الثلاثاء 1 اكتوبر 2024

مساجد تاريخية.. «عبد الرحمن بن هرمز» بالإسكندرية بني في القرن 19 وأصله مقبرة

مسجد عبد الرحمن بن هرمز

ثقافة29-9-2024 | 08:04

أحمد البيطار

يقع مسجد عبد الرحمن بن هرمز في شارع رأس التين بمنطقة رأس التين التابعة لحي الجمرك بمحافظة الإسكندرية، وبنى خلال القرن التاسع عشر في عهد محمد علي باشا، والذى كان فى الأصل مقبرة بها ضريح الشيخ عبد الرحمن بن هرمز.

وعبد الرحمن بن هرمز هو التابعي الجليل عبد الرحمن بن هرمز بن أبي سعد وكنيته أبو داوود المشهور بالأعرج القرشي، كان يرتبط ببني هاشم برابطة الولاء.

وصف المسجد
يعتبر مسجد عبد الحمن بن هرمز الموجود الآن بمنطقة رأس التين من المساجد المعلقة إذ يتم الصعود إليه ببضعة درجات، بني هذا المسجد متطوعاً الشيخ درويش أبو سن وهو رجل فاضل كان من أثرياء المدينة في ذلك الوقت وأوصي أن يدفن إلى جوار بن هرمز بعد وفاته.
يتكون المسجد من مساحة مستطيلة مغطاة السقف يقسمها ثلاثة صفوف من الأعمدة إلى أربعة أروقة، ويتكون كل صف من عمودين يعلوهما عقود مدببة، ويتوسط الجامع (منور) صغير مربع، وفوق الرواق الرابع صندرة متسعة للسيدات.

ويعلو المحراب لوحة حجرية نقش عليها النص التالي "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، بنى هذا صاحب الخيرات الحاج درويش أبي سن سنة 1256 هـ ".
وإلى يسار المحراب في الركن الجنوبي حجرة بها ضريح الشيخ عبد الرحمن بن هرمز تعلوه مقصورة خشبية، والى جانبه ضريح رخامي بسيط مدفون به باني المسجد (درويش أبو سن).

ويقع المدخل الرئيسي للجامع في الضلع الشمالي الغربي للجامع وتعلوه المأذنة، وهي تتكون من ثلاث دورات الأولى والثانية أسطوانية تنتهي بشرفة يقف بها المؤذن، والدورة الثالثة عبارة عن عمود اسطواني مرتفع، وقد انتشر هذا الطراز من المآذن في معظم مساجد الشمال.

من هو عبد الرحمن بن هرمز؟

ولد عبد الرحمن بن هرمز بالمدينة المنورة وهو ينتمي إلى الطبقة الثانية من التابعين، وقد تتلمذ بن هرمز على يد عدد كبير من الصحابة الذين أدركهم، فسمع الحديث ورواه عن أبي هريرة وأبي سعيد الخضري وعبد الله بن مالك وأبي سلمة بن عبد الرحمن وابن عباس ومحمد بن سلمة، ومعاوية بن أبي سفيان، ومعاوية بن عبد الله بن جعفر وغيرهم .
كان بن هرمز تلميذاً مجداً ومجتهدا يتحرى الدقة في دراسته للحديث وتفسيره، ورغم أنه أخذ الحديث عن أكثر من صحابي جليل إلا أنه كان أكثر ملازمة للصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، وفي هذا يقول السيوطي عنه "هو صاحب أبي هريرة، أحد الحفاظ والقراء، أخذ القراءة عن أبي هريرة وابن عباس وأكثر من السنن على أبي هريرة.
والى جانب تفقه عبد الرحمن بن هرمز في علم الحديث، فانه كان من العلماء الثقاة في علم الأنساب وقال عنه الذهبي "كان أعلم الناس بأنساب قريش".

درس بن هرمز القرآن وتعلمه فكان من الثقاة المثبتين يلجأ إليه الناس للقراءة عليه ويعهدون إليه في كتابة المصاحف لاطمئنانهم إلى حفظه وقراءته وعلمه ومعرفته ولهذا تجمع المراجع على وصفه بالمقرئ المحدث.
لم تقتصر دراسة بن هرمز على العلوم الدينية والشرعية الإسلامية بل كان عالماً متبحراً في اللغة العربية وعلومها وعلم النحو.
كان عبد الرحمن بن هرمز الأستاذ الأول للإمام مالك وكان بن هرمز يؤثره هو وعبد العزيز بن أبي سلمة على غيرهما من تلاميذه لفطنتهما وذكائهما.

أمضى بن هرمز عمره كله بالمدينة المنورة ولم يغادرها قبل رحيله إلى الإسكندرية إلا مرة واحدة زار فيها الشام ووفد علي يزيد بن عبد الملك في الفترة من (101 هـ - 105هـ ).

خرج بن هرمز مرابطاً إلى الإسكندرية في حوالي عام 110هـ أو ما بعدها على أرجح الأقوال وكان عمره وقتها يقارب المائة عام كما ذكر المؤرخ السكندري الدكتور جمال الدين الشيال.

وعن رحلته إلى الإسكندرية واستقراره بها حتى وفاته فيذكر البلاذري في فتوح البلدان أن بن هرمز العرج القارئ كان يقول خير سواحلكم رباطاً الإسكندرية، فخرج إليها من المدينة مرابطاً حتى مات بها.
أقام عبد الرحمن بن هرمز بالإسكندرية سنوات قليلة (مابين 5-7 سنوات) وتوفي بها في عام 117 هـ .
عاش بن هرمز سنواته القليلة في الإسكندرية وقضاها في التدريس ورواية الحديث فقد كانت الإسكندرية على عهده خير السواحل رباطا كما وصفها بن هرمز، وكانت تجتذب إليها عدد كبير من علماء المسلمين وكبار التابعين وهؤلاء هم الذين نشروا علوم القرآن والفقه والحديث في مدينة الإسكندرية ومنها انتشرت إلى ربوع مصر كلها .