23-11-2024 | 11:12
أمانى عزت
مصطلح المخدرات الإلكترونية هو الأكثر انتشارا في السنوات الأخيرة كإحدى صور التكنولوجيا الحديثة التي قد تؤثر على الصحة العقلية والنفسية للأفراد ويقصد ب «المخدرات الإلكترونية» الأصوات أو الترددات الصوتية التي تستخدم بطرق معينة لتحقيق تأثيرات على العقل تشبه تلك التي تحدثها المخدرات التقليدية، ويكمن خطر هذا النوع من المخدرات في أنه يتم الترويج لها على الإنترنت كطريقة لتغيير المزاج أو الحالة النفسية، ما قد يجعل المستخدم يشعر بالاسترخاء أو السعادة أو حتى بنوع من «السعادة» المشابهة لتأثيرات المخدرات.
طبيبك الخاص تدخل عالم المخدرات الإلكترونية من خلال هذا الحوار العميق مع الدكتورة نورة عبده استشاري الصحة النفسية.
- ما هى المخدرات الإلكترونية وكيفية عملها؟
تعتمد المخدرات الإلكترونية على ترددات صوتية محددة تستهدف أذني المستمع بترددين مختلفين في كل أذن و فكرتها تقوم على أن الدماغ يقوم بمعالجة هذه الفجوة في التردد بين الصوتين، ويولد ما يسمى بالموجة أو تردد داخلي يزعم أنه يؤثر على الحالة المزاجية.
- ما مدى انتشارها؟
انتشار المخدرات الإلكترونية هو ظاهرة ملفتة للنظر، خصوصا بين فئات الشباب والمراهقين، وتظهر هذه الظاهرة في الدول الغربية أكثر ، حيث يسعون لتجربة أشياء جديدة أو تقنيات غير تقليدية للوصول إلى الشعور بالاسترخاء أو السعادة و تزداد شهرتها من خلال مقاطع الفيديو المنتشرة على المنصات وتطبيقات الهواتف الذكية، حيث يتم الترويج لهذه الترددات الصوتية كطريقة آمنة وغير ضارة للتأثير على الحالة النفسية .
والحقيقة ليس هناك إحصائيات دقيقة حول نسبة مستخدمي المخدرات الإلكترونية، لكن بعض الدراسات أظهرت تزايد البحث والاهتمام بها عبر الإنترنت ، حيث يبحث العديد من الأشخاص عن طرق لتحميل هذه المقاطع الصوتية أو التطبيقات التي توفرها ، مما دفع الجهات المعنية بالصحة العامة والتعليم إلى التحذير من استخدامها ، حيث قد تؤدي المخدرات الإلكترونية إلى تحفيز البعض على تجربة المخدرات الحقيقية.
- كيف يمكن للأسرة معرفة أن ابنها يستمع للمخدرات الإلكترونية؟
هناك عدة علامات قد تساعدهم على الانتباه، على الرغم أن هذه العلامات ليست مؤكدة أو دليل قاطع على إدمان هذا النوع، ولكن تعتمد المخدرات الإلكترونية بشكل رئيسي على الاستماع لترددات صوتية معينة، لذلك قد تكون بعض المؤشرات مثل استخدام سماعات الأذن لفترات طويلة للحصول على أفضل تأثير، حيث يلاحظ الأهل زيادة كبيرة في استخدام المراهق للسماعات بشكل منعزل، التغيرات المزاجية المفاجئة ، حيث إن المخدرات الإلكترونية قد تؤثر على المزاج ،وتسبب تقلبات في الحالة النفسية، و إذا لاحظ الأهل تغيرات غير مبررة في مزاج ابنها مثل الاكتئاب المفاجئ أو القلق أو الانفعالات المبالغ فيها فقد يكون هذا دليلا على استخدامه لمثل هذه الترددات ،بالإضافة إلى البحث عن تطبيقات معينة فهناك تطبيقات ومواقع تقدم هذه المقاطع الإلكترونية.
وتابعت أنه قد يلاحظ الأهل أن ابنهم يقضي وقتا طويلا في غرفته وحده أو يستمع للأصوات بطريقة منعزلة عن بقية الأسرة، و هذه العزلة قد تكون علامة على استماعه لهذه المخدرات ، خصوصا إذا تكرر الأمر بشكل ملحوظ ، تحدث مع أصدقائه عن تجارب غير مألوفة أو مصطلحات مرتبطة بـ «المخدرات الإلكترونية» أو «الترددات الثنائية» فهذا قد يكون مؤشرا على اهتمامه أو استخدامه لهذه الترددات، كما يمكن أن تكشف متابعة تاريخ المشاهدات على المواقع المختلفة ظهور هذا .
- في هذه الحالة كيف يتصرف الأهل؟
لابد أن يبادر الأهل بالتحدث مع ابنهم بصراحة وتفهم دون اللجوء إلى ردود فعل عنيفة حتى يتمكنوا من معرفة دوافعه ومحاولة توعيته بمخاطر هذه الظاهرة.
- هل هناك طرق للعلاج؟
نعم يمكن علاج تأثير المخدرات الإلكترونية إذا أصبح استخدامها يؤثر سلبا على حياة المراهق أو إذا وجدت أعراض نفسية أو سلوكية متزايدة و تتشابه أساليب العلاج مع الأساليب المستخدمة للتعامل مع أنواع الإدمان أو السلوكيات الإدمانية الأخرى ، و يتطلب علاج تأثير المخدرات الإلكترونية صبرا وتعاونا بين الأهل والمختصين لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمراهق ومساعدته على تخطي هذه المرحلة بنجاح و من أهم الخطوات في العلاج التوعية بمخاطر المخدرات الإلكترونية، ويمكن للأهل أو المختصين توضيح التأثيرات السلبية لهذه الترددات الصوتية وما قد تسببه من اضطرابات نفسية ومزاجية.
وهناك العلاج السلوكي المعرفي وهو نوع من العلاج النفسي يركز على تغيير الأفكار والسلوكيات السلبية لدى المراهق، وهذا النوع يساعد على تعزيز الوعي بالمحفزات التي تدفع الشخص لاستخدام المخدرات الإلكترونية ،وتعليمه كيفية استبدال هذا السلوك بسلوكيات أكثر صحة ،وينصح بتشجيع المراهق على الانخراط في أنشطة اجتماعية أو رياضية، والتي يمكن أن تكون بديلا إيجابيا ،وتساعد على صرف انتباهه عن المخدرات الإلكترونية.
أما إذا كان استخدام المخدرات الإلكترونية قد أدى إلى اضطرابات نفسية، فقد يكون العلاج النفسي مفيدا ، حيث يساعد المعالج النفسي على فهم ما إذا كانت هناك عوامل أخرى تدفعه لاستخدامها مثل الاكتئاب أو القلق والعمل على علاج هذه الاضطرابات، ولابد أن ننبه على ضرورة متابعة التطبيقات التي يستخدمها الأبناء ،لأن هذا يساعد في تقليل تعرضهم لهذا النوع من المحتوى، و يجب أن يتم هذا بشكل دقيق وبحوار مشترك مع الأبناء لتجنب فرض قيود قد تشعره بالضغط أو التمرد.
- هل هناك علاقة بين المخدرات الإلكترونية وتعاطى المخدرات الأخرى؟
لا توجد أدلة علمية كافية تؤكد أن استخدام المخدرات الإلكترونية يؤدي حتما إلى تعاطي المخدرات التقليدية ، ولكن يخشى البعض أن تكون المخدرات الإلكترونية بوابة لتعاطي المخدرات الأخرى خاصة بين الشباب والمراهقين فهناك بعض العوامل التي قد تشير إلى وجود ارتباط منها الرغبة في التجربة، حيث تعد المخدرات الإلكترونية تجربة جذابة لبعض المراهقين الذين يرغبون في استكشاف حالات ذهنية غير اعتيادية أو الوصول إلى «حالة نفسية سعيدة» دون الحاجة لتعاطي مواد كيميائية، ومع ذلك قد يؤدي الفضول إلى تشجيع البعض على تجربة مواد أخرى أقوى، مما يزيد احتمالية التعرض لمخاطر المخدرات التقليدية.
- كيف يمكن الوقاية من المخدرات الإلكترونية؟
ينبغي اتباع مجموعة من الإجراءات التي تستهدف توعية الشباب وتعزيز قدرتهم على التعامل مع الضغوط النفسية والاجتماعية، بالإضافة إلى دور الأهل والمجتمع في توفير بيئة داعمة لهم ،ويمكن أن تلعب المدرسة دورا مهما في توعية الطلاب بخطورة المخدرات الإلكترونية من خلال برامج تعليمية أو ورش عمل حول التأثيرات الضارة للمخدرات بشكل عام بما فيها المخدرات الإلكترونية ، كما أن التدخل في مرحلة مبكرة يساهم في الوقاية من التورط بشكل أعمق في هذه الظاهرة وتشجيع الأبناء على التحدث عن مشاعرهم بما في ذلك مشاعر الضيق أو الضغط يساهم في تخفيف الضغوط التي قد تدفعهم إلى تجربة المخدرات الإلكترونية وفى النهاية الوقاية من المخدرات الإلكترونية تعتمد بشكل أساسي على التوعية ،والدعم المستمر من الأهل والمدرسة والمجتمع، إضافة إلى توفير أنشطة إيجابية تشغل وقت الشباب ، وتبعدهم عن المحتويات التي قد تؤثر سلبًا على صحتهم النفسية والبدنية.