جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.
ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901م، في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.
نلتقى اليوم مع «روديارد كبلينج»
روديارد كبلينغ كاتب وروائي وكاتب قصص قصيرة وشاعر وصحفي إنجليزي، وكان في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين من بين الكُتاب الأكثر شعبية في المملكة المتحدة.
الميلاد والنشأة بالهند
ولد جوزيف روديارد كبلينغ في 30 ديسمبر 1865م، في مومباي في الهند، و التي كانت آنذاك جزءًا من الإمبراطورية البريطانية، لوالدين هما الأم«آليس كبلينغ» و الأب «ليكوود كبلينغ»، و الذي كان مصمم ونحات فخار، ومدير مدرسة وأستاذ النحت المعماري في مدرسة الفنون والصناعة في مومباي، التي أسسها السير جميستيجي جيجيبهوي.
مشاركًا في حملات الامبراطورية
شهد الشاعر العالمي الكبير رديارد كبلينغ، في معارك الامبراطورية البريطانية، وخاصة في الحقبة الواقعة بين عامي 1883م و1885م، وشهد حي شرق السودان معارك شرسة بين الجيوش البريطانية المدججين بأحدث أسلحة العصر بقيادة كبار جنرالات الامبراطورية البريطانية على رأسهم الجنرال جراهام، والثوار السودانيين بقيادة الأمير عثمان دقنة، وفي حملة الاسلحة البيضاء التحم الجيشان في معارك «طماى، التيب، وسنكات، وطوكر، وسواكن، واركويت»، وكتب «كبلينغ» في تلك المعارك قصيدة من عيون شعره بعنوان «FUZZY–WAZZY»، بمعنى «ذو الشعر الأشعث».
مؤلفات «كبلينغ»
وتحوي مؤلفات «كبلينغ» الخيالية.. «ثنائيات كتاب الأدغال»، وهما «كتاب الأدغال» 1894؛ كتاب «الأدغال الثاني»، 1895، بما في ذلك «الرجل الذي سيصبح ملكًا» 1888م، وتشمل قصائده «ماندالاي» 1890، و«جونجا دين» 1890، و«عبء الرجل الأبيض» 1899م.
وكانت أكثر مؤلفات «كبلينغ» انتشارًاهي مجموعة من القصائد بعنوان.. «أناشيد متنوعة» 1886م، كما ألف رواية باسم «على سور المدينة» ويعود تاريخ كتابتها إلى أكثر من مئة عام، 1888 م، ومكان الحدث هو مدينة «لاهور» الباكستانية يتحدث فيها عن مشاهداته هناك.
يعد «كبلينغ» من المبدعين في فن القصة القصيرة، ووصف «كبلينغ» في مجموعتين من القصص القصيرة الحياة في الهند وما فيها من جهادومثل غلبة النزعة الاستعمارية على أكثر أعمالة الشعرية ومنها «جنجا دين» و«رسالة الرجل الأبيض»، و المجموعتين هما:«ثلاثة جنود» «قصص مبسطة من السهول» عام 1888م.
وألف كتب للأطفال كلاسيكية، وأشار أحد النقاد إلى واحدة من مؤلفاته وهي.. «هدية سردية متعددة الاستخدامات ومضيئة».
ومن مؤلفاته «كبلينغ» أيضًا«النور الذي خبا» 1890م، «القواد الشجعان»1897م، «البحار السبعة»1896م، «عمل اليوم» 1898م، «وكيم» 1901م، وفقط هكذا قصص 1902م و«إذا —» 1910م، و«آلهة عناوين الكتب» 1919م.
من أقوال «كبلينغ»
من أقوال «كبلينغ» تجاه الإنسان والعالم .. «إذا أردتم ملاقاة شخ ص ما عرفتموه وهو دائم السفر، فهناك مكانين على الكرة الأرضية يتيحان لكم ذلك، حيث عليكم الجلوس وانتظار وصوله عاجلاً أو آجلاً وهما: موانيء لندن وبورسعيد».
ومن أقواله في الحرب الإنجليزية الأفغانية.. «عندما تُجرح وتُلقى على سهول أفغانستان، وتأتي القسوة لتُقطّع ما تبقّى منّك، ازحف نحو رشّاشك، وفجّر دماغك، واذهب إلى ربّك كجندي»، ومما قال أيضًا «أوقية واحدة من عطاء الأم، خيرٌ من قِنطار بشر من رجال الدين، لدينا أربعون مليون سبب للفشل، لكن لا يُوجد حتى عُذر واحد لهذا الفشل!».
تأثير «كبلينغ» .. وتراثه الأدبي
تغيرت سمعة «كبلينغ» اللاحقة مع المناخ السياسي والاجتماعي في ذلك العصر، استمرت وجهات النظر المتناقضة عنه طوال معظم القرن العشرين، و كتب الناقد الأدبي دوجلاس كير: «لا يزال كبلينغ مؤلفًا يمكنه إثارة الخلافات العاطفية ومكانته في التاريخ الأدبي والثقافي بعيدة كل البعد عن الاستقرار، ولكن مع انحسار عصر الإمبراطوريات الأوروبية، تم الاعتراف به كشخص لا يضاهى، بالإضافة إلى الاعتراف المتزايد بمواهبه السردية غير العادية، يجعله قوة لا يستهان بها».
وقال عنه مؤسس وقائد مدرسة الواقعية في الأدب الخيالي الكاتب البريطاني هنري جيمس.. «يذهلني كبلينغ شخصيًا باعتباره الرجل الأكثر اكتمالًا من حيث العبقرية، بخلاف الذكاء الرفيع الذي عرفته على الإطلاق».
أصغر فائز بنوبل في الأدب
حصل «كبلينغ» في عام 1907، على جائزة نوبل في الأدب، كأول كاتب باللغة الإنجليزية، ليتسلم الجائزة، وهو في الحادية والأربعين من عمره، وهو أصغر فائز بها حتى الآن، وجاء في تقرير لجنة التحكيم والتصويت لجائزة نوبل في الأدب عن فوز «كبلينغ»: «بالنظر إلى قوة الملاحظة، أصالة الخيال، الرجولة من الأفكار والموهبة الرائعة للرواية التي تميزت إبداعات هذا المؤلف الشهير على مستوى العالم».
وتم اختيار «كبلينغ» أيضًا للحصول على جائزة شاعر بلاط المملكة المتحدة عدة مرات وللحصول على لقب الفروسية، لكنه رفض كليهما.
رحيل «كبلينغ»
بقي «كبلينغ» يكتب إلى أوائل ثلاثينيات القرن العشرين، لكن بوتيرة أقل وبنجاح أقل بكثير من ذي قبل، وتوفي ّ«كبلينغ» بسبب ثقب في الإثني عشر في 18 يناير1936م، قبل يومين من وفاة الملك جورج الخامس وكان عمره 70 سنة، وأحرق جثمان «كبلينغ» في محرقة غولدريس غرين، ودفن رماد جثته في ركن الشعراء، وهو جزء من الجناح الجنوبي لدير وستمنستر.
جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.