الأحد 6 اكتوبر 2024

عام على حرب غزة.. انهيار المنظومة الاقتصادية في القطاع و85% انكماشًا في الناتج المحلي

صورة أرشيفية

عرب وعالم6-10-2024 | 15:12

دار الهلال

كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني صدر اليوم الأحد، عن أن فلسطين تعاني من كارثة اجتماعية وإنسانية وبيئية واقتصادية أدت إلى انكماش القاعدة الإنتاجية وتشويه الهيكل الاقتصادي لفلسطين، حيث تراجعت مساهمة قطاع غزه من إجمالي الاقتصاد الفلسطيني إلى أقل من 5% بعد أن كانت تمثل حوالي 17% قبل السابع من أكتوبر، فبعد عام من عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزه وتداعياته على الضفة الغربية تشير التقديرات الأولية إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة بأكثر من 85% وحوالي 22% في الضفة الغربية ليتراجع الاقتصاد الفلسطيني بنسبة الثلث مقارنة لما قبل السابع من أكتوبر، كما ارتفع معدل البطالة إلى 80% في قطاع غزة و35% في الضفة الغربية، ما رفع معدل البطالة في فلسطين إلى 51%.

واستعرض التقرير الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بعد عام على عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية، موضحا أن 2,3 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، ضمن مساحة 365 كيلومترا مربعا، تشهد هذه المنطقة أعلى كثافة سكانية، إذ يعيش أكثر من 6,000 شخص لكل كيلومتر مربع في ظروف صعبة للغاية. فضلا عن ذلك، كانت معدلات الفقر والبطالة مرتفعة بشكل مثير للقلق ما قبل العدوان الحالي.

وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا ذكر التقرير إن سكان غزة أجبروا مرارا وتكرار على الفرار من منازلهم تحت وطأة الإكراه، وفقدوا منازلهم وأصبحوا مشردين في الخيام وفي المدارس، محاصرين بين جدران الفقر والحرب، ومع ذلك لم يسلموا من القصف، فقد تم قصف الملاجئ التي لجأ إليها المواطنون واستشهدت النساء والأطفال، ونتيجة لذلك، أصبح أكثر من 17,000 طفل يتيما، وفقدت ما لا يقل عن 15,000 امرأة حياتهن.

وأشار إلى أنه تم تدمير البنية التحتية مثل شبكات الكهرباء وشبكات الهاتف المحمول، والمخابز، ومخازن الأغذية بالكامل، ما أدى إلى تقييد الوصول إلى الموارد الأساسية مثل المياه والغذاء بشكل كبير.

وقد أدى هذا إلى تحويل قطاع غزة إلى واحدة من أكثر المناطق جوعا على مستوى العالم وتحول الطعام إلى حلم بعيد وأصبح الحصول على لقمة العيش كفاحا مريرا، بينما تنتهي الأجساد إلى الضعف والهزال في سجن مكتظ بالسكان بسبب الحدود المغلقة، علاوة على ذلك، تم اعتقال آلاف المواطنين الفلسطينيين بمن في ذلك الرجال والنساء والأطفال في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل غير قانوني من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وعلى مدى الأشهر 12 الماضية، تم اختطاف عدد من الرجال والنساء والأطفال قسرا من غزة، إضافة إلى تشرد عشرات الآلاف.

وتجلى أثر العدوان بشكل واضح في قطاعي الصحة والتعليم، إذ تعاني هذه القطاعات من انتكاسات مدمرة لها آثار طويلة الأمد على التنمية التي تعد ضرورية للاستقرار الاقتصادي في المستقبل، والوقاية من الأمراض، والتماسك الاجتماعي، والتنمية المعرفية، تدهور الوضع بشكل مأساوي منذ الثامن من أكتوبر 2023، ما أدى إلى استشهاد 16,891 طفلا، و11,458 امرأة و986 من العاملين في مجال الرعاية الصحية، كما أدى هذا الاعتداء إلى تعطيل خدمات الرعاية الصحية الروتينية.

وتشير التقديرات إلى أن 16,854 طفلا لم يتمكنوا من الحصول على التطعيمات الروتينية، الأمر الذي أدى إلى انتشار عدد من الأمراض الوبائية لعل أبرزها مرض التهاب الكبد الوبائي، ما يؤكد المستقبل المقلق للصحة في قطاع غزة، والحاجة الملحة للتدخل الإنساني والحلول المستدامة لمعالجة الأزمة الصحية.

كما تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية للتدمير بسبب القصف ما أدى إلى انهيار قدرة الأنظمة الصحية على تلبية احتياجات الناس، كما قلت فرص الوصول إلى الخدمات الصحية بشكل كبير، حيث أصبح الحصول على العلاج والأدوية صعبا للغاية، ما زاد من معاناة المرضى، خصوصا المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب، الذين يحتاجون إلى رعاية مستمرة.

وأشار الإحصاء إلى أن الأزمة الصحية تهدد حياة النساء الحوامل في قطاع غزة بسبب نقص الرعاية الصحية، حيث إن 60 ألف سيدة حامل تقريبا مُعرَّضة للخطر بسبب انعدام الرعاية الصحية في القطاع، و13,649 سيدة حامل من المتوقع أن تنجب خلال الشهر المقبل، بواقع 5,522 سيدة في قطاع غزة و8,127 سيدة في الضفة الغربية، كما تواجه 155 ألف سيدة حامل ومرضعة تحديات صعبة في الوصول والحصول إلى خدمات الرعاية الصحية قبل الولادة وبعدها.

وأوضح الإحصاء أن 96% من السكان في قطاع غزة (2.15 مليون نسمة) يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد حتى سبتمبر 2024، من بينهم حوالي 49,300 امرأة حامل، حيث يواجه أكثر من 495 ألف شخص (22% من السكان) مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الخامسة) منهم 11,000 امرأة حامل، و3,500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، كما استشهد 36 طفل نتيجة المجاعة وسوء التغذية، كما أن 65% من إجمالي شبكات الطرق تم تدميرها، ما يؤثر على الوصول إلى المرافق الصحية وأماكن الإيواء، ووصول المرضى إلى المستشفيات، هذا الشلل في حركة التنقل بين المدن عزل المجتمعات وضاعف من مشاعر الخوف وانعدام الأمن.

وأشار الإحصاء إلى أنه وفقا لتحليل صور الأقمار الصناعية اعتبارا من 14 يونيو 2024 حدد تقرير "UNOSAT" ما يقرب من 1,100 كيلومتر من الطرق المدمرة، و350 كيلومترا من الطرق المتضررة بشدة، و1,470 كيلومترا من الطرق المتضررة بشكل معتدل. ومن هذه الإحصائيات، تم حساب أن ما يقرب من 65٪ من إجمالي شبكة الطرق قد تضررت.

ووفقا لوزارة التربية والتعليم العالي، حتى نهاية سبتمبر 2024، تعرضت 122 مدرسة وجامعة دمرت كليا و334 مدرسة وجامعة دمرت بشكل جزئي. كان الوصول إلى التعليم غير متاح لطلاب رياض الأطفال والمدارس الثانوية في غزة لمدة عام دراسي كامل تقريبا. قبل الحرب، خدمت هذه المدارس أكثر من 606 آلاف طالب و22 ألف معلم خلال العام الدراسي 2023-2024، إذ تم تدمير 31 مبنى جامعيا بالكامل، إضافة إلى ذلك، دُمر 55 مبنى جامعيا جزئيا، ما أدى إلى عدم تمكن 88 ألف طالب و5 آلاف أستاذ من الالتحاق بجامعاتهم والوصول إليها.

تراجع حاد في معظم الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة

وبعد عام من عدوان الاحتلال، تشير التقديرات إلى تراجع نشاط الإنشاءات بنسبة 47% (38% في الضفة الغربية و98% في قطاع غزة)، وانخفضت أنشطة الزراعة بنسبة 30% (8% في الضفة الغربية و93% في قطاع غزة)، كما انخفضت أنشطة الخدمات بنسبة 31% (21% في الضفة الغربية و70% في قطاع غزة)، بينما تراجعت أنشطة الصناعة بنسبة 35% (28% في الضفة الغربية و94% في قطاع غزة).

وأشارت التقديرات إلى أن التدمير الممنهج للعدوان قد تسبب في تدمير معظم المنشآت السياحية بصورة كلية أو جزئية حيث تم تدمير ما يقارب 4,992 منشأة تعمل في نشاط السياحة منها 3,450 منشأة في نشاط المطاعم وتقديم المشروبات (والتي تشكل 69.1% من المنشآت السياحية في قطاع غزة)، و921 منشأة في الأنشطة الابداعية والفنون وأنشطة الترفيه الأخرى (18.4% من المنشآت السياحية في قطاع غزة)، و182 منشأة في صناعة وبيع منتجات الحرف اليدوية والهدايا التذكارية، و173 منشأة في أنشطة الفنادق والإقامة والمنشآت المشابهة.

وتسبب العدوان الإسرائيلي في فقدان 15,265 عاملا في نشاط السياحة لوظائفهم، منهم 10,887 عاملا في أنشطة المطاعم وتقديم المشروبات (والتي تشكل 71.3% من العاملين في أنشطة السياحة في قطاع غزة)، ومنهم 2,277 في الأنشطة الابداعية والفنون وأنشطة الترفيه الأخرى (والتي تشكل 14.9% من العاملين في أنشطة السياحة في قطاع غزة)، ومنهم 964 عاملا في أنشطة الفنادق والإقامة والمنشآت المشابهة.

وعلى المستوى الخارجي، بلغ حجم التبادل التجاري الخارجي في قطاع غزة قبل عام 2006 حوالي 23% من إجمالي تجارة فلسطين، إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى أقل من 4% خلال العدوان، حيث إن التوقف شبه التام في سلاسل الإمداد من وإلى قطاع غزة، أدى إلى كارثة صحية وغذائية في جميع أنحاء قطاع غزه نتيجة النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الصحية والمواد الغذائية، حيث يتم توفيرها بمستويات دنيا لا تتجاوز 5% من الكميات التي يجب أن تُقدم فعليًا إلى قطاع غزة، وشهدت قيمة صادرات السلع والخدمات في فلسطين انخفاضًا حادًا بنسبة 30%، إضافة إلى تراجع بنسبة 29% في الواردات خلال نفس الفترة.

وبلغ عدد الوحدات السكنية المتضررة جزئيا نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، نحو 297 ألف وحدة سكنية، فيما تم هدم 87 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، وأشارت بيانات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (UNOSAT) إلى أن عدد المباني المتضررة نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 07/10/2023 بلغت نحو 156,423 مبنى.

ويعيش السكان في قطاع غزة على خمس كمية المياه المتاحة قبل العدوان الإسرائيلي على القطاع، حيث تبلغ حصة الفرد اليومية من المياه ما بين 3-15 لترا وهي أدنى من الكمية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية لتلبية حاجة الشخص الواحد من المياه.

وخلال العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، تم تدمير 67% من منظومتي المياه والصرف الصحي، حيث تعرضت المرافق الحيوية لأضرار كبيرة، شملت 194 بئرا لإنتاج المياه، و40 خزانا كبيرا للمياه، و76 محطة تحلية، وذلك إما بشكل كلي أو جزئي، إضافة إلى ذلك، توقفت جميع محطات معالجة المياه العادمة الست التي كانت تعمل بقدرة تشغيلية تصل إلى حوالي 220 ألف متر مكعب يوميا.

وأوضح الإحصاء أنه قبل العدوان، كان يتم نقل 98% من النفايات التي يتم جمعها إلى المكبات الصحية، إلا أن الحال تغير بعد بدء العدوان، فقد أصبح هناك تراكم للنفايات الصلبة بسبب نفاد الوقود ومنع الاحتلال طواقم البلدية من الوصول للمكبات الرئيسة في القطاع، إضافة إلى تعرُّض سيارات جمع النفايات وحاوياتها للدمار، وتدمير الشوارع الذي أوقف حركة النقل، وهو ما جعل التعامل مع هذه الكميات الهائلة صعبا، حيث تشير إلى أن ما لا يقل عن 270 ألف طن من النفايات قد تراكمت في مواقع المكبات المؤقتة التي أنشأتها البلديات مؤخرا على مقربة من المناطق، ناهيك عن إجمالي الركام الذي تراكم حتى الآن في غزة إلى 42 مليون طن وهذا الرقم يتصاعد يوميا.