قال الأديب محمد خليل عضو اتحاد كتاب مصر، ورئيس نادي الأدب المركزي بالدقهلية، إن الأزمات لاتخلق مثقفين، لأن المثقفين موجودون في كل الأوقات توجد فقط فروق فكرية بينهم، وقد يستغل بعض المثقفين الأزمات لصالحهم ولصالح غيرهم وبمقابل مادي، لكن الأزمات تخلق مستغلين لها فتعلو أصواتهم ويتقدمون الصفوف والمنابر الإعلامية مقابل تحقيق الأهداف الخاصة.
وأضاف “خليل” في حوار خاص لـ “ الهلال اليوم “، أن علاقة الناشر بالمبدع في مصر علاقة غير سوية، فالناشر لا يهمه غير المكسب المادي، وقد يأتيه كاتب بين يديه كتاب ليست له قيمة كبيرة لكن هذا الكاتب يملك من المال ما يجعل الناشر يدفع به فورا إلى المطبعة دون النظر إلى القيمة الأدبية والإبداعية لهذا الكتاب، وفيما يلي نص الحوار:
في البداية نريد أن نلقي الضوء على مسيرة الأديب محمد خليل ؟
الشهر المقبل سوف أبدأ عامي الثاني والسبعين، بما يُعني أكثر من خمسين عاما ثقافة وإبداعا مقرونا بأنشطة اجتماعية ونقابية كثيرة ولسنوات طويلة أسفرت عن عدد من الكتب في مجالات إبداعية مختلفة، أصدرت رواية واحدة وهي أول أعمالي، ثم عدد من المجموعات القصصية أذيع معظمها بصوتي من البرنامج العام حتى منتصف الثمانينيات، ونشرت كلها تقريبا في عدد كبير من المجلات والصحف المصرية والعربية مثل مجلة الهلال والأهرام والجمهورية والمساء وأخبار الأدب والسياسي المصري والكاتب ومجلة الثقافة القديمة ومجلة الثقافة الصادرة عن هيئة قصور الثقافة ومجلة " ضاد " التي تصدر عن اتحاد الكتاب ومجلة عمال التجارة وصحيفة الأحرار ومجلة الجديد، ومجلة المجلة المصرية وخارج مصر في مجلة الفيصل السعودية والمسائية السعودية والشرق الأوسط السعودية التي تصدر من لندن ومعها مجلة " المجلة السعودية” الصادرة من لندن أيضا، ومجلة العهد القطرية، ومجلة دبي الثقافية ومجلات وصحف أخرى مختلفة إقليمية وغيرها، بالإضافة إلى الحوارات الإذاعية والتلفزيونية وحوارات أخرى بمجلات وصحف مصرية وعربية، كما شاركت في كل الإصدارات الصحفية التى صدرت فى محافظة الدقهلية،أيضا لي اهتمام بالمسرح فقدمت فكرة ( مهرجان مسرحة القصة القصيرة ) وتم تنفيذها عامين متتالين على مسرح المنصورة القومي ثم تم تنفيذ الفكرة بعد ذلك في اتحاد نشء وشباب العمال بالقاهرة.
وقد فاز أحد نصوصي المسرحية بجائزة أفضل نص مسرحي وهو نص بالفصحى ( ذئاب بنى مروان ) من الهيئة العامة لقصور الثقافة، والآن أرأس نادي الأدب المركزي للدقهلية لعدد كبير من الدورات، وما زلت حتى الآن رئيسا لجمعية رعاية المرضى غير القادرين وأسرهم في قريتى الأم.
- ماذا عن العلاقة بين الناشر والمبدع حاليًا في رأيك ؟
علاقة الناشر بالمبدع في مصر علاقة غير سوية، فالناشر لايهمه غير المكسب المادي ، وقد يأتيه كاتب بين يديه كتاب ليست له قيمة كبيرة لكن هذا الكاتب يملك من المال ما يجعل الناشر يدفع به فورا إلى المطبعة دون النظر إلى القيمة الأدبية والإبداعية لهذا الكتاب، وكاتب آخر يقدم كتابا متميزا يحتاج إلى الطبع فيتعاقد معه الناشر ثم يخدعه تجاريا بكل أساليب الخداع من حيث الكلام عن كمية المطبوع وما تم بيعه أو توزيعه حتى يضج الكاتب، ونحن نعرف جميعا أن الكاتب خارج مصر له قيمته الكبيرة وتقديره ويستطيع أن يعيش على إيراد كتاب واحد له بسبب مصداقية الناشر والالتزام بالقانون وسلامة الضمير وأهمية الثقافة عند القراء.
- هل أضاف العالم الافتراضى شيئا جديدا إلى الأدب والثقافة في نظرك ؟
سهولة نشر الإبداع والثقافة والحوار والتواصل بكل أشكاله وألوانه من إيجابيات هذا العالم، لكن هل جميع المستهدفين بوصول الإبداع والثقافة إليهم يحسنون الدخول إلى هذا العالم الافتراضى الآن أو يتقنون التعامل معه ؟، فهذا العالم يسر الحصول على المعلومة وقرب البعيد واختصر الوقت والزمن وجعل العالم في متناول الجميع، لكن فى نفس الوقت سهل الجريمة ويسر النصب والاحتيال.
وفي واقع الأمر فإن هذا العالم هو منحة إلهية مثل كل المنح والعطاءات الربانية، فقط يخضع للاحتياجات الإنسانية، سيحتاج التعامل معه وتوظيفه إلى وقت، وقد يأتي وقت آخر يتراجع فيه ويصبح أمرا عاديا لأن الله قد يشغل الناس ويمنحهم ما هو أفضل من الفيس وتويتر وجوجل وهكذا.
- ما هي وظيفة الثقافة اليوم في نظرك ؟
إذا كنت تقصد وزارة الثقافة وهيئاتها المختلفة، فإن دورها لايقل أهمية عن دور القوات المسلحة في حماية الوطن والحدود ، وكما قلت سلفا فى حوارات سابقة،إذا كانت القوات المسلحة تحمي الحدود فإن الثقافة تحمي العقول، وبهذا المفهوم لابد وأن تقوم الهيئة بالدعوة إلى مؤتمر كبير تدعو فيه كل الأدباء والكتاب وكافة المبدعين بالتنسيق مع نقابة اتحاد كتاب مصر وكافة هيئات الوزارة والجمعيات الثقافية لوضع الاستراتيجية التي أشرت إليها للإنطلاق في كافة انحاء مصر ووضع الآليات التى تحقق الأهداف المرجوة بتوظيف كافة الأدوات الثقافية مثل الأمسيات الشعرية الموجهة والمسرح الموجه وغير ذلك من أدوات التواصل مع الناس في الحارات والشوارع، بغير هذا لاثقافة ولا مواطنين مثقفين معتدلين ولا تراجع للأفكار المتطرفة والإرهاب الذي يقض مضاجع الناس.
وإذا كنت تشير إلى الثقافة بمعنى التثقيف ودوره في البناء والتنمية، فإن الثقافة هنا وبهذا المفهوم لها دور بالغ الأهمية في بناء المجتمعات وتقدم الشعوب ورقيها بدءً من تأثيرها على السلوك العام بين المواطنين وانتهاءً بقبول الآخر بحب رغم اختلاف الرؤى والتوجهات وهكذا.
- هل تعتقد أن الأزمات هى من تخلق المثقفين الحقيقين ؟
الأزمات لاتخلق مثقفين، لأن المثقفين موجودون في كل الأوقات، توجد فقط فروق فكرية بينهم، وقد يستغل بعض المثقفين الأزمات لصالحهم ولصالح غيرهم وبمقابل مادي، لكن الأزمات تخلق مستغلين لها فتعلو أصواتهم ويتقدمون الصفوف والمنابر الإعلامية مقابل تحقيق الأهداف الخاصة.
- ماهي التيمات والموضوعات التي يحلو لك أن تطرقها وتتناولها في موضوعاتك ؟
كل ما له علاقة بحياة الناس وفي كل المجالات هو مايشغلني في قصصي ومسرحياتي ومقالاتي، بعض النقاد تحدثوا أو كشفوا عن اهتمامي بقضية الموت وعلاقته بالحياة والناس، والبعض الآخر تحدثوا عن هندستي للقصة القصيرة حتى أطلق على أحد المبدعين والنقاد وهو الأستاذ الدكتور أشرف حسن لقب مهندس القصة القصيرة كما أطلق الأستاذ الدكتور على الغريب أستاذ اللغة العربية والدراسات الأندلسية بكلية الآداب جامعة المنصورة لقب أيوب القصة القصيرة ، وعلى العموم فأنا أعشق القصة القصيرة وأخلص لها أكثر من أى شكل آخر من أشكال الإبداع .
- ماهو جديد أعمالك ؟
أستعد الآن لإصدار مجموعة قصية جديدة بعنوان رأيت فيما يرى النائم الصاحي ورواية بعنوان اغتصاب حديقة عامة، ومشروعات كتب أخرى مسرحية ونقدية ما تزال تحت الدراسة.
- ماذا عن رجع الصدى حول كتبك ؟
هذا يتحدث عنه النقاد والقراء ولا أجيد الحديث عنه، وإن كان ما يصلنى منه مريح لى ، وإلا ما كان بعض أساتذة الجامعة المحترمين قرروا بعض أعمالي على طلبة كلية الآداب في السنوات السابقة،وبعض الأساتذة في جامعات محافظات أخرى طلبوا أعمالي لطلبة الماجستير، وقد كتب نقاد كثيرون عن أعمالي وآخرهم الناقد والشاعر الكبير الأستاذ الدكتور على الغريب الذي يحتفي كثيرا بكتاباتي.
- هل أنت مع مصطلح أدباء الأقاليم ؟
الحديث حول هذا المصطلح أصبح لامعنى له الآن، فقد كان مرتبطا بالجغرافيا، أى أن المقيمين بالقاهرة هم من كانوا يتمتعون بكل النوافذ الموجودة بالقاهرة، الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون ودور النشر القليلة،وحرمان الأدباء المقيمين با الأقاليم من هذه الفرصة،من ثم نشأت هذه القضية والتى تم الحوار حولها كثيرا ولسنوات طويلة حتى وصلنا إلى مصطلح "أدباء مصر فى الأقاليم "، لكن بعد انتشار القنوات الفضائية والإذاعات والصحف والمجلات ووسائل التواصل الإجتماعى التي تنقل المواد الأدبية إلى الصحف والمجلات خارج مصر بل وصل الأمر ببعض الصحف والمجلات البحث عمن ينشرون لديهم، لذلك أصبح الحديث عن أدباء الأقاليم في غير موضعه من وجهة نظري، بل وأعلنت مرة في أحد اجتماعات الأمانة لأدباء مصر أني أفخر بأني أديب إقليمى، فالعبرة ليست بموقع الإقامة وإنما بقيمة مايقدمه الكاتب والأديب من إبداع.
- ماهى أبرز المشكلات التى تواجه الأدباء خارج القاهرة ؟
ضآلة الميزانية التي لاتغطي أحيانا تكاليف إقامة بعض الأنشطة الفنية والثقافية وقد تكون جنيهات قليلة.
وتخفيض عدد مرات وفرص انعقاد المؤتمرات الأدبية والثقافية، وعلى سبيل المثال كان لكل محافظة مؤتمر اليوم الواحد ينعقد مرة كل عام فأصبح مرة كل عامين، وهذا يتناقض تماما مع ما نقوله من أهمية زيادة المنارات الثقافية في كل الاتجاهات.
- ماهي الحلول لكى تعود الأندية الأدبية مؤثر قوي في الحركة الثقافيىة ؟
زيادة ميزانيات أندية الأدب وخاصة الأندية الكبيرة وتمكينها من طبع بعض الكتب والمجلات مثلما كان يتم ذلك سابقا.
وتخفيف أو تعديل لوائح أندية الأدب بما يدفع إلى زيادة العضوية في هذه الأندية كمنصات ثقافية وإبداعية عليها دور كبير في التواصل مع المواطنين في بيئاتهم حال احتكاكهم بالمبدعين الكبار في الأندية.
وتمكين هذه الأندية من إقامة الأمسيات الشعرية والقصصية وكذلك المحاضرات التي تتناول أهمية حب الوطن والدفاع عن مقدراته وثوابته، وهذا يتطلب دعما ماليا كبيرا حتى تتحقق هذه الأهداف.