الإثنين 3 فبراير 2025

ثقافة

أدباء نوبل| الإسباني خوان رامون خيمينيث.. شاعر الروح العالية والنقاء الفني

  • 23-12-2024 | 22:01

خوان رامون خيمينيث

طباعة
  • همت مصطفى

جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.

ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901م، في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.

نلتقى اليوم مع  «خوان رامون خيمينيث»

يُعدُّ  خوان رامون خيمينيثمن أكبر الشعراء الإسبان الذين حرَّروا الشعر من النغمة الخطابية والإسراف في الزخرف والوصف اللذين غلباعلى أتباع النزعة الرومانسية والمذهب الحديث، وكان بجانب الشاعر النيكاراجوي روبين داريو مسئولًا عن الطريق الذي سار عليه الشعر الإسباني نحو الحداثة والتجديد،  في الأسلوب والبناء والتركيب اللغوي.

 الميلاد والبداية 

وُلِد في  مثل هذا اليوم 23 ديسمبر1881م،  بمدينة موجير هويلفا بالأندلس، وتلقَّى تعليمه في مدارس الجزويت وفي جامعة إشبيلية، اضطرَّته ظروفه الصحية الحرجة إلى أن يحيا حياةً أدبية هائلة في مدريد

تأثير الشعر الفرنسي الحديث

يرى بعض النُّقاد أن«خيمينيث»، وقع تحت تأثير الشعر الفرنسي الحديث وتأثير الثلاثة الكبار المسئولين عن تطوره وتطوُّر الشعر الأوروبي الحديث كله، وهم بودلير ورامبو ومالارميه كما يرى النقاد، أن هذا التأثير لم يكن في صالح شعره ولا في صالح الأدب الإسباني الذي تأثر بالأدب الفرنسي تأثُّرًا شديدًا منذ القرن الثامن عشر.

مراحل شعر«خيمينيث»

ومر شعر «خيمينيث» بمراحل مختلفة لكلٍّ منها بطبيعة الحال مزاياه أو عيوبه المميِّزة، وتبدأ المرحلة الأولى في سنة 1903م بصدور مجموعته الشعرية «أجواء حزينة» التي تلَتها في الصدور مجموعاتٌ أخرى مثل «قصائد سحرية وأليمة» 1909م و«مرثيات»، ومع مجموعته «حكايات الربيع الشعرية» 1910م

والمرحلة الثانية في تطور الشعري، سادها في رأي بعض النقاد شيء غير قليل من التكلف، كما غلبَت عليها النزعة الرمزية، وربما يكون تأثر بـ مالارميه وأتباعه الكبار مثل فاليري، وتجلَّى هذا في مجموعاته «الوحدة الكئيبة» 1911م و«المتاهة» 1913م و«صيف» 1915م 

وتغيَّر اتجاه «خيمينيث» و تطور في مرحلته الثالثة التي تحول فيها إلى شاعرٍ تأمُّلي مفكِّر يلجأ للشعر الحر ويعبِّر بأسلوبٍ شديد الوضوح، ولهذه المرحلة الأخيرة تنتمي بعض مجموعاته الشعرية المتأخرة مثل «سونيتات روحية» 1917م و«أبديات»1918م، و«أرض وسماء» 1919م، و«المختارات الشعرية الثانية» 1992م.

وصف شعر«خيمينيث» بدءًا من سنة 1917م «بالشعر المحض»، وكان قد جعله تعبيرًا عن عواطفه وحدَها، وخاصةعن عاطفة الألم النابع من «تناقضات الحياة التي لا تقبل الحَل»، وإلى جانب النغمة الشخصية التي تغلب على شعره، فقد تأثر جزءٌ كبير منه من الناحية الشكلية بالتراث الشعبي، وتميز بالتركيز الشديد واستخدام الكلمات التي تُحدث بأصواتها وإيقاعاتها تأثيرًا موسيقيًّا محسوسًا، بحيث يرتبط جو القصيدة ولونها ونغمها بفنون أخرى غير بعيدة عن الشعر، كالموسيقى والرسم الذي مارسه في شبابه، وهي خصائص أثَّرَت بعد ذلك على شعر «لوركا» الذي يُعدُّ امتدادًا وتطورًا لشعره

 منفى اختياري 

ذهب «خيمينيث» باختياره إلى المنفى في أمريكا اللاتينية وفي الولايات المتحدة على أثَر هزيمة الجمهوريين في سنة 1939م على يد الفاشيين، وهناك واصل الكتابة وإصدار مجموعاتٍ شعرية جديدة، مثل.. «المحطة الشاملة» 1946م، و«الرومانسيات» أو «الخياليات» 1948م، لكن الشيء الغريب والعجيب حقًّا أن شهرته العالمية لا ترجع في المقام الأول لشعره الذي اختلفَت حوله الآراء، وإنما ترجع إلى روايته، أو بالأحرى لوْحاته النثرية البديعة، التي كان نشرها في وقتٍ مبكر1917م وهي «بلاتيرو وأنا» التي يروي فيها بعذوبةٍ شاعرية لا متناهية قصة حياة وموت حمارٍ رقيق وجميل وحكيم.

حزن ورحيل

وبعد عودة «خيمينيث» النهائية عام 1951م لبويرتكو ريكو، حتى عام 1958 م مرض، وبدأ يمر بحالات مرضية عصبية متكررة، أثناء ذلك أصيبت زوجته زنوبيا» بالسرطان، وعلى الرغم من علاجها المتكرر، إلا أن المرض قضى عليها لتموت بعد ثلاث أيام من تلقيهما خبر منح خيمينيث جائزة نوبل للآداب، وهي التي عملت كل جهودها خلال سنين طوال من أجل التعريف ب«خمينث» في الأوساط الأكاديمية لجائزة نوبل.

حصل «خيمينيث» على جائزة نوبل للآداب في عام 1956م، وجاء في تقرير لجنة الجائزة «لشعره الغنائي، والذي في اللغة الإسبانية يشكل مثالا على الروح العالية والنقاء الفني»

وبعد رحيل زوجة «خيمينيث» لم تستقر حالة المرضية، ليرحل عن العالم في 29 من شهر مايو عام 1958، ليدفن في منفاه الأخير بويرتوريكو.

علاقة خمينث بالشعر العربي

كتب العديد من العرب الأسبان، وبعض النقاد الإسبان، عن علاقة «خيمينيث» بالشعر العربي، وشعر المتصوفة خاصة،  وتعتبر دراسة محمود عباس العقاد لخوان رامون خيمينيث هي الأولى من نوعها في العالم العربي، مع منتخبات متفرقة من شعره ، وخاصة  من كتابه بلاتيرو وأنا، على الرغم من أن محاولة  «العقاد» كانت منصبة حول جائزة نوبل بدرجة أولى، والكتابة عن شاعر أندلسي ثانياً، وكأنه أراد به إرجاعه لزمرة الشعراء العرب حتى لو لم يكتب باللغة العربية، لكن ترجمة العقاد ودراسته لم تأت مكتملة نتيجة عدم معرفته بلغة وآداب إسبانيا، إذ نقلها عن الإنجليزية.

ونقلت شعر «خيمينيث» إلى العربية في أسلوبٍ شاعري بالغ الروعة والجمال، من قبل رائدٌ  النقد الحداثي في مصر الدكتور لطفي عبد البديع.

مواضيع متعلقة

الاكثر قراءة