ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بدا على ما يبدو أكثر إصرارًا في التخلي عن نهجه الحذر في التعامل مع إيران بل ومن المُرجح أن يُطلق العنان لأسابيع أو أكثر من الاضطرابات في جميع أنحاء المنطقة بعد الضربات الأخيرة التي شنتها إسرائيل في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة على إيران.
وقالت الصحيفة- في سياق تعليقها على الأحداث الأخيرة- إن نتنياهو ظل يشرف لسنوات طويلة على صراع سري مع إيران كانت كل خطوة فيه مُدروسة لتجنب حرب شاملة بين اثنين من أقوى جيوش المنطقة. حتى العام الماضي، عندما هاجم الجانبان بعضهما البعض علنًا لأول مرة، تجنبت إسرائيل ضرباتٍ قد تُشعل معركةً طويلة الأمد.
ولكن الآن، تخلى نتنياهو على ما يبدو عن حذره بهجومٍ واسعٍ وجريء بشكلٍ مُذهل على إيران، من المُرجح أن يُطلق العنان لأسابيع أو أكثر من الاضطرابات في جميع أنحاء المنطقة. بناءً على أوامر نتنياهو، لم تستهدف إسرائيل المواقع النووية الإيرانية فحسب، بل استهدفت أيضًا دفاعاتها الجوية وقواعدها العسكرية وكبار قياداتها العسكرية.
وقال محللون في لقاءات أجروها مع الصحيفة إن نتنياهو تحرك بدوافع آنية، أبرزها عرقلة المفاوضات الدبلوماسية الجارية بين الولايات المتحدة وإيران ومنع أي توسع فوري في البرنامج النووي الإيراني.
لكن لنتنياهو أيضًا تطلعات أوسع نطاقًا؛ حسبما أبرزت الصحيفة، فمنذ عقود، يصوّر نتنياهو النظام الإسلامي في إيران على أنه الخطر الأكبر على أمن إسرائيل، سواء بسبب مساعيه المستمرة لتطوير سلاح نووي، أو لدعمه المتواصل للفصائل الفلسطينية والجماعات العربية المناهضة لإسرائيل.
وأضافت "نيويورك تايمز" أنه بعد سنوات من الدعوة لاستخدام القوة الساحقة لاحتواء هذا الخطر، يبدو أن نتنياهو بات مستعدًا لترجمة تهديداته إلى أفعال ربما، كما يقول بعض المحللين، بدافع طموحه لترك بصمة دائمة في التاريخ الإسرائيلي.
والآن، يخاطر نتنياهو بتوريط المنطقة، وربما الولايات المتحدة، في صراع، إذ يواجه اضطرابات داخلية في الداخل وانتقادات دولية متزايدة بسبب إدارته للحرب ضد حماس في غزة.. حسبما أكدت الصحيفة الأمريكية.
تعليقًا على ذلك، قال ناداف شتراوشلير، المستشار السابق لنتنياهو والمحلل السياسي الإسرائيلي:" بالنسبة له، هذا أمر شخصي - فهو يتحدث عن هذا منذ 25 عامًا. وقد يكون هذا هو الإرث الكبير الذي كان يسعى إليه".
وأبرزت "نيويورك تايمز" أن نتنياهو قد خطط لهجوم واسع النطاق على إيران قبل أكثر من عقد، خلال فترة ولايته السابقة كرئيس للوزراء. لكنه ألغى الهجوم في النهاية تحت ضغط من إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما ووسط مخاوف في حكومته بشأن القدرات العسكرية الإسرائيلية.. وأشارت إلى أنه في عام 2015، خاطر نتنياهو بشقاق مع الرئيس أوباما بإلقاء خطاب أمام الكونجرس انتقد فيه جهود أوباما لكبح البرنامج النووي الإيراني عبر الدبلوماسية.
وتابعت الصحيفة أن الأحداث الأخيرة سهلت على الجيش الإسرائيلي توجيه ضربته، خاصة وأنه على مدار العام ونصف العام الماضيين، قضت إسرائيل على تحالفات إيران الإقليمية وقلّصت قدراتها الدفاعية ومن بين ذلك حزب الله، حليف إيران في لبنان، الذي أصبح الآن ضعيفًا للغاية.
كذلك، رأت الصحيفة أن انتخاب الرئيس ترامب وسّع نافذة الفرصة. فعلى الرغم من أن ترامب سعى إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران بشأن طموحاتها النووية، بل وطلب من نتنياهو تأجيل الضربة، إلا أن الرئيس بدا في بعض الأحيان أكثر استعدادًا من سلفه الرئيس بايدن لقبول فكرة الهجوم. من جانبه، قال مايكل كوبلو، المحلل في منتدى السياسة الإسرائيلية، وهي مجموعة بحثية مقرها نيويورك:" دبلوماسيًا، منح انتخاب ترامب نتنياهو رئيسًا مستعدًا لدعم تهديد عسكري ذي مصداقية خطابيًا".
وأضاف كوبلو:" لطالما كان تفضيل نتنياهو للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني من خلال العمل العسكري واضحًا وضوح الشمس لسنوات، وقد اغتنم أخيرًا الفرصة المثالية". وعلى الصعيد المحلي، من المتوقع أن يستفيد نتنياهو أيضًا من ضرب إيران إذ قال محللون إنه إذا أدى هجوم اليوم، الذي أسفر أيضًا عن مقتل عالمين نوويين إيرانيين، إلى إضعاف البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير، فقد يعزز نتنياهو مكانته الوطنية قبل الانتخابات العامة العام المقبل. وقالت المحللة السياسية الإسرائيلية مازال معلم:" يريد نتنياهو أن يبدأ عامه الانتخابي بميزة واضحة. بدلاً من تحمّل مسئولية السابع من أكتوبر، يُريد نتنياهو أن يُخلّد اسمه في تاريخ إسرائيل كرجل الدولة الذي هزم البرنامج النووي الإيراني". وأضافت:" لكن كل هذا يتوقف بالطبع على تطورات الأمور".