في كلمته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر الإيسيسكو الافتراضي الذي عقد اليوم الثلاثاء 21 / 7 / 2020م تحت عنوان : ” دور القيادات الدينية في مواجهة الأزمات .. نحو تضامن أخلاقي عالمي للقيادات الدينية ” , بحضور سيادة الرئيس إدريس ديبي إتنو رئيس دولة تشاد , ومعالي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي , وسعادة الدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو , وسعادة الدكتور علي بن راشد النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة , أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن حق الجوار هو حق للأفراد والدول على السواء , وأن معيار الأخلاق ثابت لا يقبل الكيل بمكيالين , فلا ازدراء على الدين ولا قتل على المعتقد , ولا يُقبل تجريم ازدراء الأديان هنا واعتباره حرية رأي هناك, والأمم التي لا تقوم على القيم والأخلاق تحمل عوامل سقوطها في أصل قيامها , ويجب أن نعمل على ترسيخ القيم الإنسانية بعيدًا عن المتاجرة بالدين أو استغلاله استغلالا سياسيًّا .
وهذا نص كلمته :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد :
فإن الأمم التي لا تبنى على الأخلاق والقيم الإنسانية تحمل عوامل سقوطها في أصل بنائها وأسس قيامها :
إنما الأمـــــــــم الأخلاق ما بقيت
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
* * *
وإذا أصيب الـقوم في أخلاقهم
فـــــأقم عليهم مأتمـــــا وعــــويلا
فكل الأمم التي خرجت وانحرفت عن القيم والأخلاق كان مآلها الزوال والاندثار .
على أن معيار الأخلاق ثابت لا يقبل الكيل بمكيالين أو مكاييل متعددة تحددها مصالح بعض الدول فترى القتل جريمة نكراء هنا وتغض الطرف عنه هناك ، ولا تقبل ازدراء الأديان هنا وتعده حرية رأي هناك .
إن القيم الإنسانية الحقيقية لا تقبل ازدواج المعايير ولا ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، فلا ازدراء على الدين ، ولا قتل على المعتقد .
وأصل جميع الأديان قائم على الأخلاق والقيم الإنسانية ما لم يشوهها تحريف البشر أو انحرافهم عنها أو قراءتهم الخاطئة لها عمدا وقسرا ولي عنق لنصوصها ، أو جهلا وجمودا وتحجرا عند ظواهر النصوص .
وإلا فأروني أي شريعة من الشرائع أباحت قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، أو أباحت عقوق الوالدين ، أو أكل السحت ، أو أكل مال اليتيم ، أو أكل حق العامل أو الأجير .
وأروني أي شريعة أباحت الكذب ، أو الغدر ، أو الخيانة ، أو خُلف العهد ، أو مقابلة الحسنة بالسيئة .
بل على العكس فإن جميع الشرائع السماوية قد اتفقت وأجمعت على هذه القيم الإنسانية السامية من : العدل ، والتسامح ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، والصدق في الأقوال والأفعال ، وبر الوالدين ، وحرمة مال اليتيم ، ومراعاة حق الجوار على مستوى الأفراد والدول على حد سواء ، والكلمة الطيبة ، وذلك لأن مصدر التشريع السماوي واحد ، ولهذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم: “الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لعَلَّاتٍ ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى ، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ” ، فمن خرج على هذه القيم فإنه لم يخرج على مقتضى الأديان فحسب ، وإنما يخرج على مقتضى الإنسانية وينسلخ من آدميته ومن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها .
ونأمل أن تسعى القيادات الدينية لترسيخ هذه القيم بعيدًا عن المتاجرة بالدين والقيم أو الاستغلال السياسي لهما ، بما لا يتسق مع صحيح الدين ولا عظيم القيم .
كما علينا – رجال الدين – أن نعمل وبقوة على إحلال السلام الإنساني في ربوع العالم كافة ، دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق ، حيث كرم الله (عز وجل) الإنسان على إطلاق إنسانيته فقال سبحانه : ” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ” ، فليكن هذا منطلق الإنسان في التعامل مع أخيه الإنسان .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته