فى الحقيقة لدى الكثير من المواقف التى لها دور فى حياتي، ولكن أكثر المواقف التى لا تنسى يعود إلى نهايات 1975 وبدايات 1976 وكان فى ذلك الوقت ترشيح الأطباء لدرجة الماجستير؛ لكى نبدأ دراسة الماجستير لمدة سنتين وبعدها نقدم الرسالة، وفوجئت بأن اسمى لم يدرج فى قائمة ترشيح الأطباء، وهذا يعنى تأخرى سنة أو سنتين أو حتى يتكرر الترشيح.
هذا الوضع جعلنى فى حالة ضيق، وإذا بى أتوجه بسرعة إلى وزارة الصحة لأعرف لماذا لم يدرج اسمى ضمن المرشحين؟ وتوجهت إلى المكتب المنوط به الترشيحات، وعند سؤالى للموظفة المسئولة إذا بها تبرر أننا نرشح الأطباء كبار السن لأن فرصتهم فى الترشيح حتى سن 35 عاما فقط، وكان لابد من ترشيحهم لأنه لم يتم ترشحهم من قبل. وقفت أسمع وأنا غير مقتنعة ولسان حالى يقول : يعنى كده أنا ليس لى وقت محدد لكى أحقق حلمى وأتقدم رغم إننى كنت من أوائل الدفعة وكنت أولى بالترشيح هذا.
بعدها، قررت ألا أقف مكتوفة الأيدى فتوجهت بسرعة إلى المبنى الآخر المجاور الذى يقع فيه مكتب الوزير، ولأنى مؤمنة بأن لن يضيع حق وراءه مطالب، وفى ذلك الوقت كان الأستاذ الدكتور إبراهيم بدران أستاذ الجراحة بقصر العينى وزيرا للصحة، وفى الحقيقة كان بالنسبة لنا جميعا أبا، وكان دائما ينصر المظلوم عندما يعلم أن له حقا. فتوجهت لمكتب سيادته وإذا به أمامى فى الأسانسير ودار بينى وبينه حوار الأب لابنته .
وكان الحوار كالتالي: :يرضى حضرتك وأنت تعلم جيدا أننى من أوائل الدفعة ومن الأطباء الذين يشهد لهم بالكفاءة لم أترشح للماجستير ويتم ترشيح آخرين تقديرهم جيد ومقبول لمجرد أن سنهم أكبر؟. قال لي: كيف يحدث هذا؟. قلت له هذا ما قالته لى الموظفة بمكتب الترشيحات، وكان رده بمثابة مداعبة الأب لابنته وقال لي: يعنى أنت اللى صغيرة على الحب!Ó، وكان فى ذلك الوقت هذا الفيلم يذاع فى التلفزيون لسعاد حسني، واستمر الحوار بينى وبينه حتى وصلنا إلى مكتبه وأخذ منى المذكرة التى تظلمت فيها، ووقع عليها بتأشيرة قال فيها تأخذ حقها بالكامل وكانت هذه التأشيرة بالنسبة لى طوق نجاة، وتوجهت فى التو للموظفة مرة أخرى وأخذت المذكرة وقالت لى Òخلاص هنعمل اللازمÓ وبالفعل أرسلوا لى الترشيح مثل باقى الزملاء للماجستير وكالمعتاد كنت من أوائل الأطباء الذين نجحوا فى الماجستير.
ما فعلته هذا من منطلق ثقتى بنفسي، ومن ثم ثقة أستاذى بى وبعدها سجلت الدكتوراه وكنت من أوائل الأطباء الذين حصلوا على الدكتوراه، والحمد لله أصبحت رئيس أقسام النساء فى مستشفى الجلاء ثلاث مرات على التوالي، وأنا الآن رئيسة أقسام النساء للمرة الثالثة، وقد تم تكريمى (الطبيبة المثالية) من قبل نقابة الأطباء عن نقابة القاهرة ، وطبعا أشكر الله لأن ما وصلت إليه بسبب أننى لم أتهاون فى حقى من البداية.