السبت 1 يونيو 2024

وحدة الوجود.. فلسفة ابن عربي ونيكولا دي كوزا تلتقيان في رؤية كونية واحدة

وحدة الوجود

ثقافة16-5-2024 | 17:01

إسلام علي

يتميز الكون بتنوع هائل في الكائنات والمخلوقات ذات الأشكال والصفات المختلفة بشكل لا حصر له، ومع ذلك، فإن هذه الكائنات تتوافق وتتناغم مع بعضها البعض في أماكن أو عوالم متعددة لأنها تنبع جميعها من خالق ومركز واحد، وهو الله. وقد اتفقت جميع الأديان السماوية، على هذا المفهوم، وسعى كبار الفلاسفة إلى شرح  ماهية هذه الوحدة من منظور "وحدة الوجود".


توصل كل من الفيلسوف المسلم ابن عربي والفيلسوف المسيحي نيكولا دي كوزا إلى نفس المفهوم والتعريف لوحدة الوجود، رغم اختلافهما الظاهري في المفاهيم والتعريفات المرتبطة بكل من الديانتين وتأثيرها الثقافي والديني عليهما.


وقد عرف ابن عربي وحدة الوجود،  بأنه هي الوجود الحقيقي الوحيد، وكل شيء آخر هو تجل أو مظهر لوجوده، فالله هو الكينونة المطلقة والوجود الذي يتجلى في كل الأشياء والكائنات في العالم، فالكائنات جميعها تحمل صفاته وافعاله. 

وأكمل: بأن الكائنات المخلوقة ليست سوى تجليات متنوعة للوجود الإلهي، ولا تمتلك وجودا  مستقلا بذاتها، وفي فلسفة ابن عربي، لا يوجد فرق جوهري بين الخالق والمخلوق؛ بل إن جميع الأشياء هي تعبيرات أو مظاهر مختلفة لنفس الحقيقة الإلهية. 


وتقودنا أفكار ابن عربي، إلى أن الكون بأسره هو تجل للوجود الإلهي، وأن الهدف من الحياة الروحية هو إدراك هذه  الوحدة والاتحاد بالله.

 

وعلى الجانب الآخر، كانت رؤية نيكولا  في وحدة الوجود تتشابه مع ابن عربي، فالخالق عنده هو المطلق الذي يتجاوز كل التصورات والأوصاف البشرية، و هو اللانهائي وغير المحدود، وهو المصدر الذي ينبع منه كل شيء، ففي فلسفة نيكولا دي كوزا، الله هو الكلية المتضمنة لكل الأشياء، الكون بأسره يعتبر تعبيرا أو انعكاسا للجوهر الإلهي، بينما تظهر الأشياء في العالم على أنها منفصلة ومتميزة، فإنها في الحقيقة تنبثق من الوحدة الإلهية. 

 

وتحدث "نيكولا" عن "التوافق المضاد"، حيث بالرغم من التعددية و التناقضات الظاهرية في الكون، فانها تعيش في انسجام وتوافق مع بعضها البعض، وهو مثلما رأته فلسفه ابن عربي. 


في الأخير، توافق ابن عربي ونيكولا دي كوزا في ان الوصول الي رؤية الكون من منظور الوحدة والتناغم لا يتم الا بالاتجاه الفلسفي الذي يرشد صاحبه الي رؤية المخلوقات من منظور  عدم الاختلاف بل الانسجام والتوافق.