9-8-2025 | 10:01
أحمد فاخر
الجلطات، للأسف الشديد، غالباً ما تكون قاتلة، وأنواع الجلطات تختلف حسب مكان الإصابة، ولكن جلطات الساق من أكثر الجلطات المنتشرة حالياً خاصةً لدى النساء، وبالرغم من سهولة علاجها إلا أن إهمالها يمكن أن يؤدي إلى تدهور الحالة...
بدأ الدكتور شوقي السيد أستاذ جراحة الأوعية الدموية حديثه بذكر أنّ جلطة الساقين تعتبر من العمليات الحيوية التي تصيب الإنسان بشكل متكرر شبه يومي، ولكن الجسم يستطيع إذابتها بشكل أوتوماتيكي دون حدوث أي مضاعفات.
وتبدأ الجلطة في التعبير عن نفسها عندما يشعر المريض بألم في الساق بشكل مبرح لا يستطيع أن يتغاضى عنه، ثم حدوث ورم بشكل ملحوظ في أحد الساقين عند مقارنتها بالساق الأخرى، ثم بعد ذلك يتحول لون جلد الساق إلى اللون الأحمر، ثم حدوث توقف في وظيفة الساق مما يعني استقرار الجلطة وتعتبر تلك المرحلة هي الأصعب على الإطلاق حيث يجب التدخل السريع في أقرب وقت ممكن.
وتصاب الساق بالجلطة نتيجة حدوث مشكلة في الدورة الدموية أو مشكلة في مكونات الدم نفسه مما يجعل في ذلك صعوبة على قيام الجسم بإذابتها بشكل تلقائي وبالتالي تبدأ أعراضها تدريجياً كما ذكرنا سابقاً، وتعتبر النساء هن أكثر عرضة للتعرض لجلطات الساق نظراً لأن هرمونات المرأة تساعد بشكل أكبر على تكون الجلطات أكثر من الرجال؛ لذلك نعطي المرأة موادا تعمل على إذابة الجلطات خلال فترة الحمل وأثناء الولادة، كما أن نسبة الدوالي عند السيدات 6 أما عند الرجال نسبتها 1 فقط والدوالي تعتبر مزرعة الجلطات، لذلك ننصح النساء اللاتي يتناولن وسائل منع الحمل بالمتابعة مع طبيب أوعية دموية.
ومن جهة أخرى يعتبر مرض السكر من أكثر الأمراض المرتبطة بحدوث جلطات حيث إن مرض السكر يعمل على إرباك عملية البناء الضوئي داخل الجسم وبالتالي يؤدي ذلك إلى انسداد الشرايين التطوري، كما يؤدي إلى الإصابة بزيادة الدهون الثلاثية وتصلب الشرايين مما يساعد في تكون الجلطات، كما يساعد مرض السكر في زيادة لزوجة الدم مما يقلل من سريانه داخل الأوردة، هذا بالإضافة لدوره الأساسي في ارتفاع ضغط الدم داخل الجسم مما ينشأ عنه اضطراب في ديناميكا الدم فيساعد على حدوث الجلطات، لذلك ننصح مرضى السكر بالاهتمام بتناول أدوية تعمل على زيادة سيولة الدم ومذيبات الجلطات بشكل دائم طوال العمر لتجنب حدوثها.
ويمكن أن يصاب المريض ببداية أعراض جلطة في الساق، ولكن بسبب عدم توجهه للطبيب المختص في الأوعية الدموية يمكن أن يحدث تشخيص خاطئ لها مما يؤدي إلى امتدادها إلى منطقة الحوض؛ لتصيب الجانب الأيمن والأيسر من الجسم، وبعد ذلك تمتد إلى الوريد الأجوف السفلي وتزيد مع إهمال العلاج حتى تصل إلى الرئة وتؤدي إلى وفاة المريض، لذلك فإهمال علاج جلطة الساق يمكن أن يؤدي إلى هجرتها إلى أجهزة الجسم الأخرى فيصاب المريض بجلطة المخ أو الرئة أو القلب أو الكبد، لذلك فبمجرد ظهور أعراض لجلطة الساق يجب التوجه سريعاً للطبيب المختص للتشخيص الصحيح وإتباع العلاج المناسب لأن العامل الزمني مهم ومن خلاله نستطيع احتواء الجلطة والسيطرة عليها قبل أن تصل إلى الرحم عند المرأة أو المستقيم عند الرجل لأن العلاج في البداية يكون أسهل كثيراً من التشخيص المتأخر.
قديماً كان يتم علاج جلطة الساق عن طريق القيام بإدخال قسطرتين لاحتواء الجلطة داخل الساق لسحبها من خلالهما خاصةً عندما تكون الجلطة في بدايتها، وقد تطور العلم كثيراً في علاج الجلطات حيث أصبح علاج جلطة الساق بسهولة عن طريق القسطرة العلاجية، وذلك عن طريق حقن مواد داخل أوردة الساق لإذابة جلطة كل من الساق والحوض مع شفط الجلطة عن طريق أجهزة مخصصة لذلك، وتؤتي بنتائج فعالة ويستعيد المريض عافيته في غضون أسابيع قليلة.
من ناحيته، يؤكد الدكتور وليد الدالي أستاذ جراحة الأوعية الدموية أنه يمكن لأي شخص أن يعرف إن كان مصاباً بجلطة في الساق أم لا، وذلك بمجرد ملاحظته لتورم في أحد الساقين دون الأخرى يجب عليه تناول أي دواء من أدوية السيولة فوراً ثم التوجه لطبيب أوعية دموية في أقرب وقت لتشخيص الحالة وتحديد العلاج المناسب لها قبل تأخرها، وتحدث الجلطات كثيراً بعد إجراء عمليات جراحية خاصة بالعظام كما تحدث أيضاً بشكل شائع بعد الولادة، وهناك حالة شائعة جداً وهي أن يقوم شريان الجانب الأيمن من الحوض بالضغط على وريد الساق اليسرى، وأول مرحلة في علاج الجلطة المكوث في السرير لمدة 10 أيام متواصلة ولا يتحرك المريض سوى للذهاب للحمام فقط، وذلك حتى تستقر الجلطة وتثبت في مكانها بالساق بعد نهاية العشرة أيام مما يجعلنا في أمان نتيجة عدم تحرك الجلطة إلى عضو آخر بالجسم وخاصةً الرئة.
وبشكل عام يعتبر علاج جلطة الساق أسفل الحوض دوائي فقط، وليس عن طريق القسطرة البسيطة التي تعمل على إذابة الجلطة وشفطها عن طريق جهاز الشفط حيث يتم استخدامها في علاج الجلطة داخل أوردة الحوض فقط، ولكن في حالة جلطات الحوض يستدعي الأمر التدخل الجراحي السريع خلال 14 يوما حيث يصعب إذابتها بعد أسبوعين عن طريق القسطرة أو الأجهزة المخصصة لإذابة الجلطات، وينصح بالتدخل السريع لأن جلطات الحوض يمكن أن تؤثر على الساق بالسلب ولا يستطيع المريض تحريكها خلال سنة أو سنتين، كما أنها من الجلطات المهاجرة التي يمكن أن تصيب الرئة.
وفي النهاية يشير الدكتور محمد زكي استشاري جراحة الأوعية الدموية إلى أن هناك فرقا بين الجلطة التي تصيب الشريان والأخرى التي تصيب الوريد، ومن المؤكد أن جلطة الشريان هي الأكثر صعوبة حيث إن الشريان دوره الرئيسي هو توصيل الدم من القلب حتى العضو، أما الوريد فهو الذي يعمل على صرف الدم من العضو ليعود للقلب مرة أخرى، ولذلك فالجلطة التي تصيب الشريان هي الأكثر خطورة ويجب أن يتم احتواؤها خلال 6 ساعات بحد أقصى حتى لا يتلف العضو بالكامل أو جزءا منه بسبب عدم تغذيته بالدم، أما الجلطة الوريدية بالرغم من أن لها بعض الخطورة ولكنها أقل وطأة من جلطة الشريان، وتحدث الجلطات الوريدية عادةً بعد حدوث كسر أو إجراء عملية جراحية أو نزلة معوية أو بعد حدوث حالة جفاف شديدة نتيجة القيء المتكرر أو الحر الشديد، كما أن هناك أدوية تزيد من نسبة حدوث تجلط مثل بعض الأدوية التي يتناولها الرياضيون في صالات كمال الأجسام، أيضاً بعض المرضى الذين يأخذون علاجا كيماويا بعد الإصابة بالأورام السرطانية أكثر عرضة للإصابة بالجلطات، لذلك نرجو من المرضى سرعة التشخيص بمجرد حدوث تورم في أحد الساقين بشكل ملحوظ عند طبيب مختص في الأوعية الدموية.