الخميس 23 مايو 2024

مفتي الجمهورية: الشرع الشريف جعل التزام الأخلاق شرطا في قبول عبادة الصيام

مفتي الجمهورية

دين ودنيا15-4-2021 | 19:26

دار الهلال

قال فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إن "الشرع الشريف جعل التزام الأخلاق ومراعاة القيم سمة من سمات شخصية المسلم، كما جعلها في حال قيام المسلم بعبادة الصوم شرطا في قبول هذه العبادة التي اختص الله تعالى وحده بتقويم ثواب الصائم وأجره دون سائر الأعمال، حيث قال (صلى الله عليه وسلم) "كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي"، وقوله "إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي"، أي خالص لي لا يُقصد به غيري؛ لأنه عبادة لا يطلع عليها العباد ولا يعلمها إلا الله والصائم، ومن ثم صار الصوم عبادة بين العبد وربه؛ فلذلك أضاف الله تعالى هذه العبادة إلى نفسه وجعل ثوابها بغيـر حساب".

وأضاف مفتي الجمهورية - في بيان اليوم الخميس - أن الصوم الحقيقي هو المُحلى بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة التي تحمل المسلم على مجانبة اللغو والكلام فيما لا يفيد، والفحش من القول ومنكر العمل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الصيام ليس من الأكل والشرب فقط، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابّك أحد أو جهل عليك، فقل: إني صائم.. وهذا يؤكد العلاقة الوثيقة بين العبادات والأخلاق في ترسيخ سمات استقامة الأفراد ومظاهر صلاح المجتمع.

وأشار إلى أن من المعاني المستفادة من شهر رمضان، التدريب على الصبر على أذى الآخرين.. متابعا "فيجب ألا نخرج منه إلا وقد وعينا هذا الدرس العظيم بحيث يصبح له مردود على العمل وفي الشارع والبيت وفي كل تعاملاتنا؛ فالابتعاد عن الاحتكاك بالناس عن طريق النوم يفقد حكمة الصيام في تهذيب النفس والتعود على كظم غيظه، وكذلك من يترك ضبط نفسه أثناء الصيام ولا يضبطها محاولا تضيع وقت الصيام في أي لغو يفقد كذلك منافع وحِكم عظيمة يهدف إليها الصيام؛ فالأصل أن الصائم ليس لديه وقت فراغ ليقضيه في اللغو، فوقته كافِ بالكاد للعمل الدنيوي والطاعة والعبادة لله".

ودعا بالتوازن والابتعاد عن الإسراف والتبذير في شهر رمضان، لافتا إلى أنه ينبغي على المسلم المسرف أن يدّخر جزءًا مما ينفقه بإسراف ويوجهه لرعاية المحتاجين في هذا الشهر الكريم، وعليه أن يجاهد الشيطان الذي يأمر بالبخل والإسراف ، مناشدا المواطنين تحري الحلال في شهر رمضان وغيره لأنه من أسباب استجابة الدعاء امتثالًا لقوله (صلى الله عليه وسلم): "أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة".

ووجه مفتي الجمهورية نصائح للأمة خلال شهر رمضان، قائلا: "على المسلم أن يذكِّر نفسه دائمًا بأنه صائم حتى لا يضيع صيامه، لقول النبي "فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ"؛ وذلك ليذكر نفسه بالصيام لأجل ألا يقع في المعاصي، كما أن في ذلك تذكرة للآخر بأنه هو أيضا صائم فالصوم تربية روحية للجميع، الغاية منها تهذيب النفوس ليتحقق الإيمان فيكون هو الدافع لتحقيق تعاليم الإسلام الحنيفة".

وشدد على ضرورة التوازن بين الجانب المادي والنفسي في حياة الصائم، فمن يترك العنان لطغيان الجانب المادي يؤذي نفسه، مستشهدا بقول الإمام أبو حامد الغزالي في الرد على من يتهاون بفعل الذنوب وترك فعل الفضائل فقال: "وإذا تراكمت الذنوب طبع على القلوب، وعند ذلك يعمى القلب عن إدراك الحق وصلاح الدين ويستهين بأمر الآخرة ويستعظم أمر الدنيا ويصير مقصور الهم عليها؛ فإذا قرع سمعه أمر الآخرة وما فيها من الأخطار دخل من أذن وخرج من أذن ولم يستقر في القلب ولم يحركه إلى التوبة والتدارك، أولئك يئسوا من الآخرة، وهذا هو معنى اسوداد القلب بالذنوب كما نطق به القرآن والسنة".