السبت 8 يونيو 2024

«أزمة سد النهضة.. لا حل دون اتفاق الدول الثلاث».. خبراء: "إثيوبيا" تسعى لتحسين صورتها أمام العالم عقب كشف نواياها بعقد اتفاق جزئي مع السودان.. وبرلمانيون: الوصول إلى صيغة اتفاق يصب في مصلحة الجميع

تحقيقات13-5-2020 | 17:45

جاء إعلان رفض السودان مقترحا إثيوبيا بعقد اتفاق جزئي حول سد النهضة، ليميط اللثام عن نوايا أديس أبابا بفرض سياسة الأمر الواقع في قضية بناء سد النهضة، ومحاولة إقصاء مصر كطرف رئيس ومؤثر في القضية، عقب فضح الدبلوماسية المصرية للمخططات الأثيوبية الساعية لتنفيذ أجندتها أما العالم، والتأكيد على أنه لن يكون هناك حلا للأزمة دون الجلوس على مائدة المفاوضات والخروج بحل مرضي وملزم للأطراف الثلاث.


وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك أبلغ نظيره الإثيوبي آبي أحمد، بموقف بلاده الثابت حيال أهمية التوصل لاتفاق ثلاثي بين الخرطوم وأديس أبابا والقاهرة، قبل بدء الملء الأول لسد النهضة".


وقال حمدوك بحسب البيان: "إن توقيع أي اتفاق جزئي للمرحلة الأولى لا يمكن الموافقة عليه نظرا لوجود جوانب فنية وقانونية يجب تضمينها في الاتفاق ومن ضمنها آلية التنسيق وتبادل البيانات وسلامة السد والآثار البيئية والاجتماعية".


يذكر أن وزير الخارجية سامح شكري، قد وجه خطابا إلى رئاسة مجلس الأمن أشار إلى ما اتخذته مصر من مواقف مرنة ومتسقة مع قواعد القانون الدولي، وأهمية الانخراط الإيجابي من جانب إثيوبيا بغية تسوية هذا الملف بشكل عادل ومتوازن للأطراف المعنية الثلاثة، وبما يضمن استدامة الأمن والاستقرار في المنطقة.



إشادة بالموقف السودانى

قال السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن محاولة إثيوبيا عقد اتفاق جزئي مع دولة السودان حول قواعد ملء سد النهضة، يعتبر موقفا متوقعا من أديس أبابا، والتي تستشعر عقب إفشالها المفاوضات الأخيرة التى تمت بوساطة الولايات المتحدة الأمريكية، والبنك الدولي موقف حرجا أمام الرأى العام والمجتمع الدولي.


وأضاف القويسني في تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن الحكومة الإثيوبية تسعى للخروج من هذا المأزق من خلال الوصول إلى اتفاق جانبي مع السودان، وكذلك كسر العلاقات التاريخية والممتدة بين الشعبين والحكومتين المصرية والسودانية.


ولفت القويسنى، إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي، حاول استغلال ما حققه من رصيد لدى النخبة السودانية إبان الثورة، وجهود الوساطة التي قام بها فى ذلك الوقت، بعقده اتفاق جانبي مع السودان، ليقلل من دور وأهمية مصر في القضية.


وأشاد القويسني بالموقف السوداني من مقترح إثيوبيا، والذى شدد على ضرورة أن تكون الاتفاقيات بين الدول الثلاث مصر، والسودان، وإثيوبيا، دون إقصاء لأى طرف، مع ضرورة استئناف المحادثات الثلاثية بشكل فوري.


وأكد أن السلطة السودانية الحالية تسلك سلوكا رشيدا باتخاذ هذا الموقف الذى يستحق الثناء، مشيدا بدور الدبلوماسية المصرية التى استطاعت تحقيق صيغة توافق كبيرة مع السودان بشأن هذا الملف.


وأشار القويسنى إلي أن الحقائق على الأرض تؤكد أن الموقف السوداني يتسق تماما في الوقت الحالي مع الموقف المصري، مشيرا إلى أن مصر تمكنت من توضيح عدد من الحقائق الجغرافية والاقتصادية حول ما يتعلق بسد النهضة، وانعكاساتها على الصالح السوداني المشترك.


وكشف مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن محاولات إثيوبيا وضع سد النهضة كأمر واقع تحت مظلة السيادة الوطنية، يعتبر مفهومًا خاطئًا، مؤكدا أن نهر النيل يعد نهرا دوليا عابرًا لا سيادة لأديس أبابا عليه.


وشدد القويسني، على أنه فى النهاية لن يكون هناك حلا لهذه القضية بدون الجلوس على مائدة المفاوضات، والتنسيق بين الدول الثلاثة بشأن كل ما يتعلق بالسد من بيانات، وحل جميع القضايا محل الخلاف، لإعلان صيغة اتفاق جماعى واضحة ومحددة أما العالم.



خطورة التحرك الإثيوبي

أكد الدكتور جمال عبد الجواد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن السياسة الإثيوبية التي تسعى دائما للانفراد باتخاذ القرار، وتجاهل دولتي المصب " مصر، والسودان"، ما تسبب في هوة التناقض والخلاف بين الدول الثلاثة المعنية بالوصول إلى حل مرض بشأن مفاوضات سد النهضة .


وأضاف عبدالجواد في تصريح لـ«الهلال اليوم»، إن إثيوبيا تسعى لزرع الخلاف بين مصر والسودان، من خلال محاولة عقد اتفاق جزئي مع دولة السودان حول قواعد ملء سد النهضة، وذلك لتحقيق مصالحها، متجاهلة تماما الحق المصري الراسخ في مياه النيل مؤكدا أن إثيوبيا تدرك جيدا مدى ضعف موقفها، وأن الخناق يضيق عليها تدريجيا يوما تلو الآخر.


وأشاد عبد الجواد بالموقف السوداني من المقترح، مؤكدا أنه يجب الثناء على القرار السوداني الساعي إلى الانصياع إلى صوت العقل، وجلوس جميع الأطراف من أجل الوصول إلى حل شامل تتفق عليه الأطراف الثلاثة.


وأشار عبدالجواد إلى أن العديد من الأصوات فى العالم تطالب أديس أبابا بالاستماع إلى صوت القانون، والانصياع للقرارات التي تخرج بها المفاوضات.


وحذر من خطورة المناورات والقرارات غير المدروسة التي تقدم عليها أديس أبابا بشأن هذا الملف، مؤكدا أن ذلك من شأنه أن يزيد من حدة التوتر بين جميع الأطراف، والوصول إلى طريق مسدود، سيجبر إثيوبيا فى النهاية إلى االخضوع لصوت العقل وتحكيم القانون.


وأكد عبد الجواد، أن الدبلوماسية المصرية حققت ضربات ناجزة في هذا الملف من خلال إعلان موقفها أمام العالم والساعي إلى الوصول إلى حل يحقق مصالح جميع الأطراف، دون تغليب مصلحة طرف على حساب الآخر ، مشيرا إلى أن لجوء مصر إلى مجلس الأمن وضع إثيوبيا تحت ضغط كبير، وهو ما جعلها تسعى لتحسين موقفها بأى تحرك أو قرار، وحتى لو كان ذلك يتناقض مع القانون الدولي.



الدبلوماسية المصرية

أشادت النائبة غادة عجمي عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، بالسياسية الواعية والمدروسة التى تقوم بها الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي في التعامل مع ملف سد النهضة .


وأوضحت غادة عجمي في تصريح لـ«الهلال اليوم»، أن الاتصالات التى أجراها الرئيس السيسي مع نظرائه من قادة دول العالم، بجانب الجولات المكوكية التى قامت بها الدبلوماسية المصرية نجحت فى كشف المخططات الإثيوبية ، وفضحت نوايا أديس أبابا بفرض سياسة الأمر الواقع فى قضية بناء السد، حتى لو كان ذلك على حساب القانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية.


وأرجعت عجمي، محاولة إثيوبيا عقد اتفاق جزئي مع دولة السودان حول قواعد ملء سد النهضة، إلى سعى أديس ابابا أن تظهر للعالم أن هناك اتفاقا بين دول حول النيل حول مشروعية سد النهضة، وقواعد ملء البحيرة، وأن القاهرة هي من تسعى دائما إلى الخروج عن النسق، وإفشال أي تسويات تتفق عليها دول حوض النيل .


وأشادت عجمي برفض الحكومة السودانية هذا المقترح الإثيوبي، وانحيازها إلى ضرورة التوصل إلى حل شامل يشمل الدول الثلاث، ودون إقصاء لأى منها، لافتة إلى أن الموقف السودانى يأتى تأكيدا للعلاقات التاريخية الممتدة بين الشعبين المصري والسوداني، ونجاح الدبلوماسية المصرية فى توضيح الموقف كاملا أمام الجانب السوداني الشقيق.


وأكدت عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أنه لا بديل فى النهاية عن جلوس الدول الثلاث على مائدة الحوار من جديد، مشيرة إلى ضرورة تمسك مصير بالصيغة التي تنص على وجود "طرف رابع" فى المفاوضات سواء الولايات المتحدة الأمريكية أو أطراف أخرى "كمحكمين"، من أجل منع إثيوبيا من التلاعب وإضاعة الوقت ظنا أن ذلك سوف يساعدها على وضع مصر أمام الأمر الواقع عقب ملء البحيرة، وتشغيل السد .