الخميس 16 مايو 2024

السرقة من الصلاة.. أشر الأنواع

الصلاة

دين ودنيا13-6-2021 | 12:11

محمد الأسيوطي

الصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإذا صلحت صلح باقي عمله، وإذا فسدت فسد باقي عمله.

والوضوء للصلاة من أسباب مغفرة الذنوب، والمشي إليها، يرفع الدرجات ويغفر الذنوب، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، هو الرباط والدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد، والملائكة تصلي على من يكون في مصلاه، وتدعو له.

لكل ذلك يجب أن يعتني المسلم بالصلاة، العناية اللازمة، حتى تُقدم للمولى عز وجل بالشكل اللائق .

ومن أمراض الأمة الإسلامية المنتشرة "السرقة من الصلاة"، أو "نقر الصلاة نقر الديك" وغيرها من الأوصاف التي تدل على عدم الاطمئنان في الصلاة.

* الاطمئنان في الصلاة :

والاطمئنان في الصلاة هو: أن تستقرَّ أعضاءُ الجسم في الركوع أو السجود والقيام والقعود، استقرار تاما، والهدوء في كل حركة حتى يعود العظم إلى موضعه الطبيعي، وهو أيضا التأني، وإعطاء كل ركن من أركان الصلاة حقه، من ركوع لسجود لوقوف لجلوس بين السجدتين وغيره.

والاطمئنان من أركان الصلاة، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل المسجد فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، فَسَلَّمَ علَى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالَ له صلى الله عليه وسلم: "ارْجِعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، فَرَجَعَ يُصَلِّي كما صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ علَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقالَ له: "ارْجِعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا"، فَقالَ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما أُحْسِنُ غَيْرَهُا فَعَلِّمْنِي، فَقالَ صلى الله عليه وسلم: "إذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ معكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَعْتدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وافْعَلْ ذلكَ في صَلَاتِكَ كُلِّهَا". صحيح البخاري .

ومن دلالات الحديث أن من ينقر الصلاة، ولا يأتي بالاطمئنان اللازم لها فلا صلاة له، وهو حديث مشهور يسمى حديث "المسئ صلاته"، وعنه أيضا صلى الله عليه وسلم، ما ورد في صحيح سنن بن ماجة: "خرَجنا حتى قدِمنا على رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فبايَعناهُ وصلَّينا خلفَهُ، فلَمحَ بمؤخَّرِ عينِهِ رجلًا، لا يقيمُ صلاتَهُ، - يعني صلبَهُ - في الرُّكوعِ والسُّجودِ، فلمَّا قضينا الصَّلاةَ ، قالَ صلى الله عليه وسلم: "يا معشرَ المسلِمينَ لا صلاةَ لمن لا يقيمُ صلبَهُ في الرُّكوعِ والسُّجودِ".

وعن حذيفة بن اليمان، أنَّهُ رأى رجلاً يصلِّي فطفَّفَ، فقالَ لَهُ حذيفةُ: "منذُ كم تصلِّي هذِهِ الصَّلاةَ؟"، قالَ: منذُ أربعينَ عامًا، قالَ حذيفة: ما صلَّيتَ منذُ أربعينَ سنةً، ولو متَّ وأنتَ تصلِّي هذِهِ الصَّلاةَ، لمتَّ على غيرِ فطرةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قالَ: إنَّ الرَّجلَ ليخففُّ، ويتمُّ، ويحسن"، صحيح النسائي .

* أهم مواضع النقر في الصلاة :

ومن أهم مواضع عدم الاطمئنان في الصلاة الجلسة بين السجدتين، والتي لا يعتنى بها العناية المطلوبة، ويعتبرها الكثير فصلة، وهذا سلوك خاطئ، وأمر خطير وعظيم الخطورة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا".  

وموضع آخر يعامل نفس المعاملة، وهو الوقوف بعد الركوع والاعتدال "سمع الله لمن حمده"، والدليل من نفس الحديث السابق: "ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا " .

* وليس بالضرورة ما يقال ، فالذكر سنة والحركات ركن .

وكلمة السرقة من الصلاة، لتعريف النقر وعدم الاطمئنان شرعية ووردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أسوَأُ النَّاسِ سَرِقةً الذي يَسرِقُ مِن صَلاتِه، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وكيف يَسرِقُ مِن صَلاتِه؟ قال: لا يُتِمُّ رُكوعَها ولا سُجودَها -أو قال: لا يُقيمُ صُلبَه في الرُّكوعِ والسُّجودِ " صحيح أحمد.

والاطمنان غير الخشوع الذي هو حضور القلب في  الصلاة وعدم الانشغال بغيرها وهو مكمل لها أما الطمأنينة والتأني فهي جزء منها .

* بقي لنا التنبيه على مسألة في غاية الأهمية والخطورة فالشيئ بالشيء يذكر ، وهي عدم العناية بقراءة الفاتحة أو قراءتها بشكل خاطئ .

والأمر لا يحتاج علماء تجويد أو دراسة أو مشقة كبيرة فقط سماع الفاتحة على يد مشايخ حازقين بتكرار حتى يتعلم المؤمن الطريقة الصحيحة لقراءة الفاتحة فقرأتها الخاطئة تبطل الصلاة أيضاً لحديث : " لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ " . صحيح البخاري .

وهذا لا يجعل المؤمن ينشغل  بصلاواته الماضية وصحتها ، لأن الأولى به هو تصحيح المسار وتقديم عمل جيد يرضي الله عز وجل ويمسح ما قبله من أعمال غير جيدة .