يزخر تاريخنا الثقافي والفني بنجوم مضيئة، عاشت تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجومًا خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامهم وإخلاصهم وموهبتهم وإبداعهم في مسيرة المسرح المصري والعربي، وأسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسمائهم في عالم الإبداع بما قدموه بعروض مسرحنا المصري.
ومع بوابة «دار الهلال» نواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد صناع رحلة المسرح المصري على الخشبة، ومن عالم الكواليس، وخلف الستار ولنسافر معه في سطورنا تحت عنوان «نجوم المسرح المصري».
توفيق الدقن.. الشرير الطيب
توفيق الدقن من أبرع وأشهر نجوم المسرح القومي، في فترة الستينات، ويعد من أشهر نجوم الصف الثاني في السينما العربية التي حقق من خلالها نجاحًا متميزًا و شهرة جماهيرية كبيرة، خاصة بعدما استطاع إبراز مهاراته الفنية وخبراته الكبيرة في وضع بصمة مميزة له، وذلك بتمكنه من جميع مفرداته الفنية و توظيفه لطريقة أدائه المعبرة و لنبرات صوته المميزة جدا
وكان توفيق الدقن ماهرا في اختيار بعض العبارات الطريفة وتكرارها بطريقة كاريكاتيرية حتى أصبحت عبارات خالدة تتردد في أذهان جميع المشاهدين، ومن بينها: «أحلى من الشرف مفيش»، «همبكة يا همبكة»،«ألو يا أمم ألو»، «استر يا اللي بتستر»، «يا آه يا آه.. آه يا دانس»، «أهلا فسهلا»، «صلاة النبي أحسن».
الميلاد وبداية الرحلة
اسمه بالكامل توفيق أمين محمد أحمد الشيخ الدقن، وهو من مواليد 3 مايو عام 1924 بقرية «هورين» بمركز بركة السبع محافظة المنوفية، بدأ حياته الوظيفية بالتعيين كاتب مخالفات بالنيابة الجزائية بالمنيا عام 1940، ثم حصل على شهادة البكالوريا «الثانوية العامة» عام 1943، وكانت هوايته المفضلة كرة القدم، ولكنه في عام 1946 تم الاستعانة به لإنقاذ موقف بتمثيل دور في حفلة فرقة زائرة لمحافظة «المنيا»، لغياب ممثل الدور، فنجح في أدائه وشعر آنذاك بإعجاب الجمهور فانجذب للتمثيل.
انتقل توفيق الدقن بعد ذلك إلى القاهرة للعمل بمصلحة السكك الحديدية، وسعى للانضمام إلى فريقها المسرحي وحقق بعض النجاحات من خلاله، وحرص على الالتحاق بالمعهد العالي للتمثيل، الذي تخرج فيه بحصوله على بكالوريوس التمثيل عام 1951، مع دفعة نجح بعضها في تحقيق النجومية بعد ذلك ومن بينهم الفنانون: زهرة العلا، سعد أردش، صبري عبد العزيز، كريمة مختار، عمر وصفي.
مع أشهر الفرق المسرحية
بعد وما تخرج توفيق الدقن عام 1952 ساهم في تأسيس فرقة «المسرح الحر»، واستمر لمدة سبع سنوات، وعمل بعد ذلك في فرقة «إسماعيل يس» لمدة عامين تقريبا، ثم حقق شهرة وأصبح نجما معروفا بين فناني المسرح والسينما والإذاعة المرموقين، والتحق بفرقة «المسرح القومي» عام 1958، وظل عضوا بها حتى تاريخ إحالته إلى المعاش، و قدم من خلالها مجموعة من أفضل أدواره على الإطلاق، ومن خلال عدة مسرحيات خالدة.
أدوار مركبة وعلامات مضيئة
وستظل أدوار توفيق الدقن المسرحية تظل علامات مضيئة في مسيرته الفنية وفي عالم التمثيل، حيث قدم مجموعة أدوار مركبة و شخصيات درامية متنوعة حظت بإعجاب كل من الجمهور والنقاد ومنها: «سمير فخري» بمسرحية سينما أونطة، «المعلم شهدي» في قهوة الملوك، «حسن أبو الروس» الأخ الأكبر في بداية ونهاية، «المعلم تاجر المخدرات» بمسرحية الدخان، «الأخ الأكبر محمد الدوغري» في عيلة الدوغري، «السيد» في الفرافير، «زوال» في خيال الظل، «حداية الأعرج» في سليمان الحلبي، «شاكر بك» في حلاوة زمان، «أستاذ القانون» في عفاريت مصر الجديدة، «الباشا» في ليلة زواج سبرتو، «المأمور» في المحروسة، «العمدة» في كفر البطيخ، «الصاغ أمين» خبير المفرقعات في السبنسة، «تاجر الحمير المسروقة والرجل المزواج» في كوبري الناموس، «الريجسير الفهلوي قرني» في سكة السلامة، والمسرحيات الخمسة الأخيرة من تأليف سعد الدين وهبة،
وتميز أيضا في أداء بعض الشخصيات الدرامية من المسرح العالمي ومن بينها: «لويس» في الأيدي القذرة، «جون» في المومس الفاضلة، الأمير البدين في دائرة الطباشير، «العمدة زئر النساء» في الإسكافية العجيبة.
واستطاع توفيق الدقن بأدواره بالمسرح، التحرر من أدوار البطولات الثانية بالسينما والقوالب الثابتة التي فرضها عليه منتجو السينما، وخاصة أدوار الشر التي اضطر لتجسيدها لفترات طويلة، وبدأ مرحلة الاحتراف الفني أثناء فترة دراسته بالمعهد، وكان أول مشاركاته بدور فلاح صغير، ثم اشترك في فيلم «ظهور الإسلام» عام 1951، ولكنه نجح في تأكيد موهبته ولفت إليه الأنظار بقوة بفترة البدايات من خلال أفلام: «درب المهابيل» إخراج توفيق صالح، «صراع في الميناء» إخراج يوسف شاهين، «الفتوة» إخراج صلاح أبو سيف، «ابن حميدو» إخراج فطين عبد الوهاب.
عروض توفيق الدقن المسرحية
قضى توفيق الدقن في العمل بالمسرح كممثل محترف، خمسة وثلاثين عاما قدم خلالها ما يزيد على75 مسرحية، عن طريق مشاركته بعضوية بعض الفرق المسرحية المهمة المسرح الحر، إسماعيل يس، مسرح الحكيم، المسرح القومي.
فرق مسارح الدولة
- شارك توفيق بالتمثيل بفرقة «المسرح القومي» في عروض: الصفقة، سينما أونطة، قهوة الملوك، ثورة الموتى، الأيدي القذرة، المومس الفاضلة 1958م، بداية ونهاية 1959، في بيتنا رجل، اللحظة الحرجة 1960، المحروسة، مأساة جميلة 1961، كفر البطيخ، عيلة الدوغري، الدخان، السبنسة 1962، مشهد من الجسر، العباسة، كوبري الناموس 1963، الفرافير 1964، سكة السلامة، سليمان الحلبي 1965، ثلاث ليالي «الليلة البيضاء، الليلة الحمراء»، بير السلم 1966م، كوابيس في الكواليس، حلاوة زمان 1967، دائرة الطباشير القوقازية 1968، زيارة ممنوعة، الإسكافية العجيبة 1972، الست هدى 1973، زمردة 1974، عفاريت مصر الجديدة 1971، ليلة جواز سبرتو 1978، دماء على ملابس السهرة 1979، سيادة المحافظ على الهوا - الذئب يهدد المدينة 1980م.
- «المسرح الحديث»: سعادات هانم 1964، «مسرح الجيب»: حسن ونعيمة 1965م، «مسرح الحكيم»: خيال الظل 1965م، العرضحالجي 1968، الحارس الخصوصي 1970 «المسرح الكوميدي».. جمعية كل وأشكر 1969.
فرق القطاع الخاص ومنها:
«المسرح الحر»: الأرض الثائرة، حسبة برما، لعبة البيت، الرضا السامي 1953، عبد السلام أفندي 1954، المغماطيس 1955، الناس إللي تحت، مراتي بنت جن، كفاح بورسعيد 1956
-«إسماعيل يس»: كل الرجالة كده 1956، حرامي لأول مرة، عمارة بندق، جوزي كداب 1957، مراتي قمر صناعي 1958.
- بفرق خاصة أخرى: مع فرقة المسرح الجديد، انتهي الدرس يا غبي1975، الشريك المخالف «مصورة» 1978، حاول تفهم يا ذكي ، 1979، اللي عنده كلمة يلمها 1981، الفضيحة مع فرقة المصرية للكوميديا 1983، وش السعد «الكوميدي فلاش - 1984، البلدوزر مع محمد نجم 1986م
مع كبار المخرجين
تعاون توفيق الدقن من خلال المسرحيات السابقة مع نخبة من كبار المخرجين منهم: فتوح نشاطي، السيد بدير، عبد الرحيم الزرقاني، حمدي غيث، نبيل الألفي، كمال يس، نور الدمرداش، محمود عزمي، سعيد أبو بكر، صلاح منصور، حسن إسماعيل، سعد أردش، كرم مطاوع، جلال الشرقاوي، كمال عيد، عبد المنعم مدبولي، السيد راضي، حسين جمعة، إبراهيم سكر، محمود السباع، كمال حسين، فاروق الدمرداش، عبد الغفار عودة، فهمي الخولي، شاكر عبد اللطيف، نبيل منيب، سعيد مدبولي، شاكر خضير، والمخرج الألماني كورت فيت.
تضمنت مسيرة توفيق الدقن السينمائية مشاركته في بطولة أكثر من 250 فيلما، اشتهر خلالها ، وخاصة في شبابه، بتفوقه في تجسيد أدوار الشر،و دور الآفاق والانتهازي والفهلوي الذي يمزج أداؤه وحيله بمسحة من الفكاهة والتهكم على خصومه، وبالتالي فقد أكسب دور الشرير فكاهة جعلت منه وغدا ظريفا، وشارك بأداء بعض الأدوار الرئيسية المؤثرة وبعض أدوار البطولة الثانية ومن أفلامه..
ظهور الإسلام «الوعد الحق»، السبع أفندي، شاطئ الذكريات، درب المهابيل، أنا الشرق، صراع في الميناء، أرض الأحلام، أرض السلام، الطريق المسدود، الفتوة، ابن حميدو، بورسعيد ، أحبك يا حسن، خالد بن الوليد، سلطان، ساحر النساء، إسماعيل يس في دمشق، عريس مراتي، قاطع طريق، سر طاقية الإخفاء ، خلخال حبيبي، ، غرام في السيرك، نهاية الطريق، رجل في حياتي، في بيتنا رجل، الضوء الخافت، إسماعيل يس في السجن.
ألمظ وعبده الحأمولي، شهيدة الحلب الإلهي، صراع مع الملائكة، عبيد الجسد،، المجانين في نعيم، بطل لنهاية، صاحب الجلالة، الحسناء والطلبة، طريق الشيطان، زقاق المدق، الناصر صلاح الدين، نمر التلامذة، بنت الحتة، أنا وهو وهي، الرسالة الأخيرة، فتاة شيطانة، أدهم الشرقاوي، فتاة شاذة، حكاية نص الليل، أمير الدهاء، دعني والدموع، من أجل حنفي ، طريد الفردوس، المشاغبون، خدني معاك، العقلاء الثلاثة، مطلوب أرملة، ، مراتي مدير عام، القاهرة 30، خان الخليلي، السيد البلطي، شنطة حمزة، شنبو في المصيدة، النيل والحياة، حب وخيانة، ثلاث نساء، أنا الدكتور، سبعة أيام في الجنة، أيام الحب، أشجع رجل في العالم، المتمردون، ابن الحتة، غرام تلميذة، الرعب، سكرتير ماما، يوميات نائب في الأرياف،
وأفلام المجانين الثلاثة، سفاح النساء،، حرامي الورقة، الغفران، الشيماء، العنيد، امرأة من القاهرة، الشياطين في أجازة، مدرسة المشاغين، نوارة، المخادعون، أبناء للبيع، ليل وقضبان، رجال لا يخافون الموت، البحث عن فضيحة، شيء من الحب، الأصيل، أبو ربيع، بدور، البنات والحب، رحلة العجائب، عنتر فارس الصحراء، بيت بلا حنان، المزيكا في خطر، العش الهادئ، مراهقة من الأرياف، عالم عيال عيال، مولد يا دنيا، فيفا زلاطا ، بص شوف سكر بتعمل إيه،، ألف بوسة وبوسة، ميعاد مع سوسو ، المحفظة معايا ، مع سبق الإصرار، المتوحشة، ولا يزال التحقيق مستمرا، الدرب الأحمر، دائرة الشك، ضربة شمس، الأقوياء، الشيطان يعظ، للفقيد الرحمة، على باب الوزير، حدوتة مصرية، نص أرنب، عنئوب الدم، وداد الغازية، عالم وعالمة، سجن بلا قضبان، حادث النصف متر، خرج ولم يعد، يوسف وزينب، كله تمام، البرنس، بنات إبليس، ، سعد اليتيم، الزمار، الوداع يا بونابرت ، سفاح كرموز
مشاركات توفيق الدقن الإذاعية
ساهم في إثراء الإذاعة المصرية ببعض برامج المنوعات والأعمال الدرامية على مدار مايزيد عن خمسة وثلاثين عاما ومن بينها المسلسلات والتمثيليات الإذاعية منها أهلا يا حب، رحلة إلى كوكب السعادة، أولاد حارتنا، ، بنت مدارس، أبو الريش في سوق العيش ، الشك في عيون بريئة، بيت القلوب المحطمة، زوجة بمائة ألف دولار، دندش، عشرة كوتشينة، كلاب الحراسة.
مشاركات توفيق الدقن التلفزيونية
شارك توفيق الدقن بأداء بعض الأدوار الرئيسية في عدد من المسلسلات التلفزيونية على مدى ما يقرب من خمسة وعشرين عاما ومنها الزوبعة، هارب من الأيام، القط الأسود، الشنطة مع مين؟، مفتش المباحث، الفلاح، العودة من المنفى، مصيدة الدكتور غراب، الرجل ذو الخمسة وجوه، الحائرة، بنت الحتة، أنهار الملح، الهاربان، مارد الجبل، ، أحلام الفتى الطائر، ليلة سقوط غرناطة، غريب في المدينة، الحلوة، امرأة فاضلة، ، السندباد، المحروسة 85، ألف ليلة وليلة، صائمون والله أعلم، جمال الدين الأفغاني، ابن تيمية، نور الإسلام، بعثة الشهداء، محمد رسول الله «ج1»، وذلك بخلاف بعض السهرات والتمثيليات التلفزيونية ومن بينها «الإمام العادل عمر بن عبد العزيز، عند المأذون».
ثمار الرحلة .. جوائز وأوسمة
حصل توفيق الدقن على الكثير من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير منها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1956م من الرئيس جمال عبد الناصر، وسام الاستحقاق و شهادة الجدارة في عيد الفن عام 1978 م من الرئيس أنور السادات، درع المسرح القومي في الاحتفال باليوبيل الذهبي للفرقة، جائزة اتحاد الإذاعة والتلفزيون، جائزة جمعية «كتاب ونقاد السينما»، كذلك حصل أيضا على عدة جوائز عن أدواره السينمائية المتميزة ومن بينها أدواره بأفلام: «في بيتنا رجل»، «صراع في المينا»، «القاهرة 30»، «ليل وقضبان»، «الشيماء».
رحيل وأثر باق
ورحل الإكسلانس شرير الفن المصري الطيب الفنان القدير توفيق الدقن في 26 نوفمبر عام 1988م عن عمر يناهز الـ 65 لكنه سيظل باقيًا في ذاكرة الفن المصري ووجدان وذاكرة جمهوره.