الجمعة 31 يناير 2025

ثقافة

من الإذاعة إلى الجبهة المصرية: "أم كلثوم معكم في المعركة"

  • 31-1-2025 | 13:54

كوكب الشرق

طباعة
  • دعاء برعي

"أبيت أن أستسلم لليأس بعد النكسة، لم يكن أمامي إلا أحد أمرين، فإما أن ألتزم الصمت وأقبع في ركن من الانهيار النفسي، وإما أن أمضي بسلاحي، وهو صوتي، أبذل ما أستطيع من جهد من أجل المعركة، واخترت الأمر الثاني".. 

كلمات سجلتها سيدة الغناء العربي أم كلثوم عبر صفحات مجلة الهلال أكتوبر 1971، تأكيدًا لعبها دورًا وطنيًا مشرفًا  شهدت له مواقفها التاريخية التي قادت مبادرة دعم المجهود الحربي المصري، في ظل ظروف عصيبة مرت بها مصر أعقاب هزيمة 1967 وحتى 1972.

وضربت مساندة أم كلثوم لبلادها في تلك الفترة عرض الحائط بكل من سولت له نفسه الظن أن أسطورتها انتهت مع قيام دولة يوليو 1952، بوصفها مطربة العهد الملكي البائد، لتعود من جديد، وتمثل أحد أعمدة دولة يوليو، وتلعب دورًا لم يبلغه أي فنان من قبل.

دشنت كوكب الشرق حملة جمع تبرعات لدعم حالة التعبئة في يونيو 1967، وتحديدًا بعد إعلان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، المشير عبد الحكيم عامر، حالة التعبئة العامة ورفع درجة الاستعداد داخل المؤسسة العسكرية، تزامنًا مع إرسال الفريق محمد فوزي، رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، خطابا إلى قائد قوات الطوارئ الدولية الموجودة على خط المواجهة بين طابا ورفح، يطلب فيه سحب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والمسؤولة منذ عام 1956 عن منع الاحتكاك بين القوات المصرية والإسرائيلية.


"أم كلثوم معكم في المعركة"
وقدمت سيدة الغناء العربي حينذاك أغنية "راجعين بقوة السلاح"، للشاعر "صلاح جاهين"، وتلحين "رياض السنباطي"، ثم طلبت إذاعة الشرق الأوسط منها توجيه النداءات الحماسية للجنود، فسجلت بصوتها 7 نداءات بثت على مدار اليوم، وأرسلت خطابًا إلى القيادة العسكرية تطلب فيه السفر إلى الجبهة المصرية ومخاطبة الجنود في أرض المعركة، لكن طلبها قوبل بالرفض نظرا لخطورة الموقف، ودار شعار الإذاعة المصرية حينها حول كوكب الشرق، فصار "أم كلثوم معكم في المعركة"، بنبرة تفيض بالحماس والتفاؤل.

وعلى مستوى حفلات دعم المجهود الحربي، جاءت أولى الليالي في مدينة دمنهور المصرية، وكانت حصيلة الحفل 76 ألف جنيه مصري، ثم توالت الحفلات على مدار خمسة أعوام بين محافظات مصر.

وفي أوروبا، أحيت أم كلثوم حفلتين على مسرح الأولمبيا الشهير في باريس، وحفلا في موسكو، كذلك في العديد من الدول العربية، فأحيت حفلاتها في سبعة دول عربية خلال تلك الفترة، هي المغرب والكويت والسودان وتونس ولبنان والإمارات وليبيا، وبلغت حصيلة هذه الحفلات 3 ملايين جنيه مصري، ونصف مليون جنيه بالعملة الصعبة تقريبًا، بالإضافة إلى مصوغات ذهبية ومجوهرات.

وتخطى دور سيدة الغناء العربي فكرة جمع التبرعات أو التعريف بالقضية المصرية، إلى تحسين العلاقات بين الدولة المصرية ودول أخرى شقيقة، كالتوتر الذي شهدته العلاقة المصرية، التونسية في تلك السنوات، بعد استقبال مصر للزعيم التونسي صالح بن يوسف لاجئًا في القاهرة 1955، وعلى الرغم من زيارة عبد الناصر لتونس 1963 للمشاركة في احتفالات عيد الجلاء، وزيارة بو رقيبة للقاهرة 1965 وحضوره حفلا أقيم على شرفه أحيته أم كلثوم في دار الأوبرا المصرية، لكن سفر أم كلثوم إلى تونس 1968 في إطار حفلات دعم المجهود الحربي كان نقطة التحول في مسار العلاقة بين البلدين.


وأحيت أم كلثوم حفلًا وحيدًا في 1972، ضمن مبادرة دعمها للمجهود الحربي، وهو الحفل الأخير ضمن سلسلة حفلات دعم المجهود الحربي، وأقيم بعد رحلة علاجية وفترة نقاهة طويلة قضتها السيدة في منتجع "باد جاشتاين " النمساوي، ووصف الحفل بأنه سهرة العروبة الكبرى المرتقبة، وأشرف على تنظيمه محافظ القاهرة إبراهيم بغدادي شخصيّا، ولم يعرف أحد مقدار ما أضافه هذا الحفل إلى المجهود الحربي.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة