الإثنين 6 مايو 2024

آخر قفزات الطب فى وسائل منع الحمل بعد الولادة

صحة قلبك وعظامك في خطر ..والسبب كثرة النوم

30-12-2022 | 08:45

كتب: د. عادل صبري
مازالت المشكلة السكانية أهم عائق للتنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر. فرغم الجهد الكبير الذي تبذله الدولة لرفع مستوى حياة المواطنين مثل: برنامج حياة كريمة و١٠٠ مليون صحة وغيرهما الكثير إلا أن الزيادة السكانية تبتلع أو على الأقل تقزم من العائد المرتجى. وللأسف فإن نسب استعمال وسائل تنظيم الأسرة فى مصر تبلغ حوالي ٦٠% من السيدات المتزوجات فى عمر الإنجاب ١٨ - ٤٥ سنة. ومن أجل استقطاب عدد أكبر من النساء فى تنظيم النسل أطلقت منظمة الصحة العالمية (ًWHO) فى عام ١٩٦٦ )أي منذ أكثر من ٥٠ عاما( مبادرة للتوسع فى استعمال وسائل منع الحمل بعد الولادة فى ١٤ دولة فى العالم منها مصر. وقد اعتمدت هذه الفكرة على أسس عديدة منها أن السيدة تكون أكثر تقبلا للفكرة بعد معاناتها من آلام الولادة مباشرة. كما أن عددا كبيرا منهن لن يذهبن إلى مقدمي الخدمة الصحية إلا فى الولادة الثانية والثالثة، بالإضافة لذلك فإنه يمكن الاستفادة من المنشأة التي تمت فيها الولادة لتقديم خدمة تنظيم الأسرة وتقديم التوعية والتعريف بوسائل منع الحمل المختلفة وفوائدها بل وتقديم الخدمة نفسها مثل: تركيب الوسائل الرحمية أو ربط أنابيب فالوب. وتعتبر الرضاعة الطبيعية أقدم وأشهر وسيلة لمنع الحمل بعد الولادة وتستخدمها معظم النساء فى المجتمعات البسيطة، وهي وسيلة فعالة إلى حد كبير ولكن بشروط ثلاثة وهي: - أن تستعمل خلال الستة أشهر الأولى فقط بعد الولادة بشرط انقطاع الدورة الشهرية خلال هذه المدة. - ومن المعروف أن الدورة الشهرية تتوقف عند معظم النساء بعد الولادة ولمدة تختلف من سيدة إلى أخرى من أشهر قليلة حتى أكثر من عام ونصف فى حالة وجود رضاعة طبيعية “منتظمة” لذا يجب أن يقتصر إرضاع الطفل خلال الستة شهور على لبن الثدي فقط بدون إعطاء الطفل أي رضعة خارجية حتى أثناء النوم. وبذلك تكون الشروط الثلاث لاستعمال الرضاعة الطبيعية كوسيلة آمنة لمنع الحمل بعد الولادة هي ٦ أشهر فقط بشرط انقطاع الطمث وعدم إعطاء الرضيع أي إضافة خارجية خلاف الثدي. والدين الإسلامي يوصي بمد فترة الرضاعة الطبيعية حتى سنتين “والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة”.. البقرة – 232) “وحملته أمه وهنا على وهن وفصاله فى عامين” لقمان- 13. وقد أوضحت دراسات عديدة أن فترة سنتين بين الولادات هي أقل فترة تحتاجها الأم لتعوض ما فقدته أثناء الحمل وبالطبع تحتاج المرأة إلى فترة أكثر من عامين إذا كانت صحتها ضعيفة كما هو الحال فى المجتمعات البسيطة وهي للمفارقة المجتمعات التي تتنافس فيها النساء على إنجاب أكبر عدد من الأطفال (عزوة) رغم أنهن يورثوهن فقرًا وليس مالا ولا أرضا. وللرضاعة الطبيعية فائدة أخرى فى المجتمعات الفقيرة وهي أن الرضاعة الصناعية غير آمنة نظرًا لعدم اتباع الطرق الصحية وربما عدم وجود ماء نظيف لتحضير الرضعة مما يتسبب فى زيادة نسبة وفيات الأطفال الرضع وربما كان هذا أحد الأسباب التي تدعو المرأة إلى إنجاب عدد أكبر من الأطفال من باب الاحتياط خوفا من فقد بعضهم بسبب سوء التغذية أو الأمراض المعدية بسبب التكدس وضعف الرعاية الطبية. ومن الوسائل التقليدية القديمة لمنع الحمل استعمال الواقي الذكري والقذف الخارجي والأقراص المهبلية والحاجز المهبلي إلا أنها تقلل من متعة اللقاء التلقائي بسبب ضرورة استعمالها قبل اللقاء مباشرة. كذلك هي وسائل غير مضمونة وإن كانت أكثر فاعلية بعد الولادة نظرًا لضعف الخصوبة أثناء فترة انقطاع الطمث. ومن الوسائل الحديثة التي استحدثت فى الستينيات من القرن الماضي كانت الوسائل الهرمونية ( أقراص منع الحمل، حقن منع الحمل، أنابيب تحت الجلد، العجلة المهبلية، اللاصقة الجلدية الهرمونية) والوسائل الرحمية (التي كانت تسمى اللولب). ويوجد نوعان من أقراص منع الحمل: الأول مكون من عدد ٢ هرمون الأستروجين والبروجستين وهو الأكثر شيوعًا وهذا النوع غير مناسب فى الأسابيع الأولى بعد الولادة، وكذلك فى بعض الحالات المرضية الأخرى ويفضل استخدام النوع الثاني الذي لا يحتوي على هرمون الأستروجين، بشرط أن تؤخذ الحبة فى موعدها بالضبط مع التجاوز عن ساعات قليلة ( ٣ ساعات وحتى ١٢ ساعة حسب النوع المستخدم). وبعد انقضاء فترة شهرين بعد الولادة وبعد انتظام الرضاعة الطبيعية من المفضل استعمال الأقراص التي تحتوي على عدد ٢ هرمون لأن احتمال حدوث حمل أثناء استعمالها أقل من الأقراص المحتوية على هرمون واحد. كذلك يمكن استعمال حقن منع الحمل حقنة فى العضل كل ٣ شهور بعد فترة النفاس، كما يمكن وضع أنبوبة رفيعة تحت جلد الساعد طولها حوالي ٤ سم محتوية على هرمون البروجستين ويستمر مفعولها من ١ - ٣ سنوات حسب نوعها وفى نهاية المدة تستخرج بجراحة بسيطة بمخدر موضعي. ومن الوسائل الهرمونية التي ليس لها شعبية فى مصر العجلة المهبلية التي تحتوي على هرموني الأستروجين والبروجستين التي تضعها المرأة بنفسها فى أعلى المهبل فى اليوم الرابع أو الخامس من الدورة الشهرية وتنزعها بعد ٣ أسابيع وفى الغالب لا يشعر بها الزوج أثناء الجماع، وإذا حدث فإنه يمكن نزع العجلة قبل الجماع بحيث تعاد إلى موضعها فى المهبل قبل مرور ٣ ساعات بعد الجماع. وتستخدم عجلة جديدة كل شهر ويوجد نوع جديد فى الخارج فى سنة ٢٠٢٠ يمكن استعمالها لمدة عام كامل بحيث يتم غسيلها وتنظيفها بعد إخراجها من المهبل بعد ال ٢١ يوما وحفظها وإعادة وضعها فى المهبل فى بداية الدورة التالية وهكذا لمدة ١٢ أو ١٣ دورة شهرية. نوع آخر من الوسائل الهرمونية غير المستعملة فى مصر هي اللاصقة الجلدية التي تحتوي على هرموني الأستروجين والبروجستين وتوضع على الذراع أو البطن أو الإلية أو أي مكان على الجلد ماعدا الثدي، ويتم وضع لاصقة جديدة كل أسبوع لمدة ٣ أسابيع فقط ويترك الأسبوع الرابع لنزول الدورة الشهرية (مثل العجلة الهرمونية والأقراص). والطريقة الأخرى التي يكثر استخدامها مثل الأقراص هي الجهاز الرحمي (IUD) أو ما يطلق عليه العامة “اللولب” ويمكن استعماله بعد أربعين يوما، ولكن فى حالة الإجهاض يجب تركيب المانع الرحمي بعد 10-15 يوما من الإجهاض على الأكثر لأن التبويض يحدث مبكرًا فى حالة الإجهاض عنه فى حالة بعد الولادة. وفى حالة الإجهاض المبكر يمكن تركيب الجهاز الرحمي بعد عملية الإجهاض مباشرة إلا فى الحالات التي تكون فيه التهابات رحمية أو ارتفاع فى درجة الحرارة. وفى السنوات الأخيرة تبنت منظمة الصحة العالمية (WHO) فكرة تركيب المانع الرحمي بعد الولادة مباشرة أو فى اليوم التالي قبل الخروج من المستشفى، وذلك خوفًا من عدم عودة السيدة مرة أخرى، وفى الولادة القيصرية يمكن إدخال المانع الرحمي فى أعلى تجويف الرحم بعد إخراج الجنين والمشيمة وقبل إغلاق الجرح مع تثبيته بغرزة تذوب بعد حوالي ٣ أسابيع. وفى حالة عدم رغبة السيدة (وزوجها) فى الحمل مرة أخرى لاكتفائها بالأطفال لديها فيمكن أن تطلب من الطبيب - أو يعرض الطبيب عليها - إجراء عملية ربط أنابيب فالوب التي تنقل البويضة من المبيض إلى الرحم والتي يحدث فيها تلقيح البويضة بالحيوان المنوي، ولكن يجب أن يؤخذ هذا القرار قبل الولادة بوقت كاف وليس أثناء الضغط العصبي قبل الولادة مباشرة حتى لا يحدث ندم بعد ذلك خاصة فى حالة انفصال الزوج أو وفاته أو فى حالة وفاة أحد أطفالها. ويجب على الطبيب والمستشفى أخذ إقرار كتابي بالموافقة على إجراء العملية من الزوجة والزوج. وعادة ما تتم عملية ربط الأنابيب أثناء إجراء الولادة القيصرية ولكن من غير المعروف أنه يمكن إجراؤها أيضا بعد الولادة المهبلية الطبيعية مباشرة بعمل جرح صغير حوالي ٣ سم تحت مستوى السرة بمخدر موضعي أو إذا كانت الولادة تمت تحت مخدر عام أو نصفي فى الظهر. ويمكن إجراء العملية بمخدر موضعي بعد ساعات من الولادة الطبيعية أو بعد يوم أو يومين على الأكثر حتى يكون الرحم مرتفعا حتى مستوى السرة أو تحتها بقليل. وعلى ذلك لا داعي لإتمام الولادة بعملية قيصرية بحجة إجراء عملية فى نفس الوقت إذا كان من الممكن توليد السيدة مهبليا مع إجراء هذه العملية بعد الولادة مباشرة أو بعدها بساعات بمخدر موضعي.