جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.
ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.
نلتقى اليوم مع الكاتب الأمريكي «أوجين أونيل»
ولد الكاتب المسرحي الأمريكي يوجين أونيل في 16 أكتوبر عام 1888، في نيويورك، هو ابن جيمس أونيل، الممثل الرومانسي الشعبي حينذاك، يقول أونيل: «لقد أنفقت أول سبع سنوات من حياتي في الفنادق وقطارات السكك الحديدية، حيث كانت والدتي دائمًا ترافق والدي في جولاته في الولايات المتحدة، على الرغم من أنها لم تكن ممثلة».
التحق «أونيل»، بالمدارس الكاثوليكية، منذ سن السابعة وحتى الثالثة عشر، ثم التزم بعدها لمدة أربع سنوات في مدارس تحضيرية تابعة لطوائف أخرى، ثم درس سنة واحدة في جامعة برينستون، بعدها طرد من الجامعة بسبب عدم التزامه، ليمضي متسكعًا لعدة سنوات من عمره.
عمل «أونيل» بالعديد من المهن، مثل سكرتير لأحد المراكز المصغرة للبريد الإلكتروني في نيويورك، ثم ذهب في رحلة استكشاف الذهب في براري هندارو، الإسبانية، وعاد دون الذهب، وحمل معه الإصابة بمرض الملاريا.
بداية الرحلة مع المسرح
عاد «أونيل» إلى الولايات المتحدة وعمل لفترة من الوقت كمساعد لمدير شركة مسرحية متجولة، ثم سافر بعد ذلك عبر البحر وعمل في بيونيس آيرس، في شركة ويستنج هاوس الكهربائية، وشركة سويفت المحدودة، وشركة سنجر لمكنات الخياطة، ثم انتهت رحلته البحرية، وعاد وجسده منهك إلى الولايات المتحدة، وهناك عمل كمراسل لصحيفة صغيرة محلية.. وبدأ بكتابة المسرحيات في خريف عام 1913.
بدأ بكتابة مسودة لمسرحيته الأولى «مبحرون شرقًا إلى كارديف» وذلك في ربيع 1914م وفي خريف 1914 دخل جامعة هارفرد لحضور دورة قدمها البروفيسور جورج بيكر، عن القواعد الدرامية للكتابة، ولكنه لم يلتزم وتركها بعد عام.
وفي فصل الخريف من عام 1916 كان أول إنتاج فني من مسرحية للكاتب يوجين أونيل في نيويورك وهي «مبحرون شرقًا إلى كارديف» التي قدمت في العرض الافتتاحية لمسرح Provincetown Players، في السنوات اللاحقة عرضت على هذا المسرح معظم مسرحياته القصيرة، ولكن لم يتم إنتاج مسرحية طويلة من تأليفه حتى عام 1920م، حيث قامت شركة مانا جيميت التجارية بإنتاج مسرحية «وراء الأفق» في نيويورك، وتم عرضها في برودواي 1920م ولكن لم تعرض إلا أربع مرات في الأسبوع وعرض مسائي، ولكن انقاد أشادوا بها ومدحوا الواقعية المأسوية بها، و حصلت على مسرح لتقديم العرض بشكل منتظم، بعد ذلك، وتصور هذه المسرحية أخوين يحبان الفتاة نفسها غير أن أحدهما مولع بالبحر والمغامرة ويضطره زواجه إلى الابتعاد عن البحر.
مسرحيات يوجين أونيل
أثرى «أونيل» الأدب الأمريكي العالمي بالعديد من الإسهامات المهمة في المسرح، وكانت مسرحياته الشعرية من بين أول من أدخل تقنيات الواقعية في الدراما الأمريكية، وحصل «أونيل» على اهتمام الجمهور المسرحي وازدادت شهرته، ومكانته بعد كتابته لأكثر من عشرين مسرحية طويلة «1920- 1943»، ومنهم «آه أيتها البراري»، وهي المسرحية الكوميدية الوحيدة له، رغبة تحت شجرة الدردار عام 1924، و ثم مسرحية «فاصل غريب»، و«الحداد يليق بإلكترا» عام 1931م، نشر أونيل مسرحيتين جديدتين فقط بين عام 1934 ، وكتب «عودة رجل الثلج» عام 1946م.
انضم «أونيل» إلى نادي المسرح الشهير The Lambs في عام 1950م وألف مسرحية «قمر للمخطئين»، عام 1952، التي تضم محتوى درامي قوي يجسد الكثير من سيرة أونيل الذاتية، التي أحب أن يتشاركها مع عامة الناس، وأيضًا كتب «Posth » عام 1956م، وتعتبر واحدة من أهم مسرحيات «أونيل»، وكان عرضها الأول في المسرح الملكي في ستوكهولم، بعد مسيرته المهنية في الكتابة والإشراف على إنتاجات أعماله الخاصة في نيويورك، وأصبحت مؤلفاته من أكثر المؤلفات الأدبية ترجمة وإخراجًا في الأوساط الثقافية والفنية الأمريكية.
نوبل وجوائز أخرى
حصل أونيل على جائزة «بوليتزر» Pulitzer Prize، أربع مرات الأولى عن مسرحية وراء الأفق عام 1920، وحصل عليها مرة أخرى آنا كريستي عام 1922م، والجائزة نفسها للمرة الثالثة عن مسرحية فاصل غريب 1928، وفي المرة الرابعة عن مسرحية «رحلة يوم طويل في الليل» التي كتبها في الأربعينات بالقرن الماضي، ولكنها عرضت عام 1957م.
وترشح يوجين أونيل لجائزة نوبل للآداب في عامي 193 و1935 و وحاز عليها في عام 1936م وجاء في تقرير اللجنة أن الجائزة سببها «من أجل القوة والصدق والمشاعر العميقة لأعماله الدرامية، والتي تجسد المفهوم الأصلي للمأساة».
مسرحية في السينما المصرية
وقدمت السينما المصرية فيلم «عيون لا تنام»، 1981م،عن مسرحيتة «رغبة تحت شجرة الدردار» ليوجين أونيل، والفيلم من بطولة ملك الشاشة فريد شوقي، مديحة كامل، أحمد زكي، الكويتية سعاد عبد الله على الشريف، نعيمة الصغير، وفيق فهمي، والعراقي نزار السامرائي، وأحمد حجازي، سيناريو وحوار وإخراج رأفت الميهي.
أشهر أقوال يوجين أونيل
من أشهر أقوال يوجين أونيل..«هواجسنا خرافة، ننفق حياتنا كلها في البحث عن الباب السحري، ومملكة السلام المفقودة»، كما كتب وقال « أنا عرفت ذلك، كنت أعرف ذلك، أنا ولدت في غرفة فندق، وسأموت في غرفة فندق».
رحيل مؤثر
عانى يوجين أونيل من مشاكل صحية متعددة بما في ذلك الإكتئاب والإدمان على الكحول، على مدى سنوات عديدة، واجه في نهاية المطاف هزة شبيهة بداء الباركنسون في يديه، مما جعل من المستحيل عليه أن يكتب في السنوات العشر الأخيرة من حياته، و رحل «أونيل» عن عالمنا في 27 نوفمبر 1953 م عن عمر يناهز 65 عامًا في الغرفة 401 في فندق الشيراتون في بوسطن، ودفن في مقبرة تلال الغابات في حي جامايكا في سهل بوسطن.