الخميس 23 مايو 2024

من آن لآخر

مقالات7-3-2022 | 21:13

تواجه العالم تحديات قاسية من رحى كورونا وتأثيراتها.. إلى أتون الأزمة «الروسية- الأوكرانية».. تداعيات خطيرة على الدول والشعوب خاصة الظروف الاقتصادية التى ألقت بظلالها على الجميع من زيادة أسعار الطاقة بعد وصول سعر برميل البترول إلى أرقام فاقت الضعف قبل الأزمة.. والتضخم الذى سببته الجائحة وهو ما يتطلب حملاً ثقيلاً.. وميزانيات ضخمة اضافية حتى لا يشعر المواطن بالمعاناة أو النقص أو العجز.

كما تتحمل الدولة مسئولياتها.. فالمواطن أيضا مطالب بالمشاركة بالوعى والترشيد وإعادة النظر فى الثقافة الاستهلاكية.. وتجنب الهدر وتغيير النمط المعيشى بحيث لا يشعر بتداعيات الأزمة والتركيز على الأساسيات.. والمواطن أيضا هو التاجر والمنتج لذلك مطلوب الابتعاد عن الأنانية والانتهازية والجشع والاحتكار وتطبيق مبدأ «بع أكثر بسعر مناسب وهامش ربح معقول تربح أكثر».

الأسرة المصرية أيضا مطالبة بإعادة النظر فى أنماطها الاستهلاكية والابتعاد عن الإسراف والهدر والتخزين فالدولة لن تسمح بعجز أو نقص فى أى سلعة أساسية لكن لابد ان نتعاون ونعى ما تتحمله موازنة الدولة فى سبيل ذلك من تكلفة.

هناك أيضا ضرورة حتمية.. هى أنه فى هذه الفترات تكثر الشائعات والأكاذيب ممن ينتظرون إلحاق الضرر بنا من أعداء هذا الوطن فحتى نعبر الصعاب مطلوب أن نكون واحداً بوعى وإدراك وفهم.

بعض الرؤى والأفكار نطرحها لعلها تصلح 
لأن تكون طاقة فى مواجهة الصعب
الدولة والمواطن .. وعبور الصعب


يواجه العالم تحديات غاية فى الصعوبة جاءت بتداعيات قاسية على الدول والشعوب فما بين مطرقة جائحة كورونا وسندان الأزمة «الروسية- الأوكرانية» هناك تأثيرات اقتصادية مريرة فى ظل حالة الاغلاق التى أوجدتها الجائحة وحالة الأضرار الجسيمة التى سبَّبتها الأزمة ارتفعت تكلفة الإنتاج وزادت الأسعار وتصاعد التضخم بشكل يخلق معاناة كبيرة للدول والشعوب.

فعلى سبيل المثال وصل سعر برميل البترول إلى ما يلامس الـ 140 دولاراً فجأة بسبب الأزمة «الروسية - الأوكرانية» وهو ما أحدث ارتباكاً كبيراً فى كثير من دول العالم التى وضعت فى موازناتها المالية ميزانية الطاقة على أساس 65 دولاراً لبرميل البترول وكذلك ارتفاع أسعار القمح فى ظل الأزمة بين بلدين هما من أكبر مصدرى القمح فى العالم.. كل هذه المتغيرات المفاجئة ألقت بظلالها وتداعياتها وحملت الدول ما لا تطيق.

أعتقد أن جميع دول العالم كبيرها وصغيرها يدفع الثمن جراء الجائحة ومن بعدها التداعيات الحادة للأزمة الروسية-الأوكرانية ومن هذا المنطلق على الشعوب أن تدرك وتعى أن ما يحدث ليس من باب خلق معاناة للناس وأنه ليس بيد الدول ولكن هو واقع خارج عن إرادتها وسيطرتها بسبب عوامل دولية الجميع يدفع ثمنها ويواجه تداعياتها.

من هنا على الشعوب أن تواجه هذه الظروف الطارئة بنوع من الوعى ومصارحة الذات والتفكير فى أساليب جديدة لتغيير أنماط السلوك الاستهلاكى والتخلى عن ثقافة الاهدار والبذخ والإسراف والحفاظ على التوازن من خلال مبدأ التركيز على الأساسيات والابتعاد عن الإنفاق على الشكليات والتوقف تماماً عن سلوك الهدر الذى كنا نقترفه فى الأوقات الطبيعية رغم أنه مرفوض فى كل الظروف والأوقات.

يعجبنى سلوك الغرب فى التعامل مع الحياة خاصة فى التوفير والتدبير فعندما يتجه أحدهم إلى الفكهانى يكتفى بحبات محدودة من بعض أنواع الفاكهة ولكن نحن فى مصر أو الشعوب العربية عموماً نزن من كل نوع خمسة كيلوات ناهيك عن ثقافتنا فى شراء العيش أو الخبز نشترى كميات كبيرة دون أن نتناولها وتفسد ويصيبها العطن ونلقى بها وبالتالى نهدر أموالنا فى أشياء تزيد على احتياجاتنا.. وهناك عادات فى مصر نشترى كيلو لحم ونأكل منه ربما ما لا يزيد على النصف أو ثلاثة أرباعه ونلقى بالباقى فى فاتورة الإهدار والإسراف فلماذا لا نشترى من البداية قدر حاجتنا الحقيقية أو نقسِّمها وفقاً لاحتياجاتنا فى كل وجبة.. وهذا ينطبق على كل شئ الأرز والمكرونة والخضراوات وغيرها لابد من سلوك مجتمعى أكثر توفيراً وتدبيراً وواقعية حتى نخفِّف من وطأة تداعيات الأزمات والصعوبات ولا نشعر بفروق الأسعار.
النقطة المهمة أيضاً هى التحلى بالضمير لدى التجار وعدم الجشع أو الميل للاحتكار فى هذه الظروف ولابد أن يتخلى البعض عن الانتهازية والأنانية ويدرك التاجر أنه ابن بيئته وظروفها فلو تفاقمت الأزمة لن يجد التاجر من يبيع له وسوف يتوقف حاله لكن المكسب القليل مع البيع الكثير يحقق عائداً أفضل من المغالاة والجشع فى الأسعار.. هذا من ناحية فعلى الجانب الآخر لابد من رقابة صارمة ودورية على الأسواق وأن تراعى الظرف العام.. وأيضاً السعر العادل للمستهلك بمعنى حق التاجر وحق المواطن..

وهناك بُعد ثالث الدولة المصرية نجحت فيه بامتياز فى أصعب الظروف وهو منافذ الدولة سواء التى تتيحها القوات المسلحة من خلال جهاز الخدمة الوطنية أو منافذ أمان التى تقدمها وزارة الداخلية بالإضافة إلى منافذ وزارتى التموين والزراعة وحققت نجاحات كبيرة فى تخفيف المعاناة عن المواطن بتقديم سلعة بجودة عالية وسعر أقل لذلك فى اعتقادى المنافذ لابد أن تتوسع وتنشط وتتواجد سواء بشكل ثابت أو متحرك لتوفير احتياجات المواطنين وفق المعادلة العبقرية جودة أعلى وسعر أقل.
المواطن أيضاً مطالب بالتخلى عن عادة  شراء الأكثر من احتياجاته ولا يجب الميل إلى التخزين لان ذلك يسبب أزمة ولا يحل مشكلة فكل شئ موجود فى أى وقت والدولة تعاملت مع كل احتمالات المستقبل ووفرت كل شئ بمخزون استراتيجى يكفى احتياجاتنا لعدة شهور وبالتالى فلا حاجة لنا أن نلهث وراء الشراء النهم بما يزيد على الأوقات الطبيعية..

الأمر المهم أيضاً أن يمتلك المواطن القدرة على التخلى والاستغناء بمعنى فى حالة زيادة سعر بعض السلع يمتنع عن الشراء ويبحث عن بدائل بالإضافة إلى أن هناك بدائل شعبية تخفف الضغط على اللحوم والبروتينات وتخصيص أيام فى الأسبوع لكل نوعية من الوجبات.

من أهم الظواهر السلبية والتى جاءت سريعاً وفى الوقت الذى أكدت فيه الدولة وجود مخزون استراتيجى من القمح بالإضافة إلى أننا على مشارف موسم حصاده إلا أن البعض اتجه إلى زيادة سعر رغيف الخبز السياحى أو الحر أو تخفيض حجمه ووزنه وهو الأمر الذى يستوجب رقابة وعدم ترك هذه الفئات التى لا تحصل على العيش المدعوم لعدم استحقاقها فريسة لجشع البعض.. وهناك اقتراح ربما يجد طريقه إلى الواقع إذا كان مجدياً.. فوزارة التموين تستطيع إنتاج رغيف خبز غير مدعوم تبيعه بأقل من سعر المخابز السياحية ويتحمل المواطن تكلفته بالكامل وأيضاً لا يمنع وجود هامش ربح ندعم به رغيف الخبز المدعوم بمعنى خذ من القادر ووفر له خدمة محترمة مطابقة للمواصفات والمعايير ومصدر ثقة واعط الأكثر احتياجاً والمستحق للدعم فربما يتكلف الرغيف السياحى مثلاً.. مثلاً «٧٠» قرشا وتبيعه الوزارة بجنيه للراغبين وهنا عائد 30 قرشاًً نستطيع من خلاله أن نوفر بعض ما تتحمله الدولة من ميزانيات هائلة لدعم الرغيف المدعوم والذى يشتريه المواطن بـ خمسة قروش رغم أنه يتكلف أكثر من 70 قرشا ويتعرض لعمليات هدر من المواطنين وانتهازية وألاعيب بعض أصحاب المخابز ولسنا بصدد الحديث فى هذا الأمر الآن لأنه شائك والدولة فيه طرف مظلوم.

ما أريد أن أقوله إن وزارة التموين تستطيع أن توفر رغيف خبز سياحى غير مدعوم للفئات غير المستحقة وترتضى هذه الفئات أن تشترى بهامش ربح بسيط لأنه فى كل الأحوال سيكون أفضل من أصحاب المخابز السياحية الذين يتفننون فى استغلال حاجة الفئات غير المستحقة للدعم سواء بزيادة سعر الرغيف مع عدم جودته أو تصغير وتخفيض حجمه.

السؤال المهم لماذا لا تقدم وزارة التموين على تحويل جميع المخابز على مستوى الجمهورية طبقاً لحاجة سكان وطبيعة كل منطقة على إنتاج الرغيف السياحى من بعد الخامسة مساء حتى تكون انتهت من إنتاج الرغيف المدعوم وتصبح الفترة المسائية مخصصة للرغيف السياحى وتحدد الوزارة سعره بما يضمن هامش ربح لصاحب المخبز والوزارة والاتفاق على مواصفات لهذا الرغيف لا يتم التفريط فيها وأيضاً المتابعة والرقابة على هذه المخابز.

ولا أدرى هل لدى الوزارة مخابز أو هناك مخابز حكومية تتبع بعض المؤسسات يمكن أن تنتج رغيف الخبز السياحى الفاخر أو المطابق للمواصفات بتكلفته وتبيعه للمواطن بهامش ربح وسيكون فى هذه الحالة أفضل من منتج المخابز السياحية وأكثر جودة وبسعر معقول وعادل وممكن إتاحة رغيف الوزارة والسياحى فى المتاجر والسوبر ماركت أو لدى الموزعين أو منافذ الدولة.

إذا غيرنا ثقافاتنا وعاداتنا وانماطنا الاستهلاكية.. نستطيع أن نوفر الكثير ونتجنب الكثير من الأزمات والمعاناة.. فبالعقل والتوازن والترشيد وعلم الأولويات تمضى الأمور طبيعية وأيضاً إذا أمتلك كل من يبيع ويتاجر فى سلعة الضمير الحى واليقظ سوف نربح الكثير والكثير فالخيارات كثيرة.. لكن الحقيقة الثابتة أن الدولة تفعل ما فى وسعها حتى لا نشعر بأى أزمة أو نقص وتفوقت على الجميع فى استباق الأحداث والأزمات ووفرت كل شئ بدون عجز أو نقص فى كل الاحتياجات لكن الكرة فى ملعبنا يمكننا أن نعبر الأزمات إذا ما احسنا التعامل والتفكير.

أتمنى ان نتخلص من عادة التخزين غير المبرر ونحصل على احتياجاتنا ولا داعى للقلق فلدينا دولة تعمل حساب كل صغيرة وكبيرة.. وتجيد قراءة المستقبل وتقدير الموقف واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم حدوث أى مشكلة والحقيقة هذه عقيدة «مصر ــ السيسي».

 يبقى أمر مهم فى الأزمات والمشاكل الدولية والعالمية تنشط الشائعات والأكاذيب ومحاولات بث الفتنة والوقيعة لذلك علينا أن ننتبه ونعى وندرك أن هناك أهدافاً خبيثة يعمل على تحقيقها أعداء مصر ومن أهم وأقذر أدواتهم منابر الإخوان المجرمين التى تفتقد لأدنى معايير الشرف والعفو.

تحيا مصر