قالت مجلة "لوبوان" الفرنسية، إن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لا يزال متمسكا بموقفه تجاه القضية الفلسطينية، إذ أعلن للمرة الثالثة خلال هذا العام استعداده للاعتراف بالدولة الفلسطينية، محددًا هذه المرة موعدا نهائيا لاتخاذ القرار في شهر سبتمبر المقبل.
غير أن أن المجلة الفرنسية رأت ـ في افتتاحيتها اليوم /السبت/ ، أن هذه الخطوة الدبلوماسية، في ظل السياق الراهن، لن تسهم في إحلال السلام في الشرق الأوسط، بل قد تقوّض من مصداقية فرنسا وتماسكها الوطني والتضامن الغربي وجهود مكافحة الإرهاب.
وأشارت المجلة إلى أن الأمم المتحدة كانت قد أقرت عام 1947 ـ أي قبل ما يقارب ثمانين عاما ـ فكرة إقامة دولتين،" يهودية وعربية"، على أرض فلسطين ، ولكن الجانب العربي رفضها ..وبعد بضعة أشهر أعلن الحرب على دولة إسرائيل الناشئة، وهي حرب خاسرة ... ولم تتغير معادلة الصراع منذ ذلك الحين تقريبا ، ولا يزال العديد من الخبراء في هذا المجال يعتقدون أن حل الدولتين هو الحل الأمثل للشرق الأوسط ... وهم محقون تماما في ذلك .
واستطردت المجلة قائلة "إنه ما بين المثالية والواقع ..ثمة فجوة لا يمكن تجاوزها في ظل الظروف المأساوية التي تشهدها المنطقة منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023 ولا يحتاج المرء إلى أن يكون محاطا بمستشارين دبلوماسيين بعيدي النظر ليدرك أن التعايش السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يزال، في الوقت الراهن، حلما بعيد المنال" .
ورأت "لوبوان" أن الاعتراف بوجود دولة غير موجودة لن يقرب بأي حال من الأحوال الأطراف المتصارعة ... فالغالبية العظمى من الشعب الإسرائيلي لا تريد دولة كهذه وهم يعتقدون أن مثل هذه الدولة، حتى لو كانت منزوعة السلاح، ستكون بؤرة للإرهاب .
وعلى الجانب الفلسطيني، للأسف، ترى المجلة انه لا توجد في الوضع حاليا، سلطة شرعية تجسد التطلع الوطني ..لا سيما وأن الانتخابات لم تجر منذ عام 2006 ، وتعتمد السلطة الفلسطينية ماليا على المانحين الدوليين في 70% من ميزانيتها ، كما أن جزءا كبيرا من أراضيها، قطاع غزة، في أيدي حماس منذ ثمانية عشر عاما .
وأوضحت المجلة أنه لكي يسهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في دفع عجلة التسوية، يجب أن تكون الإدارة الفلسطينية قادرة على التصرف؛ وأن تثبت شرعيتها بالانتخابات؛ وأن تلتزم بالتعايش السلمي؛ وأن تكون عملية السلام جارية مع إسرائيل .
وفي المقابل ، حملت المجلة الحكومة الإسرائيلية نصيبها من المسؤولية عن هذا المأزق ، مؤكدة أن توسيع المستوطنات في الضفة الغربية يأتي بنتائج عكسية، ويضيف كل يوم عقبات جديدة إلى طريق السلام .
كما رأت أن استمرار الحرب في غزة "لا معنى له من الناحية الاستراتيجية" في ظل فشل بنيامين نتنياهو، منذ ما يقرب من عامين،في تحديد هدف سياسي للعمليات العسكرية مما يعرض نجاحها للفشل.
واختتمت المجلة افتتاحيتها بالإشارة إلى أن "في مواجهة عناد رئيس الوزراء الإسرائيلي المميت، قد يكون الضغط الأوروبي المتزايد عاملًا مساعدًا". غير أن هذا الهدف وفق ما ترى المجلة، لا يمكن أن يتحقق عبر موقف مبدئي ، لا يفضي إلا إلى مزيد من الانقسام في الغرب، ويخالف المملكة المتحدة وألمانيا، ويمنح حماس نصرا رمزيا، فضلًا عن تفاقم تداعيات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في الداخل الفرنسي.
واختتمت بالقول: "لا يزال هناك وقت لرئيس الجمهورية للتخلي عن هذا الموقف".