تمثل جنوب
السودان العمق الإستراتيجي للأمن القومي المصري، وتعمل مصر على دعمه بشتى السبل،
فضلا عن رعاية المصالحة السياسية من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية في جوبا، حيث حرصت
مصر على احترام رغبة أبناء الجنوب في إقامة دولتهم المستقلة واعترفت بها ووطدت
علاقاتها معها سياسيا ودبلوماسيا.
وأرسلت مصر
أكبر قوة لقوات حفظ السلام الدولية بجنوب السودان، حرصا على دعم استقرار الدولة، وتسعى
إلى زيادة دعمها لدولة جنوب السودان فى مجالات التعليم والصحة والمشروعات الخدمية والبنية
التحتية، والتعاون المشترك فى كافة المجالات.
وتعتبر
زيارة رئيس جنوب السودان سلفاكير الحالية للقاهرة، هي الزيارة الثالثة له لمصر، بعد زيارتين
رسميتين في 2014 وأخرى في 2017، إلى جانب زيارات متبادلة بين الوزراء المصريين إلى
جوبا، والمسئولين بجنوب السودان إلى القاهرة على مدار السنوات الماضية.
زيارات
سيلفاكير
بعد تولي
الرئيس عبد الفتاح مقاليد الحكم، أجرى سلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان بزيارته
الأولى إلى مصر في نوفمبر 2014، على رأس وفد رفيع المستوى يضم مجموعة من الوزراء، استقبله
خلالها الرئيس السيسي، وعقدا الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية مغلقة، تلتها جلسة مباحثات
موسعة بحضور وفدي البلدين.
وأكد السيسى
استمرار مصر في تقديم مساعداتها إلى أشقائها في جنوب السودان ، وأكد سيلفا كير أن هذه
الزيارة بمثابة رسالة قوية تعكس عمق العلاقات بينهما، مضيفًا أنه حرص على اصطحاب وفد
موسع من مختلف الوزارات للتباحث مع نظرائهم المصريين لتفعيل الاتفاقيات الموقعة بين
البلدين، ودفع التعاون بينهما قدماً من خلال توقيع اتفاقيات جديدة.
وفي يناير
2017، قام سلفا كير بزيارته الثانية لمصر، والتقى بالرئيس، وبحث الجانبان سبل تعزيز مختلف جوانب
العلاقات الثنائية بين مصر وجنوب السودان، كما تمت مناقشة بعض القضايا الإقليمية والدولية
ذات الاهتمام المُشترك، كما بحثا عملية السلام فى جنوب السودان وأهمية الالتزام باتفاق
التسوية السلمية الموقع فى أغسطس 2015، باعتباره الآلية الأساسية لاستعادة السلم والاستقرار
والرخاء لأهلنا فى جنوب السودان، كما تناولت سبل تضافر كل القوى لتقديم الدعم لحكومة
الوحدة الوطنية الانتقالية برئاسة سلفا كير لتحقيق هذا الهدف المهم.
لقاءات
هامشية بين السيسي وسيلفاكير
وعقد
الرئيسان السيسي وسلفاكير، قمم ثنائية على هامش مشاركة الرئيس السيسي في عدد من المحافل
الدولية، ففي سبتمبر الماضي خلال مشاركته في منتدى التعاون الصين - أفريقيا (فوكاك)،
استقبل الرئيس السيسي بمقر إقامته بالعاصمة الصينية بكين رئيس جنوب السودان سلفا كير،
واستعرضا أوجه التعاون الثنائي بين البلدين.
حيث أكد الرئيس
أن مصر ستواصل مساندة جهود التنمية في جنوب السودان، وتعزيز أطر التعاون الثنائي وتقديم
المساعدات والدعم الفني لجنوب السودان، بما يسهم في تلبية تطلعات شعبها نحو مستقبل
أفضل، والمضي قدماً في تنفيذ المشروعات الثنائية، فضلاً عن تعزيز جهود إعادة إعمار
جنوب السودان وتنفيذ مشروعات تحقق مصالح الشعبين في مختلف المجالات.
وفي
سبتمبر من عام 2014، استقبل الرئيس نظيره الجنوب سوداني في نيويورك، على هامش أعمال
الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ثمّن سيلفا كير دور مصر
سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في إفريقيا، مشيدا بالدعم المصري لبلاده في مختلف المجالات،
ولا سيما في مجال التعليم، معرباً عن تطلعهم لاستمرار هذا الدعم.
علاقات
اقتصادية
وتربط
القاهرة وجوبا، علاقات اقتصادية قوية، حيث شهدت الدولتان توقيع عدد من مذكرات
التفاهم في مجالات متعددة، بينها التعاون الفني والتنموي في مجال الموارد المائية
وكذلك التعاون الزراعى لإنشاء مزرعة نموذجية مشتركة على مساحة 200 هكتار، تقوم على
نظام الرى فى موقع ملائم وقريب من مصدر دائم لمياه الرى بجنوب السودان.
إلى جانب
التعاون فى مجال الكهرباء بين وزارتى الكهرباء والطاقة فى كلا البلدين، بتوقيع مذكرة
التفاهم إلى العمل على تصميم وتخطيط مشروعات توليد الكهرباء من الطاقة المائية، وكذا
شبكات كهرباء الريف، والتعاون فى مجال الصحة بين وزارتى الصحة والسكان فى كلا البلدين،
لدعم النظم الوقائية، للوقاية من الامراض والاوبئة.
وفي يناير
2018، تم توقيع بروتوكول تعاون بين مصر وجنوب السودان لإنشاء أكبر منطقة صناعية مصرية
بالعاصمة (جوبا) على مساحة 116 كيلو مترا مربعا لتساهم في زيادة حجم الصادرات المصرية
وتتيح فرص عمل للشباب.
كما تم تفعيل
عددا جديدا من المشروعات التنموية التى اقترحها الجانب الجنوب سودانى، مؤخراً مثل مشروع
إنشاء المزرعة النموذجية بولاية غرب بحر الغزال وإنشاء عدد من سدود حصاد مياه الأمطار
في عدد من ولايات جنوب السودان, فضلاً عن بحث مقترحات رئيس جمهورية جنوب السودان نحو
البدء في تنفيذ عملية تطهيرات المجارى المائية بحوض بحر الغزال ونهر السوباط من الحشائش
العائمة ولدرء مخاطر تراكم الطمى والتى تشمل أيضاً تأهيل المجرى الملاحى لمجرى بحر
الجبل بحنوب السودان.
دعم تنموي
في أكتوبر
الماضي، قامت وزارة الخارجية عبر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بإعداد برنامج
تدريبى فى مجال البروتوكول لـ11 من كوادر جنوب السودان من العاملين فى مكتب الرئيس
سلفا كير ميرديت رئيس جنوب السودان.
إلى جانب
مساعدات دوائية وقوافل طبية ومساعدات إنسانية انطلاقاً من الروابط القومية وموقف مصر
الثابت تجاه أشقائها من دول القارة الإفريقية والتضامن والتعاون الكامل معهم من أجل
البناء والتنمية ومواجهة المحن والأزمات، حيث أرسلت مصر عشرة شحنات من المساعدات
الإنسانية خلال الفترة من يونيو 2017 حتى أغسطس 2018.
المصالحة
السياسية
ورعت مصر
اتفاقات للمصالحة السياسية بين أطراف النزاع في جنوب السودان، ففي نوفمبر من عام
2017، تم التوقيع على وثيقة «إعلان القاهرة» لتوحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان،
تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، ونظيره الأوغندى يورى موسيفنى، وذلك فى إطار جهود
دعم السلام ووقف الحرب فى جنوب السودان.
واتفقت الأطراف
على أن تنسق المخابرات العامة المصرية مع الأطراف المعنية بمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق
عليه، وتمثل الوثيقة مدخلا أساسيا لعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم الأصلية، ويعد
الجهد السياسى «المصرى- الأوغندى» بالتعاون مع الأشقاء فى جنوب السودان ركيزة أساسية
لدعم الاستقرار الإقليمى.
الاعتراف
المصري
كانت مصر
قد اعترفت رسميا بجمهورية جنوب السودان، في يوليو 2011، وذلك لدى وصول الوفد المصري
المشارك في احتفالات إعلان الدولة في جوبا، وقد قام الوفد المصري المشارك في الاحتفالات
بتسليم خطاب رسمي بالاعتراف بجمهورية جنوب السودان.
كما أكد الوفد
المصري حرص مصر على دعم وتعزيز العلاقات مع الأشقاء في جنوب السودان ومواصلة الدور
المصري في تقريب وجهات النظر بهدف تسوية المسائل العالقة بين شمال السودان وجنوبه،
وبما يؤمن علاقات جيدة ومستقرة بينهما في مختلف أنحاء المنطقة.