تتميز مصر بوجود عدد كبير من المساجد الأثرية والتاريخية في كل أنحاء البلاد، فتعرف القاهرة بأنها مدينة الألف مئذنة، ولا عجب في ذلك، إذ عُرفت على مر العصور المختلفة بكثرة مساجدها ومآذنها، ومن بين هذه المساجد التاريخية جامع المؤيد الذي يعد فخر مساجد عصر المماليك.
ويقول موقع محافظة القاهرة الذي سلط الضوء على هذا الجامع ضمن معالم القاهرة القديمة إنه يُطلق عليه المؤرخين "مسجد السلطان السجين، يُعد أحد المساجد الأثرية الشهيرة بالقاهرة، ويوصف بأنه فخر مساجد عصر المماليك الجراكسة، ويقع داخل أسوار القاهرة الفاطمية ملاصقا لباب زويلة، ويشرف بواجهته الجنوبية الغربية على شارع تحت الربع. أنشائه السلطان الملك المؤيد أبو النصر سيف الدين شيخ المحمودي الجركسى في الفترة من 1415- 1421م.
قصة بناء المسجد
المكان الذي به المسجد الآن قبل بناء المسجد، كان سجن مسمى بسجن "شمايل" وقد سُجن فيه المملوك شيخ المحمودي، بتهمة التآمر على البلاد، وذلك قبل أن يتولى السلطنة، وقد نذر أثناء وجوده بالسجن إن خرج من هذا السجن سوف يهدمه ويقوم ببناء مسجد ومدرسة بدلا منه وقد وفى بنذره بالفعل، فبعد أن منٌ الله على شيخ المحمودي بالخروج من السجن وآل إليه مٌلك مصر، ولقب بالمؤيد، أوفى بالنذر فشرع في هدم السجن، وقام بشراء الأملاك المجاورة له وهدمها، ثم أقام هذا المسجد الفريد الذي سٌمي باسمه ومعه المدرسة وكان أجمل مسجد وأروع وأغلى مدرسة في ذلك الوقت، حتى تم بنائه في عام 1420م.
القيمة الفنية للجامع
"الجامع الجامع لمحاسن البنيان الشاهد بفخامة أركانه وضخامة بنيانه، وأن منشئه سيد ملوك الزمان يحتقر الناظر له عند مشاهدته عرش بلقيس وإيوان كسرى".. هكذا وصف المقريزي عمارة مسجد المؤيد شيخ، بل أن السلطان العثماني "سليم الأول" عندما زاره بعد فتحه لمصر سنة 1517 م، قال ان هذه عمارة الملوك، ويعد جامع المؤيد شيخ من الآثار المصرية ذات الطراز الخاص. وكنوع من الاهتمام بالمعالم السياحية والأثرية فقد تم تزيين وجه العملة الورقية فئة المائة جنيه برسم لمنارتي الجامع فوق باب زويلة في إصدارات قديمة، كانت تطبع خلال الفترة من الأول من مارس 1921م، حتى الثالث من أبريل 1945 م.
عمارة الجامع
يتكون الجامع والمدرسة من صحن أوسط تحيط به أربع إيوانات أكبرها إيوان القبلة، ويتألف من ثلاثة أروقة، بينما تتألف الثلاثة إيوانات الأخرى من رواقين فقط، ويتوسط الصحن فسقية رخامية مثمنة، تعلوها قبة خشبية لها رفرف محمول على ثمانية أعمدة رخامية يستخدمها المصلون في الوضوء، واستغل المهندس الذي صممه، ملاصقة الجامع لباب زويلة فاتخذ من الجزئين السفلين المصمتين للبرجين قاعدة للمئذنتين، مما أعطاه طابعا خاصا، وتم تزويد الجامع بخزانة كتب عظيمة تحوي مجموعة من الكتب في مختلف العلوم والفنون.
الواجهة الجنوبية الشرقية "الواجهة الرئيسية"
تعد الواجهة الجنوبية الشرقية هي الواجهة الرئيسية للجامع، وتطل على شارع المعز لدين الله القبلي، وتشتمل على كتلة المدخل بالطرف الشرقي، يليها من جهة الجنوب واجهة القبة ويعلوها القبة. ثم واجهة جدار القبلة، وقد قسمها المعمار إلى خمس دخلات رأسية كبيرة وصغيرة بالتبادل، الدخلة الأولى تطل على القبة الشرقية، ثم الدخلات الأربع التي تطل على الإيوان الجنوبية الشرقية، وشٌغلت هذه الدخلات من أسفل بصف من فتحات الشبابيك مغشاة بمصبعات معدنية، يعلوها قمريات قندلية بسيطة، ويعلو دخلة المحراب الموجود بجدار القبلة قمرية مستديرة، وتنتهي هذه الدخلات بصدور مقرنصة، ويتوج الواجهة صف من الشُرفات على هيئة الورقة النباتية، وزخرفت القبة من الخارج بأشكال دالية "الزجزاج" تعد واحدة من آيات الإبداع الفني.
قد ألحق بهذا المسجد قبتان ضريحيتان إحداهما شرقية للمٌنشئ، وهى عبارة عن حجرة مربعة ذات أرضية رخامية تزينها أشكال هندسية، فى جدارها الجنوبي الشرقي محراب مجوف خال من الزخارف، وتضم هذه القبة تركيبتان رخاميتان، أولاهما فوق تربة المٌنشئ، وثانيهما فوق تربة أبناء المؤيد من الذكور، والقبة الضريحية الثانية تقع في الناحية الجنوبية ومخصصة لزوجة المؤيد وابنته، وهي عبارة عن حجرة مربعة ذات سقف خشبي مستوي، وأرضية حجرية بها تركيبتان رخاميتان غير مزخرفتين، خصصت الشرقية منها لزوجة المؤيد، والغربية لابنته الصغرى، وفى الجدار الجنوبي الشرقي لهذه القبة محراب مجوف خال من الزخارف.