آخر إحصاءات فى متناولنا تقول إن هناك قرابة الــ 50 مليون شخص يعاني الزهايمر حول العالم، ومرض الزهايمر هو السبب الأكثر شيوعًا للخَرَف، وعلميا هو حالة تتضمن انخفاضًا مستمرًّا فى التفكير والمهارات السلوكية والاجتماعية، ما يؤثر فى الشخص وقدرته على العمل بشكل مستقل. الجديد هنا أن هذا المرض قد بدأ يصيب بعض الشباب، فماذا عنه وكيف يمكن الوقاية من الإصابة به فى أى مرحلة عمرية؟ فى البداية يقول الدكتور ساهر هاشم أستاذ الأمراض العصبية بطب قصر العيني: إن الزهايمر عبارة عن ضمور فى خلايا المخ فى كلٍ من الفصوص الأمامية والجانبية المسئولة عن بعض النشاطات مثل الذاكرة والذكاء والكلام والسلوكيات...إلخ. يأتي هذا الضمور نتيجة تسرب أنواع ضارة من البروتينات فى خلايا المخ وزيادة عدد الألياف العصبية مما يؤدي إلى فقدان هذه المراكز العصبية، وعادة ما يحدث ذلك نتيجة خلل فى الجينات الموروثة من الأهل بنسبة من 60 إلى 70% وتسمى هذه الجينات (بريسينيلين 1 و2). ويمر مريض الزهايمر بثلاث مراحل للإصابة- طبقًا للدكتور ساهر هاشم- وهم : المرحلة الأولى: تتسم بتأثر الذاكرة (القصيرة) وأهمها النسيان، فمثلاً ينسى المريض وضع الأشياء فى مكانها ونسيان أشهر أفراد العائلة والارتباك البسيط عند حدوث مواقف مألوفة له، وفى تلك الحالات يمكن للأسرة والمقربين فقط ملاحظة تلك التغيرات. المرحلة المتوسطة: صعوبة أكبر فى تذكر المعلومات مثل نسيان ما قرأه فى الجريدة صباح اليوم وزيادة الارتباك فى المواقف المألوفة، بالإضافة لحدوث مشاكل فى النوم مع الشعور بالأرق والتوتر، كما يصاب بمشاكل فى تحديد أماكن الأشياء والمواقع. المرحلة المتأخرة: وهي الأسوأ حيث يزداد الأمر عند المريض فيزيد من تكرار نفس الحديث وينسى كيفية القيام بالأمور العادية مثل نسيان كيف يأكل. وهذا هو مرض الزهايمر الكلاسيكي الذي لا ينطبق على سن الشباب، وبالتالي يصعب لنا أن نطلق اسم (الزهايمر) على اختلال الذاكرة عند الشباب، ولكي تتأثر الذاكرة عند الشباب فهذا له أعراض مختلفة، ولكن لعرضها يجب أن نتحدث أولاً عن الذاكرة وأنواعها. ويوضح الدكتور ساهر بأنه بحلول عام 2050 سوف يرتفع عدد المرضى ليصل إلى حوالى 131 مليونا، وعادة ما تزيد وتتضاعف تلك النسبة مع كبر السن كل 5 سنوات لمن يتم تعريف المرض لديهم بخرف الزهايمر المبكر الذي يبدأ بعد سن الخمسين، وتتضاعف نسبة حدوثه كل 5 سنوات إضافية من عمر الإنسان، حيث تجد أن أعلى نسبة من المرض تكون فوق الـ 90 عاماً، ومن هنا يتضح لنا أن مرض الزهايمر لا يصيب الشباب فى سن البلوغ والعشرينات حتى بداية الأربعينات. يوضح أستاذ الأمراض العصبية أن هناك 7 أسباب لضعف الذاكرة عند الشباب تتلخص فى التالي: - الأرق وقلة النوم: وذلك يؤدي إلى تقلبات مزاجية نتيجة للقلق والاكتئاب مما يؤثر على الذاكرة سلبياً، كما أن ذلك يسبب الإصابة بارتفاع الضغط والسكر فى الدم، كما أن قلة النوم تسبب تصلب الشرايين، وبالتالي نقص وصول الدم بشكل كاف للمخ، ولقد أجريت بعض التجارب على الفئران الذين حرموا من النوم فوجدوا زيادة فى التكتلات الإميلويدية داخل المخ مما يسبب الإصابة بالزهايمر. - تأثير بعض الأدوية الطبية والمخدرات: مثل المهدئات والأدوية المستخدمة كمضادات الاكتئاب وبعض الأدوية المعالجة للكوليسترول. - أمراض الغدة الدرقية: من يشكون من النقص فى إفراز الغدة الدرقية يعانون من نقص التركيز وضعف الذاكرة، وفى الأطفال تؤدي إلى التخلف العقلي. - نقص الفيتامينات: مثل فيتامينات (ب1، ب6) وخاصة ب12 المسئول عن الأعصاب الطرفية والمخ. - الاكتئاب: ففى أوقات كثيرة يؤدي الاكتئاب إلى ما يسمى بالخرف النفسي الكاذب. - الأمراض العضوية للمخ: مثل الأورام والالتهابات المخية والعلاج الكيماوي للأورام ومرض نقص المناعة وإصابات الملاعب فى الرأس والجمجمة . - الصرع: الإصابة بمرض الصرع له تأثير كبير ومباشر على الذاكرة وبذلك يتبين لنا أن هناك الكثير من الأسباب التي تصيب الشباب وتؤدي للشعور بضعف الذاكرة ولا يشخص هذا بالزهايمر. الدكتور أحمد عبدالعزيز أبوحجر أستاذ الأمراض العصبية بكلية الطب جامعة قناة السويس يقول: إنه ليس كل من تضعف ذاكرته أو يفقدها يكون ذلك بسبب الإصابة بمرض “الزهايمر”، فهناك أسباب كثيرة نفسية وعضوية تؤثر على الذاكرة عند كبار السن والشباب أيضاً.. أولاً : الأسباب النفسية :- فبسبب الأحداث والمشاكل والضغوط المختلفة التي يمربها الإنسان فى حياته اليومية وخاصة الشباب والتي بدورها تؤدي أحياناً إلى الإصابة بحالة من الاكتئاب والقلق والإجهاد مما يتسبب فى صعوبة تحصيل المعلومات والأحداث، وبالتالي فعملية استرجاع المعلومة تكون منقوصة ويبدأ الشاب فى الشكوى من أنه لا يتذكر الأحداث والمعلومات بصورة جيدة، ولكن علاج الاكتئاب والتوتر كاف لمساعدة الشخص على تحسين قدرته على تحصيل المعلومات واسترجاعها . ثانياً : الأسباب العضوية: مثل خلل الهرمونات كهرمون الغدة الدرقية أو نقص الفيتامينات خاصة مجموعة فيتامين (ب) وإصابات الرأس المتكررة كما يحدث فى الرياضات العنيفة يؤدى تأثيره على المدى البعيد فى خلل وظائف الخلايا العصبية مما يتسبب فى فقدان القدرة على استرجاع الأحداث ويؤدى إلى فقدان الذاكرة، ومن الأسباب الشائعة فى مصر لحدوث فقدان الذاكرة: قصور الدورة الدموية للمخ، وتصلب الشرايين، ويحدث غالباً نتيجة التقصير فى متابعة وعلاج أمراض القلب والضغط والسكر مما يؤدي إلى فقدان تدريجي لخلايا المخ عن طريق حدوث جلطات صغيرة متكررة يبدأ بعدها المريض فى فقدان تدريجي للذاكرة . ويأتي المرض الشهير وهو داء “الزهايمر” على قمة مخاوف الناس خاصة مع التقدم فى السن، ويبقى أن نعرف بعض المعلومات عن هذا المرض: - ليس كل ما يسمى بفقدان الذاكرة عند كبار السن هو داء الزهايمر فمع كل ما تم ذكره من مسببات سابقة إلا أن هناك ضعفا بالذاكرة مرتبط بالسن فى بعض الأحيان، وهذا يعتبر مرضا حميدا لأنه لا يتطور إلى داء الزهايمر. - أما داء الزهايمر فهو ينتج عن ضمور فى خلايا المخ نتيجة تراكم مواد عضوية ضارة لا تستطيع الخلايا التخلص منها فتبدأ فى الموت التدريجي . - كما أن هناك بعض الجينات التي تتسبب فى حدوث داء الزهايمر مما يعني أن عامل الوراثة وارد فى ذلك المرض . ويضيف الدكتور أحمد عبدالعزيز أن العلم قد توصل إلى أن هناك أعراضا واضحة نستنتج من وجودها إصابة الشخص بمرض الزهايمر، وهذه الأعراض تتلخص فى التالي :- - حدوث مشاكل بالإدراك فينسى المريض أسماء الأشخاص والأحداث، ويكرر نفس الأسئلة والقصص والطلبات، كما لا يعرف الوقت أو المكان الذي يقيم فيه، ويجد أيضاً صعوبة فى التعبير عما يريده بالكلمات فتصبح لغته ركيكة وكلماته بسيطة للغاية، بالإضافة إلى أنه يجد صعوبة فى التركيز ويصبح شخصية انطوائية لا يهتم بالحديث أو التفاعل مع الناس، فيكون لسان حال كل من يعرفه “ أنه لم يعد كما نعرفه “. - كما تتأثر وظائفه الحيوية بشكل كبير فلا يستطيع استعمال الهاتف بمفرده أو خدمة نفسه واحتياجه الدائم لمساعدة شخص آخر فى نظافته الشخصية، وفى الحالات المتأخرة قد يعاني من التبول اللاإرادي، ويؤثر المرض على سلوكه الشخصي فيصبح دائم التهديد والوعيد بعصبية لمن حوله واستخدامه لألفاظ بذيئة بشكل واضح، سريع الغضب ومتوتر بشكل كبير، ولديه انفعالات غير محسوبة وكثيراً ما يعاني من حوله بكثرة الشك فيهم وشعوره الدائم باضطهادهم له . وللوقاية من أمراض الذاكرة ينصح الدكتور أحمد محمد عبد العليم أستاذ الأمراض العصبية بطب قصر العيني القراء والمسنين منهم بشكل خاص بالحفاظ على النشاط الذهني والعقلي فى القراءة والعمليات الحسابية وممارسة ألعاب الذكاء. ويحكى لنا أن أحد المرضى كان يمارس هواية الشطرنج ومع ذلك استمر بممارستها حتى بعد أن وصل إلى مرحلة متقدمة من المرض، ويوجد فى الوقت الحالي بعض العقاقير التي تساعد على تحسين وظائف الذاكرة عند مريض الزهايمر، وتقليل معدل تطور المرض بحيث يمكن للقائمين برعاية المريض التفاعل معه بسهولة، ولكن لم يتم التوصل حتى الآن لعلاج نهائي لهذا المرض، واتباع بعض الإرشادات العامة للحفاظ على الذاكرة وذلك بالابتعاد بقدر الإمكان عن التوتر والقلق والإجهاد والالتزام بالغذاء الصحي والفيتامينات وعلاج الاكتئاب فور حدوثه. ويتابع: يجب على أصحاب الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر والقلب الاهتمام بصحتهم وأخذ العلاج والمتابعة بصفة منتظمة لتفادي المضاعفات على المخ والجهاز العصبي مما يؤدي إلى اضطراب الذاكرة وفى حالة وجودها عند شخص مسن بالأسرة يفضل مراجعة الطبيب المختص فى أسرع وقت للقيام بقياسات القدرات الذهنية والتشخيص المبكر بداء الزهايمر، حيث يمكن الاستفادة بالعقاقير فى المراحل الأولية من المرض والمساعدة فى السيطرة على تطور المرض.