23-8-2025 | 11:52
أحمد فاخر
وما أدراك ما التهاب المرارة؟ يعتبر التهاب المرارة من المشكلات الشائعة التي يتعرض لها الإنسان فجأة وتكون آثارها خطيرة أحيانا، وهي تصيب النساء أكثر من الرجال، ويمكن أن يؤدي زيادة التهابها بسبب وجود حصوات إلى مضاعفات خطيرة في حال عدم العلاج، لذلك نعرض لكم أهم أسباب وأعراض التهاب المرارة وأبرز أنواع العلاج.
يقول الدكتور محمد عباس استشاري الجراحة العامة وأمراض الجهاز الهضمي إن المرارة جزء من الجهاز الهضمي وعضو من أعضاء جسم الإنسان ويطلق عليها الحويصلة المرارية، وهي موجود في تجويف خاص بها داخل الفص الأيمن من الكبد، وتعمل على تخزين وتوصيل العصارة الصفراوية المفرزة بواسطة خلايا الكبد إلى الإثنى عشر بمجرد احتياج الجسم لها، ويحتاج الجسم تلك العصارة عند تناول دهون أو أطعمة مسَبِّكة حيث تقوم المعدة بإرسال إشارة وبالتالي يحدث انقباض للمرارة مما يجعلها تضخ تلك العصارة الصفراوية للإثنى عشر لسهولة امتصاص الجسم لتلك الدهون.
ويوضح أن مشكلات المرارة أكثر شيوعاً بين السيدات خاصة اللاتي أعمارهن ما بين 40 و50 عاماً والمصابات بالسمنة واللاتي يفضلن تناول جميع أنواع الطعام، كما أن من تقم بحمية قاسية فتفقد الكثير من الوزن في مدة زمنية بسيطة تكون أكثر عرضة للإصابة بأمراض المرارة، وبالنسبة لحصوات المرارة نوضح دائماً بأن معظمها ساكنة لا يشعر بها الإنسان حيث يتم اكتشافها بالصدفة عند تعرض الإنسان للكشف الطبي في أي وقت، أما بالنسبة للحصوات النشطة المؤلمة تنقسم إلى:
- الالتهاب المراري المزمن:
يشعر المريض فيه بمغص من آنٍ لآخر خاصة عند تناول كمية من الدهون بسبب انقباض المرارة في هذا الوقت لإفراز العصارة الصفراوية مع وجود حصوات تعيقها وهنا يشعر بالألم، وأعراضه عبارة عن آلام في فم المعدة أو الجانب الأيمن من البطن وتصل أحياناً إلى الظهر أو أعلى الكتف الأيمن، وتتشابه تلك الأعراض نفسها مع أعراض التهاب المعدة أو قرحة المعدة أو القولون العصبي.
- الالتهاب المراري الحاد:
وهو أشد قوة من المزمن حيث يشبه في أعراضه أعراض الزائدة الدودية، حيث يكون عبارة عن التهاب شديد داخل المرارة يصحبه قيء وارتفاع في درجة حرارة الجسم مع عدم القدرة على لمس منطقة المعدة من شدة الألم .
يمكن أيضاً أن يحدث مضاعفات نتيجة زيادة الحصوات التي يمكن أن تؤدي إلى انسداد القناة المرارية، مما تعوق دون مرور العصارة الصفراوية إلى الإثنى عشر وبالتالي يؤدي ذلك إلى ارتداد تلك العصارة مرة أخرى إلى الكبد مما يجعل لون الجسم يتحول إلى الأصفر، كما يمكن أن تذهب إلى القناة المشتركة بين المرارة والبنكرياس مما قد يؤدي إلى حدوث التهاب حاد في البنكرياس وهذا الأمر في منتهى الخطورة.
يربط د. محمد عباس بين تشابه أعراض الالتهاب المراري المزمن مع أمراض أخرى مثل: أمراض القلب والمعدة والقولون بقوله: هنا يجب على الطبيب المختص إجراء جميع الفحوص اللازمة للتأكد من أن السبب في تلك الأعراض المرارة واستبعاد أي أسباب أخرى، وأهم طرق التشخيص التي ننصح بها صغار الأطباء الاهتمام بالكشف الإكلينيكي على المريض وجمع معلومات كاملة عن التاريخ المرضي للمريض وعائلته لمعرفة إن كانت هناك أمراض أخرى مزمنة واستبعاد جميع الأمراض المتشابهة في الأعراض حيث إن هذا يمثل 70 % من التشخيص، ثم بعد ذلك نستكمل التشخيص بطلب عمل أشعة (السونار) لأنها تعمل على توضيح حالة المرارة بالتفصيل من حيث وجود حصوات من عدمها وعددها، وحجم المرارة وسمك جدارها ومدى الالتهاب في الجدار مما يعطي صورة كاملة لوضع المرارة وكفاءتها.
أما بالنسبة لطرق العلاج يشرح الدكتور محمد نجيب عبد الله أستاذ الأمراض الباطنة والمناظير، أن العلاج يختلف حسب مستوى الالتهاب، ففي حالة وجود حصوات مع عدم شعور المريض بألم فهذا لا يحتاج إلى أي علاج نهائياً مع المتابعة الدورية، أما في حالة وجود حصوات نشطة فإنها قد تؤدي إلى حدوث التهاب حاد أو مزمن، وفي حالة الالتهاب الحاد يصحبه ارتفاع في درجة الحرارة مع آلام شديدة في منطقة المعدة ورعشة في الجسم لدرجة أن المريض لا يستطيع التنفس بسهولة، وهناك طريقتان لعلاج الالتهاب المراري الحاد وهما إما بإجراء عملية جراحية لاستئصال المرارة خلال 48 ساعة من تلك الآلام وهي زادت في الآونة الأخيرة بعد انتشار المناظير لأنها أسهل وأسرع وأفضل للقضاء على الألم في أسرع وقت.
أما إذا كان المريض عنده رهبة من إجراء الجراحة نقوم بإعطائه مضاد حيوي ومسكنات إلى أن يهدأ هذا الالتهاب الحاد ثم نعطي المريض فرصة من شهر لشهر ونصف، فإن استجاب للعلاج فهذا جيد أما إن لم يستجب خاصة إن كان المريض مصابا بالسكر نضطر إلى سرعة إجراء جراحة لاستئصالها تجنباً لأي آثار جانبية أخرى تضر الجسم.
يقول الدكتور محمد نجيب عبد الله إن هناك نقطة مهمة يجب توضيحها للقارئ العزيز بسبب ورود الكثير من الأسئلة عنها وهي أنه لا يمكن تفتيت أو استئصال الحصوات من المرارة لأنها تختلف إكلينيكياً وتشريحياً عن الكلى حيث إن الكلى لها حالب يطرد ما فيها إلى خارج الجسم، أما المرارة فليس فيها هذا الأمر وبالتالي حين يحدث تفتيت للحصوات سوف تخرج لتغلق القنوات المرارية وبالتالي لا يجب المقارنة بينهما، فالمرارة يجب أن يتم استئصالها بالكامل في حالة عدم الاستجابة للعلاج.
وكانت عمليات استئصال المرارة في الماضي تتم جراحياً بفتح من 10 لـ 15سم من الجزء الأيمن العلوي من المعدة أسفل الضلوع وكانت تعتبر عملية دقيقة تحتاج لجراح ماهر لأن المرارة تقع في مكان ضيق حيث تستغرق العملية حوالي ساعة ونصف ثم يقيم المريض بالمستشفى يومين للتأكد من حالته الصحية ثم يحتاج إلى الشفاء في فترة من 6 إلى 8 أسابيع بعد إجراء الجراحة، أما الآونة الأخيرة أصبحت عمليات استئصال المرارة تتم من خلال المنظار حيث يعمل عن طريق فتح أربع أو خمس فتحات صغيرة جداً بالجلد نقوم من خلالها باستئصال المرارة بكل ما فيها بمنتهى الأمان وفي فترة لا تزيد على نصف ساعة ولا تحتاج لإقامة المريض بالمستشفى بعد العملية مع عدم احتياجه لفترة طويلة للنقاهة بسبب عدم وجود جرح ولا غرز في الجسم.
ويكشف أن أحدث ما توصل له العلم في عمليات استئصال المرارة مرتبط بتكنولوجيا المناظير حيث أصبح مكونا من قطع بلاستيكية بدلاً من المعدن لتكون أرق على الجسم عند الاحتكاك به، كما أصبح جهاز المناظير متوفرا بكافة أدواته ويستخدم لإجراء العملية مرة واحدة فقط ثم يتم استبداله بآخر جديد مما أصبح أسهل في الاستخدام وأكثر أمانا على المريض؛ للوقاية من انتقال أي عدوى له.
تضيف الدكتورة هند يوسف أخصائية التغذية أنه بمجرد أن يخضع المريض لعملية استئصال المرارة يعاني من زيادة الوزن وهذا يحدث نتيجة الزيادة في الدهون الثلاثية بالكبد والدم، وأن الجسم بعد استئصال المرارة لا يستطيع هضم الدهون بشكل مثالي كما في السابق وبالتالي يجب الاهتمام بتجنب تناول كميات من الأطعمة الغنية بالدهون، لذلك يمنع مريض استئصال المرارة من تناول الوجبات الغذائية المصنوعة بالزيوت أو السمن أول 3 أشهر بعد العملية، حيث يجب أن يكون الغذاء خاليا تماماً من الدهون، كما يجب تجنب منتجات الألبان كاملة الدسم حيث يمكن أن تسبب آلاماً وانتفاخات وأيضاً حدوث إسهال بسبب رغبة الجسم في طرد تلك الدهون الزائدة، ويفضل الاعتماد على مكمل غذائي من الألياف ليقلل من امتصاص الجسم للدهون الزائدة، كما يجب الاعتماد على ممارسة الرياضة دورياً للمحافظة على حرق الجسم للدهون الزائدة بشكل طبيعي خاصة خلال أول 3 أشهر بعد الاستئصال.