نجح مسلسل «الاختيار» على مدار عامين فى استعادة التوازن والزخم الدرامي.. وإعادة المشاهد المصرى إلى الشاشات بنسب غير مسبوقة.. وأصبح «الاختيار» حديث الصباح والمساء فى الشارع العربى ومختلف الأجيال من الصغار والشباب.. وتصدى هذا العمل الفريد لكل مظاهر الغزو الثقافى الممنهج والمدفوع لاحتلال وتزييف العقول.. والكشف عن طبيعة حياة وعقيدة أبطال الجيش والشرطة وترسيخ الولاء والانتماء لدى أبنائنا وشبابنا.
مرحلة فاصلة فى تاريخ الدراما المصرية.. استحوذت على اهتمام ومتابعة المواطن المصرى لتجسد رسائل عميقة على طريق بناء الوعى الحقيقى
«الاختيار».. والأهداف الثمينة
يوم الجمعة الماضى جمعنى طعام الغداء مع أسرتى وهى من المرات القليلة بسبب ظروف العمل، قالت زوجتى لقد اقترب شهر رمضان.. وبطبيعة الحال امتد الحوار عن «طلبات» الشهر الكريم.. وإخراج الفانوس الكبير وزينة رمضان استعداداً لتعليقها فى البلكونة.. انها طقوس مصرية جميلة.. لكن كان السؤال المفاجئ من ابنى صاحب الـ 14 «ربيعاً قائلاً»: يا بابا هو فى جزء ثالث من مسلسل «الاختيار هذا العام؟».. أجبته نعم هناك جزء ثالث فتهلل سعيداً ومستبشراً.. خاصة أننى لا أنسى مشهد أولادى أمام التليفزيون خلال عرض المسلسل على مدار عامين سواء فى الجزء الأول أو الثانى وتذكرت دموع وبكاء أولادى الصغار خلال الحلقة الأخيرة التى شهدت استشهاد البطل العقيد أ.ح الشهيد أحمد المنسى والبطولات التى قدمها رجال القوات المسلحة فى صد هجوم الإرهابيين على كمين البرث، وأتذكر بعدها أمنيات أبنى عمر ومحمد فى الالتحاق بالكلية الحربية وأن يصبحا مقاتلين ضمن أبطال الصاعقة المصرية وأن يكونا مثل البطل المنسى الذى سطر أروع البطولات دفاعاً عن وطنه وأرضه وقدم روحه هدية لهذا الوطن.
الحقيقة ان سؤال عمر عن وجود جزء ثالث من مسلسل الاختيار الذى قدم على مدار عامين متتاليين ملحمة بطولات رجال الجيش والشرطة فى الدفاع عن الوطن جعلنى أتوجه بالتحية والتقدير للقائمين على هذا العمل الوطنى الملحمى الذى يعيد بناءً.. حقيقياً للوعى والفهم وترسيخ الولاء والانتماء لدى أبنائنا.. وحقق نجاحات غير مسبوقة وأعاد المشاهد المصرى إلى الدراما المصرية واستعادة أمجادها.
الحقيقة ان مسلسل الاختيار حقق على مدار عامين أهدافاً ثمينة لا تقدر بمال خاصة على مستوى بناء الوعى الحقيقى.. وبناء الشخصية المصرية على أسس قوية من البناء والانتماء والارتباط بالوطن والأرض.
«الاختيار» يمثل قفزة كبيرة وهائلة فى مجال الدراما المصرية والعربية حققت عشرات الأهداف المهمة لعل أبرزها استعادة زخم وتوهج الدراما المصرية على صعيد المنطقة العربية والإقليمية وأيضا خطفت اهتمام المشاهد المصرى وأجبرته على العودة من جديد إلى الشاشات المصرية.. وهنا نستطيع أن نقول بثقة إن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية نجحت فى استعادة مكون مهم من مكونات القوى الناعمة المصرية.. وقرأت متطلبات بناء الوعى الحقيقى لدى المصريين بشكل جيد.. ونشطت من جرعات الولاء والانتماء لدى الشعب خاصة الصغار والشباب فى توقيت بالغ الدقة تتعرض فيه مصر لحملات وهجمات وحروب من الغزو الثقافى الذى يروج لأوهام بعض قوى الشر من خلال أعمال درامية تحاول تزييف العقل والوعى المصري.. لذلك فإن من أروع مكاسب ونجاحات مسلسل «الاختيار» أنها أقصت الدراما الموجهة إلى عقول ووعى المصريين ونجح الاختيار بإبداعه ومضامينه ونجومه فى الاستحواذ على اهتمام وعقول ومتابعة المصريين.. وهو ما نجح فى بناء حالة متوهجة من الإدراك والفهم والإعجاب لدى أبنائنا وصغارنا وشبابنا للدرجة التى وصلوا فيها إلى حلم أن يكونوا ضباطاً فى الجيش والشرطة ومغرمين بنموذج البطل المنسى والمقدم زكريا الشخصيات الوطنية وأيضا باقى النماذج التى عطرت تاريخ وكفاح مصر بالبطولات والتضحيات.
كان «الاختيار» ومازال هو السلاح القوى الذى تصدى بعبقرية لكل محاولات التضليل والتزييف والاختطاف والغزو الثقافى سواء بمحاولة جذب الإعجاب المصرى بالنماذج المصطنعة لإيصال رسائل خاصة تمهيداً لتسويق أطماع إقليمية.
«الاختيار» فى الجزءين الأول والثانى كشف بوضوح عدالة القضية المصرية فى الدفاع عن الوطن والأرض والتصدى بشجاعة للمؤامرات والمخططات.. وتجسيد القدرة المصرية على دحر وكسر إرادة جماعات وخفافيش الظلام من الجماعات والتنظيمات الإرهابية التى تعمل لصالح الخارج ووضح ذلك فيما قدمه أبناء مصر من أبطال الجيش والشرطة من بطولات فذة وشجاعة فريدة وتضحيات نادرة جسدها «الاختيار» على مدار عامين متتاليين.
الحقيقة أيضا أن مسلسل «الاختيار» كشف الجانب الآخر فى حياة أبطال الجيش والشرطة من القادة والضباط وكيف يتحملون الصعاب والظروف القاسية من أجل هذا الوطن.. وأنهم مثل أى مواطن مصرى لديه تحديات ومتطلبات وأوجاع أسرية ومشاعر وعواطف إنسانية.. وعطاء وعلاقة مع المولى عز وجل.. لكنه فى نفس الوقت لديه مهمة مختلفة ومقدسة تتطلب أن يكون متفرغاً تماماً.. وكل حياته من أجل إنجاز عمله الذى يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصلحة ومصير الوطن والشعب.. ويكشف «الاختيار» كيف يضحى رجال الجيش والشرطة بكل شىء على كافة المستويات سواء الشخصية أو العائلية والأسرية من أجل أن يعيش الناس فى أمن واستقرار.. والمسلسل أكد رسالة مهمة .. أن ما نحن فيه ما كان ليتحقق لولا تضحيات وبطولات أبطالنا من الشهداء الأبرار وبطولات رجال الجيش والشرطة.
مسلسل «الاختيار» حالة خاصة وفارقة فى تاريخ الدراما المصرية، جاء فى توقيت شديد الدقة كانت مصر فى حاجة ماسة إلى مثل هذه الأعمال وهى تواجه تحديات خطيرة من كل حدب وصوب وأخطرها محاولة تزييف الوعى المصرى.. واختطاف الهوية ونشر الشائعات والأكاذيب لكن مسلسل الاختيار تصدى لكل ذلك بعبقرية من خلال بطولات وأمجاد وتضحيات ولدت من رحم الواقع لتعيد البعث من جديد لتوهج الدراما المصرية.. وتستحوذ على اهتمام المشاهد المصرى والعربى وتقصى كل الدراما المستوردة والموجهة وتحقق حالة من الاكتفاء والإشباع الدرامى لدى المشاهد المصرى الذى عاد والتف من جديد حول الشاشات ليحصل على جرعات ناجعة من الوعى الحقيقى لمواجهة كم هائل من التحديات.
لم يكن إنتاج «الاختيار» أمراً اعتباطياً أو عبثياً أو عملاً درامياً مباشراً ولكنه امتلك كل مقومات الإبداع فى مضمونه وخطوطه الدرامية وبنائه الفكرى ومواهب نجومه ونجاحهم فى تقديم رسالة العمل بشكل جذاب لتجسيد بطولات من على أرض الواقع وليست من خيال الكاتب ولكنها صِيغت بنسق درامى تفوق على نفسه وخطف قلوب المشاهدين.. واستحوذ على عقولهم وبنى جسور الثقة فى قدرة الدراما المصرية وشكل مرحلة جديدة من الوعى الحقيقى ورسم ملامح قوية فى الولاء والانتماء المصرى وقدم ضباط ومقاتلى الجيش والشرطة بصورة طبيعية وواقعية حتى عرف وأدرك المشاهد المصرى طبيعة عمل هؤلاء الأبطال وتضحياتهم وإنسانيتهم ومشاعرهم وعواطفهم وكيف تم بناء هذه الشخصية المصرية الوطنية شديدة العطاء والتضحيات من أجل الوطن.
الحقيقة ان سؤال أبنائى الصغار عن وجود جزء ثالث أم لا من الاختيار يكشف أن العمل محفور فى الذاكرة لدى الأجيال الجديدة والشباب يحفظونها عن ظهر قلب.. ويؤمنون بمضامينه.. ويحلمون أن يكونوا يوماً ما مثل المنسى وزكريا.. وهذا يعكس قمة النجاح وذروة الولاء والانتماء الذى عمقه المسلسل فى الوجدان المصرى ومن المهم أن ندرك أهمية تشكيل الشخصية المصرية وبناء مكوناتها وغرس الولاء والانتماء فيها من خلال أعمال درامية وطنية تمتلك عبقرية العرض تتوفر لها كافة الامكانيات لتخرج بهذا الشكل الرائع الذى خرج به مسلسل الاختيار.
«الاختيار» يمثل مرحلة فاصلة ما بين التوهج الدرامى الذى أحدثه المسلسل وبين المرحلة أو السنوات التى سبقت المسلسل خاصة فى نوعية الدراما الاستهلاكية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع سوى ترويج لأفكار تشكل خطراً على المجتمع ولا تفيد المواطن خاصة مسلسلات العنف والبلطجة والمخدرات.. لكن مسلسل (الاختيار) نجح فى جذب عقول واهتمام المصريين من خلال أسس محترمة وأرضية فكرية وطنية وخلقت حالة من الرقى الدرامى المنتبه لأهداف الوطن.. وتحديات العصر ومتطلبات بناء الوعى الحقيقى.. والإشباع الفنى الإبداعى.
استحواذ مسلسل «الاختيار» على مدار عامين على اهتمام ومتابعة المشاهد المصرى وبنسب غير مسبوقة بل فى جموع الوطن العربى يحمل رسائل كثيرة ومعانى غزيرة خاصة فى النجاح غير المحدود الذى حققه المسلسل ومدى تقبل المشاهد المصرى للإبداع الحقيقى وإقباله عليه.. وكذلك نجاح المسلسل فى التصدى لدراما الغزو الثقافى المصدرة إلينا عن عمد ومحاولات ربط المشاهد المصرى بها بالاضافة أيضا أن مسلسل الاختيار عكس حالة التقدير والحب العميق والوعى برسالة رجال وأبطال الجيش والشرطة.. كما أنه زاد مؤشر الولاء والانتماء .. وكشف الحقيقة بوضوح حول نوايا وأهداف وعقيدة قوى الشر وجماعات الإرهاب بأسلوب وتناول عبقرى راق وجذاب من خلال بناء درامى مبدع وأيضا تعريف المشاهد المصرى بطبيعة حياة ضباط الجيش والشرطة ورسالتهما فى الدفاع عن الوطن وحمايته ومدى التضحيات التى ببذلونها من أجل مصر وشعبها، ونجح «الاختيار» أيضا فى طرد الدراما الاستهلاكية السطحية وخلق ذوق عام رفيع المستوى يبنى وعياً حقيقياً.
إن سؤال الأطفال والشباب عن وجود جزء ثالث من «الاختيار» فى اعتقادى هو معنى رائع يجسد أن العمل محفور فى أذهان ووجدان الأجيال الجديدة التى أتاح لها المسلسل التعرف على عشرات الحقائق الوطنية وترسيخ الولاء والانتماء فى أعماقهم.. لذلك فإن القائمين على العمل يستحقون التحية والتكريم على هذا الإنجاز الكبير.. والفارق فى مسيرة بناء الوعى وتشكيل الوجدان وترسيخ الولاء والروح الوطنية فى توقيت بالغ الدقة.
تحيا مصر