السبت 4 مايو 2024

توقيع كتاب "مستوطنات تعيلمية.. قصة الثانوية العامة" بدار الهلال

فن17-12-2020 | 11:41

عقدت مؤسسة دار الهلال، ندوة مساء أمس الأربعاء، لمناقشة كتاب "المستوطنات التعيلمية..قصة الثانوية العامة" للكاتبة إيمان رسلان، وذلك بحضور الكاتب خالد ناجح رئيس تحرير إصدارات دار الهلال، وكوكبة من رموز الوسط الثقافي والأكاديمي، وذلك بقاعة "جورجي زيدان" بمقر مؤسسة دار الهلال.


وكان من بين الحضور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة الأسبق، والدكتورة نادية جمال الدين، والدكتور سامي نصار عميد معهد البحوث التربوية، والدكتور عمار علي حسن، ونائبة البرلمان الكاتبة ضحى عاصي، وكذلك الكاتبة عزة بلبع. 


وأوضح الكاتب خالد ناجح رئيس تحرير مجلة الهلال أن هذا الكتاب أخذ قرابة العام والنصف، فموضوع الكتاب الذي نحن بصدد الحديث عنه اليوم ومناقشته يمثل أزمة كل بيت مصري وكل طالب مصري، والذي استطاعت الكاتبة أن تعبر عن تلك الأزمة بشكل أكاديمي لا يخلو من المصداقية والحيادية في تناول تلك الأزمة، فإيمان رسلان تعد إحدى الكاتبات المهتمات بقضايا التعليم ولها باع طويل في تتبع أزمات التعليم ومشكلاته، وف كتابها "مستوطنات تعليمية..قصة الثانوية العامة" إستطاعت سرد أغوار القضية من كافة جوانبها، بتنظير علمي أكاديمي لا يخلو من براعة الأسلوب وسهولة تقديم المعلومة، وتفكيك الأزمة وإحالتها لأصولها الجوهرية".


وتابع: "هذا الكتاب يعد خلاصة مجموعة من المقالات تم نشرها من قبل تم تزويدها بوافر من المعلومات لتناسب مستجدات الأزمة في وقتنا الحالي، وأضافت إليها الكثير، ويعد من أهم الكتب التي ظهرت في الآونة الأخيرة عن التعليم بشكل خاص، حيث أن قلة قليلة من يتطرقون لإحدى أزمات العملية التعليمية وخاصة مرحلة الثانوية العامة التي تعتبر مرحلة المشي على الأشواك حتى تنال ثمرة الصبر والمصابرة على النجاح، وبدء أولى خطوات التعليم الجامعي، فقد حاولت الكاتبة أن تقدم خلاصة تجربتها وأرائها حول تلك الأزمة بجرأة شديدة ودون خوف أو مواربة من الخوض فيما هو بمنأى عن الحديث".


ومن جانبها، أكدت الكاتبة "إيمان رسلان" - في تصريح خاص لـ"الهلال اليوم"- على أنه منذ عقود طويلة تأسست شهادة البكالوريا أو الثانوية العامة في مصر من خلال منظومة التعليم المدني الحديث، وطوال تاريخ الشهادة كانت الحلم والمعضلة في نفس ذات الوقت، لأنها تمثل بوابة الطريق إلى الجامعة التي تمثل حلم أي مصري على مدار تاريخها، وعلى مدار قرنين من الزمان تعرضت للتغيير والتبديل بل والإنتهاك من أكثر من 80% من الوزراء.


وقالت "رسلان" أن الكاتب ماهو إلا محاولة لتقديم التاريخ الإجتماعي والسياسي لهذه الشهادة والإحاطة بكل ما أحاط بها من ظروف إجتماعية وإقتصادية وسياسية وثقافية كانت السبب في تغيير منحى التعليم بين فترة وأخرى"، وترى الكاتبة أن تلك الشهادة تمثل الحلم والأداة التي من خلالها الطبقة المتوسطة الإرتقاء بمستواها الإجتماعي والإقتصادي، فالتعليم هو السبيل الوحيد لتقلد وظيفة مهمة، أو منصب ذو شأن، فشهادة الثانوية العامة هى شهادة الطبقات المتوسطة والغنية والقادرة ولم يقترب من حصنها المنيع الشريحة الكبرى من الفقراء على مر تاريخها، وذلك رغم شعارات مجانية التعليم التى نادى بها عميد الأدب العربي "طه حسين" فقد كان يرى أن التعليم كالماء والهواء من حق الجميع، وبالرغم من تردي الأوضاع الإقتصادية في ثلاثنيات القرن العشرين والأربعنيات إلا أن بدأت تلك الطبقة من الفقراء تعي أهمية التعليم، فبدأ الأهالى يبذلون قصارى جهدهم لإلحاق أبنائهم أملاً في أن يكونوا عونًا لهم، فيرسلونهم من أقاصى المدن البعيدة كالصعيد وغيرها إلى القاهرة، أملا فى فرصة جديدة للحياة".


وأضافت "رسلان" في تصريحاتها أن الكتاب يرصد واقع مرحلة الثانوية العامة منذ البداية، فنجده مكتنز بالتفاصيل التي تدور في جعبتها عن تلك المرحلة، حتى المدارس الأجنبية وكيف استطاعت أن تغزو مصر، والتي تتبعت أثرها الكاتبة منذ 200 سنة، وكيف استخدمها الإخوان المسلمون للوصول إلى كرسى الحكم، حتى وصلنا إلى فسيفساء تحمل كل الأنواع والأسماء ليس لحكومي وخاص ودولي وديني فقط بل لشهادات دول أيضًا، فالثانوية العامة هى لب الصراع في المنظومة التعليمية والإجتماعية وحل أزمتها يساعد على النهوض الإقتصادي والإجتماعي والعلمي".


وأشارت "رسلان" إلى أن جورجي زيدان كان من أوائل الذين يدعون إلى إنشاء الجامعة المصرية، فدار الهلال العريقة صاحبة دعوى من أجل التنوير ومن هنا بدأ ظهور نظام مرحلة" البكالوريا" أو الثانوية العامة بتبعاتها والأزمات التي واجهتها منذ بداية إنشاء الجامعة، فهى إحدى أزمات المجتمع المصري وليس التعليم وحده، فهذا الكتاب يعد قراءة في التاريخ الإجتماعي والسياسي فلم يكن التعليم بمعزل عن الظروف التي تمر بها مصر على مدار تاريخها الطويل، فظلت هذه الشهادة تتأرجح يمينًا وشمالاً حتى بدأت الأسرة المصرية الهرولة إلى التعليم الأجنبي، حتى أًصبح التعليم كالمستوطنة التعليمية بمعنى أن التعليم ليس لطبقة بعينها، فقد أشار فى خضم هذا الموضوع رئيس الوزراء الأٍسبوع الماضى مؤشرات الفقر منخفض فى الحاصلين على المستوى العالى، فهذا يدل على أن الفقر يقل البطالة كلما إرتفع مستوى التعليم وزاد الإقبال على التعلم".


بينما أكدت الدكتورة نادية جمال الدين بأن هذا الكتاب يعد أول كتاب يتحدث عن قضايا التعليم من خلال الكاتبة "إيمان رسلان" وهى تخوض تجربة التعبير عن تلك الأزمة بواقعية شديدة، وليست من ذوي منصب يخص العملية التعليمية بمراحلها المختلفة، ولكنها مهمومة بأزمة حقيقية تعاني منها الأسرة المصرية، الكتاب ملئ بالكثير من القضايا التى تثير الفكر حيث الوقوف على جوهر المشكلة الأساسية التى يجب أن نتوقف أمامها الآن بالتمحيص والتحليل، فنحن الآن عالم يتميز بالتقدم التكنولوجى المذهل، فهناك العديد من الأسرار العلمية التى لا نعلم عنها شيئًا، والتى تأخرنا عنها كثيرًا، فالمدرسة ظهرت كمؤسسة تعليمية بعد ظهور الثورة الصناعية فى أوروبا، والتى كانت المدرسة إحدى تبعات هذا الإنقلاب الصناعي، حيث كان رب الأسرة يقضي جل أوقاته في المصنع، ويهمل تربية وتعليم أبنائه، فظهرت آنذاك المدرسة كبديل عن دور الأٍسرة فى تعليم أبنائها وتربيتهم تربية سليمة".


وأكدت "جمال الدين" خلال حديثها على أن مصر واكبت تلك الحركة وتابعت إرهاصتها، وكانت من أوائل من اهتم بالمؤسسة التعليمة وأولى الإهتمام والرعاية لها، فحدث التنوع في التعليم حيث التعليم العام والتعليم الأزهري، ولكن هنا يجعلنا في تساؤل لماذا أزمة التعليم في مصر ما زالت تتعقد وتتصدر الساحة بالرغم من أن المؤسسات التعليمية لم تكن وليدة اللحظة التي نحياها، بل مر عليها عقدين من الزمان، ولكننا ما زالنا في معاناة، ولم نستطع حتى الآن موازاة الدول المتقدمة ولم نتخذ الإتجاه الصحيح دربًا يدفعنا إلى الأمام، فالكتاب أثار العديد من  الذكريات الشخصيات، حول إعادة إمتحان الثانوية العامة فى عام 1960 وذلك بسبب قيام إسرائيل فى إختراق المنظومة التعليمة وتسريب الإمتحان لطلبة الشعبة العلمية، وهنا ندرك جيدًا أن إسرائيل لم تكن تتبعنا بقوة السلاح والحرب والرصاص ولكن كانت تعى جيدًا أن التعليم هو جوهر كل شئ".

وتابعت جمال الدين حديثها قائلة: "فالثانوية في مصر كانت عنق الزجاجة، وأضافت أن مكتب التنسيق فى مصر هو أعدل المعايير الظالمة، فلا يوجد معيار فى العالم تطبق على كل الناس بالتساوى حتى الآن، لا يعترف بجنس أو لون أو نوع، ولا طبقة إجتماعية، فالكل متساوٍ أمام مكتب التنسيق، ولكن مع تدهور العملية التعليمية وبدلا أن ندعم التعليم بحق وبجهد كبير، فهو أحد الأدوات المهمة التى تعتبر سلاحًا قويًا فى وجه الأعداء، فالتعليم هو الفرصة الوحيدة التي تحقق المساواة بين أفراد المجتمع".


وانتقدت "جمال الدين" ما آلت إليه المنظومة التعليمة وخاصة بعد إنتشار التعليم الجامعي الخاص، والمدارس الأجنبية ، فأًصبح التعليم قرار سياسي، فتمنع في تلك المدارس تدريس اللغة العربية وترفع فيها الأعلام الأجنبية غير آبهين بهوية المجتمع المصرى وهذا ما أِشار إليه عميد الأدب العربي "طه حسين" في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" والذي تم نشره في ثلاثنيات القرن الماضي، ويعد هذا الكاتب كان سابق عصره بالتطرق للعديد من الأزمات التى مازلت تمثل معضلة كبيرة أمامنا لا نستطيع حلها".

    Dr.Randa
    Dr.Radwa