في ذكرى رحيل الزعيم جمال عبد الناصر ترن كلمة في كل الأذهان، كلمة القومية العربية وهي الكلمة التي رددها طوال حياته، حيث في كل محفل سياسي كان ينادي بالقومية واتحاد العرب على قلب رجل واحد، ويأتي هذا الأمل كباعث لقوة العرب بعد انهيار الدولة العثمانية والتي تركت فكرة الاتحاد كفكرة مكروهه في أذهان العرب.
ولكن اختلفت مساعي عبد الناصر عمن سبقوه، حيث أنه رأى أن عليه بناء دولة قوية أولا ثم الدعوة لتحرير باقي الأراضي، وهو ما قام به عبد الناصر في غير كلل ولا ملل، فلا تخلو ثورة عربية واحدة من وجود بصمة جمال عبد الناصرا داعما عسكريا وسياسيا.
الثورة الجزائرية
قد دعم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ثورة الجزائر وهي لا تزال وليدة، فقد استضاف جمال عبد الناصر المناضل أحمد بن بلة، والذي كان مناضلا شابا هرب من القوات الفرنسية بالجزائر، والذي أصبح فيما بعد أول رئيس للجزائر بعد نجاح ثورتها.
وبدأت مساعدات مصر للجزائر منذ إعلان ثورتها، حيث جعل عبد الناصر إذاعة صوت العرب في خدمة الثورة الجزائرية وأهدافها، وشنت حينها إذاعة صوت العرب حملة قوية حماسية جدا، ليصل صدى الثورة خارج الجزائر، كما أرسل العديد من المساعدات العسكرية إلى الجزائر لدعم الكفاح المسلح.
ولم تتوقف المساعدات المصرية على الإذاعة فقط بل قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأييدها دون توقف في كل مؤتمر حضره، وقد حذر عبد الناصر الاتحاد السوفييتي من تأييد فرنسا وزيارة الصحراء الجزائرية حتى لا يفقد الاتحاد السوفيتي تأييد العرب الذين التفوا بشدة حول الثورة الجزائرية، كما أنقذ زعماء الثورة بعد أن تم اختطافهم، وسارع بطلب التدخل من الأمين العام للأمم المتحدة لإنقاذهم، كما شن حملة إعلامية كبيرة للضغط على فرنسا.
الثورة العراقية
تمسك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالثورة العراقية منذ بدايتها، فعندما قامت الثورة أرسل زعماء الثورة لجمال عبد الناصر معترفين بالجمهورية العربية المتحدة ومطالبين الدعم، فقام عبد الناصر بتأييدها والاعتراف بها على الفور، برغم من علمه أن هذه الثورة سوف تشعل نيران غضب العالم الغربي، لما للعراق من أهمية في حلف بغداد.
وقام الرئيس جمال عبد الناصر بإعلان حالة الطوارئ القصوى في الجمهورية العربية المتحدة، وتوجه بعدها لموسكو ليفهم موقف الاتحاد السوفيتي، واتفق مع خورشوف على بدء مناورات عسكرية على الحدود البلغارية التركية، واكتفى حينها بإعلان المناورات العامة تحذيرا للقوات الغربية من التدخل العسكري في شؤون العراق.
وطلبت قيادة الثورة العراقية من مصر السلاح، خاصة لأن تسليح الجيش العراقي عن طريق حلف بغداد كان مجرد أكذوبة، فقامت مصر بإرسال باخرة محملة بالأسلحة إلى بغداد عن طريق اللاذقية، ووصلت بعدها كتيبة مدفعية سورية مضادة للطائرات وسرب طائرات ميج MIG من السلاح الجوي للجمهورية العربية المتحدة.
دور عبد الناصر في أفريقيا
كان لمصر السبق في دعم حركات التحرر في افريقيا، حيث أعطت ثورة يوليو دورا إقليميا لمصر هاما وخطيرا، استمرت الآثار الإيجابية له، وأولها استقلال السودان، وكانت مصر هي الحصن المنيع أمام محاولات بريطانيا للقضاء على آمال السودان في الاستقلال، حتى وصلت مصر لاتفاق فبراير 1953م بإعطاء السودان حقها في الاستقلال.
بدأت فكرة التحرر الافريقي من القاهرة في منتصف الخمسينات، ووقفت ثورة يوليو بجانب ثورة الماوماو في كينيا، وبعدها دعمت الكونغو بكل قوتها، وأرسلت قوات مصرية إليها لضمان استقرارها، وكذلك وقفت ثورة يوليو ضد التمييز العنصري في جنوب افريقيا.
ووضعت مصر نواة تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية، واتخذت مقرها أيسا بابا، فقد ترك الرئيس جمال عبد الناصر بصمة قوية شاركت في تحرير 30 دولة افريقية بحلول عام 1963م، كما شارك في تأسيس لجنة التنسيق لتحرير افريقيا، فقدم خلالها مساعدات مادية وعسكرية للعديد من الدول.