13-12-2025 | 10:46
إيهاب سلامة
في زمن قد نواجه فيه الملوثات أحياناً، لم يعد الالتهاب الشعبي مجرد “نزلة برد عنيدة”، بل تحول إلى مرض صامت يطرق أبواب البعض في كل فصل، ويصيب الملايين سنويا حول العالم دون تمييز بين طفل أو بالغ، مدخن أو غير مدخن، قوي أو ضعيف.
ورغم شيوعه، ما زال كثيرون يستهينوا بأعراضه، ويتعاملوا معه كعرض عابر لا يحتاج إلى طبيب، حتى يجدوا أنفسهم في سباق مع ضيق النفس، الكحة الليلية، الارتشاح الرئوي، والالتهاب الرئوي الكامل، هنا فقط يدرك المرضى حجم الخطر الذي تجاهلوه، نستعرض في هذا التحقيق
فى البداية يشير الدكتور أحمد عبد العاطي استشاري أمراض الصدر والحساسية إلى أنّ الالتهاب الشعبي هو التهاب في جدران الشعب الهوائية مسئول عن تضييق الممرات التنفسية وزيادة إفراز المخاط، ما يؤدي إلى كحة مستمرة وأزيز وضيق تنفس وبلغم ملون، وارتفاع حرارة.
ويظهر الالتهاب بطريقتين إما في شكل التهاب شعبي حاد: يستمر من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع وغالبا ما يكون فيروسيا أو التهابا شعبيا مزمنا وهو أخطر وأكثر انتشارا بين المدخنين ومرضى الحساسية، ورغم شيوع المرض، إلا أن أخطر ما فيه أنه يتطور في صمت ويتحول أحيانا إلى التهاب رئوي إذا أهمل المريض العلاج.
يحذر عبد العاطي من أنّ الالتهاب الشعبي مشكلة مركبة، حيث لا يمكن علاج كل الحالات بنفس الطريقة موضحا أن المرض ينقسم إلى ثلاث فئات، الأولى التهاب شعبي فيروسي وهو الأكثر انتشارًا، والتهاب شعبي بكتيري، والتهاب شعبي تحسسي لدى المرضى الذين يعانون من حساسية صدر أو جيوب أنفية، ويشير إلى أن الالتهاب الفيروسي لا يحتاج مضادًا حيويا إطلاقًا، وأن استخدامه بدون داعٍ يؤدي إلى مقاومة بكتيرية خطيرة تجعل العلاج أصعب مستقبلًا.
كما يشدد على أن المرضى أصحاب الصدر التحسسي يحتاجون علاجا خاصا، ثم يقول أيضاً : لا يوجد ما يسمى كحة بسيطة إذا استمرت لأكثر من أسبوعين يجب فحصها فورًا.
من جانبه، يؤكد الدكتور عادل فريد، استشاري الأمراض الصدرية والرعاية الحرجة أن أخطر ما في الالتهاب الشعبي هو إهماله، لأن الإهمال هو المدخل الأول لحدوث التهاب رئوي قد يهدد الحياة. ويشرح الفارق بين الالتهاب الحاد والمزمن ذاكراً أن الالتهاب الحاد يكون نتيجة عدوى فيروسية أو بكتيرية، ويستمر من 7–21 يوما أما الالتهاب المزمن فهو جزء من مرض COPD وينتشر بين المدخنين بشراهة محذراً من أن استمرار الكحة والبلغم 3 أشهر سنويا لمدة عامين متتاليين يدل أحيانا على وجود التهاب شعبي مزمن يحتاج أشعة مقطعية وتحليل وظائف رئة.
ويكشف د. فريد أن 90 % من حالات الالتهاب الشعبي المزمن مرتبطة بالتدخين المباشر أو السلبي، مؤكدًا أن الإقلاع عن التدخين هو أهم خطوة علاجية على الإطلاق، وهنا ينبه استشاري الأمراض الصدرية والرعاية على أنّ علامات الخطر التي تستدعي الذهاب للمستشفى تتمثل في وجود ضيق نفس شديد وتحول لون الشفاه إلى اللون الأزرق، وحرارة مرتفعة لا تنخفض، وبلغم ذو رائحة سيئة يدل على عدوى بكتيرية قوية.
في نفس السياق، يقول الدكتور أشرف الحلوجي استشاري أمراض الباطنة: إن كثيرًا من المرضى لا يفرقون بين نزلة البرد العادية والالتهاب الشعبي، لأن الأعراض متشابهة في البداية، ولكن هناك علامات فاصلة أهمها وجود كحة جافة تتحول إلى كحة مصحوبة ببلغم ووجود صوت صفير في الصدر وثقل في التنفس خاصة أثناء النوم وإفراز بلغم ملون أصفر أو أخضر، وإرهاق عام وعدم القدرة على بذل مجهود، ويحذر الحلوجي من أن عدم الذهاب للطبيب وتناول المضادات الحيوية عشوائيا هما الطريق الأسرع لتحويل الالتهاب الشعبي إلى التهاب رئوي كامل، ويؤكد الحلوجي أن العلاج الصحيح يعتمد على الراحة الكاملة وشراب سوائل دافئة واستخدام بخاخات موسعة للشعب وأدوية مضادة للالتهاب وفقاً لما يشير به الطبيب والمتابعة الأسبوعية إذا استمرت الكحة.
يتفق الأطباء الثلاثة على روشتة للوقاية من الالتهاب الشعبي تتمثل في تجنب التدخين بكل أشكاله وارتداء كمامات في أماكن الملوثات وتهوية المنازل والابتعاد عن الروائح النفاذة إذا كان المريض يعاني من حساسية والتطعيم السنوي ضد الأنفلونزا وممارسة المشي لتقوية الرئتين وشرب السوائل بصورة مستمرة في الشتاء، ويؤكدون علي أن الالتهاب الشعبي ليس مجرد كحة أو برد بل عدو صامت يعيش بيننا ويضعف مناعتنا، ويختار أكثر لحظاتنا إرهاقًا لينقض على صدورنا لكن الخبر الجيد أن الوعي بالمرض هو خط الدفاع الأول إضافة إلى أهمية إدراك المريض للأعراض مبكرًا، والاستماع لنصائح الأطباء.