الجمعة 22 نوفمبر 2024

مقالات

ليس الأمر جديدًا

  • 25-4-2024 | 14:20
طباعة

عند اكتشاف مكتبة "أشور-بانيبال" على الضفة الشرقية لنهر"دجلة" شمال "الموصل" مباشرةً، عثروا على آلاف الألواح الطينية التي تعود بنا إلى واحدٍ من أقدم مصادر معروفة للأدب حاليًا بما في ذلك ملحمة "جلجامش"؛ حيث يقوم"جلجامش' في قصيدة "الملك الباحث عن الخلود" باستدعاء صديقه المتوفي "إنكيدو" من أجل إخباره عن حال جنوده الذين قتلوا في المعركة تقول القصيدة: "هل التقيتَ بالشخص الذي مات في المعركة؟: لقد رأيتُه، لقد قام كلٌ من أبيه وأمه بتخليد ذكراه بينما لا تزال زوجته تبكي فراقه!!: هل رأيت الشخص الذي تُركتْ جُثَّتُه ملقاةً على السهل؟: لقد رأيتُه، ظلُّه لا يوجد حتى في عالم الأموات!!".

وعلى هذا النمط الذي يحثُّ على احترام جثث القتلى تأتي الكثير من الملاحم الأدبية القديمة؛ ففي نهاية ملحمة "الإلياذة" يقوم "أخيل" بذبْح "هيكتور (قائد جيش طروادة) وسحْب جسده عبر جدران "طروادة"، كما تقول الرواية (قام بعمل ثقبٍ في أوتار كلتا القدمين، ثقبٍ يمتد من الكعب إلى الكاحل، ومرَّر شرائطَ جلديةً عبْر الشقوق التي قام بها، وهكذا جرَّ جسده بسرعة نحو العربة، تاركًا الرأس موجهًا نحو الأرض!!".. بعد ذلك رفض "أخيل" دفن الجثة المشوَّهة، ما جعل الآلهةَ تفزع من أجل ضمان عودة جثة "هيكتور" سالمةً إلى أهله، وانتهت الإلياذة على توافق "الإغريق" وأهل "طروادة" على هدنةٍ حتى يتمكنوا من إقامة جنازة "هيكتور"، ورغم ما يتبادر إلى الذهن من هذه الأدبيات القديمة من احترام أسرى الأعداء وقتلاهم، إلا أن حقيقة الأمر تتكشَّف عن حقائقَ مفزعةٍ؛ فقد كان الأسرى قديمًا يُذبحون أو يُقدَّمون قرابين للآلهة، ثم رؤى بعد ذلك الانتفاع باسترقاقهم، ومن الأمم التي نكلت بالأسرى  الفرس والإغريق، ومنح القانون الروماني المالك الحق في إماتة عبده أو استحيائه، وكَثُرَ الرقيق في عهدهم حتى ذكر  مؤرخوهم أن الأرقاء في الممالك الرومانية يبلغون ثلاثة أمثال الأحرار، والأعجب استخدام الرومان عبيدهم  للترفيه والتسلية؛ حيث يوضع الأسرى والوحوش المفترسة في أقفاصٍ مغلَقةٍ، بينما يستمتع الأمراء والوزراء بمشاهدة الوحوش وهي تفترسهم!!

ليأتي الإسلام مقدمًا النموذج الأمثل في معاملة أسرى الأعداء وقتلاهم، يقول "عمران بن الحصين" -رضي الله عنه-: "ما خَطَبَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خُطبةً إلَّا أمَرَنا بالصَّدقةِ، ونَهانا عن المُثْلةِ" أي بالكفار إذا قتلناهم فلا تمثيل بهم بعد القتل، ولا جدْع لآذانهم وأنوفهم ولا بَقْرَ لبطونهم، وفي حديث "بريدة" -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: اغزوا باسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا".

أتحدثُ إليكم لستُ كغريبٍ ولست كعدو/ لكن أتحدث من الكراهية التى اشتعلتْ ضدكم/ القوَىَ الظالمة لم تختفِ بعد هتلر/ لم تختفِ من هذه الأرض..ماذا تفعلون؟!

أتسمحون أن يساعدكم الظَّلمة ؟!! لهذا يجب علىّ أن أُدخل المرارة فى آذانكم.. تلك التى مُلئتْ بالأكاذيب/ مثلما حدث منكم فى عصر الأنبياء!!

حتى ولو تأتى الكلمات منى ذات مرارة ثقيلةٍ؛ فإنكم لا تستطيعون أن تقولوا.. هذا ما يقوله أعداؤنا! أنتم فى أوروبا ذقتم الجحيم..الجحيم!!

المطاردة والترحيل.. موت الجوع البطيء!!  أنتم راقبتم جلاديكم والآن تقلدونهم.. فى الصواعق والأعمال الوحشية القاسية/ لكن ظُلْمكم كان كبيرًا؛ لأنكم أخذتم الأرض ممن يرثها.. ها أنتم أظلم المستعمرين!! وما ذنب المساكين الذين أخذتم أرضهم؟!!

وتأتي قصيدة "اسمعي يا إسرائيل" للشاعر اليهودي النمساوي "إريك فريد" أو "إريش فريد" لتضع الكفاح الفلسطيني جوار القضايا العادلة كحرب "فيتنام" وملحمة"الجزائر"، لقد عرَّى طيلة حياته مزاعم "إسرائيل التوراتية"، لقد استقطبتْه قضية فلسطين فمنحها قلبه وقلمه، وصمد أمام الهجوم العاصف للإعلام الألماني ومثقفيه المتزلفين لإسرائيل رغم أن النازية قتلتْ أباه أثناء الحرب العالمية الثانية..!!! إلا أنه ظل يطوف بمدن ألمانيا يذكِّرهم بمذابح النازية، وفي ذات الوقت يتهم إسرائيل بالسير على خطاهم تأثُّرا بمزاعم توراتيةٍ محرَّفةٍ.!

اغربوا.. اغربوا

مَن أعطى لكم المال والأسلحة سوف يفنى وينتهى..ولن يحموكم دائماً/ لن يكون التقهقر من السهل عليكم..لأن غضب المساكين سيعيش طويلًا.

والكثير منهم يتمنى لكم ما تمنيتموه لمعذبيكم!!.

عودوا.. عودوا..مَنْ أعطى لكم المال والأسلحة لن يحميكم طويلا!! لا يستخدمكم إلا كجنودٍ ومرتزقةٍ فى حرب ضد المستقبل الفلسطينيون الذين أمرتم جنودهم.

"أن اخلعوا نعالكم"!

ودفعتموهم إلى الصحراء حفاةً كقرابين تحمل أخطاءكم إلى الصحراء.. مسجد الموت الكبير

أحذية كثيرة هناك لن يقبلوا أن يكونوا قرابين أبدا!! فآثار الأقدام العارية فى الرمال يدوم ويبقى أقوى من قنابلكم ومدرعاتكم!!

أجل.. إنهم يعتقدون بتميَّزهم عن البشر، وهذا التميُّز نعمةٌ من الربّ!جاء في"سِفْرِ التثنية" من التوراة المحرَّفة: (أنتم أولاد الربّ إلهكم؛ لأنكم شعبٌ مُقَدَّسٌ للرب إلهك، وقد اختارك الربّ لكي تكون له شعبًا خاصًّا فوق جميع الشعوب على وجه الأرض)، وانطلاقًا من هذه النظرة يعتقد اليهود أن تحقيق وعْدِ الربّ لهم باسترقاق شعوب الأرض يكون بالحرب، ومن هنا كانت حروبهم ضد غيرهم تدميريةً للإبادة والإذلال،  ونصوصهم المحرَّفةُ تقول: (فتضرب سكان تلك المدينة بحدّ السيف، وتحرِّمها -التحريم بمعنى القتل- بكل ما فيها مع بهائمها بحدِّ السيف.. تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها، وتحرق بالنار المدينةَ وكل أمتعتها كاملة للربّ إلهك؛ فتكون تلاًّ إلى الأبد لا تُبنَى بَعْدُ) ولو عقد اليهود وأعداؤهم صلحا؛ فالصلح هدفه استعباد العدوّ واستباحة أرضه جاء في "سِفْرِ التثنية" (حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها للصلح؛ فإِنْ أجابتْك على الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير، ويُستعبد لك.. وإنْ لم تُسالمك بل عَملتْ معك حربًا، فحاصرْها، وإذا دفعها الربّ إلهك إلى يدك؛ فاضرب جميع ذكورها بحد السيف!!).

فهل -أيها الطيِّبون- بعد هذا التاريخ الدموي ندهش من مقابر جماعية منتشرة في قطاع "غزة"، أو سرقتهم أعضاء القتلى، إنهم أكثر تعطشًا للدماء من النازية، ومن قبل قطاع "غزة" تشهد رمال "سيناء" بمقابرهم الجماعية لأسرانا.

حقًا.. إننا لا ننسى ولا نملك رفاهية التغافل عمَّا ارتُكبَ من جرائمَ ضد أمتنا، ونوقن أن قيامة أسرانا شارفت على البدء، وأن لحظة الحساب آتيةٌ لا ريْبَ، ليأتي الختام للمناضل "إريش فريد" وقصيدة "اللاجئون" المقارِنةُ ما بين حال لاجئي "فلسطين" الآن، وحال معتقلات اليهود في "وارسو".

في المخيم الكبير بـ"غزة" .. حيث الرجال المُسنِّين يعجزون عن المشي.. والنساء يسألن مهموماتٍ: كيف يمكن بناءُ دارٍ في مثل هذا المكان؟!!/ والأطفال بهزالهم وعيونهم الذكية يخيِّم عليهم الأسي/ حتي في لحظات فرحهم..فهم دائمًا علي استعدادٍ للجري والهرب!!/ هكذا كان اليهود في معتقلات"وارسو" لكن أولادهم الصغار لم يشاهدوا الصور القديمة/ "سيمون" المصوِّر خلف الكاميرا يرى الجرافات.. وهي تسحق بيوت العرب!!.

أخبار الساعة