الثلاثاء 21 مايو 2024

في ذكرى اغتياله.. "عائد إلى حيفا".. أهم روايات غسان كنفاني عن نكبة فلسطين

عائد إلى حيفا

ثقافة8-7-2021 | 18:23

بيمن خليل

في ذكرى اغتيال الأديب والصحفي الفلسطيني الكبير غسان كنفاني الذي تحل ذكرى اغتياله اليوم جراء انفجار سيارة مفخخة أودت بحياته في بيروت عام 1972 في مثل هذا اليوم، لا نستطيع أن ننسى أهم رواياته الملحمية "عائد إلى حيفا".. تعتبر هذه الرواية من أبرز وأهم الروايات في الأدب الفلسطيني المعاصر.

صدرت الرواية لأول مرة في عام 1969م، وقد ترجمت عائد إلى حيفا للكثير من اللغات من بينها اللغة اليابانية، والإنجليزية، والروسية، والفارسية.

 

تميزت رواية عائد إلى حيفا بمكنونها الإنساني العظيم، بالإضافة إلى كونها عملًا أدبيًّا وروائيًّا مكتملاً، رصد فيها غسان كنفاني أدق الجوانب والتفاصيل المهمة التي مرت على فلسطين في ظل نكبتها التي ظلت مرارتها تلاحقهم حتى الآن "نكبة فلسطين 1948".

جسدت عائد إلى حيفا تاريخ فلسطين في النكبة، من الدمار والخوف والرعب وكيف تعاونت الوكالة الإسرائيلة مع الإنجليز لمحاولة تهجير الفلسطينيين عن أرضهم، ودور المنظمات والعصابات الإرهابية في خوض تلك المعركة، مثل الهاجاناة والمنظمات الصهيونية، ورصد لأدق تفاصيل العائلات العربية هناك، ودور الفدائيين الفلسطينيين في مواجهة هذا التحالف الشديد ضد بلادهم.

 

وضع غسان كنفاني شخصيات روايته من عمق أحداث النكبة، عن عائلة فلسطينية تعيش في سعادة ورضى، ولكنها تعبأ بمرارة وقسوة الاحتلال، ووصف كنفاني جو التعايش المشحون بين عائلات الفلسطينيين والعائلات اليهودية المتواجدة بحيفا، وعن كم الكره الذي يكنه اليهود للفلسطينيين، ومحاولات التضييق بهم لجعلهم يرحلون.

جسدت الرواية تعلق الأديب الكبير غسان كنفاني وتوقه للعوة إلى وطنه من جديد بعد تهجير الفلسيطينيين عنها، بعد أن تفرقوا في بلدان عديدة، وتدور معظم أحداث الرواية في محاولة العودة إلى حيفا، تلك المدينة الجميلة، التي رأت وشهدت وقاست مرارة النكبة، وشهدت قتل أهلها في بيوتهم، وهتك أعراضهم، والنيل من أطفالهم دون شفقة أو رحمة، وعن التيه الذي حل بأهلها ونشتيت جمعهم.

تدور أحداث الرواية بين سعيد وصفية اللذان تم تهجيرهم عن حيفا، ووسط هوجة الحرب والدمار وإطلاق النار في حيفا نسوا ابنهم الطفل الرضيع "خلدون" في المنزل بمفرده ولم يستطيعوا العودة إليه مرة أخرى، واضطروا إلى النزوح مع آلاف العائلات إلى الموانئ بعد غزو الصهاينة إلى حيفا وتسليمها لهم من قبل الإنجليز،  وتظهر الرواية معاناة سعيد وصفية والصاعقة التي حلت بهم عند ترك ابنهم الرضيع وهم على مركب بسيط تجرفهم إلى بلاد بعيدة عن طفلهم الذي صار في عون الله فقط.

وظلت العائلة حتى بعد تهجيرها تحاول الوصول إلى طفلهم الصغير في محاولات كثيرة جاءت بالفشل، ومرت 20 عامًا وكانوا على أمل أن يعودوا مرة أخرى إلى حيفا على أمل أن يجدوا خلدون حي.. وذكر غسان في روايته: " كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقًا صغيرًا يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود.

 

وعندما فتحت الحدود بعد 20 عامًا وبدأت الأسر الفلسطينية تعاود زيارتها إلى فلسطين مرة أخرى، ذهب سعيد وصفية إلى حيفا، وبدأت صراعات الذكريات تحتل مخيلاتهم، وبدا يقول سعيد كما جاء في الرواية:

أتعرفين؟ طوال عشرين سنة كنت أتصور أن بوابة مندلبوم ستُفتح ذات يوم.. ولكن أبداً لم أتصور أنها ستُفتح من الناحية الأخرى.

لم يكن ذلك يخطر لي على بال، ولذلك حين فتحوها هم بدا لي الأمر مرعبًا وسخيفًا وإلى حدٍ كبير مهينًا تمامًا.. قد أكون مجنونًا لو قلت لك أن كل الأبواب يجب ألّا تفتح إلا من جهة واحدة، وأنها إذا فُتحت من الجهة الأخرى فيجب اعتبارها مغلقة لا تزال؛ ولكن تلك هي الحقيقة.

 

ظل سعيد يتذكر ما حدث لهم منذ 20 عامًا وهم في حيفا يشهدون مرارة الحرب والخوف، وعن صوت الرصاص والمدافع والنيران التي في كل مكان، وعن ابنهم الرضيع اللذان تركوه، وعندما ذهبوا إلى بيتهم ليجدوا "خلدون" تولت رعايته أسرة يهودية سكنت بيتهم، وأخذوا ابنهم وأسموه "دوف"، وإذ يفاجئوا أن خلدون جندي في الجيش الإسرائيلي، ويجدون أنفسهم أمام مقايضة على ابنهم بين الأسرة اليهودية وسعيد وصفية، فيأتي ابنهم ويستنكرهم، ويختار أمه اليهودية التي تبنته ويختار إسرائيل بلدًا له.. فغادرا سعيد وصفية بيتهم وقال سعيد: "أتعرفين ما هو الوطن يا صفية؟ الوطن هو ألا يحدث ذلك كله".

يذكر أن غساني كنفاني هو رواي وقاص وصحفي فلسطيني، ولد في عكا عام 1936م، وعاش في يافا، وغادر منها هو وعائلته متضررين من  نكبة فلسطين 1948م، وأغتيل في بيروت هو وابنة أخته جراء انفجار سيارة مفخخة من قبل عملاء إسرائيليين في 8 يوليو عام 1972.