يعتقد البعض أن الهدف الوحيد من وراء جراحات التجميل هو الوصول إلى جسم مثالي يلفت الأنظار، لكن هذا الاعتقاد غير صحيح، لأن علم جراحات التجميل له أهداف أخرى من بينها الأهداف العلاجية والتكميلية، فهذا العلم بات وسيطاً مهما للغاية فى علاج حالات مختلفة فى كل فروع الطب، بل أصبح دور جراحات التجميل ضرورة ملحة فى بعض الحالات المرضية بدءا من حديثي الولادة وصولا إلى الكبار. إلى رأي المتخصصين من الأطباء فى هذه القضية. د.ندى عبد الستار استشاري وأستاذ التجميل والليزر تقول إن جراحات التجميل لها غرضان وهما: غرض تجميلي و غرض وظيفى أو علاجي، فهي تساعد على استعادة التناسق والتوازن لكل جزء من أجزاء الجسم ، وهناك جراحات تجميلية علاجية يطلق عليها الجراحات التكميلية أو جراحات الإصلاح، وهى فرع مهم جدا من فروع طب التجميل، وذلك لأنها تعالج التشوهات سواء كانت تشوهات خلقية أو ناتجة عن حوادث أو حروق أو حتى عمليات جراحية سابقة. ومن أهم الحالات التي يتم فيها التدخل الجراحي للتجميل والعلاج، هي حالات الحروق، جراحات ما بعد الحوادث، جراحات القرح المزمنة، جرح القدم السكري، إعادة بناء الثدي فى حالة الأورام الخبيثة. يتفق معها د. عبدالرحمن عصفور استشاري جراحة التجميل والحروق فى أن الجراحات التجميلية مهمة جدا بل تعتبر ضرورية فى علاج بعض الحالات، خصوصا حالات الحروق، ويوضح الطبيبان أن تجميل الحروق يعتمد على الأسباب المسببة للحروق والتي تتمثل فى الحرق الكيميائي، الكهربائي، الحرق الناتج عن ملامسة شيء حراري سواء سائل مثل: الزيت أو الماء المغلي، وحراري صلب مثل: المكواة الساخنة أو الحديد الساخن. وتختلف الحروق باختلاف درجة الحرق ومكان الإصابة، فهناك أماكن حساسة وفيها خطورة أكثر من أماكن أخرى مثل: الوجه، اليد، والمناطق الحساسة فى الجسم مثل العانة. وأيضا تختلف المضاعفات باختلاف درجة الحرق وأخطر درجات الحرق هي الدرجة الثالثة؛ لأنها تسبب تليفات وتشوهات والتصاقات فتحتاج إلى تدخل جراحي مع زرع وتحويل للأنسجة، فإذا كانت الإصابة فى الرأس، يتساقط الشعر كما تصاب بصيلات الشعر نفسها وتموت، وهنا يتم العلاج عن طريق ترقيع جلدي أولا ثم عمل ممدد للأنسجة؛ لتحويل الجزء الممتلئ بالشعر للمنطقة الخالية من الشعر، ثم إرجاعها مرة أخرى فى مكانها الطبيعي، أما الجفون فيتم علاجها تجميليا، وزرع شعر من خلف الأذن فى مكان الجفون حتى نعوض مكان الرموش. ويرى د. “عصفور” أن لجراحات التجميل أهمية كبيرة فى علاج التشوهات العظمية الموجودة فى الوجه والفكين وأيضا فى الجمجمة عند الأطفال، حيث يتم اللجوء إلى الجراحة التجميلية؛ لإعادة شكل الجمجمة عن طريق قياسات معينة، حتى ينمو المخ بالطريقة الطبيعية، ويؤكد كلا الطبيبين على ضرورة إجراء هذه العمليات فى سن مبكرة عند اكتشاف الحالة لتجنب التأخر العقلي الناتج عن هذه الإصابات. أما التشوهات العظمية الناتجة عن الحروق ففى هذه الحالات – والكلام للدكتور عبد الرحمن عصفور- نلجأ إلى زراعة عظم من الفخذ أو الحوض فى مكان الإصابة، بالإضافة إلى المسامير وشرائح التيتانيوم لتعويض العظم المفقود واستعادة وظائف أعضاء الجسم المصاب، فيما تشكل عمليات التجميل العلاجية نموذجا مهما ورئيسيا فى إصلاح اعوجاج الحاجز الأنفي، وتجميل اليدين والقدمين فى حالة وجود أصابع زيادة. من ناحية أخرى يؤكد د. أسامة عبد العظيم استشاري ومدرس جراحة الأطفال، على أهمية جراحات التجميل لعلاج الكثير من حالات التشوهات والعيوب الخلقية عند الأطفال وحديثي الولادة ومن أهمها:- -الخصية المعلقة عند الذكور: ويلاحظ فيها عدم وجود الخصية فى مكانها الطبيعي، لذلك يتم اللجوء لعملية جراحية لإنزال الخصية فى المكان الصحيح، ويوضح أن تلك العملية تجرى بداية من سن 6 شهور. -الشفة الأرنبية: تتمثل فى وجود انفصال يحدث فى سقف الفم أو مقدمته وغالبا ما يظهر فى الشفة العلوية للطفل، ويتم العلاج عن طريق إجراء جراحة تجميلية للطفل، ومن ثم تظهر الشفاه بصورة طبيعية، وتجرى الجراحة بداية من سن 3 شهور. - سقف الحلق المشقوق أو شق سقف الحلق: وفيه يولد الطفل بوجود شق فى سقف الفم أو الحلق؛ لذلك يستلزم إجراء جراحة تجميلية لعلاج تلك المشكلة، وتتم بداية من بلوغ عٌمر 9:7 شهور، ولأن الطفل قد يولد بالمشكلتين معا فإنه فى تلك الحالة يتم إجراء جراحة الشفاه الأرنبية أولاً ثم جراحة شق سقف الحلق بعدها بمدة 6 شهور. - الأُذن الخفاشية: وفى تلك الحالة تظهر الأذن بشكل بارز إلى الخارج ومتباعد عن الجمجمة بصورة ملحوظة، مما يسبب حرجا أو شعور الطفل بقلق تجاه مظهره الخارجي، وهنا يتم اللجوء إلى التجميل حتى يتم تعديل شكل الأذن، ويتم إجراء العملية بداية من عمر 4 سنوات. - عملية الحبل السفلي (إصلاح مجرى البول): وفى هذه الحالة لم تكن فتحة مجرى البول فى مكانها الطبيعي فتكون فى الجانب الأسفل فى العضو الذكري للطفل، ولكن من الطبيعي أن تكون فى مقدمة العضو الذكري، وتكون الجراحة هي الحل، ولكنها تكون جراحة تجميلية يتم إجراؤها للطفل بداية من عمر 6 شهور، ومن خلالها يتم إصلاح مجرى البول وأي التواء أو اعوجاج فى العضو الذكري، ثم تجميل رأس العضو وبعدها تتم عملية الختان. - مشكلة تداخل الجنس: وهنا يوضح أن هناك بعض الأطفال يعانون من هذه المشكلة من أول الولادة، حيث لا يمكن تحديد جنس المولود، ولذلك يتم عمل تقييم للحالة مع أطباء متخصصين فى غدد الأطفال لفحص الغدد والهرمونات وعلى أساس النتيجة فيتم تعديل وتجميل العضو التناسلي على حسب نوع الطفل. ويوضح د. أسامة أن بعض الأطفال يولدون بعيوب خلقية أو تشوهات بلا سبب واضح ، وفى أحيان أخرى تكون نتيجة عوامل مساعدة مثل: - تقدم عُمر الأم - التدخين أو شرب الكحوليات - تناول أدوية خلال فترة الحمل دون استشارة الطبيب - التعرض للإشعاعات أثناء الحمل - وأخيرا العامل الوراثي ومن هنا يؤكد على أهمية المتابعة مع طبيب النساء من بداية الحمل والانتباه للجنين لاكتشاف أية أعراض مبكراً، حتى يتم العمل وفق خطة واضحة للعلاج والاستعداد لاستقبال الطفل حسب حالته. كما يوصي بضرورة التوجه لطبيب أطفال مباشرة بعد الولادة لعمل فحص كامل و شامل للطفل وتقييم صحته البدنية ووظائف الجسم للاطمئنان عليه أو التوصية بالتوجه لطبيب متخصص فى جراحة الأطفال لعلاج اشتباه معين. ويعتقد د. محمد عزت مليجي أخصائي طب و جراحة الفم والأسنان أن جراحات التجميل فى مجال طب الأسنان أوجدت حلولا كثيرة لمشاكل تشوه الفك والأسنان، ويقول إن التدخل الجراحي لبعض التشوهات الخلقية يختلف أحيانا طبقا لعمر المريض و حالته الصحية بشكل عام بالتزامن مع وقت العرض على الطبيب. ويوضح أن أهم الحالات التي تستدعي إجراء جراحات تجميلية للفك والأسنان هي بعض الحالات الناتجة عن الاختلاف فى نمو عظام الفك السفلي عن عظام الفك العلوي، والتي ينتج عنها شكل غير متناسق بالإضافة إلى مشاكل فى الإطباق على الأسنان، ويمكن معالجة تلك المشكلة إما بتقويم الأسنان أو التدخل الجراحي، ويتم تحديد أسلوب العلاج المناسب عن طريق الكشف الصحيح من قبل الطبيب المختص. ويستطرد أن هناك بعض الحالات التي لا تستدعي التدخل الجراحي الكامل، وفيها يمكن الوصول إلى النتيجة المطلوبة من خلال استخدام تقويم الأسنان، ولكن يسري هذا فقط على الحالات التي تعاني من عدم ارتصاص الأسنان بالشكل الصحيح. أما حالات التشوهات الناتجة عن العمليات الجراحية مثل جراحات أورام الوجه والفكين، وحالات الحوادث فتحتاج لإعادة البناء، وهدف الخطة العلاجية هنا تعويض الأماكن المفقودة عن طريق العمليات التعويضية. ويضيف د. عزت أن هناك بعض العادات أو السلوكيات الخاطئة التي تسبب تشوه فى الأسنان، ومنها ما يمكن علاجه عن طريق بعض الأجهزة الخاصة بطب الأسنان. ومن هذه العادات: - عادة مصّ الأصابع عند الأطفال: والتي تسبب تشوها فى شكل الأسنان، ولكن يمكن علاجها عن طريق بعض الأجهزة المصنعة خصيصا لكل حالة، والتي تعمل على منع الطفل من ممارسة تلك العادة التي تسبب فيما بعد تشوه فى شكل الأسنان وقد تصل إلى مشاكل فى الإطباق فيما بعد. - التنفس عن طريق الفم: قد يظهر أنه سلوك عادي، ولكن فى الحقيقة تلك العادة قد تؤدي إلى ما يسمى بالعضة المفتوحة، ولحل تلك المشكلة يجب معرفة السبب الأصلي وراء لجوء الطفل للتنفس عن طريق الفم بدل الأنف والعمل على حل المشكلة من جذورها. - دسر اللسان: وهي عادة دفع اللسان للأمام أثناء البلع وتلك العادة أيضا تؤثر على شكل وترصيف الأسنان، ويكون علاجها عن طريق التشخيص والعلاج المبكر باستخدام الأجهزة المخصصة لذلك. وفى النهاية يشدد د. محمد عزت على أهمية المتابعة الدورية مع طبيب الأسنان منذ الصغر وفى جميع مراحل النمو، حتى يتم الاكتشاف المبكر لأية أعراض أو عادات غير صحية والعمل على علاجها سريعا، وأنه على عكس المتعارف عليه ينصح بزيارة طبيب الأسنان للطفل بداية من عمر 6 شهور.