«سيناء» ما إن تتناهى هذه الكلمة إلى مسامع أى مصري، إلا وتقفز ذكريات«الحرب والنصر»، وتسرى فى جسده مشاعر الفخر والفرحة، فـ«سيناء» تلك الأرض المباركة، والتى تجمع أنظار العالم حاليًا إليها احتفالًا بعيد تحريرها، ليس فقط من باب استعادة الأرض، ولكن للحديث عن طفرة غير مسبوقة فى القطاع السياحي، تعكس نجاح جهود الدولة فى تطوير البنية التحتية وتعزيز الاستثمارات، وجعلها وجهة سياحية متكاملة تجمع بين الطبيعة والروح والتاريخ، وذلك بالتزامن مع تزايد معدلات الحركة السياحية الوافدة إلى جنوب سيناء.
وللحديث حول ما تشهده من تدفق فى أعداد السياح وما تحتاجه سيناء مستقبلًا للاستمرار فى زيادة الأعداد الوافدة، فضلًا عن الحديث عن مشروع التجلى الأعظم، التقت «المصور» الدكتور عاطف عبداللطيف، عضو جمعية مستثمرى السياحة بجنوب سيناء، ورئيس جمعية «مسافرون للسياحة والسفر».
بداية.. حدثنا عن حركة السياحة فى سيناء فى الوقت الحالى؟
تشهد سيناء بصفة عامة ومحافظة جنوب سيناء بصفة خاصة ارتفاعًا ملحوظًا فى أعداد السائحين خلال الأشهر الأولى من عام 2025، وسجلت معدلات الإشغال السياحى فى شرم الشيخ ودهب نسبًا مرتفعة مقارنة بالأعوام الماضية، بدعم من تحسن الأوضاع الأمنية، وزيادة الرحلات الدولية المباشرة، وتنامى الطلب من أسواق أوروبا الشرقية ودول الخليج، وذلك رغم أن موسم الذروة السياحية يمتد عادة من أبريل حتى أكتوبر، إلا أن العام الحالى شهد انطلاقة «ذروة» بداية من أواخر ديسمبر من العام الماضى ومستمرة حتى وقتنا الحالي.
ما أسباب زيادة حركة السياح فى هذا التوقيت، لا سيما أنه ليس موسم الذروة السياحية فى جنوب سيناء؟
من وجهة نظري، الأمن والأمان فى جنوب سيناء، بالإضافة إلى إلغاء «التفويج»، لأنه كان يستغرق مجهودا شاقا ومجهدا على وزارة الداخلية، والآن تم عمل خطط وطرق بديلة لتأمين السياح، بشكل متطور جدًا وأصبح إلغاء «التفويج» راحة لـ«الداخلية» بشكل كبير،بجانب راحة السياح بشكل كبير أيضًا، هذا فضلا عن أنه يستغرق وقتا طويلا من انتظار السائح، ووسط تساؤلات مزعجة من السياح عن سبب الانتظار لتجميع أكثر من 10 أو 15 سيارة للتنقل بالسياح عبر الأكمنة، وأغلبهم من كبار السن.
بماذا تتميز سيناء عن غيرها من المقاصد السياحية المصرية؟
سيناء تتمتع بمقاصد سياحية متفردة عالميًا، كما أنها تتميز بتنوع سياحى فريد لا نظير له؛ من الشواطئ الخلابة فى شرم الشيخ التى لا مثيل لها، ووجود دهب وطابا اللتين لم تحصلا على ما تستحقانه حتى الآن من الزخم السياحي، فضلًا عن الجبال الروحية فى سانت كاترين، مرورًا بأشهر مواقع الغوص العالمية مثل “البلو هول” و»الثرى بولز»، بخلاف كنوزها الأثرية المغمورة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر «معبد سرابيط الخادم ونقوش وادى المكسر»، وتكتمل التجربة السياحية بسحر الطبيعة البكر وتقاليد الحياة البدوية، التى تجذب الباحثين عن تجربة أصيلة تجمع بين الهدوء والتواصل مع البيئة.
برأيك.. هل توجد عقبات تحد من تدفق حركة السياح بصورة أكبر إلى سيناء؟
نحتاج إلى زيادة الغرف الفندقية، فضلًا عن التوسع فى رحلات الطيران وتشغيل المطارات فى جنوب سيناء، بخلاف ضعف التسويق الخارجى المتخصص لبعض الوجهات مثل نويبع وسانت كاترين، كما أننا نحتاج إلى تأهيل الكوادر السياحية ورفع جودة الخدمات المقدمة.
كم يبلغ العجز فى أعداد الغرف الفندقية فى جنوب سيناء؟
يبلغ عدد الغرف الفندقية فى جنوب سيناء حاليًا أكثر من 65 ألف غرفة، موزعة بين شرم الشيخ ودهب ونويبع وسانت كاترين، وذلك وفقًا لبيانات وزارة السياحة، إلا أنه تزايد الإقبال السياحي، ويُتوقع أن تحتاج المنطقة لإضافة ما لا يقل عن 15 إلى 20 ألف غرفة جديدة خلال العامين المقبلين، لا سيما فى مدن مثل دهب وسانت كاترين، حيث يتجاوز الطلب القدرة الاستيعابية الحالية.

وماذا عن الطيران؟
لا أنُكر أن حركة الطيران إلى سيناء شهدت تطورًا واضحًا، خاصة فى مطار شرم الشيخ، مع فتح خطوط مباشرة من عدة عواصم أوروبية وخليجية، إلى جانب دخول خطوط الطيران منخفض التكلفة (LCC) التى أسهمت فى خفض الأسعار وزيادة تدفق السياح، إلا أن هناك حاجة لتكثيف الرحلات إلى مطارى طابا وسانت كاترين بعد تطويرهما، مع تقديم حوافز إضافية لشركات الطيران لاستقطاب المزيد من الرحلات المباشرة من أسواق مثل ألمانيا، إيطاليا، وبولندا، وأى تنمية ورغبة فى زيادة أعداد السياح تعتمد على المطارات، ما بين الطيران «الشارتر» أو الطيران» السريع والمباشر»، وتنمية الطرق مهمة لكنها تحتاج إلى وقت ومجهود من السياح، والسائح يفضل الطيران عن التنقل البري، لاسيما فى المسافات الطويلة.
كيف ترى مشروع التجلى الأعظم؟
يُعد مشروع «التجلى الأعظم فوق أرض السلام» فى سانت كاترين من أبرز مشروعات التطوير السياحى فى العقود الأخيرة، ونقلة نوعية فى السياحة الروحية، ويهدف إلى تحويل المدينة إلى وجهة عالمية للسياحة الروحية والبيئية، ومشروع التجلى الأعظم سيغير شكل المنطقة بالكامل، وتطوير وافتتاح مطار سانت كاترين سيكون له فائدة كبيرة، لأن نوعية السائح القاصد منطقة كاترين من كبار السن، والأفضل الانتقال لكاترين طيران بدلًا من الوصول بري، لأن الرحلة لا تقل عن 8 ساعات من القاهرة و5 ساعات عن طريق طابا.
حدثنا عن البنية التحتية للمشروع؟
تطوير البنية التحتية من طرق، ومياه، وكهرباء، وشبكات اتصالات، وإنشاء فندق جبلى بطاقة 144 غرفة، بتصميم يراعى الطبيعة البيئية والروحانية للمكان، إعادة تأهيل منطقة وادى الراحة وتحويلها إلى مركز جذب سياحى وروحي، إقامة مركز متطور للزوار يضم خدمات توعوية وإرشادية، تنفيذ ممشى بيئى يتبع درب النبى موسى عليه السلام، ويمنح الزوار تجربة تأملية فريدة، والعمل على تطوير مطار سانت كاترين ليتماشى مع تطلعات الحركة الجوية المستقبلية، وتشجيع الاستثمار فى النُزل البيئية والمخيمات ذات الطابع البدوى، وكل هذه الجهود تعكس توجهًا استراتيجيًا لجعل سانت كاترين إحدى أبرز وجهات السياحة الروحية فى العالم.