جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.
ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.
نلتقى اليوم مع الشاعر الروسي «فواديسواف ريمونت»
الميلاد والنشأة
ولد الكاتب والروائي والسيناريست فواديسواف ريمونت في قرية كوبيل فيلكي بوسط بولندا في 7 مايو عام 1867م، وكانت حينذاك واقعة تحت السيطرة الروسية، وتعلم «ريمونت» القراءة والكتابة على يد قس محلي في القرية.
ورحل «ريمونت» في صباه، إلى عاصمة بولندا وأكبر مدنها «وارسو» يدرس فيها ويحصل على دبلوم الفنون، ثم أرسله والده إلى وارسو في عام 1885، من أجل تعلم إحدى المهن، في رعاية شقيقته الكبرى وزوجها، وتعلم مهنة الخياطة حينذاك ، لكنه رفض العمل بها، مما أزعج عائلته، لأنها شعرت بأن مستقبله في خطر
أحب «ريمونت» العمل في المسارح، فعمل ممثلا متجولًا، في الفرق العسكرية، لكنه لم ينجح في هذا المجال، ولم يستطع جمع نقود، وعاد إلى أهله مفلسًا، وبفضل والده استطاع الحصول على وظيفة في السكك الحديدية، لكنه هرب مرتين منها: المرة الأولى في عام 1888م حيث سافر إلى باريس ولندن، والمرة الثانية هرب من أجل الانضمام إلى إحدى الفرق المسرحية.
وفشل في إثبات نفسه كممثل بسبب انعدام الموهبة، فعاد إلى بولندا مرة أخرى، وعاش حياة فقيرة، ولم يتمكن من ممارسة هوايته في السفر بسبب غياب الموارد المالية، لكنه في عام 1900م حصل على أربعين ألف روبل، كتعويض من مؤسسة السكك الحديدية، بعد تعرضه لحادث خطير وإصابته بجروح بالغة، وأثناء رحلة العلاج، تعرف إلى امرأة، تزوجها في عام 1902م واستغل التعويض المالي الذي حصل عليه، لتحقيق طموحه بأن يصبح أحد الملاك الكبار، لكنه فشل.
واستقر «ريمونت» في«وارسو» عندها قرر ان يتفرغ للكتابة وعمل بعد قراره هذا كمراسل لإحدى الصحف وزار العديد من العواصم الأوربية منها برلين وبروكسل.
مؤلفات وروايات
كتب «ريمونت» العديد من الروايات من أشهرها رواية «الفلاحون» التي نشرها عام 1904م وكتبها أثناء إقامته في «نورماندي» وهي الرواية التي نال عنها جائزة نوبل في الأدب لسنة 1924م.
«الفلاحون».. ضد الثورة الصناعية
ويقدم «ريمونت» في روايته «الفلاحون» فلسفته الخاصة في حياته، حيث عارض آراء المفكرين الذين آمنوا بالتصنيع، وانتقل من حياة المدينة إلى حياة الريف، وأصبح الريف، مكانا دراميا لمؤلفاته، حيث يعكس رؤيته الخاصة نحو بأهمية العودة إلى الطبيعة، وأن الأرض هي مستقبل الإنسان، وليس الآلة الصناعية، وعلى الإنسان العودة إلى الطبيعة.
وهذا يؤكد رفض «ريمونت» للثورة الصناعية،التي حولت الإنسان إلى آله، وكان يرى أنها خطرًا حقيقيًا على الإنسان ووجوده بالحياة، تحولنا جميعا مجتمع استهلاكي متوحش، وتنأى بنا عن المشاعر الإنسانية.
ومن رواياته الأخرى المشهورة «الموت» وهي قصة قصيرة نشرها عام 1893م و«الصينية» المنشورة عام 1894م، وروايات، «المهرجون»،«الخفاش»،عام 1797م، التي يصف فيها الفترة التي اتحدت فيها بولندا مع ليتوانيا.
وألف العديد من الروايات الأخرى التي تظهر المجتمع البولندي في فترة تاريخية حاسمة، وذلك قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، التي جعلت بولندا تستعيد استقلالها بعد 124 عامًا من الاحتلال.
وكان آخر مؤلفاته بعنوان «نَطحة» ونشر عام 1924 ويصف فيه تمرد الحيوانات في المزرعة من أجل المساواة ونيل حقوقها.
جوائز وأوسمة
حصد «ريمونت» إضافة لجائزة نوبل في الأدب، العديد من مظاهر التكريم والجوائز من بلادده منها: نيشان بولونيا ريستيتوتا من رتبة قائد 1921م، وسام الصليب الأكبر من بولونيا ريستيتوتا 1924م، ومنح وسام جوقة الشرف من رتبة قائد1925م م، نيشان العقاب الأبيض 2018م، هو أعلى ترتيب في بولندا يُمنح لكل من المدنيين والعسكريين لأثرهم الكبير لوطنهم وللبشرية.
ورحل الممثل المتجول الحر أديب نوبل البولندي فواديسواف ريمونت في مثل هذا اليوم 5 ديسمبر 1925 وارسو ببولندا.