رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الصين تقلب المعادلة «ديب سيك» يهز عرش وادي السيليكون


10-2-2025 | 23:40

الصين تقلب المعادلة ديب سيك يهز عرش وادي السيليكون

طباعة
تقرير: أماني عاطف

فى ظل الصراع والتنافس بين الصين والولايات المتحدة فى مجال الذكاء الاصطناعى، ورغم التحديات التى تواجه بكين فى مجال الرقائق الإلكترونية، تحاول الصين إثبات جدارتها كلاعب رئيسى فى هذا المجال. فقد شهد العالم كيف تم محو تريليون دولار من سوق الأسهم فى يوم واحد، فى «حريق هائل» أشعلته شركة DeepSeek الصينية الناشئة وغير المعروفة فى مجال الذكاء الاصطناعى، والتى أدى إطلاقها لنموذج ذكاء اصطناعى جديد، يُعرف باسم R1، إلى قلب الافتراضات حول تفوق الولايات المتحدة فى هذا المجال، وأثار احتمال أن يتعلم البعض فى الصين كيفية التغلب على وادى السيليكون فى لعبته الخاصة، مما يزيد من تعقيد المشهد.

على الرغم من القيود المفروضة على وصول الصين إلى أكثر الرقائق تقدمًا، هزّت شركة ديب سيك الأسواق بقولها إن أحدث نموذج لديها، R1، يعمل على قدم المساواة مع النماذج التي تنتجها OpenAI، على الرغم من استخدامه شرائح كمبيوتر أقل تقدمًا واستهلاك طاقة أقل تصدّر نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني الصنع ديب سيك قائمة التنزيلات على متجر أبل، حيث جرى تحميله 1.6 مليون مرة بحلول 25 يناير، واحتل المرتبة الأولى في متاجر تطبيقات آيفون في كل من أستراليا، وكندا، والصين، وسنغافورة، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، مما أذهل المستثمرين وأدى إلى هبوط بعض أسهم التكنولوجيا. وسرعان ما أثار إعجاب خبراء الذكاء الاصطناعي قبل أن يحظى باهتمام صناعة التكنولوجيا بأكملها والعالم، بفضل أدائه المتميز وتكاليف تشغيله المنخفضة مقارنة بمنافسيه الأمريكيين.

 

إلى جانب التحدي الجيوسياسي، يحمل الاختراق الذي حققته ديب سيك آثارًا مزدوجة على صناعة التكنولوجيا. أولاً، من المرجح أن يُسرّع التطوير التجاري واستيعاب الذكاء الاصطناعي، تمامًا كما فعل ChatGPT في عام 2022، مما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى القول إنه كان «جرس إنذار» للشركات الأمريكية التي يجب أن تركز على «التنافس للفوز».

تعد ديب سيك واحدة فقط من العديد من الشركات الصينية التي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي بهدف جعل الصين رائدة في هذا المجال بحلول عام 2030، متفوقةً على الولايات المتحدة في معركة التفوق التكنولوجي. وعلى غرار الولايات المتحدة، تستثمر الصين مليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي، حيث أنشأت في أواخر الشهر الماضي صندوق استثمار للذكاء الاصطناعي بقيمة 60 مليار يوان (8.2 مليار دولار)، وذلك بعد أيام من فرض الولايات المتحدة قيودًا جديدة على تصدير الرقائق.

 

تتميز «ديب سيك» بين الشركات الناشئة الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي بأنها لم تجمع أي تمويل خارجي، وبالتالي كانت خالية من هذه القيود. إن أصول الشركة كصندوق تحوط كمي تعني أنها تمتلك موهبة هندسية ذات فهم عميق للرقائق، وقد أدى اختراقها إلى نجاحها في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة دون إنفاق مئات الملايين من الدولارات التي ينفقها منافسوها الأمريكيون.

أثارت الشركة، التي لم يتجاوز عمرها عامًا واحدًا، حالة من الرهبة والذهول في وادي السيليكون بعد عرضها نماذج ذكاء اصطناعي مبتكرة تقدم أداءً مماثلًا لأفضل برامج الدردشة الآلية في العالم، وبتكلفة تبدو ضئيلة للغاية. لذلك، انخفضت أسهم التكنولوجيا العالمية مع تزايد الضجيج حول ابتكار الشركة، وبدأ المستثمرون في استيعاب الآثار المترتبة على منافسيها وموردي الأجهزة في الولايات المتحدة، مما تسبب في خسارة شركة Nvidia العملاقة لصناعة الرقائق ما يقرب من 600 مليار دولار من قيمتها السوقية، وهي أكبر خسارة في يوم واحد في تاريخ الولايات المتحدة.

 

حظرت واشنطن تصدير التقنيات المتطورة، مثل أشباه الموصلات GPU، إلى الصين في محاولة لعرقلة تقدمها في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يُعد المجال الرئيسي في المنافسة بين البلدين على التفوق التكنولوجي. لكن تقدم ديب سيك يشير إلى أن مهندسي الذكاء الاصطناعي الصينيين تمكنوا من التحايل على هذه القيود، مع التركيز على كفاءة أكبر بموارد محدودة. في حين أنه من غير الواضح حجم أجهزة تدريب الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي تمكنت الشركة من الوصول إليها، فقد أظهرت ما يكفي للإشارة إلى أن القيود التجارية لم تكن فعالة تمامًا في إعاقة تقدم البلاد.

 

تحمل شركة ديب سيك، التي تأسست في هانغتشو بالصين، آثارًا بعيدة المدى على صناعة التكنولوجيا العالمية وسلسلة التوريد، حيث تمكنت من دحض الاعتقاد بأن مستقبل الذكاء الاصطناعي سيتطلب كميات متزايدة من الطاقة للتطور، وفقًا لتقرير نشرته بلومبرج. تأسست الشركة على يد ليانج وينفينج، رئيس صندوق التحوط الكمي High-Flyer الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي.

يتميز تطبيق ديب سيك عن غيره من برامج الدردشة الآلية، مثل ChatGPT من OpenAI، بقدرته على شرح منطق توليده للإجابات قبل تقديم استجابة لمطالب المستخدم. يتفوق النموذج الصيني من حيث الكفاءة على جميع منافسيه، مما يثير تساؤلات حول الحاجة إلى الإنفاق الضخم على أحدث وأقوى مسرعات الذكاء الاصطناعي، مثل شرائح Nvidia.

 

تبنت الصين استراتيجية المصدر المفتوح كوسيلة لتعزيز الابتكار والانتشار الدولي لنماذج الذكاء الاصطناعي، مما يسمح للمطورين حول العالم باستخدام النماذج وتطويرها دون قيود قانونية صارمة. وتسعى الصين إلى بناء بنية تحتية متكاملة لدعم تطور الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على استخدام تقنيات محلية تقلل من الاعتماد على الواردات.

 

تعد الصين من الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث استثمرت بشكل ضخم في البحث والتطوير وتطوير البنية التحتية اللازمة لهذا المجال. منذ إعلانها عن استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي في عام 2017، وضعت الصين هدفًا طموحًا بأن تصبح قوة عالمية رائدة في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030. وقد نجحت في تطوير تقنيات متقدمة في مجالات مثل التعلم العميق، والتعرف على الوجه، والروبوتات الذكية، وتحليل البيانات الضخمة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة الصينية على تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجال الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تطبيقاته في الصناعة، الرعاية الصحية، والنقل، مما يعزز مكانتها كأحد اللاعبين الرئيسيين في هذا المجال. كما ضخ قادة التكنولوجيا في الصين، من مجموعة علي بابا القابضة وبايدو إلى تينسنت القابضة، أموالًا وموارد كبيرة في السباق للحصول على الأجهزة والعملاء لمشاريع الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم.