8-2-2025 | 11:39
إيهاب سلامة
قد تكون الحياة رحلة مليئة بالتحديات، ولكن عندما يتحول التنفس، أبسط حق للإنسان، إلى معاناة يومية، يدق ناقوس الخطر، الماء على الرئة أو ما يُعرف طبيًا بالارتشاح البلوري، ليس مرضًا يُستهان به، إنه عرض خطير يشير إلى وجود خلل صحي قد يُهدد حياة المريض إذا لم يتم التعامل معه بشكل سريع ودقيق.
الماء على الرئة هو حالة تتراكم فيها السوائل بين طبقتي الغشاء البلوري المحيط بالرئة، هذا الغشاء الذي يفترض أن يوفر حماية للرئة، يصبح مصدرًا للضغط والمعاناة عندما يمتلئ بالسائل، يحدث هذا التراكم نتيجة لأسباب متعددة، تتراوح بين أمراض القلب والكلى إلى الأورام السرطانية.
يؤكد الدكتور أسامة جلال استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية، أن هذه الحالة ليست مرضا قائما بذاته، بل هي نتيجة لمشكلة صحية أعمق، والأسباب قد تكون متنوعة، ولكن الأكثر شيوعا بينها فشل القلب الاحتقاني، حيث يعجز القلب عن ضخ الدم بكفاءة، ما يؤدي إلى تراكم السوائل في الجسم، ومن بينها السوائل حول الرئة.
حول الأسباب الأكثر شيوعا، يشير الدكتور جلال إلى أن الالتهابات الرئوية تعد أيضا سببا شائعا لهذه الحالة، حيث يمكن للبكتيريا أو الفيروسات أن تسبب تسرب السوائل إلى الغشاء البلوري، ومن بين الأسباب الأخرى أمراض الكبد، مثل تشمع الكبد، الذي يؤدي إلى اختلال في توازن السوائل في الجسم، بالإضافة إلى ذلك، قد تكون الجلطات الرئوية أو الإصابات المباشرة في منطقة الصدر من العوامل المسببة لتراكم السوائل.
لكن ربما يكون السبب الأكثر إثارة للقلق هو الأورام السرطانية، كـسرطان الرئة أو الثدي على سبيل المثال، قد يؤدي إلى انسداد الأوعية الدموية أو اللمفاوية، مما يسبب تراكم السوائل في الغشاء البلوري.
قد تبدأ الأعراض بشكل تدريجي، لكنها سرعان ما تصبح واضحة ومؤلمة، يقول الدكتور جلال إن ضيق التنفس هو العرض الأكثر شيوعا، وغالبا ما يزداد سوءًا عند الاستلقاء، يضاف إلى ذلك ألم الصدر، الذي قد يزداد مع التنفس، والكحة الجافة المستمرة التي لا تستجيب للعلاجات البسيطة، وفي بعض الحالات قد يعاني المريض من الحمى إذا كان هناك عدوى مرافقة.
كيف يتم التشخيص؟
التشخيص هو الخطوة الأهم لتحديد السبب والعلاج المناسب، يبدأ الطبيب بجمع التاريخ الطبي للمريض وفحصه بدنيًا والاستماع إلى الرئة بالسماعة الطبية قد يكشف عن أصوات غير طبيعية تدل على وجود سوائل، الأشعة السينية على الصدر تعتبر الخطوة الأولى لتحديد كمية السوائل ومكانها.
لكن الدكتور جلال يوضح أن التشخيص قد يتطلب تقنيات أكثر دقة، مثل الأشعة المقطعية أو السونار (الأشعة فوق الصوتية)، وفي بعض الحالات، يتم سحب عينة من السائل باستخدام إبرة خاصة لتحليلها في المختبر.
العلاج بين الأدوية والتدخل الجراحي
يعتمد علاج الماء على الرئة بشكل أساسي على السبب الكامن ورائه، ويوضح الدكتور جلال أن علاج فشل القلب، على سبيل المثال، يتطلب استخدام مدرات البول لتقليل السوائل في الجسم، وفي حالة العدوى توصف المضادات الحيوية أو مضادات الفيروسات حسب نوع المسبب.
لكن في الحالات الأكثر خطورة، من الضروري تصريف السوائل باستخدام أنبوب خاص يدخل إلى الغشاء البلوري، هذا الإجراء قد يكون مؤقتا أو دائما حسب طبيعة الحالة، وفي بعض الأحيان خاصة إذا كان السبب سرطانا أو تليفًا في الغشاء البلوري، قد تكون الجراحة ضرورية.
وحول المضاعفات الخطيرة على الرئة في حالة تجاهلها فإنها تتمثل في الآتي:
- صعوبة شديدة في التنفس، قد تصل إلى الحاجة إلى أجهزة التنفس الصناعي.
- التهاب السوائل المتراكمة، مما يؤدي إلى الإصابة بـ»الخراج البلوري».
- تليف الغشاء البلوري، مما يقلل من مرونة الرئة.
الوقاية خير من العلاج
الوقاية من الماء على الرئة تبدأ بالعناية بالأمراض المزمنة مثل: أمراض القلب والكلى والكبد، ويشدد الدكتور جلال على أهمية الإقلاع عن التدخين، الذي يعد من أكبر المسببات لأمراض الرئة، كما ينصح بممارسة الرياضة وتناول نظام غذائي صحي لتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
في النهاية، يؤكد الدكتور جلال أن الكشف المبكر هو المفتاح لتجنب المضاعفات، فإذا شعرت بضيق في التنفس أو لاحظت أيا من الأعراض المذكورة، لا تتردد في زيارة الطبيب، فحياتك تستحق الاهتمام، وكل نفس تأخذه يجب أن يكون بداية جديدة لحياة أكثر صحة وسلامة.