحداث التنمية الشاملة، وتلبية سوق العمل والوظائف الحديثة، ويدعم عملية التطور والتحديث، وينهض بالصناعة وبكل المجالات.

وتؤمن مصر إيماناً عميقاً بأهمية النهوض بالتعليم وإصلاحه وتطويره، وتوفير المقومات تلبية لاحتياجات الدولة والمجتمع.. ومن هنا قادت الدولة المصرية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى أكبر عملية اهتمام وتطوير واتباع كل ما هو جديد وحديث فى هذا المجال.. وتوسعت فى إقامة الجامعات الحديثة التى تلبى احتياجات عملية التنمية وتواكب بأكبر قدر التطور المتسارع فى هذا المجال، وتتناغم مع عملية التنمية الشاملة والمستدامة.. فقد أقامت مصر 45 جامعة جديدة، بالإضافة إلى تطوير الجامعات القديمة، كذلك عدم الموافقة على أى جامعة جديدة، إلا إذا كانت مرتبطة بأكبر الجامعات المتقدمة فى العالم بعملية توءمة للاستفادة من الخبرات والقدرات والمستوى التعليمى المتقدم فى هذه الجامعات العالمية، ذات الصيت والسمعة الدولية.

توسعت مصر فى إنشاء وإقامة الجامعات التكنولوجية والتطبيقية التى تلبى احتياجات سوق العمل الجديدة فى الحاضر والمستقبل وتضم علوم وتخصصات هى أساس التقدم مثل الذكاء الاصطناعي، بل وجامعات دولية بالشراكة.

مصر أدركت أن تعداد سكانها يزيد على الـ100 مليون نسمة لذلك قررت أن يكون لكل مليون مواطن جامعة، وفى العديد من النطاقات الجغرافية بحيث تلبى احتياجات المنطقة والمجتمع المحيط بها سواء جامعات أهلية أو متخصصة أو تطبيقية أو تكنولوجية.

< الرئيس عبدالفتاح السيسى شخَّص أسباب تراجع التعليم فى الكثير من الدول العربية والإسلامية، ومنها مصر، وأرجع بعضها إلى انشغال الدول بمواجهة التطرف والغلو والإرهاب.. بينما كانت فى حاجة إلى الاستقرار للتفرغ لتطوير التعليم.. وأيضاً لم تتوافر بسبب ذلك الموارد الكافية للوصول إلى جودة عالية فى التعليم مثل بعض الدول المتقدمة، على سبيل المثال فى أمريكا وبريطانيا وغيرهما.

< نعم التعليم حق من حقوق الإنسان.. هكذا تيقن الجميع.. لكننا فى حاجة جميعاً إلى تعاون من جامعات الدول المتقدمة، لمد يد العون والمساعدة، والتعاون لجامعات هذه الدول من أجل تقديم خريج قادر على تلبية سوق العمل ومواكبة متطلبات الوظائف الجديدة أو المستقبلية، ومن أجل الوصول إلى أعلى مستوى من الجودة والتعليم، يساهم فى تقدم الدول ويساند جهود عملية التنمية والبناء.

ربما تكون دول العالمين العربى والإسلامى فى كثير منها تمنح حق التعليم أو إتاحة التعليم للجميع، لكنها لم تصل إلى الدرجة المطلوبة من الجودة التى تتوافر فى الدول المتقدمة.. من هنا نحتاج نظرة أخرى ورؤية مختلفة لضمان الجودة العالية.. من هنا أيضاً يجدر النظر إلى جامعاتنا الحكومية والأهلية والخاصة لإحداث عملية هيكلة وغربلة وإصلاح حقيقى يخاطب ويلبى سوق العمل.. فهناك تخصصات نظرية مثل الآداب والحقوق والإعلام والتجارة على سبيل المثال، لا يوجد بينها وبين سوق العمل أى نوع من التنسيق والتوازن، وربما الحاجة.. مجرد خريج حاصل على شهادة، ولا يستطيع الحصول على وظيفة أو عمل فى ظل عدم حاجة السوق إليها، أو وجود مَن يستطيع أن يكمل تعليمه للحصول على بكالوريوس أو حتى دراسات عليا، بالإضافة إلى تخفيض أعداد الكليات النظرية، وتحديد احتياجاتنا منها بما يتفق مع سوق العمل، أو يلبى احتياجات الراغبين فى الدول الأخرى للتعليم فى مصر.

لذلك يجب أن تتسارع عملية تطوير التعليم فى ظل الملايين من أعداد الخريجين المتخصصين، تفوق المطلوب فى سوق العمل بمراحل ومراحل.

نحتاج إلى تعليم بمستوى جودة عالية يحقق ويربط بشكل مباشر سوق العمل واحتياجات الدولة الحقيقية.. وأيضاً خريج قادر على العمل والحصول على فرصة ووظيفة فى السوق الإقليمى والدولى من خلال إعداد وتأهيل وقدرات خاصة، وليس مجرد لقب أو شهادة  نحصل عليها.. فما أكثر المؤهلات والكليات ورسائل الماجستير والدكتوراه التى هى مجرد حبر على ورق، ولا تتواكب مع سوق العمل، وليس فى حاجة إليها، وبالتالى فإنها تعانى عند البحث عن فرصة عمل وفق تخصصها أو مجالها وفى الغالب لا تجد.. لذلك يجب أن نفكر بشكل عملى ونتخذ إجراءات إصلاحية.. وأن نواجه أنفسنا بكل تجرد.. مطلوب تقليص وتخصيص عشرات الكليات النظرية.. ونعيد صياغة النظرة المجتمعية السيئة، فهو ما حدث فى جامعات تطبيقية وتكنولوجية.. وأيضاً لابد أن نشجع خريج الدبلوم الصناعى بحسب حاجتنا وسعينا إلى تعويض العقود التى فاتتنا، مقارنة بالدول المتقدمة..ومن هنا تجدر أهمية العمل على كافة المحاور، سواء فى اتخاذ قرارات التطوير والإصلاح وإتاحة الجامعات التى تضم التخصصات التى تلبى احتياجات سوق العمل والمجتمع والاستغناء أو تقليص التخصصات التى لم تعد تصلح لسوق العمل، بالإضافة إلى الاجتهاد فى تنمية الموارد الذاتية من خلال أفكار خلاقة خارج الصندوق، سواء من خلال الكيانات الصناعية الكبرى.. وتحويل الجامعات المصرية إلى بيوت خبرة تقدم خدماتها وتسهم فى المشروعات الاستثمارية لجلب عوائد وموارد للإنفاق على التطوير على سبيل المثال.

الأمر المهم الذى أشار إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى هو التوسع فى ربط الجامعات المصرية بالجامعات المتقدمة فى العالم وعقد توأمة معها أو وجود أفرع لها فى مصر للاستفادة من خبراتها وإمكاناتها وقدراتها.

الاكثر قراءة