الأحد 16 يونيو 2024

مظاليم السينما.. محمد كامل "أشهر خادم" والذي تزوج ابنة شقيقة رئيس تركيا

14-4-2020 | 11:29

في الكادر السينمائي ترى شخصيات هامشية، ربما لا تجد لها تأثيرا ، ولكن بدونها لن تكتمل الصورة، نعم لكي يكتمل المشهد ويصبح مقنعا ويضج بالحيوية فلابد أن ترى شخصية الخادم والسائق والطاهي وغيرهم، وما يدمي قلبك حزنا هو أن ممثل هذا الدور البسيط هو فنان، جاء إلى البلاتوه وحفظ دوره وأتقنه عند الأداء، وكان في قرارة نفسه يأمل أن تبقى الكاميرا عنده وقتا أطول، فهو ليس أقل من بطل الفيلم الذي يحصد الشهرة والنجومية والمجد والأموال.. ينتهي الفيلم، وفي العرض السينمائي يهنأ الأبطال بتصفيق الجماهير، ويظل هو على هامش الصورة، حتى عند رصد تاريخ السينما وسير النجوم يظل هو في ذيل القائمة وأحيانا لا تجده .. فالأضواء تسلط على النجوم ويظل مربع مظاليم السينما يملؤه الظلام والتجاهل لشخصيات عديدة منها النجم البربري محمد كامل أشهر خادم في السينما المصرية.

 

من المرجح أن ميلاد الفنان محمد كامل يعود إلى عام 1900 أو قبلها بعامين، ينحدر من أصل سوداني، ولد وعاش بالقاهرة، وفي ريعان الشباب سافر كامل إلى السودان عام 1924 ليعمل موظفا في مصلحة الري، وهناك وقعت حادثة "السردار" الشهيرة ، وكانت سلطات الاحتلال الإنجليزي تتشدد في معاملة الموظفين المصريين، وأراد محمد كامل أن يندد بتلك المعاملة، فألف زجلا ساخرا ينقد فيه الحاكم الإنجليزي نقدا لازعا، وتناقل المصريون الزجل ووصل إلى مسامع الحاكم الذي طلب ترجمته، وبعد الترجمة ثار الحاكم الإنجليزي وأمر بفصل محمد كامل من الخدمة.

 

كان ذلك الموقف هو بداية محمد كامل الفنية، فقد أقام له الموظفون المصريون حفل تكريم سري، ألقى فيه زجله بعد أن قام بتلحينه، وانتبه كامل لموهبته في التأليف والتلحين والغناء، فعاد إلى القاهرة ليعمل في فرقة منيرة المهدية، وعندها قام بأدوار الخادم الساذج وأجاد أدواره وتفوق على نجوم الفرقة.

 

انتقل كامل إلى فرقة بديعة مصابني عام 1933 وعمل بها منولوجست، وكان إسماعيل صدقي يحكم مصر بالشدة في رئاسة وزارته الثانية، فألف كامل منولوجا سخر فيه من حكومة صدقي، وتم اعتقاله ليظل أسبوعا كاملا في قسم الخليفة بدون زيارة.

 

من المؤكد أن أدوار محمد كامل في المسرح أو السينما كانت بسيطة، ولم تكن تفي متطلبات حياته الشخصية، لذلك حرص على أن يبحث عن عمل آخر يقتات منه، فقد عمل صيدليا لفترة طويلة، ثم صدر قانونا يجيز عمل الصيدلي فقط لخريجي الجامعة ، وهنا ترك كامل تلك المهنة ليعمل في صناعة النظارات، وقد اشتهر عند أطباء العيون ووثقوا به.

 

أما حياته الأسرية فقد تزوج مرتين، إحداهما كانت الفنانة قدرية كامل ابنة شقيقة جلال بايار رئيس تركيا، وكانت قد هربت مع أسرتها من تركيا إلى مصر عند اعتقال بايار، وعملت قدرية بالتمثيل، وعندما أصبح بايار رئيسا لتركيا عرض عليها أن تعود إلى تركيا واشترط عليها أن تنفصل عن زوجها محمد كامل وأن تهجر الفن فرفضت، حسب ما جاء بمجلة الكواكب عدد 15 يوليه 1958.

 

قبل رحيله بأيام كان محمد كامل يعمل في بورسعيد، وحسب تعاقده كان يجب أن يقضي شهور الصيف هناك، لكنه فجأة قطع عمله وعاد إلى القاهرة وراح يطوف بأصدقائه كأنما كان يودعهم، وكان على خلاف مع زوجته قدرية وسعى إلى الصلح وكاد ينجح لولا أن وافته المنية في 10 يوليو 1958.