السبت 23 نوفمبر 2024

حتى لا تطير أعمارُكم مع الدُخان !

.

20-6-2022 | 18:02

كتب : احمد عبد العزيز

استأمننا الله عز وجل على صحة أجسادنا، وهي أعظم الأمانات لو يعلم الناس، فالإنسان سوف يُحاسب على كل كبيرة وصغيرة ومن ثمّ سوف يُكافأ إن اعتنى بصحته، وسوف يُجازى إن أهمل أو لا قدر الله ودمر صحته، وعندما يتعلق الأمر بصحة جيل الشباب فإن الإهمال لا يطول الشاب أو أسرته فقط بل يطال المجتمع كله. وما أكثر وسائل تدمير صحة الشباب بدءًا من التدخين والمخدرات مرورا بما هو أكبر.!
الدكتور أيمن العزونى استشارى الأمراض النفسية والمخ والأعصاب يؤكد أن أبرز ما يدمر صحة الشباب هوالمواد المخدرة، موضحا أن التدخين هوالباب الأول لهذا الطريق خاصة بين فئات المراهقين والشباب فى سن صغيرة مُرجعا هذه الظاهرة إلى العديد من العوامل النفسية والاجتماعية، ولعل أبرز هذه العوامل وأكثرها انتشارا  رفقاء السوء وخاصة فى فترة المدرسة والجامعة، فاستجابة الشاب لأصحاب السوء هي فى حد ذاتها خلل ليس فقط فى سلوك هذا الشاب وإنما تقع المسئولية الكبيرة على أسرته وعلى نمط التربية السيئة القائمة إما على التهميش أوالقسوة الزائدة أوالتدليل المُفرط ما يجعل الشاب ضعيف الشخصية وعرضة لهذه الأخطار.
ويشيرالعزوني إلى أن الشاب يجد فى التدخين أوالمخدرات فرصة لإخراج طاقة احتجاج مكبوتة فى شكل سيجارة أومخدر موضحا أن تربية البيت هى المرحلة الأولى والأهم على الإطلاق فى حماية الشباب من خطر التدخين والمخدرات، إضافة إلى عوامل أخرى مثل عدم الشعور بالأمان أوالرغبة فى كسب القبول الاجتماعي فغالبًا ما يشعر المراهقون وغيرهم بأنهم لا يُقهرون وربما لا يتدبرون عواقب أفعالهم ما يودي بهم إلى المجازفة الخطيرة بتعاطي المخدرات وأيضا الإصابة بمشكلة صحية عقلية أوسلوكية مثل الاكتئاب أوالقلق أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة مثلا ومع وجود أيضا بعض السلوكيات القهرية أوالمنطوية يصاب بها الشاب.
ويركز على أن هناك مثلا سوابق التعرض لأحداث صادمة مثل التعرض لحادث سيارة أوالوقوع ضحية لسوء المعاملة وأيضا  قلة تقدير الذات والشعور بالرفض الاجتماعي فكلها عوامل مكتسبة تسبب الإدمان وتسبب عواقب وخيمة قد تدمر حياة الشخص.
ويشرح العزوني أن النشاط الجنسي عالي الخطورة يرتبط بتعاطي المخدرات إضافة إلى الجنس غير الآمن والحمل غير المخطط له مسبقا، وأحيانا كثيرة يسبب الضعف وأيضا خطر القيادة تحت تأثير أي مخدر يمكن أن يقلل من المهارات الحركية للسائق وتُعرض السائق والركاب وغيرهم من الموجودين على الطريق للخطر، وأيضا الفشل الدراسى نتيجة غياب التركيز والشغف فى الدراسة وتحقيق نجاح بها، ولذلك دائما ما نطالب الأسرة وأولياء الأمور والزوجة والزوج وغيرهم بضروة سرعة التعامل عند ملاحظة أواكتشاف تغير فى سلوك الشاب أوالشخص واكتشاف تعاطيه المخدرات وخاصة فى مرحلة الإدمان ضرورة المتابعة مع المصحات النفسية والعلاجية للمخدرات.
ويكشف أن  الدولة وفرت وأنجزت كثيرا فى هذا الملف مع تخصيص أرقام وتوفير الإرشادات اللازمة للتعامل مع الشخص المدمن وتوجيهه إلى المؤسسات المعينة لعلاجه ومع  ضرورة أيضا وجود دعم نفسى من المحيطين به وتأجيل أى لوم أوتوبيخ بحق هذا الشخص إلى أن يصل إلى مرحلة التعافى.
وتقول الدكتورة أمانى أبوزيد اخصائى أمراض الصدر والحساسية: إن الاختيار بين الصحة والهلاك هوالوصف الأنسب لما يحدث لبعض الشباب مع التدخين والمخدرات، فالاختيار هنا مسئولية كل شخص يفكر أن يقبل على التدخين والمخدرات أويمتنع عنهم من الأساس مع العلم أن الهلاك لن يصيبك وحدك فى هذا المرض فأنت هنا تتحمل مسئولية صحة العديد من الأشخاص حولك، ولعل أبرز هذه العواقب  مرض الانسداد الرئوى المزمن، فهذا المرض الذي يصاب به معظم المدخنين ومتناولى المخدرات يهاجم الرئة مباشرة فيحدث انسدادا فى الشعب الهوائية أثناء خروج الهواء من الرئة وهو يصيب أغلبية المدخنين فى المقام الأول، وكان سابقا يصيب الرجال أكثر من النساء، ولكن فى الآونة الأخيرة أصبحت النسبة متساوية تقريبا لزيادة عدد المدخنين من النساء.
ويعتبر الاستعداد الجينى أوالوراثى - حسب كلامها- من الأسباب التى تؤدي إلى هذا المرض ونستطيع أن نقول إن كل المدخنين بلا استثناء معرضون لهذا المرض، والذى يعتبر  نهاية كل مدخن وتتمثل أهم أعراضه فى ضيق التنفس والإصابة بالنهجان وثقل فى التنفس ويلاحظ المريض هذا بنفسه عند طلوع درجات السلم بعد أن كان سابقا لا يعانى من هذا الشئ هذا بجانب السعال وإفرازات البلغم باستمرار دون توقف، وهذه الأعراض ليست مقتصرة على المدخن فقط فالشخص المجاور له يتعرض أيضا لهذه الأعراض كالأب الذى يدخن وسط أطفاله باستمرار والشخص الذي يدخن بجوار المحيطين به فى العمل فنجد أنهم يتأثرون بهذه الأعراض وتعتبر السن المعرضة لهذا المرض تبدأ من 30 إلى 35 سنة ويستمر حتى نهاية العمر.
تشير الدكتورة أماني أبوزيد إلى أن أولى خطوات العلاج من هذا الأمر تتمثل فى الامتناع التام عن التدخين فى المقام الأول لمنع تطور المرض وإعطاء فرصة أفضل للاستجابة للعلاج السريع وهنا بالتأكيد بعض الأشخاص لا يستطيعون التوقف عن التدخين نهائيا ويكون الحل هنا أخذ العقاقير التى تعمل بدورها على توسيع الشعب الهوائية سواء عن طريق الأقراص أوالبخاخات، وأيضا استخدام الكورتيزون واستخدام أدوية مزيلة للبلغم باستمرار وكل ما سبق يعتبر الشق الدوائي للعلاج، وهناك شق آخر لا يقل أهمية عن الشق الأول وهوإدخال المريض فى مرحلة التأهيل للعلاج عن طريق التحفيز والتذكير بالمنافع الناتجة عن التوقف عن التدخين سواء منافع جسدية أونفسية أوأسرية وأيضا تشجيعه على ممارسة الرياضة باستمرار لإخراج الطاقة السلبية بداخله بشكل سليم وتناول الأكل الصحى ومتابعة العلاج باستمرار.
وتشدد أبوزيد على أن هناك جانبا مهما فى العلاج هوالجانب النفسى لأن بعض المرضى يدخلون فى مرحلة اكتئاب مزمن وحزن شديد نتيجة تدهور حالتهم الصحية، مما يدفعهم إلى الاستمرار فى التدخين وتفاقم الأضرار الصحية مع الأخذ فى الاعتبار أن مرض الانسداد الرئوى لا يقع ضرره على الصدر فقط وصعوبة التنفس وإنما لديه تأثير على باقى أعضاء ووظائف الجسم مثل الوهن وضعف العضلات والتأثير على انتظام النوم بشكل كاف، وأيضا يؤثر على القدرة الجنسية للمريض والقدرة الإنتاجية فى العمل فهذا المرض يجعل الأفراد غير فاعلين فى المجتمع، ويصبحون عبئا كبيرا على أسرهم وفى عملهم وتعتبر نسبة الشفاء من هذا المرض ليست عالية،  ولكن بانتظام العلاج يمكن السيطرة على الأعراض والتحكم فيها وليس الشفاء منها بالكامل، وهناك بعض الحالات التى تحتاج إلى التدخل الجراحى، وذلك عندما تصبح الرئة بها العديد من التليفات فى جزء منها  حيث يصبح هذا الجزء مشكلة، ويجب إزالتها مثلما يجب التدخل الجراحي حال وجود هواء خارج الرئة أى بين منطقة التجويف ما بين الرئة والقفص الصدري، وهذا الأمر يحتاج إلى تدخل جراحي فورى وتركيب أنبوبة لسحب الهواء خارج الرئة، وأخيرا هذا مرض يعتبر من أشد أنواع السرطان وهوسرطان الرئة.