الإثنين 6 مايو 2024

«الفلانتين».. أشهر قصص الحب في الأدب العربي

في العيد الحب..تعرف على قصص الحب الأشهر في الأدب العربي

ثقافة14-2-2022 | 20:25

عبدالله مسعد

يزخر الأدب العربي بالكثير من نماذج وقصص الحب على مر العصور، بداية من العصر الجاهلي، وحتى العصر الحديث، ونعرض جانبا من هذه القصص خلال السطور القادمة بالتزامن مع احتفالات العالم بعيد الحب، ففي العصر الجاهلي، تبرز  قصة الشاعر العبسي عنترة بن شداد وعبلة ابنة عمه، التي وصفها كثيرا في قصائده ولا سيما وصفه لها في معلقته الشهيرة، وايضا القصة الأشهر بين قيس بن الملوح وليلى العامرية التي رفض والدها ان تتزوج من قيس، وقد نظم قيس في ذلك اروع ما يكون من الغزل والوصف الذي يحكي فيه معاناته مع أهل ليلى، إلى ان نأتي إلى القصة الأشهر في التاريخ الحديث ومعشوقة الأدباء مي زيادة.

عنترة وعبلة: يعتبر عنترة بن شداد، واحد من أصحاب المعلقات السبع، وأحد أشهر شعراء العصر الجاهلي، وقد كان عنترة يحب امرأةً نبيلةً وجميلةً تدعى عبلة بنت مالك كان يقابلها سرًّا، إلا أنه كان عبدًا أسود، ما جعل من زواجه منها أمرًا صعبًا فلم يوافق والداها على الزواج، وكتب العديد من القصائد التي تتحدث عن محبوبته وتصف مشاعره العميقة تجاهها، وقدَّم عنترة العديد من الفروسيات التي على إثرها استطاع الزواج من المرأة التي أحبها، وتعتبر قصة عنترة وعبلة، من القصص الشهيرة، حيث أحب عنترة ابنة عمه عبلة بنت مالك، ولكن المنال لم يكن سهلًا إلى أن أنجز مهمة أسطورية في تلبية طلب والدها بجلب النوق العصافير من الملك النعمان، ليكلل الهيام بالمراد.

وقد ذكر عنترة عبلة في أشعاره كثيرًا، ومعلقته الشهيرة والتي جاء فيها: 
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي
وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها
فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ
وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا
بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ
حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ
أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ
حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت
عَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ
عُلِّقتُها عَرَضاً وَأَقتُلُ قَومَها
زَعماً لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ

عبد الرحمن الأسود الخزاعي وعزة: عرف كثير بن عبد الرحمن الأسود الخزاعي، من شعراء العصر الأموي، بعشقه لعزة بنت جميل الكنانية، فقد والده في الصغر وعاش يتيمًا وقيل إنه كان سليط اللسان منذ صباه، وقد رباه عمه في مرابع الإبل وأبعده عن الناس حتى يصونه عن الطيش، وقد اشتهر بهيامه بعزة حتى أنه كُني بها فصار يلقب بـ "كثير عزة".

وأولع بها عندما أرشدته مرة إلى موضع ماء لسقاية الإبل في إحدى رحلاته بالمراعي وقد كانت صغيرة السن، ولم يتزوج، لأن عادة العرب كانت ألا يزوجوا من يتغزل شعرًا ببناتهم، وقد تزوجت عزة وغادرت من المدينة المنورة إلى مصر مع زوجها، ولحق بها جميل هناك، لكنه عاد إلى المدينة وتوفي بها، وقد أنشد قائلا: لِعَزَّةَ إِذ حَبلُ المَوَدَّةِ دائِمٌ
وَإِذ أَنتَ مَتبُولٌ بِعَزَّةَ مُعجَبُ
وَاِذا لا تَرَى في النَاسِ شَيئًا يَفوقُها
وَفِيهِنَّ حُسنٌ لَو تَأَمَّلتَ مَجنَبُ
هِيَ الحُرَةُ الدَلُّ الحَصانُ وَرَهطُها
إِذاذُكِرَ الحَيُّ الصَريحُ المُهَذَبُ
هَضيمُ الحَشا رُودُ المَطا بَختَرِية
جَمِيلٌ عَلَيها الأتحَميُّ الممُنَشَّبُ
رَأيتُ وَأَصحابِي بِأَيلَةَ موهِنًا
وَقَد لاحَ نَجمُ الفَرقَدِ المُتَصَوِّبُ
لِعَزَّةَ نارًا ما تَبوخُ كأَنَّها
إِذا ما رَمَقناها مِنَ البُعدِ كَوكَبُ

قيس مجنون ليلى: عشق قيس بن الملوح ليلى بنت مهدي بن ربيعة بن عامر "ليلى العامرية" وعاشا في البادية بنجد في العصر الأموي، وككل القصص لابد من رعي الأبل وحيث يبدأ الحب في المرابع، وهي ابنة عمه كانت لهما طفولة مشتركة وقد أحبها في سن صغيرة.

وقد رفض طلب زواجه حيث زوجت ليلى لرجل آخر أخذها بعيدا عن الديار إلى الطائف، فبدأت القصة الملهمة التي دخلت التاريخ، قصة مجنون ليلى التي فيها حب غير عادي، فالرجل فعل فيه الهيام الأفاعيل، فقد أصبح يطارد الجبال والوهاد ويمزق الثياب ويستوحش من الناس ويكلم نفسه.


وقيل إنه تعلق بأستار الكعبة وهو يدعو الله أن يريحه من حب ليلى، وقد ضربه أبوه على ذلك الفعل، فأنشد: "ذكرتك والحجيج له ضجيج.. بمكة والقلوب لها وجيب"، وعاد للبرية لا يأكل إلا العشب وينام مع الظباء، إلى أن ألفته الوحوش وصارت لا تنفر منه كما يرد في القصة "الأسطورة" وقد بلغ حدود الشام، وكان يعرف علته برغم "جنونه" فقد رد على أحد سائليه بقوله: "كان القلب ليلة قيل يُغدى.. بليلى العامرية أو يراحُ"، وقال متغزلا بها: تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا
وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ
بِلَيلى فَلَهّاني وَما كُنتُ لاهِيا
بِثَمدينَ لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي
بِذاتِ الغَضى تُزجي المَطِيَّ النَواجِيا
لَحى اللَهُ أَقواماً يَقولونَ إِنَّنا
وَجَدنا طَوالَ الدَهرِ لِلحُبِّ شافِيا
وَعَهدي بِلَيلى وَهيَ ذاتُ مُؤَصِّدٍ
تَرُدُّ عَلَينا بِالعَشِيِّ المَواشِيا
فَشَبَّ بَنو لَيلى وَشَبَّ بَنو اِبنِها
وَأَعلاقُ لَيلى في فُؤادي كَما هِيا

مي زيادة معشوقة الأدباء: غازلها شيخ الشعراء إسماعيل صبرى قائلاً: "وأستَغفر الله من بُرهَةٍ منَ العُمرِ لم تَلقَنى فيكِ صَبّا". وحين دعى الشاعر حافظ إبراهيم القاضى والشاعر عبد العزيز فهمى إلى الكلام، نظر هذا الأخير إليها وقال: النظر هنا خير من الكلام ومن الإصغاء. 


وصف أحمد شوقى شعوره نحوها شعراً: "إذا نطقت صبا عقلى إليها... وإن بسمت إلى صبا جناني"، إنها الأديبة الراحلة الكبيرة مى زيادة، وقد ولدت الشاعرة والأديبة اللبنانية الفلسطينية مى زيادة فى 11 فبراير 1886، ورحلت فى 17 أكتوبر 1942، اشتهرت فى مصر التى وصلتها مع عائلتها وهى ابنة عشرين سنة وكانت منفتحة على الثقافات كافة، وكان اختلافها عن حياة النساء فى مصر وقتذاك ملحوظاً، إذ كانت مثقفة ومتحررة إلى حد بعيد، وبرغم التفاف النخبة حولها، بدت بينهم متّزنة وملتزمة، حتى تكاد تكون قديسة أو راهبة فى الدير.

وكان الحب المتبادل بين مى زيادة، وجبران خليل جبران من خلال الرسائل، فقد أحبا بعضهما ولم يلتقيا حتى رحيلهما، وعلى عكس من عشقوا مي، فهى من وقعت بغرام جبران، فكتبت: "جبران، ما معنى هذا الذى أكتبه؟ إنى لا أعرف ماذا أعنى به، ولكنى أعرف أنك محبوبى وأنى أخاف الحب، كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا وكيف أفرط فيه؟ الحمد لله أننى أكتبه على الورق ولا أتلفظ به؛ لأنك لو كنت الآن حاضرًا بالجسد لهربت خجلا من هذا الكلام، ولاختفيت زمنًا طويلًا فما أدعك ترانى إلَّا بعد أن تنسى"، ليرد عليها: "الكلمة الحلوة التى جاءتنى منك كانت أحب لدى وأثمن عندى من كل ما يستطيع الناس جميعهم أن يفعلوا أمامي، الله يعلم ذلك وقلبك يعلم".

وكان عباس العقاد من أكثر الشخصيات وضوحًا فى مشاعره تجاه "مي" وكان شديد الغيرة عليها، رغم أن مى لم تكن تبادله نفس المشاعر، بل كانت مذبذبة، حتى ذهب قلبها إلى رجل أخر وهو "جبران خليل جبران"، فكتب العقاد يقول لها، "كانا يتناولان من الحب كل ما يتناوله العاشقان على مسرح التمثيل ولا يزيدان، وكان يغازلها فتومئ إليه بإصبعها كالمنذرة المتوعدة، فإذا نظر إلى عينيها لم يدر، أتستزيد أم تنهاه، لكنه يدرى أن الزيادة ترتفع بالنغمة إلى مقام النشوز".


غسان كنفاني وغادة السمان: بدأت قصة حب هذا الشاب الفلسطيني في الستينيات، حينما التقى بالأديبة السورية غادة السمان في جامعة دمشق، ثم جمعت الأقدار بينهما مرة أخرى عن طريق المصادفة في إحدى الحفلات المسائية، منذ ذاك الحين وتوطدت العلاقة بينهما، وبدأت تنشأ ملامح الحب، التي آلت فيما بعد إلى العشق والوله الذي لم يسبق لهما مثيل.

وشرعا في تبادل رسائل الحب والشوق، التي استمرت طيلة حياتهما، إلى أن فرّق بينهما الموت، بعدما تُوفي غسان في حادث اغتيال على يد الموساد الصهيوني، غير أن غادة ظلت باقية على العهد، وشرعت تجمع رسائلهما، حتى أصدرتهم في كتاب، نشرته يوم ذكرى وفاته وأسمته "رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان"، ليبقى شاهدا على قصتهما أبد الدهر.

يعد كتاب رسائل غسان كنفاني، إلى غادة السمان، من أشهر الكتب الأدبية بالوطن العربي، التي ظلت شاهدة على قصة حب خلدت بعد أن رحل أصحابها، ويضم الكتاب 12 رسالة من غسان إلى غادة، التي امتزجت بالكثير من المشاعر؛ فتارة ما يعبر عن مدى حبه واشتياق، وتارة أخرى يعاتبها عتابا رقيقا لا يصدر إلا من محب غلبه الشوق، ويقول غسان في أول رسائله إلى غادة: "إنني أحبك.. الآن أحسها بشكل عميق أكثر من أي وقت مضى، الآن أحس هذه الكلمة التي وسخوها، كما قلت لي والتي شعرت بأن علي بأن أبذل كل ما في طاقة الرجل أن يبذل كي لا أوسخها بدوري".

ورسالة أخرى يشكوها فيها عن متاعبه: "عزيزتي غادة.. مرهق إلى أقصى حد ولكنك أمامي هذه الصورة الرائعة التي تذكرني بأشياء كثيرة عيناك وشفتاك وملامح التحفز التي تعمل في بدني مثلما تعمل ضربة على عظم الساق، حين يبدأ الألم في التراجع، سعادة الألم التي لا نظير لها".

ويحدثها عن ولعه واشتياق قائلا: "أفتقدك يا جهنم، يا سماء، يا بحر أفتقدك إلى حد الجنون.. إلى حد أضع صورتك أمام عيني وأحبس أنفاسي كي أراك.. عرفت كثيرا أية سعادة أفتقد إذ لا أكون معك، لقد تبقت كرات صغيرة من الصوف الأصفر على بذلتي، تشبثت بي مثلما أنا بك".

وفي رجائه لها، يقول كنفاني: "أرجوك دعيني معك، دعيني أراك.. إنك تعنين لي اكثر مما أعني لك، أعرف أن العالم ضدنا معا، ولكنه ضدنا بصورة متساوية، فلماذا لا نقف معا في وجهه؟ كفي عن تعذيبي، فلا أنا ولا أنت نستحق أن نسحق على هذه الصورة، أما أنا فقد أذلني الهروب بما فيه الكفاية، ولا أقبل به بعد.

 

Dr.Randa
Egypt Air