الإثنين 27 مايو 2024

د. سعيد عبد العظيم: العلاج النفسى بداية طريق الشفاء

14-6-2017 | 13:40

حوار: إيمان النجار

الدكتور سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسي بكلية الطب ، جامعة القاهر في حديثه للمصور أكد علي أهمية الجانب النفسي لمريض السرطان وقال العلاج النفسي يساهم بنسبة ١٠٠٪ في علاج مرضي السرطان ويبدأ من أول دقيقة بمعرفة الإصابة ويستمر خلال فترة العلاج وحتي بعد الشفاء حتي لا تحدث انتكاسة للمريض ، وأشار إلي أن مراكز علاج الأورام العالمية تجعله خطوة أولي في علاج مريض السرطان ، تحدث أيضا عن كيفية تعايش المريض مع السرطان سواء في مراحله الأولي أو المتأخرة . تحدث الدكتور سعيد عن الأمراض النفسية التي تصيب مريض السرطان منها القلق والتوتر والهلع الشديد وتصل إلي الاكتئاب، فمريض السرطان قد يموت بالاكتئاب وليس بسبب مرض السرطان .

 

د. سعيد عبد العظيم، أكد أهمية الجانب النفسى لمريض السرطان، مشددا على أن العلاج النفسى يساهم بنسبة ١٠٠٪ فى علاج مرضى السرطان، ومشيرا إلى أنه يبدأ منذ أول دقيقة بمعرفة الإصابة، ويستمر خلال فترة العلاج وحتى بعد الشفاء حتى لا تحدث انتكاسة للمريض.

«د.سعيد»، أوضح أن مراكز علاج الأورام العالمية تجعل العلاج النفسى خطوة أولى فى علاج مريض السرطان، كما تحدث أيضا عن كيفية تعايش المريض مع السرطان سواء فى مراحله الأولى أو المتأخرة.

وفيما يتعلق بالأمراض النفسية التى يمكن أن تصيب مريض السرطان، أوضح، أستاذ الطب النفسى، أن هناك أنواعا عدة منها القلق والتوتر والهلع الشديد وتصل إلى الاكتئاب، مشيرا إلى أن مريض السرطان قد يموت بالاكتئاب وليس بسبب مرض السرطان.

وأكمل: أول رد فعل للشخص عندما يكتشف أنه مصاب بمرض السرطان هو قلق جدا، ثم حالة توتر شديد، ثم حالة غضب لماذا هو بالذات؟.. وبعد التأكد من أن هذا التشخيص حقيقة مؤكدة وعليه تقبل الأمر الواقع يكتئب، كلها حالات نفسية تحدث منذ أول مرحلة التشخيص ويصل للاكتئاب وأن الموت قريب وأنه ممكن يموت، وأن الحياة والموت أصبحت قضية بها كلام أمامه.

وأضاف: تأتى بعد ذلك مرحلة تقبل العلاج ومشوار العلاج، والعلاج نفسه ليس سهلا ويتضمن علاجات مختلفة، فيوجد علاج كيماوى وإشعاعى وعلاج جراحي، بجانب المتابعة النفسية والعلاج النفسى، وهذه للأسف لم تكن فى مصر من قبل أولوية، وقد سافرت لدول مختلفة منها مركز متقدم فى نيويورك بأمريكا لعلاج السرطان، وكانت أول خطوة لمريض السرطان الحالة النفسية، فيبدأون دراسة الحالة النفسية من البداية لمعرفة كيفية التعامل معه من أول خطوة، ويعتبرون العامل النفسى جزءا لا يتجزأ من بداية علاج المريض ورعايته، كما أن العلاجات المستخدمة بعضها يؤدى إلى حالة نفسية وبعضها يؤدى إلى اكتئاب، فلابد أن يكون الطبيب المعالج على علم بحالته الصحية، وإن كان يعانى من اكتئاب، وهذا يتم معرفته من خلال الحديث مع المريض وبإجراء اختبارات نفسية متخصصة تجرى للمريض فى كل المراحل تقول المريض مكتئب أم لا ودرجة الاكتئاب وتقديرات دقيقية.

وأوضح أن الاكتئاب لا يعنى الزعل، فالزعل هو رد فعل أو تفاعل مع مشكلة أنه مريض بالسرطان لكنه لا يعنى الاكتئاب، فالأخير مرض نفسى مهم جدا وخطير وممكن يؤدى به إلى الانتحار ويفضل التخلص من نفسه على أن يكمل الحياة، وهذا يعيق العلاج، فمن الممكن أن يرفض العلاج ويتركه ولا يتعاون مع الأطباء وتكون مشكلة ضخمة إذا وصل مريض السرطان لحالة اكتئاب حقيقي، فالاكتئاب يزيد يوما بعد يوم يبدأ بزعل، ثم لا ينام، ثم يتساءل أنا عايش ليه؟.. وتراوده أفكار هل أنتحر، الموت أفضل، ويفكر كيف ينتحر، أتناول إيه؟ أو أشنق نفسى أو أقطع إيدى؟ كلها أفكار ترد على ذهنه تعكس اكتئابا حقيقيا يزيد يوما عن يوم ويؤدى إلى مضاعفات خطيرة.

«د. سعيد» فى سياق حديثه طالب الأطباء بالانتباه لحالة المريض النفسية واختيار نوع العلاج المناسب للحالة حتى لا تزيد سوءا، وقال: هناك أدوية العلاج الكيماوى تسبب اكتئابا ومعروف أنه من أعراضها الجانبية أنها تسبب اكتئابا، أيضا يوجد العلاج الجراحى والكيماوى والإشعاعى وكلها لها تأثيرات جانبية، فالعلاج الكيماوى يؤدى إلى تساقط الشعر، والعلاج الإشعاعى خاصة لو كان على المخ من الممكن أن تترتب عليه مضاعفات عدة، والجراحة أيضا قد تكون جراحة خطيرة، كأن يتم استئصال عضو أو جزء منه، مثلا فيه حالات قبل ذلك يقال لها سيتم تحويل مجرى الشرج للبطن ومخرج للبراز من منطقة أخرى غير الشرج، وبعض المرضى بمجرد ما إن يستمعوا لهذا الحديث لا يعودون للطبيب مرة أخرى ويفضلون الموت لأن السرطان له أربع مراحل، المرحلة الأولى والثانية تكون فى بداية المرض وممكن السيطرة عليه بالعلاجات المختلفة لو جراحة ممكن استئصال وهكذا، لكن فى المرحلة الثالثة والرابعة يكون المرض انتقل إلى أماكن أخرى مجاورة ثم إلى أماكن بعيدة فى المرحلة الرابعة وهى مرحلة خطيرة يكون صعبة جدا السيطرة على المرض وتكون حالات ميؤوسا من شفائها، لذا نقول إن أهم شيء فى مرض السرطان هو الاكتشاف المبكر للمرض فى المرحلة الأولى أو الثانية على أقصى تقدير، يمكن السيطرة على المرض وتزيد فرص الشفاء وإنقاذ المريض، وهذا يحتاج لقدر من التوعية والثقافة، فمثلا السيدات المفترض تكشف على الثدى على فترات منتظمة ولو وجدت شيئا غريبا تتحرك سريعا، لكن لو انتظرنا ينتشر السرطان للغدد ويكون الموضوع أصعب.

وتابع: كل هذا مهم جدا لأنه ينعكس على الحالة النفسية للمريض ودرجة تحمله، فيه حالات أخرى كنا نراها من قبل لها علاقة بالحالة النفسية أثناء الفحوصات، فكان المريض مثلا يحتاج لرنين مغناطيسى أو أشعة مقطعية، وكان الأجهزة وقتها مغلقة مثل الأنبوبة وكان بعض المرضى يخافون من الوضع فى مكان ضيق، فلدينا مرض نفسى هو فوبيا أو مخاوف التواجد فى مكان ضيق مثل الأسانسير أو غرفة مغلقة ويحدث لهم نوع من القلق العنيف جدا أو الهلع الشديد، وكان هذا يحدث لبعض الحالات أثناء إجراء الفحص لها، لكن حاليا الأجهزة أصبحت مفتوحة، ولم تعد تحدث نفس التأثير للأجهزة المغلقة، هذا أمر، الأمر الثانى أن عقاقير العلاج الكيماوى من آثارها الجانبية القئ حيث تؤثر فى مراكز القيء فى المخ، فنجد المريض بعد أخذ جرعة الكيماوى يتعرض لحالة قيء عنيف جدا، وبعد فترة من بدء العلاج عندما يقال للمريض إنك ستذهب لأخذ الجرعة يبدأ القيء حتى قبل تناول الجرعة، هذا نوع من الربط بين أنه سيذهب لأخذ الجرعة وبين القيء وهنا يتحول القيء إلى حالة نفسية وليس فقط بسبب العلاج، وكل هذه انعكاسات نفسية تحدث بدءا من خطوات الفحص والعلاج.

وكشف أيضا أن هناك أعراضا كثيرة باطنية ونفسية، حيث قال: المريض يتألم آلاما شديدة والآلام نوعان، نوع بسبب الورم، النوع الثانى الآلام النفسية مشابهة للآلام العضوية ويكون سببها الاكتئاب، فيشعر المريض بألم فى كل مكان فى الجسم من أول رأسه حتى قدمه وعند فحصه لا يعرف السبب، وهذه الآلام يكون سببها نفسيا، فتبين أن الاكتئاب عندما يكون موجودا ويحدث تأثيراته، نفس مسارات الألم فى المخ للجسم هى مسارات الاكتئاب، فمادة السيروتونين وهى مادة تفرز فى الجسم والمخ ومسئولة عن جعل الحالة النفسية جيدة، وكلما كانت نسبتها فى الجسم عالية، كانت الحالة المزاجية جيدة، وعندما يحدث الاكتئاب تبدأ تنخفض نسبة السيروتينين فى المخ والخلايا العصبية تعاني، وهنا وجد أن مسارات الاكتئاب هى نفس مسارات الألم، وبالتالى عندما تنخفض نسبة السيروتينين يزيد شيئان هما الاكتئاب والألم، والآلام الشديدة التى يعانى منها مرضى السرطان وجدوا أن جزءا منها يكون بسبب الاكتئاب والمرض النفسى وليس فقط الحالة العضوية أو السرطان، وهنا يكون العلاج بإعطاء عقار مضاد للاكتئاب، وتبين فى حالات كثيرة أن الألم يختفى عندما يحقق علاج الاكتئاب مفعوله، لأن علاج الاكتئاب يرفع مادة السيروتينين ويجعلها فى معدلاتها الطبيعية، فأصبح علاج الاكتئاب بمضاداته إحدى وسائل التغلب على آلام مريض السرطان وليس فقط المسكنات، فعلاج الاكتئاب يزيل الألم، وهناك حالات تحتاج إلى مسكنات بدرجات مختلفة من مورفين وترامادول وغيرها.

بالنسبة لحالات المرض المتقدمة، أردف «د. سعيد» قائلا: كل المراحل السابقة والعلاج حقق نتيجة وتم الشفاء وبدأ المتابعة، لتكون المرحلة التالية والتى تتمثل فى كيفية الحفاظ على عدم ارتداد أو رجوع المرض مرة أخرى فيما يسمى بالانتكاسة وتتم متابعته بالفحص الدورى بالأشعة والتحاليل، ومن الممكن أن يمتد العلاج الكيماوى حتى بعد الشفاء ويأخذ جرعات إضافية تحسبا لو تسربت إصابة لمكان آخر، ويحتاج فى مرحلة المتابعة لمزيد من الاهتمام بالحالة النفسية ونرى هل مازال عنده قلق أو اكتئاب أو أى مرض نفسى آخر، لأن وجود أمراض نفسية تساهم فى الانتكاسة أو رجوع المرض.

وأثبتت الدراسات – والحديث لا يزال لـ«د. سعيد عبد العظيم»، أن المرضى الذين يعانون من قلق زائد وتوتر زائد تكون احتمالات عودة السرطان لهم عالية، كل هذا معناه أن مراحل العلاج النفسى تبدأ من أول التشخيص وتستمر حتى بعد الشفاء وأثناء المتابعة، النوع الثانى من مرضى السرطان هم الذين لا يتحسن المرض ويكون وصل للمرحلة الثالثة والرابعة حيث انتشار السرطان فى أماكن مجاورة أو فى أعضاء أخرى، وتكون هناك صعوبة بالغة فى السيطرة عليه، ويحصلون على علاج لكن لا يحدث تقدم أو استجابة للعلاج والمرض مستمر، ونضعهم هنا فى مرحلة تأهيل ويكون وصل لمرحلة ميؤوس منها ويتبقى له فترة محدودة، و ٩٠٪ من علاج هذه الفئة من المرضى يكون نفسيا، وأحيانا يعانون من الآلام الشديدة جدا لأن الألم يكون منتشرا وتأثيراته صعبة وهؤلاء علاجهم تخفيف الألم، ونعدهم للنهاية ولا نخفى عليه، فهناك من يفضل عدم إخبارهم، لكن من الأفضل إخباره، صحيح سيكون الخبر صدمة، لكن بعد فترة سيبدأ بتقبل الأمر ويعد نفسه ويقرر أمورا فى حياته، إن كان وصية أو توزيع أشياء أو تبرعات، وبالتالى نعطى له فرصة يقرر ويفكر، فلا نحرمه حتى من مسألة أن يقرر ما يريده.

وفيما يتعلق بالجانب العائلى للمريض، قال أستاذ الطب النفسى: لابد فى نفس الوقت من دعم نفسى للأهل، لأن رعاية المريض فى المراحل المتأخرة يحتاج لمجهود كبير من الأهل، وهنا يحتاجون ما نسميه رعاية الرعاة، لكى يستطيعوا التصرف وكيفية مقابلتهم لشكوى المريض، ويكونون على تواصل مع الطبيب لو جد جديد، إذن العلاقة مع الطبيب المعالج للسرطان والطبيب النفسى تستمر ملازمة لهم حتى النهاية، وأحيانا نلجأ لرجل دين فى هذه المرحلة، وذلك لمساعدة المريض فى تقبل الحقيقة وتقبل فكرة الموت ويكون جاهزا ومعدا نفسه بشكل هادئ ومريح له ومن حوله، كما أن بعض الحالات تدخل فى مراحل حرجة أثناء المراحل النهاية وتحتاج رعاية مركزة، وهناك بعض المرضى فى هذه المرحلة يطلبون الموت، والمريض فى هذه المرحلة يريد الموت سريعا ويسمى الانتحار بالمساعدة، ونسمع مثلا عن ممرضة أعطت حقنة لمريض بناء على طلبه تساعده على الوفاة، وهذا النوع من الانتحار فى بعض الدول غير مجرم قانونا، وهذا المفترض جريمة، عندما يعطى الطبيب أو الممرضة حقنة للموت السريع هذه جريمة فى كثير من الدول وتعد قتلا، لكن بعض الدول تعطى لها قانونا مشروعيته، وهذا يحدث فى هذه المرحلة.

أستاذ الطب النفسى، أنهى حديثه بقوله: «من المهم جدا التركيز على الجانب النفسى لمريض السرطان، وعندما كنت رئيس قسم الطب النفسى بقصر العيني، عملت عيادات فى معهد الأورام للطب النفسي، وكان يتواجد بالمعهد نواب وأطباء مساعدون وأستاذة يتواجدون فى المعهد باستمرار والأطباء معالجو السرطان يرسلون لنا الحالات، وقريب جدا حاولوا استرجاع هذه الأمور، فالعلاج النفسى يساهم بنسبة ١٠٠٪ فى علاج السرطان من أول دقيقة بمعرفة خبر الإصابة حتى الشفاء فى الحالات الأولى وحتى الوفاة فى الحالات المتأخرة، فالطبيب النفسى قريب جدا، وأصبحت حقيقة فى العالم كله هو علاقة العلاج النفسى بمريض السرطان ولابد من مزيد من الاهتمام بالجانب النفسى فى معاهد ومراكز علاج الأورام بشكل أساسى».