رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

علّمن العالم خديجة بنت الإمام سحنون فقيهة النساء


27-3-2025 | 15:33

.

طباعة
بقلم: د. محمد عبدالله فايد

خلال فترة ازدهارها العلمى ونبوغ حضارتها أنجبتِ «القيروان» جهابذة من العلماء الفقهاء والشعراء والأدباء بلغوا مراتب سامية وشأْوًا بعيدًا. هؤلاء الأعلام لم يكونوا من الرجال الذكور فحسب بل إن المرأة بلغت علمها وأدبها مراتب عُلْيَا.

 

ومن بين ما تذكرهن المراجع التاريخية والقصص خديجة بنت الإمام عبدالسلام سَحْنون بن سعيد التنُّوخي، صاحب «المُدوَّنة» فى مذهب الإمام مالك ورائد المدرسة المالكية فى إفريقيا والغرب الإسلامي.

وكانت «عاقلة عالمة ذات صيانة ودِين، وكان نساء زمانها يستفتيْنَها فى مسائل الدين ويقتَدِين بها فى معضلات الأمور»، وذلك لِمَا منحها الخالق جلّ ثناؤه من كمال العقل والمدارك العالية. وكان أبوها يحبّها حبّا شديدا ويستشيرها فى مهمّات أموره حتّى أنه لما عُرِضَ عليه القضاء، لم يقبله إلا بعد أخْذِ رأيها.

وكانت فى بيت سحنون مكتبة عظيمة تغذَّتْ منها خديجة وأخوها، تحتوى على ما سمعه سحنون فى مصر والمدينة من الحديث والمسائل الفقهية، وكان سحنون يتباهى بما دوّنه من كتب وما اقتناه منهما كما يظهر فى تراجمه.

ولم تأخذ خديجة من أبيها علمه وفقهه فقط، بل تحلَّتْ أيضًا بأخلاقه وخصاله التى قلما اجتمعت فى غيره، كما ذكر القاضى عياض. منها: الورع والكرامة والزهد فى الدنيا والملاحة مع رقة القلب وغزارة الدمعة والخشوع الظاهر والتواضع وسلامة الصدر وكرم الأخلاق.

وكانت عالمة فاضلة، درست على يد والدها الإمام سحنون وأخذت عنه علم الفقه والأحكام الشرعية، كما أسهمت فى نشر العلم وتوجيه المرأة المسلمة إلى الاهتمام بالعلوم الشرعية، وعملت على جمع ونقل الفتاوى الفقهية وتفسيرات العلماء، خاصة فى ما يتعلق بمذهب مالك، فكانت بحق مثالًا للمرأة المسلمة التى تسعى للعلم والفقه، وتحرص على تربية الأجيال الجديدة على الالتزام بالدين.

كما كانت من ربات العقل والرأى والعلم والفضل والدين والصلاح، وأخذت العلم عن أبيها حامل لواء مذهب مالك بالمغرب، واستفتاها نساء عصرها فى مسائل الدين، وكانت قدوة صالحة لهن فى معضلات الأمور.

وكانت وفاتها سنـة 270 هـجرية تقريبًا، ودُفنت حذو أبيها وأخيها بمقبرتهم المشهورة بهم قُرب فسقية «الأغالبة» ومقام الصحابى أبى زمعة البلوى خارج مدينة القيروان.

وهكذا كانت خديجة من العلماء الكبار والعالمات القيروانيات ممن أخذوا عن سحنون وساروا على دربه ومنهجه. وقد كان نساء زمانها يستفتينها فى مسائل الدين، ويقتدين بها فى معضلات الأمور لما منحها الخالق جل ثناؤه من كمال العقل والمدارك العالية, كما كانت واحدة من النساء المجتهدات اللاتى تركن أثرًا واضحًا فى نشر العلم الشرعي، خاصة فى مجال الفقه المالكي. وكان لها دور مؤثر فى الدعوة والتعليم، وهى مثال رائع للمرأة التى تساهم فى بناء المجتمع الإسلامى من خلال العلم النافع والعمل الصالح.

 

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة