28-10-2023 | 09:39
أحمد فاخر
التهاب العصب السابع هو حالة شلل مؤقت لجانب واحد من الوجه دون الآخر مما يسبب حدوث اعوجاج بالفم ونزوله للأسفل مع عدم القدرة على غلق إحدى العينين، وفي هذا التحقيق نتعرف عن أبرز الأسباب والأعراض وكيفية العلاج.
يبدأ حديثه الدكتور فتحي عفيفي أستاذ المخ والأعصاب بالتوضيح بأن العصب السابع هو أحد الأعصاب الجمجمية القحفية الخارجة من الدماغ وهو واحد من 12 عصبا من نفس النوع يحيطون بالوجه من الجهة اليمنى و12 مثلهم في الجهة اليسرى، وهم يتكونون من عصب الشم والبصر، والعصب الثالث والرابع والسادس الذين يعملون على تحريك مقلة العين والسابع الذي يغزي عضلات الوجه والثامن المختص بالسمع والاتزان، أما التاسع فهو المتصل بالحنجرة، والعاشر هو الذي يغذي عضلة القلب والأمعاء، والحادي عشر الذي يغذي منطقة الرقبة، وأخيراً الثاني عشر المتحكم في اللسان.
والعصب السابع يشبه فرع الشجر الذي يحيط بجانب الوجه من أعلى لأسفل ولا يشبه الخط الأحادي كما يعتقد البعض، فهو يغذي الجهة العليا من العين والمنطقة أعلى الصدغ ثم عضلة الصدغ في الوقت نفسه، وإصابة العصب السابع بالالتهاب ليس شرطاً أن يكون بسبب الجلطة المخية التي تصيب الجهاز العصبي المركزي خاصة أنها تكون مصاحبة لأشياء أخرى غير العصب السابع، وبالتالي إذا فحصنا المريض ووجدنا اعوجاج للفم وعدم استطاعته غلق العين فقط دون حدوث مشكلة في حركة العين واللسان والإحساس بمنطقة الوجه جيدة، فهذا يعني عدم وجود جلطة مخية بالجهاز العصبي المركزي وأن المشكلة تكمن في العصب السابع فقط.
أما عن أسباب الإصابة يضيف الدكتور أحمد محمد عبد العليم أستاذ الأمراض العصبية بأن هناك أشياء مختلفة لها تأثير سلبي على العصب السابع خارج الجمجمة مثل: أن يصاب الإنسان بصدمة قوية أسفل إحدى الأذنين مما يسبب التهابا بالعصب السابع لأن كل الأعصاب تخرج من تلك المنطقة لتتوزع بالوجه أو الإصابة بصدمة حرارية مثل: “البرد” نتيجة اندفاع قوي للهواء البارد بشكل مستمر ولمدة طويلة بجانب الوجه ويحدث هذا غالباً للسائقين الذين يفتحون زجاج سياراتهم أثناء القيادة لمسافات طويلة، وهذا ليس له علاقة بزيادة درجة حرارة الطقس، ولكن نتيجة التعرض لتيارات هواء باردة بشكل مباشر تقل عن درجة حرارة الجسم والوجه، وهذا أيضاً يحدث بسبب كثرة التعرض للمراوح والمكيفات بشكل مباشر خلال فصل الصيف والتي بدورها تسبب انقباضا شديداً للشريان الموجود خلف الأذن وتؤدي لالتهاب العصب السابع، كما أن الإصابة يمكن أن تكون مصاحبة لفيروس الإنفلونزا، لذلك من الشائع لدى العامة إصابة العصب السابع بالالتهاب خلال فصل الصيف، بالإضافة إلى أن العصب السابع يتأثر نتيجة الإصابة بفيروس “الهربس زوستر” الذي ينتج عنه رشح أو تقلصات حول الشفاه السفلى أو بثور حمراء بالأذن، وهذا يكون بسبب ضعف مناعة الجسم.
ويجب التوضيح عند إصابة العصب السابع بالالتهاب في الجهة اليسرى من الوجه يحدث تأثر للجهة اليمنى العكسية وليس الجهة التي بها الإصابة، فإذا حدث مثلاً عدم غلق للعين اليمنى مع انحراف في الفم من الناحية اليمنى فهذا دلالة على إصابة العصب السابع في الجهة اليسرى من الوجه والعكس صحيح، ومن أبرز الشكاوي من المرضى الشعور بصداع شديد أو تنميل بالوجه أو ألم شديد وورم خلف الأذن وبعد الاستيقاظ من النوم اكتشاف الإصابة باعوجاج بالفم وعدم القدرة على إغلاق إحدى العينين، وننصح دائماً بسرعة التوجه للطبيب المختص عند حدوث تلك الأنواع من الأعراض؛ لسرعة التشخيص ومعرفة إن كان هذا الالتهاب بالعصب السابع الموجود داخل الجمجمة، وبالتالي يكون مرتبطا بالجهاز العصبي المركزي أم الإصابة بالعصب السابع خارج الجمجمة وتلك الحالة أمرها بسيط ويسهل علاجها في أغلب الحالات.
وعند الإصابة بالتهاب العصب السابع يختفي الغلاف المحيط بالعصب مما يقلل من كفاءة نقله للإشارات العصبية، ويجب أن يعاد تكون هذا الغلاف بالكامل حتى يتم الشفاء، ورغم سهولة علاج التهاب العصب السابع إلا أنه للأسف يأخذ وقتاً طويلاً وغالباً ما تعود الأمور لطبيعتها في خلال الفترة من أسبوعين إلى 6 أشهر لاستعادة غلاف العصب السابع كما كان، وبالتالي على الطبيب أن يعمل على طمأنة المريض ورفع معنوياته، حيث إنه في حالات كثيرة يزول الالتهاب وتختفي أعراضه بسهولة بمجرد الراحة النفسية أو علاج أسبابه.
ومن الأعراض الأخرى غير المرئية لالتهاب العصب السابع هو أن يشكو المريض من رنة أو صدى للأصوات في أذنه مما يؤثر على حدة الصوت، كما يمكن أن يؤثر على حاسة التذوق فيشكو المريض من أن الأطعمة كلها بنفس الطعم، بالإضافة إلى أنه يمكن أن يؤثر على الغدد اللعابية مما يؤثر على سهولة المضغ والبلع، وعند التأخر في التشخيص يؤدي ذلك إلى حدوث تقرحات في الفم لأنها من الآثار الجانبية لعدم إفراز اللعاب بشكل سليم، لذلك ننصح مريض العصب السابع بالاهتمام الدائم بنظافة الفم بشكل دوري حفاظاً على حالة كلاً من الفم والأسنان.
أما عن كيفية علاج التهاب العصب السابع يضيف الدكتور أحمد عبد العزيز أبوحجر أستاذ الأمراض العصبية بأنه عند ظهور أعراض الإصابات والتأهيل الحركي يجب أولاً التوجه لطبيب مختص للتشخيص ومعرفة مستوى الحالة والتأكد من أن الإصابة في العصب السابع فقط، وغالباً عند الإصابة يحدث ارتشاح في العصب مما يجعل الطبيب يصف للمريض أدوية بها نسبة من الكورتيزون تعمل على تقليل هذا الارتشاح، وتساعد في سرعة استعادة العصب للعمل بكفاءة، ويعطى الكورتيزون بجرعات محددة ويسحب أيضاً من الجسم بجرعات معينة مع مضادات لحماية المعدة من التأثر، إلى جانب أدوية أخرى للعمل على تحسين الدورة الدموية المغذية للعصب ومنع تليفه، لذلك على مريض العصب السابع ضرورة الالتزام بالعلاج الموصوف خاصة إن كان يعاني من أحد الأمراض المزمنة منذ سنوات مثل: الضغط والسكر، كما يتم وصف قطرة للعين لحمايتها من الجفاف بسبب الالتهاب، وينصح المريض بوضع القطرة ومرهم وإغلاق العين بضماضة أثناء النوم.
وبعد مرور أول أسبوع من العلاج نبدأ في مرحلة العلاج الطبيعي عند أخصائي علاج طبيعي؛ للتنبيه العصبي وتقوية كلاً من العصب وعضلات الوجه، بالإضافة لبعض التمارين التي يقوم بها المريض في بيته عن طريق محاولة النفخ في بالونات أو شفاطات لتنشيط عضلات الفكين، ومن أكثر الأخطاء الشائعة هي العلاج عن طريق مضغ اللبان لأن ذلك ينشط عضلات المضغ فقط والتي ليس لها علاقة بالعصب السابع.
ثم نقوم بإجراء بعض العلاجات التكميلية التي تعمل على إرخاء عضلات الوجه مثل: التدليك واستخدام كمادات المياه الدافئة على الوجه ومنطقة العصب لتقليل الالتهابات وتنشيط كلٍ من الدورة الدموية والغدد الليمفاوية مع القيام بتمرينات علاجية وتأهيلية بسيطة؛ للمساعدة في الحفاظ على العضلات من الضمور، وبالتالي سرعة استعادة الوجه لشكله الطبيعي، كل هذا مع إرشادات بتناول الطعام بكميات قليلة؛ تجنباً لشد العضلة بشكل قوي وشرب الكثير من المياه والعرقسوس الذي يساعد في تقليل الالتهابات.