28-6-2022 | 22:17
حوار: ندا يونس
حالة من الترقُّب المستمر الممزوج بالقلق تسيطر الآن على جميع دول العالم، من جرَّاء اندلاع مفاجئ لمرض نادرًا ما يظهر خارج إفريقيا، وقد بدأت حالة القلق هذه في الانتشار بعد أن رصدت السلطات الصحية في دول أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا عددًا من حالات الإصابة بمرض «جدري القرود» الفيروسي خلال الأيام الأخيرة؛ فهذه هي المرة الأولى التي ينتشر فيها المرض بين أشخاص لم يسبق لهم أن سافروا إلى إفريقيا.
وينتمي جدري القرود إلى عائلة الفيروسات نفسها المسببة للإصابة بمرض الجدري المعروف، ولكنه يسبب أعراضًا أكثر اعتدالًا؛ إذ يعاني معظم المرضى من الحمى وآلام الجسم والقشعريرة والتعب، وقد يطور الأشخاص المصابون، بمستوى أكثر خطورةً للمرض، طفحًا جلديًّا وبثورًا على الوجه واليدين يمكن أن تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية فى آخر اجتماعها ، والذي انعقد يوم 23يونيو الجارى أن عدد الحالات المصابة عالميا منذ مايو المنصرم وصل إلى 3200حالة إصابة وحالة وفاة واحدة، وذلك فى 48 دولة، وفى القريب سيتم إعلان ما أسفر عنه الاجتماع لتُحدِّد إذا كان سيتم إعلان جدري القرود حالة طوارئ عالمية.
وبالطبع آثارت كل هذه المستجدات القلق والخوف والترقب عالميا من تكرار جائحة أخري مثل كورونا، وكذلك زادت التساؤلات فى الأذهان حول هذا الفيروس وكيف ينتشر؟ وماهي أعراضه؟ وهل له علاج أو لقاح؟. كل هذه التساؤلات سيجيب عنها الدكتور أمجد الحداد رئيس قسم الحساسية والمناعة بهيئة المصل واللقاح..
وإلى نص الحوار.
ندا يونس
منظمة الصحة العالمية: 3200 حالة إصابة وحالة وفاة في 48 دولة
الحُمى وتكسير العظام وفقدان الشهية والطفح الجلدي من الأعراض
- في البداية نريد أن نعرف ماهو «جدري القرود»؟
جدري القرود هو فيروس حيواني المنشأ، ويطلق عليه أيضا «جدري النسانيس»، وأول ظهور له فى الفترة الحالية كان في نيجيريا ثم انتقل إلى بريطانيا من خلال مواطن نيجيرى أصيب بالعدوى عن طريق أحد القرود،وهذا الفيروس قديم وغير مستجد فقد ظهرت أول حالة له فى عام 1970وكانت فى دولة الكونغو،وينتشر فى الدول الإستوائية فى وسط وغرب إفريقيا،وكان يظهر فى صورة نوبات من التفشي تظهر وتختفى منذ عام 1970 وحتى الآن.
ينتمى إلى فصيلة الجدري وكان هناك نوع منه يسمى بـ(جدري البشر)وكان خطيرا جدا، ولكنه انتهى فى نهاية السبعينات بفضل منظومة اللقاحات.
- ماهى أعراض الإصابة به؟
يصاب الشخص فى أول 5 أيام بالحمى، آلام وتكسير فى العظام،هزال،فقدان للشهية،وبعد ظهور الحمى بيومين أو ثلاثة أيام يظهر طفح جلدى شديد جدا، ويكون بنسبة 95% فى الوجه،و75% فى الأغشية المبطنة لليدين والقدمين،ونادرا مايصيب باقى أجزاء الجسم، ولكن أيضا يمكن أن يصيب الأغشية المخاطية للفم أو الأنف أو العين والأعضاء التناسلية،وأيضا يتميز بالتهاب فى الغدد الليمفاوية فى الرقبة أو باقي أجزاء الجسم عموما.
- هل يمكن أن يكون فيروسا مميتا؟
لا،لأن نسبة الوفيات ضعيفة جدا ، ونسبة المضاعفات قليلة أيضا فهو فيروس غير خطير،والأخطر منه كان الجدري البشري ، حيث كانت نسبة وفياته عالية جدا مقارنة بجدري النسانيس.
- ما وضعه فى مصر؟
الحمدلله حتى الآن لم يتم تسجيل أية حالة إصابة به فى مصر بالرغم من أنه انتشر فى دول عدة على مستوى العالم.
فقد وصل انتشاره إلى 48 دولة بإجمالى إصابات أكثر من 3200 حالة إصابة.
- هل هناك فئات عمرية أكثر تعرضا لالتقاط العدوى؟
أى شخص يتعرض لشخص مصاب لفترة طويلة هو عرضة للعدوى،ولكن هناك فئات أكثر خطورة فى التعرض للمضاعفات وهم كبار السن،الأطفال،أصحاب الأمراض المزمنة،مرضى المناعة والحوامل.
- كيف تحدث العدوى؟
يعتبر فيروسا تلامسيا ويحتاج للاتصال المباشر بالمصاب،فى البداية ينتقل من القرود المصابة إلى الأشخاص الذين يتعاملون معهم، وخصوصا فى دول إفريقيا فى الغابات الاستوائية،ثم ينتقل من إنسان إلى آخر من خلال الملاصقة الوثيقة للشخص المصاب والتعرض لإفرازاته أو ملامسة جروح وقشور الجسم واستخدام أدوات المريض الشخصية،ويمكن أن تحدث الإصابة من العدوى التنفسية، ولكنها نادرة الحدوث.
- هل يمكن أن ينتقل من خلال الاتصال الجنسي؟
أشارت منظمة الصحة العالمية مؤخرا إلى أن البلاد التي تم تسجيل الإصابات بجدري القرود فيها حديثا ،تحدث حالات الإصابة في الأصل بين الرجال الذين لديهم اتصالات «مثل الجنس».
- كيف يتم التشخيص؟ وهل هناك فحوصات معينة يتم إجراؤها؟
التشخيص يتم من خلال التحليل العينى للإفرازات والتحليل الجينى،وكذلك من خلال متابعة الأعراض مثل التهاب الغدد الليمفاوية وظهور الطفح الجلدى الذى يؤكد التشخيص بصورة كبيرة جدا.
- ماهو التصرف السليم فى حالة إيجابية الإصابة بالعدوى؟
أولا يجب عزل المريض حتى لا تنتشر العدوى لأنه من الفيروسات المعدية كما ذكرنا،والمصاب يتعافى تلقائيا من المرض، والعلاج الذى يحتاجه يكون علاجا تكميليا يعتمد على الفيتامينات وخوافض الحرارة و التغذية الجيدة وشرب السوائل حتى يتعافى المصاب،وهناك استخدام لبعض العقاقيرالمضادة للفيروسات.
- مالفرق بينه وبين كورونا؟
كورونا فيروس مختلف تماما حتى فى أعراضه،حيث إن الطفح الجلدى لايكون شديدا مثل جدري القرود،ولكن الجديري المائي هو الذي قد يتشابه مع جدرى القردة ويتم التفرقة بينهما من خلال التهاب الغدد الليمفاوية فى جدري القرود والطفح الجلدى يكون عبارة عن بثور فى الوجه وأطراف اليدين والقدمين والأغشية المخاطية ويصيب الأطفال والكبار،أما الجدري المائي يكون الطفح الجلدى معبأ بالمياه فى جميع أجزاء الجسم مع ارتفاع درجة الحرارة ويصيب الأطفال بصورة أكبر.
- هل الأشخاص الذين حصلوا على لقاح الجدرى فى مرحلة الطفولة محصنون من الإصابة بجدرى القرود؟
يعتبر الأشخاص الذين حصلوا على تطعيم جدري البشر وليس الجدري المائي محصنون بنسبة 85%،وجدري البشر كان يتم التطعيم ضده قبل عام1980وأصبح غير موجود لأن المرض انتهى واختفي من العالم تماما.
- ماهو بروتوكول علاج جدري القردة؟وهل هناك لقاحات متوفرة له؟
العلاج يتمثل في إعطاء خوافض للحرارة، ومعالجة القروح والبثوروضرورة العزل الصحي للمريض كما ذكرنا، وعدم الاتصال الوثيق مع الشخص المصاب، وهناك لقاحات تقي من جدري القرود تمت الموافقة على واحد منهم، ومنظمة الصحة العالمية تعمل على توزيعه ،ويستخدم للأشخاص الأكثر تعرضا للخطر.
- هل سيتحوّل جدري القرود إلى وباء عالمي مثل كورونا؟
على الرغم من انتشاره في العديد من الدول وزيادة أعداد الحالات المصابة،إلا أن البعض يرجح عدم تحوله إلى جائحة عالمية،خاصةً في حال الاهتمام بالنظافة الشخصية والانتباه إلى السلوك الجنسي، ونحن فى انتظار قرار منظمة الصحة العالمية من إعلانه وباء عالمى أم لا.
- وأخيرا، كيف يمكن الوقاية من مرض جدري القرود؟
المحافظة على اتباع الإجراءات الاحترازية المتبعة خلال انتشار كوفيد مفيدة جداً في هذه الحالة مثل تجنب ملامسة الحيوانات الناقلة للمرض، وعزل المرضي المصابين لعدم انتشار العدوى وتجنب المخالطة الجسدية للمصابين وعدم استخدام متعلقاتهم الشخصية، والاهتمام بالنظافة الشخصية