السبت 29 يونيو 2024

المناداة علي الكتب والإعلان عن تخفيضات في ساعة محددة والتنزه ولقاء الأحبة .. فى الدورة الـ«48».. معرض الكتاب.. ثقافة.. وأشياء أخرى

14-2-2017 | 18:51

كتب : هيثم الهوارى – عدسة : إبراهيم بشير

جاءت الدورة الـ 48 من معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي بدأ يوم 26 يناير الماضي بظواهر إيجابية وأخرى سلبية مثل ضعف الإقبال وقلة حركة بيع الكتب بسبب ارتفاع الأسعار الأمر الذي جعل الجمهور يعزف عن الشراء ويكتفي بالمشاهدة بل استخدم المعرض مكاناً للتنزه واللقاءات الأسرية وكانت الظواهر الإيجابية في تخفيضات دور النشر علي بعض الكتب والتي وصلت إلي 50% والندوات والمناقشات مع أهل الفكر والثقافة والدين وحفلات توقيع لعدد كبير من الكتب والروايات..

البداية

«الجواب يبان من عنوانه» مثل شعبي لكنه أفضل ما يعبر عن وضع المعرض منذ يومه الأول والذي بدأ بمشاكل كثيرة حيث منع أمن مجلس الوزراء الصحفيين وكبار المسئولين والأدباء والمثقفين دخول الافتتاح عنوة وبدون أسباب حتى أن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء قام بجولته في حضور الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة ومسئولي المعرض فقط في ظل غياب الوزراء فيما عدا د. مختار جمعة وزير الأوقاف الذي حضر متأخرا وغياب أعضاء مجلس النواب وتعامل الأمن بعنف مع وكلاء الوزارة مثل د. أنور مغيث رئيس المركز القومي للترجمة وكبار الأدباء والمثقفين الذي أزاحهم الأمن من أمام البوابة بشكل غير لائق الأمر الذي دفع د. منى مكرم عبيد أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بالتدخل بالتحدث مع وزير الثقافة الكاتب الصحفي حلمي النمنم أثناء حديثه لبعض الصحف مجيباً على تساؤل عن عدم وجود كتب إرهابية قائلة: أن ما حدث أمام باب القاعة الرئيسية هو الإرهاب الحقيقي وان من فعل هذا هم الأعداء الحقيقيون للوطن قائلة "اللي حصل ده تهريج وميصحش أبدا".

الجماهير

شهد المعرض إقبالا شديدا في الأيام الثلاثة الأولى له ثم بدأ الإقبال يضعف في الأيام التالية بسبب الأسعار المرتفعة للكتب حتى أن الجماهير عزفت عن حركة الشراء واكتفت باستخدام حدائق المعرض كمنتزه للجلوس ولعب الكرة خاصة مع رخص سعر التذكرة وأن الغالبية العظمى يدخلون بالدعوات المجانية والتصاريح الدائمة.

كما كان المعرض فرصة للبعض بعقد اللقاءات الأسرية والتي وصلت إلى عزومات المحشى وغيرها من الأكلات المصرية المشهورة وساهمت في تحويل المعرض إلى حديقة غطت أرضيتها علب الطعام المتنوعة.

إلي جانب الاستمتاع بالحفلات الفنية وعروض السيرك القومي التي تقام في المسرح المكشوف يوميا بالإضافة إلى الفرق الخاصة مثل فرقة نجوم بكرة التي قدمت العرض الموسيقى الساخر «قلبتم دماغنا» إعداد وإخراج عاطف محمد وأيضا مسرحية " وشوش فشوش " تأليف د. مصطفى حبيب، إخراج د. شيرين خالد وكذلك مسرحية اللحاد التي قدمتها فرقة الصومعة تأليف عبد الفتاح القلعجى، إخراج مصطفى حامد.

بالإضافة إلى الحفلات الفنية التي تقدمها الهيئة العامة لقصور الثقافة في مخيم الفنون بمشاركة فرق الموسيقى العربية والفنون الشعبية في أفرعها المختلفة منها فرقة بورسعيد للفنون الشعبية وكذلك ورش الفنون التشكيلية التي اعتبرها الجمهور المتنفس الوحيد في المعرض بعد انصرافهم عن شراء الكتب.

دور النشر

كان من أهم الأزمات الواضحة أزمة دور النشر هذا العام بعد تراجع مؤشرات الشراء عن الأعوام السابقة حتى أن بعض دور النشر ابتكروا أساليب تتم لأول مرة في المعرض مثل المناداة على الكتب كما يحدث في سوق الخضار بل أقاموا مزادات بشكل كوميدي لجذب الجمهور لشراء الكتب.

ووصلت التخفيضات إلي 50% كما قامت بعض دور النشر بالإعلان عن التخفيضات في ساعة محددة في أيام متفرقة لجذب الجمهور بأي شكل.

الغريب أن الهيئة العامة للكتاب أصدرت بيانا أكدت فيه نسبة زيادة مبيعاتها عن السنة الماضية بنسبة 47.5 % وكأن ما يحدث لا يمسها.

جناح دار الهلال

تميز جناح مؤسسة دار الهلال هذا العام بإصداراته الجديدة المتنوعة والتي شهدت إقبالا كبيرا خاصة كتاب شخصية مصر لجمال حمدان بالإضافة إلى بعض كتب الهلال الطبي وراويات الهلال ومجلة الكواكب والإصدارات القديمة.

ندوات فنية

كما تضمنت عدداً من الندوات الفنية كان من أبرزها ندوة نظرة على الدراما التليفزيونية التي تحدثت فيها المخرجة أنعام محمد على والناقدة خيرية البشلاوى والسيناريست مجدي صابر.

تضمنت فعاليات المعرض واحدة من أهم الندوات الفكرية وكان ضيفها الفنان محمود حميدة الذي أكد على عدم تأثير آرائه السياسية على فنه ومسيرته الإبداعية، قائلا: إنه يفضل الفصل تمامًا بين رأيه السياسي أو فكره، وبين دوره في السينما أو المسرح.مشيرًا إلى أن الجمهور هو سيد الموقف، ووصف من يقول بأن الممثل يصنع فناً لتوجيه المتفرج، بأنها إساءة أدب، ومؤكدًا أن الفن بلا رسالة.

وأضاف "حميدة":أن الفن غير قادر على التغيير، وأن وظيفته الأساسية التسلية، ويعتبره وعاء فارغًا قادرًا على استقبال هموم جديدة خاصة أنه لم يختر أدواره الفنية، وأن إرادته كانت محصورة في الرفض أو القبول.

وأشار إلى احتقار المجتمع لمهنتي التمثيل والرقص، لأنه يعتبره "عيب" وأن المجتمع يرى المشتغلين بالفن بلا مهنة وأن المجتمع يرى كل الأعمال المندرجة تحت مسمى الفن للتسلية فقط، مثل الموسيقى والغناء والرقص.

وعن علاقته بالشعر قال تعرفت على شعر فؤاد حداد عام 1986، من خلال الكاتب الراحل خيري شلبي، وحينها كنت لأول مرة أتذوق حلاوة الشعر، بعد أن كنت أتعامل معه على أنه معاملة رياضية أو قاعدة نحوية".

ودعا حميدة إلى تأسيس مؤسسة للشاعر فؤاد حداد، باعتباره مدرسة كبيرة في الشعر وكتب ما يزيد علي 33 ديواناً ومثلما كتب في العامية كتب في الفصحى، معتبرًا أن اهتمامه الشعري بفؤاد حداد، هو اهتمامه بمصير الأجيال القادمة.

بعد ذلك انتقل "حميدة" للحديث عن التعليم، موضحًا أنه مر بمراحل في حياته تجعله قادرا على طرح رؤيته حول التعليم والأداء الاجتماعي وكيف أثر التعليم المدرسي على شخصيته، وكيف أثر التعليم غير المدرسي عليه.

مشيرًا إلى أن عقولنا تدربت على الإجابات الواحدة فقط، مما انعكس على حوارنا مع الآخر حتى أصبح كل شخص لا يسمع إلا نفسه ولا يؤمن إلا برأيه ويضيق صدورنا من الحوار مع الآخر المختلف.معتبرًا أن التعليم غير المنضبط أحد أسباب الإرهاب، وأن غير المتعلم سيكون بالضرورة إرهابياً.

"رمضان المسيحي" رواية تنتمي للواقعية وتصور عالم المهمشين

أقيمت بقاعة ضيف الشرف، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة أدبية، لمناقشة رواية "رمضان المسيحي" الصادرة عن دار الهلال للروائي الكاتب الصحفي عادل سعد رئيس مركز التراث بمؤسسة دار الهلال .

بدأت الندوة بكلام د. أسامة أبو طالب الأستاذ بأكاديمية الفنون الذي تحدث عن تعايش الكاتب والروائي عادل سعد مع القصة ليجعلنا نتساءل هل ما يسرد من واقع حقيقي أم خيالي أم يمكن اعتباره «كابوس» بشكل واقعي نعيشه.

وأضاف أن هذا هو ما يمكن أن نسميه واقعية الفانتازيا التي استعان بها الكاتب لخلق عالم يمكن أن يري بالشكل المطلوب وكيف يمكن أن يتطرق الكاتب لإخراج هذه الحالة بسرد أسماء رائعة في عالمنا داخل روايته وهو ما يسمى "بالبروتسكا" وهي نسبة إلي المسمي المصري القديم الذى يعطينا الحبكة المطلوبة مؤكدا أن الكاتب تناول الشخصيات بطريقة رائعة خاصة عندما وصف شخصيات الرواية بالتدليس والكذب ولكن بشكل ساخر وكان استخدامه لفن الحكي بشكل رائع للسرد بالإضافة إلى تمكن الكاتب من مسخ الكائن الحي فكانت صادقة التأثير وليست نافرة وانه حكي عن عالم متصارع فضاف إلي القارئ مزيداً من الاسئلة الكثيرة لوصول صورا معبرة صادقة تنتمي إلي الأدب .

ومن جانبه أشاد الكاتب الصحفي غالي محمد رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال بالكاتب الصحفي عادل سعد الذي لم يكن يعلم بكتاباته ولكنه اثني علي عمله المؤسسي في تجربته المنوط بها لدار الهلال في إحياء مركز الهلال للتراث بمشاركة.

وأكدت الروائية سلوى بكر، أن "رمضان المسيحي" رواية تنتمي إلى ما عرف حديثًا بأدب السفر، والذي ظهر بعد أن تحولت مصر لبيئة طاردة للسكان، مشيرة أن الرواية قدمت صورة مبسطة عن أهل قرية " درنكة " ومدى تهميشهم وفقرهم وعزلتهم عن العالم، وكما تناول سفر الطلاب المصريين، إلى أقرب بلد بالنسبة لهم، وهي "اليونان"، بمنطق غزو اللحم الأبيض، وكيف أنهم كسروا كل التابلوهات المتعلقة بالجنس في بلادهم، وضربوا بها عرض الحائط، حيث إن الجنس هو الخيط الرابط بين خيوط العمل، في ضوء تقديم نماذج إنسانية شديدة الخصوصية. خاصة بطل الرواية "رمضان" الذي قبل أن يغير ديانته ويتنصر مقابل الحصول على المال.

وأوضحت "بكر"، أن الرواية تحمل قدراً كبيراً جدًا من السخرية، المعتمدة على المفارقة، تعبر عن الدين الشعبي في مصر، الذي هو جملة من الطقوس البعيدة عن فلسفة الدين، مشيرة إلى إمكانية تصنيف الرواية بانتمائها إلى الواقعية القذرة، من حيث تناول القاع الاجتماعي المصري، بعوالمه المتباينة، وتناقضاته، وإنسانيته، حيث حرص المؤلف على تصوير الشخصيات داخليًا كتعبير قوي عن ذلك العالم السفلي كما أن هذا العمل وثيقة تتعلق بجانب مجهول من تجربة إنسانية عاشها شباب مصريون، وهي ظاهرة تكررت عبر عقود ممتدة من القرن الماضي وحتى الآن، وتضم عوالم شديدة الخصوصية، تعبر عن المسكوت عنه والمهمش في الحياة خاصة أن اللغة شديدة التعبير عن الشخصيات المحركة للأحداث، وتعبر عن مرجعياتهم الثقافية.

من جانبه أكد دكتور سمير مندي، أن الرواية تعد نوعاً من التجربة الموجودة في الأدب العربي القديم، وهو أدب الرحلة إلى الغرب، لكنها تقع خارج الإطار العقلي، ومن هنا يمكننا ملاحظة عدد من المفارقات منها مفارقة العنوان الذي يشير لصدمة شخص تنصر في أول لقاء له بالغرب، ليس عن فكرة أو إيمان، بل لمصلحته الشخصية، ومقابل حفنة من الدولارات، كذلك السرد، الذي خرج عن الإطار التقليدي بصنع نوع من الأصوات المتداخلة، التي بدورها صنعت تنوعًا في السرد، كما جاءت اللغة بسيطة وليست متعالية.

أما الدكتور حسين الشافعي، فقد تحدث عن تجربة ترجمة الرواية، قائلا إن الروائي عادل سعد قد أهداها له، وما إن قرأها حتى قرر أن يترجمها إلى الروسية، وبالفعل قمنا بالتنسيق مع أحد المعاهد الروسية كي ترسل مبعوثاً ليقوم بترجمة الرواية، لأنها لون جديد من الأدب، ومقتضب في مسائل قصيرة بلغة العصر، واضحة في سردها وما تطرحه من قضايا.

من جانبه أكد نيكولاي، مترجم الرواية، إعجابه بها، وإصراره على ترجمتها كونها تقدم الصورة الحقيقية للمجتمع المصري، الذي قد يكون له صورة خاطئة في روسيا.